Rechercher dans ce blog

vendredi 27 décembre 2019

مقال بعنوان : الثقب الأسود من عبقرية التشتيت إلى التحكّم بخيوط الصراع " بقلم المدون نورالدين الجزائري




الثقب الأسود من عبقرية التشتيت إلى التحكّم بخيوط الصراع ..


يقول الخبير الإستراتيجي في المجال العسكري البريطاني ليدل هارت والذي كان مستشارا لدى وزارة الدفاع البريطانية وله عدّة مؤلفات في مجال التكتيك والاستراتيجيات العسكرية : " إنّ الدخول في أيّ حرب مع عدوٍ ما يجب أن ترتكز إلى جانبين مهمّين ومنها خاصة العمل على استراتيجية محكمة ومنضبطة بشكل احترافي تستهدف القوات المعادية من خلال الحرب المعنوية الموجّهة نحو مركز تفكير العدو وجهازه العصي حتّى يتمّ شلّ عمله ومنعه من التفكير بارتياحية تامة والتخطيط للمعركة وتعزيز القدرات القتالية "، ويبدو أن استراتيجية الثقب الأسود اليوم هي كما يراها خبراء عسكريون محايدون من عبقرية ليدل هيرت في الصراعات، وأن خططه تسير بمنهجية عالية في استدراج الأعداء من خلال تشتيت القوّة في الفهم والاستيعاب والتركيز على محور واحد دون سائر البُؤر المفتوحة اليوم في بنوك ثرواته الخام من خرسان إلى موزمبيق مرورا بالعراق والشام والساحل الافريقي عامة ..
مَنْ مِنَ الخبراء اليوم في المجال العسكري كان يتوقّع أنّ الثقب الأسود يستطيع بهذه الحنكة والعبقرية في جرجرة المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا وتشتيت استراتيجيتها بهذه السهولة الفائقة، ومَن مِن الخبراء تخيّل ولو لسويعات قليلة أن هذه المجموعة من أناس يُعَدُّون على الأصابع اليد وكانوا في خبر لا شيء عند نزوحهم من الفلوجة عام 2006م بإمكانهم في يوم من الأيام وخلال عقد من الزمن أن يشتّتوا تركيز وتفكير أعتى جامعات وكليات ومراكز الدراسات الفكرية والحربية والنيل من مخطّطاتهم والإلتفاف حولها واللّعب بها أحيانا واستعمالها تارة أخرى لصد بعض الدراسات وجعلها مشلولة وغير صالحة للاستعمال نظريا وتطبيقها على أرض الواقع كما نراه اليوم من تخطيط لجلب أمريكا وحلفائها إلى أراضٍ لم تكن في مخيّلتهم أصلا، وبعيدة عن قواعدهم العسكرية المعهودة والكلاسيكية منذ أن سيطروا على العالم الاسلامي بها وبمن هم على تلك العمالة اللامنتهية الصلاحية، فكان لزاما على تلك الدول التي لا تريد المسلمين خير الدنيا والآخرة أن تفتعل الأزمات للدخول من خلالها كما في ليبيا اليوم حتى لا تُبيّن أمر استراتيجيتها في التدخّل، وأن كشف الصراعات الهامشية للناس هو من التخطيط لوجودها كهيكل لفضّ النزاعات، لكن عند التشتت والضبابية في الاستراتيجيات فإنّ أمريكا ومن معها يأتون بمثل هذه التكتيكات لإثبات موقع قدم ومنها تثبيت الأفكار والتركيز مجددا على العدو الخفي الدائم لوجود مثل هذه القوات الغازية لبلدان المسلمين عموما ..
Ajouter une légende
إنّ الدارس لاستراتيجية الثقب الأسود اليوم يرى من خلالها كيف نجح في تشتيت قوّة حلف الناتو وجلبه إلى ميدان غير ميدانه وإلى قواعد اشتباك غير المتعوّد عليها أصلا، فنجحاته اليوم في العراق وسوريا وعودته بهذه القوة والاستراتيجية من خططه في تفكيك شفرة التفكير لدى العدو، وكيفية تقسيم قِواه ومركز ثقله وتجزأته والقضاء على نوّاة وأدوات تخطيطاته، فأمريكا قبل هذا نجحت في صد الثقب الأسود من خلال التركيز وبقوة على نواة ثقل الثقب الأسود من خلال العمالة خاصة ودراسة التكتيك والتحركات لديه والمناورة من خلال ضرب وحدة التجمعات التخطيطية داخله، ولكن من الأخطاء يتعلم المرء من تجاربه، فمنذ حوالي عامين خمدت نوعا ما نار الثقب الأسود في سوريا والعراق، وكانت عملياته مركّزة إلا على رؤوس العمالة والبنادق الفعّالة داخلها، وهي من الإستراتيجيات في ضرب مراكز التفكير عند العدو، إذ بالقضاء على العيون فإنّك حتما تجعل الرأس بدون تفكير فيما يجري حولك الشيء الذي استطاع الثقب الأسود تنفيذه بإحكام من خلال دراسة عميقة جعلت من أمريكا مشلولة في حربها اليوم ضده، وبمثل هذا التكتيك فإنّ الثقب الأسود اليوم يعمل على إذكاء الصراعات في مصالح الدول المعنية وجعل الجميع يتصارع من خلالها لإظهار قوّة الولاءات وتحديد الصحوات ومن ثمّة الدخول في حروب استنزاف يريده بطريقته وكيفيته على أراضٍ مختارة سلفا، فإنّ ما يراه الخبراء اليوم من عودة الثقب الأسود بهذه القوة في كل من العراق وسوريا هو نجاحه في تشتيت الحلف المتكوّن لقتاله، واستطاعته في التحكّم في مجريات الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية عموما، وأن توسّعه وامتداده داخل افريقيا بمثابة إخلاله لموازين قوّة حلف الناتو إذ الأعضاء جلّهم من أوروبا، وأنّ المساس بمصالحهم هو إعلان عن إفلاس أوروبا المرتقب لإقتصادهم وخاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، فالثقب الأسود استطاع اليوم وبكل جدارة من امتصاص قوّة حلف الناتو وتشتيت أعضائه وذلك من خلال جعل أمريكا وحصرها خلف متطلّبات فرنسا وبريطانيا في افريقيا بموجب الاستعمالات القديمة، وأن اقتصاد أمريكا في افريقيا ضعيف إلى درجة من الممكن التخلي عنه عند الضرورة القصوى، فما نراه مثلا اليوم على أرض ليبيا إنما بالنسبة لأمريكا صراع ثانوي وأن وجودها في هذا البلد من الحد من نفوذ الثقب الأسود داخل بلدان المغرب الإسلامي عموما لا غير لمدلول الشراكة الاستراتيجية ما بينها وبين هذه البلدان ..
فالثقب الأسود اليوم استطاع وبحنكة ومهارة فائقة أن يعمل وباحترافية عالية ومن خلال استراتيجية فرّق تسد أن يحدّد هدفه المرحلي والمستقبلي وذلك من خلال إلهاء العدو في الماديات ودراسة نقطة قوّته وضعفه، وأن تمدّده في الساحل الإفريقي إنّما لعمقها الأمني والإستراتيجي من خلال ضرب الأهداف بدقة ومن ثمّة الإنسحاب وبدون أدنى الخسائر إلى مكان قِواه، لتواجده اليوم في كل من مالي والنيجر ونيجيريا وبوركينا- فاسو وساحل العاج إلى موزنبيق مرورا بالتشاد اليوم وأوغندا أمس إنّما من صريح قوّته في كيفية تشتيت العدو من خلال المرحلة القادمة من الصراع معه، فرنسا اليوم تدرك أن قوّة الثقب الأسود تجاوزت قوّتها من حيث التكتيك والمناورة، وقد جرّبته في القتال مباشرة والحصيلة كانت ثقيلة جدا في الأرواح والعتاد، وهي تعمل اليوم على تنفيذ استراتيجية مغايرة في اقحام جيوش المنطقة والانخراط في قتال الثقب الأسود الشيء الذي جعل ويجعل من هذه القوات جسدا بدون روح ولا رأس بسبب سياساتها في افريقيا عموما ومن خلال دعم الفساد في الحكومات الموالية لها ولهيمنتها، فالصراع اليوم في مراحله الخطيرة بالنسبة لمجموعة الناتو وعدم قدرته على المناورة وذاك لعدة عوامل ذكرناها، وأن حرب الغرب في افريقيا اليوم خاسرة لا محالة وإنما جاؤوا لتقبيل الخسائر وإبطاء تقدّم الثقب الأسود إلى بلدان معلومة تكون المعركة فيها أشرس ونقطة بداية هزيمة أمريكا وأوروبا معا ..
والسلام عليكم
=============
كتبه نورالدين الجزائري
بتاريخ 01 جمادى الاولى 1441 الموافق لـ 27/12/ 2019م





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire