Rechercher dans ce blog

lundi 27 mars 2017

مقال بعنوان " جزية على المسلمين في زمن الذل والهوان " بقلم المدون نورالدين الجزائري


جزية على المسلمين في زمن الذل والهوان

لطالما سمِعنا من بعض المتفيقهة وطلّاب فتات موائد بعض حكّام العرب انّ زمن الجزية قد ولّى كقولهم انّ اليوم يوم الجهاد الأكبر وهو البناء والتشييد، وقد انتقلوا من الجهاد الأصغر اليه، وكأنهم أقاموا الدين كما نُزِّل، وطردوا صهيون من فلسطين، وألجموا قدر الروافض وأرجعوهم الى سرداب صاحب زمانهم، والقوم اليوم قد تحرروا من الهيمنة والتبعية الغربية وعلى رأسهم امريكا، وانّ زمن الند بالند قد حان، ويا ليت شعري انّ قولهم هذا من صحيح الحال او من صفاء النوايا ..
فدعاة التحرر من قيود ما هو معلوم من الدين بالضرورة انّما مغزاه ومآله الى تكريس الظلم، ظلم النصوص، ظلم تطبيق النصوص، ظلم لا اجتهاد مع النص قطعي وثابت وصحيح الدلالة ، ظلم المجمع عليه من حد الحرابة وكل من ارتد عن دين الله، وتزييف مصطلح المواطنة والتي في مفهوم الليبيرالية الاسلامية الجديدة انّ لا فرق بين مسلم وكافر في ديار الاسلام في غياب سلطان الله المغيّب عنوة وبحد السلاح والقضاء الوضعي، انّهم يريدون من الأُمَّة إسلامًا على مزاج الطواغيت واربابهم الغربيين، يتزلفون بهذا الفهم الجديد لدين الله على انّه هو الدين الحق المتماشي مع متطلبات العصر ومفهوم الدولة الحديثة، ومن ينادي بالدِّين المنزّل والفهم القويم الصحيح فمقالاتهم وما يكتبون كحمم من الردود والافتراءات على ما هو معصوم نصًّا وفهمًا، فما ارحم العلمانية واصحابها على دين الله وما ابعد هؤلاء المتفيقهة عن الاجماع في مثل هذه النوازل، فمن تنازل الى تنازل حتى أصبحوا اكثر تطرفًا من العلمانية والليبرالية في محاربة الاسلام جملة وتفصيلاً؛ فالكلام ليس على من ميّع دين الله وتكلَّم بلسان الطغاة ومن على شاكلتهم وفي حاشيتهم، فدين الله محفوظ والاصل من الدين لا عقل عليه، فالجزية من الثابت ومن الأصول التي يتحقق بها التوازن الاجتماعي من عقيدة وتشريع، فَلَمَّا كان دين الله قائمًا فلم يجرؤ حينها اي فَقِيه او عالم الخوض في مثل هذه المسائل الثابتة والمعلومة، ولكنّ لما طغت احكام الكفر ديار الاسلام وأقيمت قوانينه في العقيدة والدماء والاموال وأصبحت ظاهرة على التشريعات برز هؤلاء المسخ وأفتوا زعمهم بحال الضرورة وبمقتضيات العصر ومفهوم الوسطية على الفهم الغربي والأمريكي خاصة، فمكّنت للاقليات التي تدين بغير دين الاسلام بهذا الفهم من رقاب المسلمين ودينهم الذي ارتضاه الله لهم، وسيطرت على المسلمين باحتكار مفهوم الدين الى جعل الثروات والمعادن والخيرات نزوات لملكهم وتجبّرهم وتسلّطهم على السياسات، فباعوا بذلك المسلم في سوق وبورصات وول-ستريت ومؤسسات النقد الدولية بأزهد الاثمان وأرخص الصفقات حتى أضحت أموال المسلمين بيد الغرب يتعنتر بها على الدين والحرمات، وما كان ذلك لولا الحاشية من المتفيقهة وما يُسمّون زورًا وبهتانًا بالمثقفين والنخبة، فلا الدين نصروا ولا دنيا أقاموا، فبين هذا وذاك ضاعت الأُمَّة في متاه الحياة، فلا غرابة من هذه الدماء اليوم في بلاد الاسلام بلا حسيب ورقيب ..
فكلّما ابتعد النَّاس عن دين الله الاّ وسرعة الاستباحة لكل شيء تصبح فلسفة الغرب ومعيار تفوّقه على بلادنا، فبعض المزارع التي كُوِّنت في عالمنا الاسلامي لم تقم الاّ بعناية وترشيد من امريكا خاصة بعد استلامها إرث الامبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، فالمزارع يستثمر ولابد من خراج وقت الحصاد، فحين زهد الطبيعة والمواسم المتعاقبة التي لا تصيبها شائبة او طارئ مناخي، فالعطاء يكون متوفر وثري وعندها النَّاس لا تبالي بالمدّخر على حساب الموجود في الاسواق وبكل وفرة، وكذا عند سنوات البترول المرتفع الأسعار كان الكل ينعم بالمردود والخراج، ولكن عند تقلب الأحوال وجفاف المخزون وشحّ المنتوج بسب سياسات فاشلة في إدارة الادّخار وكيفية إنفاقه في تصليح الارض والعبد، كان لابد من تساؤل الفرد عن ماله وكيف السبيل اليه وما آلت اليه الاستثمارات، فكان من المؤتمن على الخيرات خرجات انّ حصّن بها ملكه بعد انّ تضرر المستشار من سنوات النصح وحراسة الملك، فالأزمات في المنطقة مكلّفة للمزرعة وللمستشار وكلب الحراسة، وامّا البقر والخراف وأرانب الضيعة فالكل حسب ما ادّخر، ومن تبجّح بكلمة الإصلاح ومحاسبة المسؤولين فمقابر الدنيا وأقبية الصدع بالحق في الترحيب، فهذه المزارع وجودها ونفوذها مرهون بمدى الولاء لامريكا ومن معها بحسب وزن البلد من مكانته الجيو-سياسية والاقتصادية في بورصات الغرب وخاصة الوول-ستريت واصحاب رؤوس الأموال العالمية ..
فاليوم نشهد تحول رؤوس أموال من بلاد الاسلام وخاصة التي حباها الله بالخيرات الباطنية الى دول الغرب وخاصة امريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في شكل استثمارات، والاصح هي تهريب لاموال المسلمين بشكل مقنن ممن استباح الثروات باسم التجارة على مصراعيها، ارقام خيالية من الدولارات تُعد بالمئات من الملايير تودع في بنوك الغرب كاحتياط سندات واُخرى من ذهب خالص، فالغرب ومنذ البحبوحة المالية التي تتمتع بها بلدان النفط وخاصة في الشرق الاوسط يسيل لعابه من هذه الأموال المُخزّنة عنده، وكان عليه لزاما افتعال بعض الأزمات وضرب البلدان الحدودية ببعضها البعض بفتح سوق الفتن والسلاح والتسابق اليه والاستشارة العسكرية المرافقة له، ومنها التحكّم في مصادر هذه الأموال عبر وكلاء أفهمهم انّهم في غير مأمن من انقلابات عسكرية او قوى جديدة النفوذ في المنطقة، فالرئيس الامريكي دونالد ترامب كان صريحا في هذا الباب عندما قال انّ زمن حكاية امريكا لبعض المزارع بالمجان قد ولّى وانّ على اي بلد يريد الحكاية الامريكية فعليه انّ يدفع، وقد نعت بعض بلدان المنطقة العربية بأبقار حلوب كلّما جف حليبها فهي سلعة عند الجزرة الجدد، فالرجل اوجس خيفة وهلعا لدى بعض صبيان المزارع الذين يطمحون في الحكم وتولي زمام هرم المزارع، فالسباق على النفوذ في البلد الواحد وابقاء ميزان القوى خارجه على حاله يتطلب اموالا فائقة، فالمنطقة في تقلبات دائمة ونفوذ الجماعات المرقومة ارهابيا عند هؤلاء يستدعي من امريكا الوقوف بجانب الحكومات الوظيفية لإتمام المهام، فالدفع اليوم مقابل الحماية يتطلب اموالا كثيرة وولاء لمن يخدم المشروع الصهيو-صليبي في المنطقة ..
فحكومات الخليج اليوم وعلى رأسهم الصبية الموعودة للحكم تتسابق في ارضاء الصهاينة في فلسطين للفوز بالحكم على غرار المناوئين لهم فيه، فترى احدهم وبعد ان التقى بحكّام تل ابيب رُتِّب له لقاء مع ترامب وإهداء لحكومته الجديدة أزيد من 200 مليار دولار في شكل استثمارات داخل امريكا والعجب انّ بلاده غرقت في بضع سيول من امطار جارفة وفي عز المدن الرئيسيّة، ألزمت الناس شللا في الحركة وبان عوار ما كان من فساد وسرقة معلنة، فبحسب بعض المراقبين فإن هذه الأموال المستثمرة في امريكا انّما جزية للاستمرار في الحماية وهي نفس الأموال بالتبادل البنكي والتي تمّت سرقتها من جيوب المواطنين العزل وقُدّرت حينها بترليون ريال، فولي الامر المقبل اشترى عرشه بهذه الأموال وقنّن ذلك على شكل استثمارات، فاستثمار خمس ترليون دولار في امريكا وعلى رأسها مثل هذا الرئيس المجنون لهو ضرب من خيال واهدار للمال العام، مال المسلمين والذي انّ قُسِّم عليهم كفاهم شر ما يعانون من ويلات الفقر والحرمان، فهذه الأموال المستثمرة انّما هي ضريبة كتغطية عن قانون جاستا والذي غرّم ذلك البلد ضحايا هجمات سبتمبر 2001، وضريبة لحماية العروش من المنافسين وصك ولاء لمشروع الشرق الاوسط الجديد ..
فامريكا اليوم اعلنتها صراحة وكخروج السيف من غمده برّاقا انّ لا حماية للعروش بالمجان، فتكاليف انفاقها العسكري على الشرق الاوسط وأوروبا اصبح مكلّفا، ومنه برودة استقبال ترامب للمستشارة الألمانية والرسالة الغير معلنة من وراء ذلك، فقواعد امريكا في المانيا ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية اصبحت عبئًا على كاهل الناتو والذي انفاق امريكا فيه هو الأكبر، فاجتماع دول الحلف مؤخرا جاء في هذا الجانب حاثًا الأعضاء فيه على زيادة ميزانية الحلف للتصدي للتهديدات الجديدة، فرسالة امريكا اليوم هي عدم التساهل في الأموال وخاصة تلك التي تصب في قدرات دفاعاتها وتفوّقها العسكري في العالم، فهكذا دأب الامبراطوريات فرض ضريبة باهضة الاثمان على من يستحق الحماية والرعاية الاستشارية، فلو قارن من أفتى اليوم بسقوط الجهاد ومستلزماته كالجزية والدخول في مفهوم للدولة الحديثة والتي صدَّعوا رؤوسنا بها لوجد انّ ما خسرت الدول الاسلامية من أموال وثروات وقُدرات وطاقة اكبر وأعظم بكثير لو استُثمرت هذه الأموال في النهوض بالأمة من حيث تجديد الدين والقيام بنهضة حقيقية، تستند من تشريعات الاسلام المنزّل ونفخ كل ذلك في روع ابناء المسلمين، ومن ثمّة لما تجرأ ابناء القردة والخنازير على ثغور واراضي المسلمين وخيراتهم واستباحة دمائهم واموالهم، ولكن انقلبت بوصلة المفاهيم وما كان حراما اصبح حلالا بمفهوم المتفيقهة الجدد وصبية العروش، فمهما زيّنوا من مصطلحات اقتصادية وتحالفات عسكرية فالضابط هو الاسلام الحق ولو عرضنا الامور على اهل العلم المهمّشين والمغيّبين عنوة لقالوا بأن الأموال المهرّبة والمودوعة في بنوك الغرب انّما هي لتسديد فاتورات النفوذ داخل المزارع، ولقالوا انّها جزية تعطى للكفّار من اجل الحماية واستمرار الهوان، وضريبة لإذلال الأُمَّة وإبقائها في ذليل الانسانية ..
السلام عليكم
=========================
كتبه : نورالدين الجزائري
 الموافق ل 27/03/201728 جمادى الثانية 14388هـ






vendredi 24 mars 2017

مقال بعنوان " من سيذكره التاريخ ..! " بقلم المدون نورالدين الجزائري


من سيذكره التاريخ ..!

إنّ طبيعة الصراع اليوم لَمِن الجيل الأول المؤسس لكلمة التوحيد والتي هي دعوة الرسل ونهج سلف الأُمَّة، وإن اختلفت بعض المضامين والشكليلت، فبعد استشراء الشرك في الحكم وشرك التشريع في الأحكام وكذا رجوع الناس إلى عبادة الطواغيت، والأوثان والأضرحة كما هو الحال اليوم في أكثر من بلاد الاسلام، فكان لابد من إرجاع النَّاس إلى دين الله من جديد، ولابد أن يسير على ذلك وينتهج طريق الجيل الاول إلاّ من أخلص الدين كله لله، ورغب ما عند الله من حسن ثواب الدنيا والآخرة، فإن دين الله يحمل رسالته من كان على فهم سلف الأُمَّة وخاصة على توحيد ذلك الجيل الفريد من نوعه عبر تاريخ الانسانية، فقد زال أثر من كان عدوا لهم واندثر، وبقي اسمهم وأثرهم وما قدّموا لدين الله يشهد لهم بصفاء السريرة، وسلامة المنهج، والموت على قريرة، فمنهم من جاهد ومنهم من استشهد ومنهم من انتظر حتى أتاه اليقين وهو راضٍ عن الله، يرجو رضى الله عنه ..
إنّ لله عبادا أصحاب أثر وبصمة في تاريخ الانسانية، من آدم إلى سيّد بني آدم عليهم الصلاة والسلام، لا يمحوها زمن ولا تُنسى بتقادم الْقَصَص، رجال من الأنبياء والرسل وآخرون معهم كالحوّاريين وأصحاب، قلّة من قلٌة، فكان إسلامهم دروسا وعِبر لمن آمن واستقام، فكما أنّ لكل دعوة ورسل أعداء من الانس والجن، فكذا في سَنَن الله لكل صالح عدوٍ طالح، يريد إفسادا في الارض بعد إصلاحها، وإذا كَثُر الخبث من الشرك إلى أذى الطرقات إلاّ ويقيِّض الله لهذه المنكرات من يقوّمها بحد السيف تارة، وبالحسنى والكلم الطيب تارة أخرى، فالشرك قوامه سيف يقسمه، كما أنّ التوحيد كتاب ينصره، وكفى بِرَبِّك هاديًا ونصيرًا، ومن التاريخ ما هو عبرة لأولي النُهى، أصحاب القلوب والعقول السليمة، أصحاب الفطرة النقية السويّة، فكتاب الله من أحسن ما قصّت علينا كُتُب التاريخ، ففيه تاريخ وقصَص الأولين والآخرين، قصة قابيل وهابيل وكيف تُقُبِّل من أحدهما ولم يُتقبَّل من الآخر، وفيه قصة سيدنا نوح وقومه وكيف دعاهم إلى التوحيد وكيف حَقَّت عليهم في الأخير كلمة العذاب، وكذا يونس وشعيب وصالح عليهم السلام وكيف عاقب الله أقوامهم بما أشركوا وما كانوا يعبدون، وكذا لوطا وكيف نجّاه ربه من القوم المجرمين، وكذا العبد الصالح يوسف وكيف كِيد له وانتصاره في الأخير على من ظلمه ولو بعد حين، وكذا طالوت مع جَالُوت وكيف الصبر على القتال في سبيل الله وكيف نجّى الله من سَمِع النصيحة منه في عدم الشرب من النهر وما آلت إليه المعركة في آخر المطاف والغلبة لمن بعد التوكل والصبر، واذكر في الْقَصَص أيضًا كيف نجّى الله موسى من فرعون وملئه ومن كانت له الرفعة في آخر القصة وكيف انتكس الطاغية وجنده في النهاية، وكذا عيسى بن مريم وكيد اليهود وكيف رفعه الله وترك بني إسرائيل في شركهم يعمهون، وكيف سيعود في آخر الزمان ويقتصّ من المشركين وما يعبدون، فالعبر في صفحات التاريخ تدلّك على ذكر الحسن من القبيح، والتوحيد من الشرك في كل مراحل الصراع، وأنّ الحق واحد ومنتصر ولو اجتمع لذلك كل عدو يريد بياضه وطريقه ..
نعم، إنّ التاريخ يكتبه الرجال المؤمنين بالله تعالى أولا حق الايمان، وبالأقوال والافعال تحقيقًا وتجسدًا، ويكتب محاسنهم المنصفين من الرواة والمحقّقين من بعد تبيين الثبات على هذا الدين العظيم، يُذكَرون بخير ورضى من رب العالمين ومن النَّاس العدول، فالعبرة والدروس من سيد الخلق أجمعين وكيف بدأ وحيدًا طريدًا في شعاب مكة وجبالها، وكيف في الأخير خطب في جموع عشرات الآلاف من الموحدين في خطبة الوداع، فسيرته -صلوات ربي وسلامه عليه- كلها دروس للمسلمين أولا وللإنسانية ثانية، لدعوته في مكّة جهاداً باللسان، ودعوته في المدينة جهادًا بالسنان، فمن خذله وناصر الشرك عن توحيده كان في هوامش لعائن التاريخ، فأين أبا جهل، والوليد بن مغيرة، وشيبة بن ربيعة، والنضر بن الحارث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط وغيرهم من صناديد قريش من دعوته وذكر التاريخ لهم، فهل يُذكَرون بالرضى أو اللعن والثبور، فأين ذكر الحجاج من قتل يعيد بن جبير رضي الله عنه، وأين دعوة المأمون وتوحيد الامام أحمد من الذكر، وأين ذكر المنصور من ابي حنيفة النعمان، وأين من اتّهم بغير حق دعوة الإمامين شيخ الاسلام ابن تيمية والمجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب من المناوئين، فمن ذكر ويذكر التاريخ اليوم بحسن قول ومآل، فالتاريخ صفحات بيضاء ناصعة لا يكتبها إلاّ أصحاب التوحيد الخالص ومن ثبت على الطريق ولم يساوم ويهادن ويتنازل عن معنى كلمة التوحيد والاخلاص والتي هي أثقل من خلق الله أجمعين ..
فهكذا التاريخ لا يحفظ إلاّ من حفظ سُنن الله في عجلته وصفحاته، فالحق في أوراقه قليل أهله، وهم خاصة الله في خلقه، يسطّرون أروع ما فيه بنص إيمانهم بالله تعالى وما نزّل من الحق فيه، فما أجهل من استدلّ بكثرة الباطل ليدحض به الحق، فلا حجاب لشمس الله إلاّ بإرادته وقوّته، وهذا خارج عن إرادة الانسان وما يملكه، فمن ذكرهم التاريخ بصدق وخير فهم دائمًا من حقق مسائل التوحيد وبيّن الشرك وأهله، ووقف يدافع عن ما حرَّمه الله ورسوله فجعله حرامًا مطلقاً ولا مساسا مثل الزنار السرقة والخمر والرّبا وعدم مظاهرة المشركين على المسلمين ولو بكلمة، فهذه المسائل قطعية الثبوت لا اختلاف فيها، واليوم وبعد غياب سلطان الله تعالى على أرضه وبين عباده، بعث فيهم من يرجع من تساهل مع هذه المسائل القطعية إلى جادة النص وأقوال الأئمة، أئمة من ذكرهم التاريخ في مثل ذلك وتحنّ إليهم اليوم الأُمَّة، فهذا الدين قد قيّض الله له في كل زمان وحين من الدهر من يرجع هذه الأُمَّة إليه عن طريق الكلمة والدماء والاشلاء إنّ تطلّبت المرحلة، فالتوحيد أسمى ما عند العبد في حياته ومماته، فلا يعدله درهماً ولا ديناراً، ولا ذهباً ولا فضة، وقليل من عباد الله من فهِم هذه المعادلة، فهي فهم الاولين والاخرين ومن اقتفى أثرهم إلى بوم الدين، وما نراه اليوم من حروب على عصبة مؤمنة لمن هذا القبيل، إطفاء نور الله ومحو سبيلهم ونور أثرهم من حروف التاريخ، فهيهات إنّ يكتب التاريخ للشرك وأصحاب الجحيم، فأين محاسن من قتل الملايين في الحروب العالميتين، وأين جرائم السوفيات وهتلر ومن قبلهم امريكا مع الهنود الحمر، أين بولبوت وعصابته الخمر الحمر مما فعله في أصله وبلده، فماذا يقول التاريخ عنهم اليوم وكيف يذكر سيرتهم، أين أمريكا وجرائمها من هيروشيما وناغازاكي وكيف ردت عليها صفحات التاريخ، أين جرائم الغرب المتحضّر في العراق وسورية، وكيف سيذكر التاريخ الطواغيت ومؤامراتهم على دولهم وشعوبهم ومظاهرة الكفّار على المسلمين، كيف سيذكرهم التاريخ يا ترى بعدل وإنصاف أم ببعد ولعنات، وكيف سيذكر التاريخ من حقق كلمة التوحيد وتداعت عليه ملل الكفر العالمية لإخماد نور الله من جديد، وكيف سيذكر التاريخ من قارع أمم الشرك وأبناء الأُمَّة تتفرّج عليه، فهل أنت أيّها المسلم ستكون من يذكرك التاريخ بشيء من الرضى والحلم أم تأبى إلاّ أنّ تكون من أصحاب الهوامش الملعونين بين أسطر الكاتبين له والمنصفين في الارشيف ..
أَيُّهَا القاريء في صفحات التاريخ فعليك أن تعلم من جوهر الكلام في أسطر العصور، فلا تكن ممن يستمر في لا مبالاة وما يجري لتاريخ الأُمَّة اليوم، فهل تريد تخليدًا على ورق أم من نفايات حبر كتابة الأنامل، فهل تريد أنّ تُذكر بخير في الملأ الأعلى أم من صنف من غضب الله عليهم إلى يوم الدين، فاحذر أن تصيب أهل التوحيد ولو بشطر كلمة وتأتيه من ظهر بطعنة فتُذكَر مذكر أبي لؤلؤة المجوسي وشيعة الفرس الملاعين، فاليوم صفحات التاريخ تقلَّصت بشيء كبير وأصبحت وريقات فيه معدودات، فألزم أهل التوحيد اليوم وهم قلّة، وإن صعُب عليك الفهم والاستيعاب فانظر إلى سهام أعداء الله على من تقع، وانصرهم بكلمة ولو في نفسك ولا تكن من أصحاب من سيلعنهم التاريخ، كما لعن من فيه من أهل الشرك والباطل والزيغ والنّفاق الصريح ..

السلام عليكم

=======================

كتبه : نورالدين الجزائري
25 جمادى الثانية 14388هـ الموافق ل 24/03/2017



jeudi 23 mars 2017

مقال بعنوان "ما سرّ غياب طيران التحالف الدولي عن سماء دمشق؟! " بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما سرّ غياب طيران التحالف الدولي عن سماء دمشق؟!


تذكروا علوش وجيشه وكيف كان يرابط على تخوم دمشق في أوج الحرب ومعناويات جيش الاسد في الحضيض وشبه منعدمة ولم يُسمح له بالتحرك نحو العاصمة السورية، كانت على مرمى من صواريخه ودباباته، كان في وقته يتباهى بقوّته وجيشه المدعوم من الموك والسياسة التركية، ومع كل هذا لم يتحرك نحوها أو بالتلفّظ ولو مرحليا بإسقاط نظام بشار الاسد، واليوم وصدفة وعلى مسمع ومرأى المجتمع الدولي والقوى الفاعلة على الاراضي السورية، أو بتخطيط في غرف غير المعلنة وبعيدا عن أعين من كان يغرس شرائح الطائرات الروسية والأمريكية وحتى العراقية وفي غياب تام للمخابرات العالمية في هذا البلد المتآمر عليه يتم الهجوم هكذا وبهذه السهولة على دمشق وأحيائها بدون علم خاصة روسيا وكأن القوم في حلّ من معاهدات الاستسلام المخزية في أستانا، والأمر المحيّر أنّ من على رأس كل هذا أحرار الشام والكل يعلم مهية هذه الحركة وأهدافها على الثورة السورية، وما دورها في إخمادها وضرب بعض الفصائل ببعضها، فالأمر مدبّر بليل وفي دهاليز أعتى المخابرات الفعّالة على الأرض، فالهدف الحقيقي غير معلن للسذج ولكن إيحاءاته تدلٌ على سر أبعد من هذا التهويل الإعلامي وما بعد هذا الهجوم المفاجيء على العاصمة السورية دمشق ..
فالإعلام الغربي اليوم والعربي وعلى صفحات إلكترونية أوسع يهلل ويطبّل بقرب انتهاء الحرب على الدولة الاسلامية والقضاء عليها وإخراجها من معاقلها، فالأمور مرتبطة ببعضها البعض في كل من العراق وسورية، والعاقل يربط الأحداث ولا يفرِّق ما بين مخططات أمريكا وروسيا وأعوانهم من أعراب المنطقة، فجغرافيا الدولة الاسلامية اليوم في تحرك مستمر وتغيّر بحسب خطط المعارك، فالأرض جُعِلت للكر والفر وللاستراحة أحياناً، ففي أدبيات الجهاد أنّ الثغور لا تسقط بمجرد احتلال أو الاستيلاء عليها، فتبقى ثغوراً حتى يتم طرد الصائل ولو استغرق الامر قرون، فبلاد الاسلام واحدة مهما فرّق الأعداء وقطّع أوصالها، فالحرب اليوم مفتوحة على الأُمَّة بظهور من أراد إرجاعها لعزّها ولدينها الحق، فاليوم ترأى الجمعان، فجمع جاء من الفوق والتحت يريد إطفاء نور الله والقضاء على أصحاب شعلته، وجمع آخر فهِم مراد الله وخطط الأعداء، فكانت الحرب شاملة عليه، ومن غريب الأمر وُجِد أو اُوجد جمع آخر حال ما بين الأعداء ومن أراد شرع الله، فأخّر النصر وأطال في عمر المعاناة حتى أصبح بضاعة في يد العدو يوجهه كيف يشاء لخدمة أجنداته التي عجز عن تنفيذها على الأرض، فكان يدّه الضاربة وخططه المنفَّذة، فعطّل شرع الله في المناطق المحررة، وتعاون مع العلمانية ورأس الكفر العالمي في قتال العصبة المؤمنة في أنحاء وأطراف سورية، فمثله كمثل الحشد الشيعي في تنفيذ الخطط، وما هو إلى مناديل أنوف سيتم رميها حين ذهاب زكام من وراء الاجندات في المنطقة ..
هكذا يقولون اليوم : انتهت "الحرب" ضد داعس في أعين الغرب وروسيا، نعم انتهت في أعين طلاب الدنيا وأصحاب النظرة القصيرة، انتهت من حيث التنظير والخطط على الميدان والاستراتيجيات البعيدة، انتهت من حيث ما آلت إليه الأوضاع على الأرض ورجوح كفة موازين القوى، هم يقولون ذلك وأن الحرب ستنتهي في غضون أشهر معدودات وأنّ ساعة الصفر قرُبت او على وشك الاقتراب من القضاء نهائيا على الدولة الاسلامية، على هذا الكيان الغريب عن عقيدة المنطقة، هكذا هم يقولون .. 
وما اجتماع أكثر من ستين دولة في أمريكا البارحة يدخل في اللمسات الاخيرة من الحرب ووضع خطة إعمارية لكل من العراق وسورية، أو هكذا يظنون، نعم هكذا يعتقدون أنّ الدولة الاسلامية على فراش الانعاش وأنّها الضربة القاضية، ومن مفرزات هذه التخمينات هجوم المعارضة على دمشق في هذه الأيام، وهدفه غير المعلن إخراج مقاتلي الدولة الاسلامية من حي اليرموك وطردهم إلى الأرياف أو قتلهم، يريدون عاصمة بلا بقايا حكم الشريعة، يريدونها علمانية خالصة كما كانت في أول الأمر من القضية، فلا يتم ذلك غلاّ بمسرحية قتالية مع النظام وحتى وإن ضحّى الاسد ببعض جنوده، فالقوم افتعلوا قتالا داخل دمشق للإيحاء بأن الهجوم عنوانه النظام وبعض قصور بشار وأماكنه الاستراتيجية، فهذه المسرحية من غرف مخابرات امريكا وروسيا وتركيا، فالأهداف مشتركة والنتائج بحسب الأدوار المستقبلية، فامريكا وروسيا تريدان إخراج مقاتلي الدولة الاسلامية نحي اليرموك للاعداد للمرحلة المقبلة ما بعد داعس ولمساومات على رحيل بشار بعد فترة انتقالية، وهدف تركيا بزج شركاتها  القتالية من أحرار الشام وجبهة فتح الشام لأهداف وطنية مستقبلية، فالكعكة اليوم جاهزة وسكينة التقسيم تلتهب شوقا، فالأطماع بحجم النتائج التي ستؤول عليها معركة الرقة وتصميم تركيا على دخولها، فزجّ هذه الشركات القتالية في دمشق ليس هدفها بشار ولكن الدولة الاسلامية، فلا يُعقل أنّ يؤتى بكل هذا العدد الهائل والذي سلّم حلب بدون قتال أنّ يدخل دمشقا بغير مقاومة، وكان لابد من هذه المسرحية وافتعالها للمرور إلى المرحلة التالية والهدف الأسمى وهو حي اليرموك بالعاصمة، فبشار لم يعد يملك من أمر سوريا إلاّ الكرسي الذي يجلس عليه، فغياب الميليشيات الإيرانية واللبنانية عن القتال فمن الامور المبيّتة وهو من أهداف المجتمع الدولي في حصر الدولة الاسلامية وقتالها بأيدي ثلاثية الاستعمال، فثوار سورية اليوم جنود من الصف الثالث ومرتزقة في يد المجتمع الدولي وبعض الدول الإقليمية، فقتال الدولة الاسلامية لا يكون إلاّ عبر مرتزقة "سنة" حتى لا يقال أنّ الحرب على الدولة صليبية أو طائفية وإنما حرب اقتلوهم قتل عاد فهم خوارج وأضداد ..
فالذهاب إلى الرقة وإخراج الدولة الاسلامية منها يتطلب ستر ظهور المرتزقة على الارض، فمن قاتل لإخراجها من مدينة الباب هو من سيقاتلها لإخراجها من حي اليرموك بالعاصمة، فامريكا وروسيا متحدتين  استراتيجيا وجويا على هزيمة الدولة الاسلامية في سورية، فاستعادة المناطق من يدها هو هدف هذه المرحلة ومنها كما أسلفنا حي اليرموك حتى يُستر طهر الزحف على دير الزور والرقة، فنتائج مباحثات وتفاهمات أستانا يُجسّد اليوم على الارض، فسيتم مسح نصف سورية شمالا إلى أبواب المناطق الحدودية مع العراق لدحر مقاتلي الدولة الاسلامية، فخطط القوم باتت مكشوفة، فثوّار جرابلس هم ثوّار الباب وهُم ثوّار من أراد التهويل بهم إعلاميًا في دمشق، فغياب الطيران الروسي من باب طرد الدولة الاسلامية من حي اليرموك ومن ثمّة ادلب وصولا إلى دير الزور، فغياب الميليشيات الإيرانية وحزب اللَّات لمن استراحة محارب وإن كان يوجد بعض المناوشات ما بين ثوّار الدولار وبعض مرتزقة الاسد فهي من الخطط فقط في أعين السذج، وأنّ ما يحاك من دخان هذا الهجوم لمن حماية اظهر من سوف يتولى الزحف اتّجاه مدينة الرقة ..
فوَا أسفاه إلى ما آلت إليه أيادي أبناء الأُمَّة ، كأفواه بنادق في يد اليهود والصليب والعلمانية، يحاربون شرع الله في كل شبر أُقيم فيه التمكين لدين الله، فما الذي دهى بالقوم أنّ يكونوا أدوات إعادة لفرز المنطقة ورسم لشرق أوسط جديد كما لم يكن في حسبان أرباب سايكس-بيكو، وهذه المرة ستؤول إليه الأمور بيد من حديدة بلا هوادة، وليعلم من يُنفَّذ الأجندات أنّ الدور سيكون عليه لما تضع الحرب أوزارها، فلا يظن الغرب أنّ ستكون له الشوكة في النهاية وهذا من غير الثابت في السنن، بل أيّها العبيد والخدم الجدد ستؤكلون كسلفكم من أمراء حرب افغانستان وسنّة العراق بعد خروج امريكا من بلاد الرافدين، ستحاصرون ومنكم من سيُقتل والآخر سيُطرد وهذه إرادة الله في القوم الخائنين، وإن لم تطلكم سيوف الغدر من المجتمع الدولي سينالكم عقابا بمشيئة الله أو على يد جنده، فقد ران ما بينكم وبين نور الله، فلا أجر لكم في الدنيا إلاّ خزي وعار والايام بيننا، ومن تسول له نفسه تبييت نية إطفاء نور الله فاستطاله ناره وعذابه ونقمته في الدنيا قبل الآخرة، وَإنَّ غدا لناظره قريب ..
السلام عليكم

=======================
كتبه : نورالدين الجزائري

24 جمادى الثانية 1438هـ الموافق ل 23/03/2017





lundi 20 mars 2017

مقال بعنوان " هنا #الموصل الحدباء .." بقلم المدون نورالدين الجزائري



هنا #الموصل الحدباء ..

فإنّ معيار النصر عند عُبَّاد المادة والشهوات، الاستيلاء على ظواهر الأشياء من أماكن مشهورة، ومعالم رمزية، ودور للعبادة، لتكريس الهيمنة على الأرض والإنسان، وإخضاع النَّاس إلى سياسة الملوك الجدد، فمن عادة الغازي أن يجعل أَعِزَّة أهل البلد الجريح أذلة، وكذلك نهجهم في معتقدهم وما تمليه عليهم عاداتهم في مثل هذه المناسبات، فالكل يخضع إلى الذلّ والمهانة المقصودة والامر من الحرب النفسية لإلحاق بمن تبقى الهزيمة التامة والشاملة، ومن خصوصية أمّة الاسلام أنّها لا تخضع لمثل هذه القوانين البشرية عامة، بل إنّ في الأمر كَرّ وفرّ تارة، والانسحاب أو التحيّز لقتال تارة أخرى، فالمجاهدون في سبيل الله لا يهنأ لهم بال ولا يفكّرون في راحة حتى دفع العدو الصائل من على الارض والثغور، وهذا الفيصل ما بين الاسلام وأمم الكفر العالمية ..
فالحرب اليوم على الأُمَّة شاملة ومتفرّعة الأطوار، فالعدو جاء هذه المرة وهو يعلم أنّها المرة الاخيرة في تثبيت سيّاساته وما أنفق من حسّ ومعنى في بلاد الاسلام، جاء بخيله وخيلائه وآخرون لا نعلمهم فالله يعلمهم، وفي جعبته من الفساد والفتنة ما تقف أمامه كل الخطط الوضعية في مهب الرياح والخسارة الحتمية، فبدهائه تمكّن من وأد الثوران على الظلم في بعض البلدان العربية بإبقاء الدول العميقة فيها وبرجال الاحتياط أو الظل عنده وإرجعها إلى مربّعها الأول ومن ثمّة قيّدها ببعض الحبال من الشعارات الكاذبة، واُخرى كان لابد له في أول الأمر التطلّع إلى صفوف المناوئين مرحلياً، وبعد رصد الطالح من الصالح وشقّ الصفوف حتى يسهل التحكّم في مبتغى القوم وتطلّعاتهم، فراح بعد ذلك إلى شيطنة الحق وشرعنة و أملَكَة الباطل، فساغ لذلك آلياته المحلية والإقليمية والدولية من إعلام موجَّه مأجور، وإلى دور صنّاع الاستراتيجيات من المعاهد والكلّيات المتخصّصة في عالمنا الاسلامي، وهي كلّها دور وأروقة مخابرات استشرافية، واضعة الخطط والتنبؤات وكيفية التحكّم في الصراعات وصنّاعها ومروّجيها، فما حدث في سورية كان من هذا الجانب الذي حققت امريكا وروسيا والدول الإقليمية مرحليا فيه من الفوضى الخلّاقة لإخضاع الجميع لسياسة الهيمنة على الانسان والمعتقد والارض والخيرات، فالتّبعية لها ثمنها، وثمن كل ذلك غباء النخبة واتباعها، والاستخفاف بالمخططات المحاكة للأمة، فصحيح أنٌ من الكوارث والنكبات تأتي الدروس والاستخلاصات، فمع كل هذه الدماء المهدورة على أرض الاسلام فلا شكّ أنّها بداية سُقيَ لشجرة طَيِّبَة، أصلها ثابت وفرعها في السماء وثمرتها من أيام شُوهدت على أرض الرافدين حينما قيل للطفل الموصلي اكفر، فقال آمنت برب العالمين ..
إنّ التاريخ يعيد نفسه بسنن ثابتة وقواعد راسخة، لا تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا، فالقليل من الامّة من تعلّم من صفحاته، فلا عجب من القلة التي وطّنت لمثل هذه الايام نفسها وهمّتها، عقيدتها ومعتقدها، ولا عجب من ذلك الصبي الموصلي الذي ضرب للمسلمين درسًا في التوحيد لا نظير له في هذه الايام، إذ قال له الشيطان أشرك واكفر بالله فقال آمنت برب العالمين وحده لا شريك له، فلم يأخذ برخص سيّدنا عمَّار -رضي الله عنه- ولا بالتقية تحت التعذيب والاكراه، فراح أحد من يُحسب على أهل العلم وممن سلَّط لسانه على أهل الموصل في بداية حملة الروافض عليها انّ من بداخلها من الخوارج المارقة وممن هم صنيعة ايران المجوسية لتهجير السُنّة، يمدح الطفل الموصلي ويترحّم على من عَلَّمَه التوحيد الذي ابهره، ولم يعلم هذا المسكين ممن يحسبون على الفتوى والعلم أنّ من ربّى هذا الفتى هم من سمَّاهم الفرقة الضالة، إذ لا يُعقل أن يخرج مثل هذا التوحيد من هذا الصبي إلاّ من مشكاة أئمة الدعوة النجدية ومن قبلهم شيخ الاسلام ابن تيمية، فالصبي إمّا والده ممن يقاتل مع الخوارج المارقة أو من سلّم نفسه للروافض وكفر بالله ربٌ البرية، فلا يُعقل أنّ الفتى بهذا الفهم من التوحيد أنّ يكون من عَلَّمَه ممن يشرك في أول وهلة، ولكن القوم لا يريدون الاعتراف بصفاء منهج من سمّوهم خوارجا حسدا وبغيًا، فهذا نور الله والله يؤتي نوره من يشاء ..
فالموصل يمكن أنّ تسقط وتُدنّس والامر كله بيد الله، فليست أكرم من مكّة ولا المدينة ولا المسجد الاقصى اليوم وهو بيد صهيون، فتلك الايام نداولها بين النَّاس، ولكن العبرة في ما قصّه القرآن علينا، وَمَا فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه -رضي الله عنهم أجمعين- بأهل الكفر عامة، فجاء كلام الله فيهم في القتل والاثخان والقعود لهم بكل مرصد حتى يشفي صدور قوم مؤمنين، وحتى ترجع الامة إلى ما كان عليه سلفها في كيفية التعامل مع الكفار والمشركين والمنافقين، وأن السلم لا يكون إلاّ بشروط أهل السلام، والله عزّ وجل هو السلام ومنه السلام، فقد اجتبى الله لهذه الامة من يدافع عنها ويذود عن حياضها، فأحبّ من أحبّ، وكره من كره، فلا تنسوا الفضل الذي لولا ما أنعمه الله على هؤلاء من توحيد لكانت الرافضة اليوم في مكّة والمدينة وفي رقص مع اليهود في بيت المقدس، فربما جوامع ومساجد الموصل قد تسقط، وأعين امريكا والرافضة على المسجد النوري فيها، فليسقط المسجد النوري ولكن هل سيسقط التوحيد الذي شرّد بكم ومن خلفكم، وتوحيد ذلك الفتى الذي بكيتم وخشتم من أنفسكم أمامه؟ ..!
يذكرني قول كاتب ألماني واستنتاجاته من الحرب العالمية الثانية، إذ يقول :" قليل من الناس ، على الكرة الأرضية، يدركون اليوم بأن العامل الحاسم في نتيجة الحرب العالمية الثانية لم تكن عبقرية قادة الحلفاء العسكريين و رجال الدولة الذين كثر الحديث عنهم. بل إن النصر أو الهزيمة في صراع القرن قد يتمحور حول حرب الدهاء السرية التي دارت بين عباقرة العقول العلمية و كاسري الشيفرات من الجانبيين"، وهذا عين العقل في إدارة الحروب ومعيار النصر والهزيمة، فاليوم المعركة ما بين فئة قليلة أمام فئة كثيرة وكبيرة هي معركة " أن تكون أو لا تكون "، وهي حرب مفتوحة وبكل الأساليب المتاحة، فالبرّغم من القلة في العدد والعُدَّة إلاّ أنّ الله أبهر بها رؤوس الكفر العالمي، فالدهاء والحنكة التي تتميّز بها الفئة المؤمنة والتي علَّمت ذلك الصبي التوحيد الخالص والعقل المدبّر لهذه الحرب العالمية هي من ستفوز في النهاية، فشتان من يُستنزف الان وعلى خبر دائم ومسمع ومرأى من العدو قبل قنوات العهر العربية كالذي وطّن مثل هذا التوحيد ورسّخه في الأجيال القادمة، فلسان حال أهل التوحيد اليوم قتلهم وقتالهم في الله وبالله حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وبضاعتهم أن موتوا على ما مات عليه محمدا وصحبه، والايام حُبلى بالبشارة، وأنٌ الله ناصر دينه وعباده وليخسأ من باع دينه بمنصب ودراهم معدودات خاصة ..

السلام عليكم

=====================
كتبه : نورالدين الجزائري
21
جمادى الثانية 14388هـ الموافق ل 20/03/2017




dimanche 12 mars 2017

مقال بعنوان " اردوغان والرسوب السياسي " بقلم المدون نورالدين الجزائري


اردوغان والرسوب السياسي

صحيح أن الأشياء غير المتوقعة هي التي تفاجئ وتسود، قاعدة سياسية يُتعامل معها بحذر وحنكة وبدون عفوية وإن تقاطعت الرؤى السياسة واجتمعت معًا الخطوط الدبلوماسية، فالمصالح سيّدة الجميع في السلم والحرب في هذه الحالة، والكل يناور للحفاظ على مكتسباته الاستراتيجية والجيو-سياسية، والأضعف والأقل ورقا للضغوط هو من يدفع فاتورة إخفاق الجميع عند بدء أو ظهور بوادر الطلاق السياسي والدبلوماسي.
فاعلم أيّها السياسي العربي أو المسلم بصفة عامة، فإن صنعتك الدوائر الغربية بآلياتها الديمقراطية أو أتيت فوق ظهر من ظهور دباباتها "المحررة"، أو السكوت عن انقلاب لهم فيه منفعة ومصلحة، فاعلم أنّك أصبحت من قطيع صنّاع القرار العالمي في بلدك وجوارك، فالتمكين لك هنا عير مجاني والضريبة هي خيرات بلادك وجهودك في حفظ أمنهم وسلّة غذائهم، ولا يمكن المناورة إلاّ إذا فهمت اللعبة جيدا وأتقنت أدواتها، وخرجت عن الحدود والأعراف المرسومة بأشياء غير المتوقعة في حساباتهم، فمن ثمّة تكون قد بدأت صنعًا وإنجازًا فيما يخدم مشروعك الوطني أو القومي أو الإقليمي، فلا بقاء للأقوياء إلاّ بسياسة مدروسة تضرّ قبل أن تنفع، وتزرع قبل أن تحصد، وفي حساباتك سنين عجاف من العزلة والحصار والحرب الشرسة من الدبلوماسية إلى الاعلام ومرورًا بمعارضة مصنوعة مطبوخة في أروقة الاستخبارات الدولية، ترقصك رقصًا إن لم تحط بمشروعك حسابات دقيقة مدروسة لكل ما تريد الأقدام عليه من مخطط في المدى المتوسط والبعيد.
فالغرب لا يخاف من السياسي المستهلك فهم أصحاب المادة وتطويرها وتنويعها وتسويقها بحسب الظروف والأزمنة، ولا يخاف بلدا متقدما اقتصاديا لأن خراجه في بورصات وول-ستريت، ولا يخشى من ظاهره العداء وبَاطِنه خدمة له ولاستراتيجيته، وإنّما يخشى من تمرّد عليه أو من فاجأه بسياسة مغايرة وغير المتّبعة في حين غرّة من ضعف المعلومات الاستخباراتية أو من تقليل الحسابات في الظاهرة، ولك أخي المتابع ظاهرة حيّة يمكن من خلالها أن تقيس ما يجري في منطقة الشرق الاوسط وكيف لبلدين مثل تركيا وايران وكليهما تحت المنظومة الدولية، فتركيا انتهجت خط السير الديمقراطي المزعوم ونبذت معالم الطريق الصحيحة في كيفية التعامل مع مقاصد الشريعة، وايران التي انتهجت بدورها سياسة تمرّدية ولكن بحنكتها استطاعت أن تصنع لها عزَّا ومن خلالها ناورت مع صنّاع القرار العالمي وفاوضتهم من خلال برنامجها النووي، فكما أن حال القوي مع الضعيف في زمن حصار العراق النفط مقابل الغذاء، فإيران تعلَّمت الدرس وفاوضت على مشروعها القومي والاقليمي بالنووي مقابل التوسع المذهبي والطائفي في الشرق الاوسط، فمناورة ايران جاءت بعد خدمة للأسياد وكما قلت كان ظاهر الأمور عداء ولكن باطنها إعادة ترسيم منطقة الشرق الاوسط بما يخدم مصالح الأقوياء بتفاوت من حيث الخطط ونتاج الخراج.
فتركيا ناورت من خلال رؤية الغرب للمشهد السياسي وللأمن القومي، وقُبِل بأردوغان كمثال للعالم الاسلامي، ونفخوا فيه من روحهم المثالية في الاستثمار والازدهار، فمعظم بلدان المنطقة من سياسة هذه الرؤية لأبناء المنطقة، فالغرب ودائمًا مع ديبلوماسية العصا والجزرة استعمل مع تركيا سياسة الاستقرار الداخلي والقبول بـ"إسلامي" كرئيس لبلد محوري له في المنطقة مقابل الاستثمار في القواعد العسكرية على أراضيها وخاصة قاعدة انجرليك الجوية للحفاظ على أمن إسرائيل والضربات استباقية لكل من تسوّل له نفسه العبث بخيرات المنطقة خارج حسابات صنّاع القرار العالمي، فكذا استثمار الغرب في العالم العربي أمّن العروش مقابل العبث بأمن الشعوب، وهذا الذي درسته ايران وأزاحته من طريقها بمشروعها النووي، وتأكّد ذلك عبر ما يجري في كل من العراق وسورية، فإيران تجول وتصول في هذين البلدين بجيشها وميليشياتها وساعدت على احتلال بلد والإبقاء على نظام بلد آخر وهذا مالم تستطع تركيا وبحجمها الثقيل والهائل في المنطقة فعله، ورأيناها أحيانا تستجدي جنود ايران في المنطقة كالعبّادي أو بعض رؤوس التركمان في الموصل للحفاظ على بعض المكتسبات أو الطموحات ما بعد الحرب الدائرة في العراق، وكذا دورها في سورية بعد أن حدّدت خطوطا من الحمراء إلى الشفافة اليوم، وما كان تسليم حلب إلاّ لأمن حدودها واستعمال بعض المرتزقة من السوريين في حفظ أمنها القومي من الدولة الاسلامية، فعوض أن تستثمر وتساوم بعقلانية وسياسة محنّكة كان منها العجب في كل مرة بتغيير في تحالفاتها، تارة مع امريكا وتارة مع روسيا واليوم مع النظام السوري ضد من فاجأ الجميع بسياسة غير متوقعة وفي غير حسابات من بيده مفاتيح المنطقة.
فلا مكان لمن لا يحسن المناورات السياسة واليابان الاستراتيجية، فاليوم وبعد أن قضى الغرب من تركيا وطرا، فها هو طلّقها وإن لم يعلن ذلك رسمياً، فعداء الاتحاد الاوروبي لاردوغان ليس من عبث ولا يريدونه إلاّ جنديا في قاعدة انجرليك خادما لأجندته وسياسته اتّجاه المارد السني، فلم يشفع له ما قدّم من خدمة طوال كل الأزمة السورية وكيفية الحفاظ على نظام بشار باختراق الجماعات المقاتلة، ولم يشفع له في مسك الحدود لمنع الجهاديين الدخول إلى أراضي الصراع في المنطقة وقد تباهى اردوغان بذلك معلنا أنه منع أكثر من خمسين ألفا من الأجانب الدخول إلى العراق وسورية واللّحاق بمقاتلي الدولة الاسلامية، فسياسته على أراضي الاتحاد الاوروبي غير مرحب بها، وهو من هو، الرجل المعتدل اسلاميا والذي أراد من خلال سياسته إظهار نفسه مودال يُحتذى به عند أبناء الأُمَّة، فالرجل باع القضية وكسب كراهية في الدوائر السياسية الغربية، فهو منبوذ في كل من المانيا والنمسا وسيويسرا واليوم هولاندا وغدا فرنسا وهكذا، فهذا مآل كل من يفتقر لأدوات الضغط المستديمة، فيا ليته تعلّم في أزقّة قمّ أو جامعات طهران حنكة السياسة والديبلوماسية، فالجزاء من جنس العمل ولا يُحترم اليوم إلاّ من خرج عن الاعراف الدولية وناور على البقاء مُحترمًا وبمشروع قومي متّزن، أو فرض نفسه بمناورات وأوراق ضغط تمسّك بها في ساعة العسر، أو كان من أصحاب الأقدام الثقيلة، فالرجل جعجعة إعلامية وكم استثمر في حب الظهور والمناورة الإعلامية، وفي العرف الديبلوماسي لا يقاس النجاح إلاّ بالرؤى البعيدة والحسابات المدروسة وأوراق الضغط الخفية ليكون لك قدم احترام عند أول إنزالك من باص السياسة الدولية ..
السلام عليكم ..
==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

14 جمادى الثانية 1438هـ الموافق ل 12/03/2017




samedi 11 mars 2017

مقال بعنوان " الشرق الاوسط الجديد بعين الدجال " بقلم المدون نورالدين الجزائري


الشرق الاوسط الجديد بعين الدجال 


صحيح أنّها حرب من جيل جديد، بأهداف عدّة وبتخطيط عالي وجدّ دقيق، ليست بحرب نظامية، ليست بحرب بين دول ودول أخرى مُعترف بها وتحت عباءة المنظومة الدولية، ليست بحرب معلنة تحمي الخاسر فيها معاهدات دولية، ليست بحرب يوجد بها قوانين جنيف تحمي المدنيين والأسرى وتحدِّد فيها نوعية القتال وعدم استعمال بعض الأسلحة المحرَّمة، حدث هذا النوع من الحروب في الحرب العالمية الثانية، بين مجموعتين من الدّول، دول المحور أو الحلفاء كما يطيب للبعض ضد بلد تمرد على الأعراف الدولية، بريطانيا وفرنسا وروسيا في أوائل النزاع وأمريكا بعد عامين من بداية الحرب مقابل ألمانيا النازية وطموحات هتلر الجنونية، دول اجتمعت ضد همجية وبربرية كما سمّيت حينها بالفاشية، جيوش نظامية ضد جيش نظامي آخر أراد توسعاً في اوروبا وهيمنةً على العالم، راح ينتصر إلى ايديولوجية شخصية من حيث المعتقد والعرق والرؤية وشمولية الفكرة، فكانت حربًا عالمية ثانية أدت بالطرفين إلى خسائر هائلة في المال والنفس، أكثر من خمسين مليون قتيلا، ناهيك عن الجرحى والمفقودين وما نتج من تلك الحرب الهمجية، واقتصاد عالمي منهار جرّاء جنون البشر؛ فالحرب اليوم ومنذ عقد من الزمن وبعد حرب العراق الثالثة ليست كالحروب المعهودة، إنّها حرب بالوكالة، حرب المصالح العليا ومستقبل الأجيال الصليبية واليهودية والمجوسية على حساب أبناء منطقة الشرق الأوسط، حرب غُيِّب فيها أبناء المنطقة تدليسًا وزوراً ليسهل تمرير المكائد والمخططات، حرب فُرِضت على من تفطّن لهذا المشروع الخبيث والذي تدير رحاه ايران ومن ورائها الحلف الصهيو-صليبي-العربي لإبقاء الهيمنة والعروش والمصالح العليا لكل بلد وطرف في هذه العرب العالمية الخفية.
إذاً فلما الشماتة والتثبيط وبث روح الإنهزام والخصومة في ومع من تفطّن لهذا المشروع الخبيث والذي يراد به تركيع الأُمَّة وتسليمها للوكيل الجديد في المنطقة وكلابه السائبة من مجوس واكراد وأعراب وشرذمة من لقطاء دول بعيدة، والحرب قائمة في العراق والشام، في هذين البلدين المحورين من مستقبل أبناء السُنّة اليوم لمنع هذا المخطط الجهنّمي، والذي نجح فيه الغرب والمجوس على تحييد البوصلة وعزل الصفوة والجيل الأول الجديد المقارع لهذه الهيمنة الخبيثة، فالتحالف القائم اليوم يضرب بشتى أنواع الأسلحة، من الفسفور الابيض إلى اليورانيوم المنضب، يوزّع القنابل الذكية كالمنشورات التحذيرية، لا يفرِّق بين جنود وعامة، ليس في أجنّدته إرساء للديمقراطية، أو وضع حجر أساس لحقوق الانسان والرّعية، ليس من أولوياته الشعارات البراقة، بل مسح أرضي لكلبه الوفي وجرائه المسعورة من الحشود اللقيطة، فتصريحات الرئيس الإيراني روحاني ليست عبثية حينما قال أنّنا نقاتل بالنيابة عن العرب في المنطقة، ويقصد العرب من الحكّام الذين هم وبلده ايران تحت حاشية المنظومة الدولية، ونبض شريانها خيرات المسلمين في المنطقة، نعم الرئيس روحاني صرّح بذلك علانيّة أن حرب ايران في سورية والعراق مقدّسة، وشدّ على يديه الخبيث سليماني قائلا على لسان الهالك احمد شلبي في Observer : " إذا خسرنا سورية سنخسر طهران، وسنحوّل كل هذه الفوضى إلى فرصة .."، وكلامه ليس من عدم بل من تخطيط وتنفيذ ورؤية بعيدة المدى، لا يفهمها إلاّ من وزن خيرات المسلمين بعين Wall-street وما تعنيه بالنسبة لامريكا وحلفائها الغربيين والوكلاء في المنطقة، فالحرب القائمة اليوم وإعادة هيكلة التفاهمات الدولية إنّما نتاج طارئ أفسد عليهم الخطط والحسابات ومنه التحالف العالمي على من رفض الهيمنة العقدية والاقتصادية وتمرير المخططات بدون العودة إلى مرجعية سكّان المناطق المعنية.
فالحرب في البلدين من مخطط واحد ومشروع متكامل الأهداف، فليس عبثا من تسليم حلب لايران فهو عمقها الاستراتيجي بما أنّ مشروعها الاقتصادي ممرّه الموصل وحلب إلى حمص ومن ثمّة إلى اللاذيقية ومنها نافذة على البحر المتوسط، وليس عبثا من استدراج المعارصة السورية إلى أستانا بكازاخستان، فالرسالة من ورقتين، ورقة انهزامية فُرضت على أصدقاء الغرب من امريكا إلى السعودية وتركيا وقطر، مرورا إلى رسالة اقتصادية للغرب وعلى رأسهم امريكا أنّ المثلث الروسي والايراني والكازخسناني متربّع على أعظم وأكبر بحيرة نفط ومخزون استراتيجي للذهب الأسود في العالم وهي بحيرة قزوين، فالمخطط جاهز من سنين، وكان لابد من إيجاد السبل لتسويقه عبر أنابيب نفط ومنه إلى امريكا وخاصة أوروبا وعبر المتوسط، فالطريق الى ذلك لا يمر الاّ عن تأمين طرق الامداد من ايران الى العراق ثم الى سوريا، فالمشروع جدّ استراتيجي بالنسبة لايران، فالتواجد الروسي في طرطوس ليس من عدم، والتواجد الامريكي في مطار حميميم جنبا إلى روسيا ليس من عدم، وهرولة نتنياهو إلى روسيا مؤخرا ليس من عدم، والتدخل الامريكي في الساحل الشمالي وعلى الشريط الحدودي ليس من عدم، فالمصالح كبيرة ولعاب الجميع يقطر من بترول وغاز لإيصاله للبحر المتوسط، وايران في هذا الخضم العسكري والسياسي ودور ميليشياتها في العراق وسورية إنما لخدمة توسعها الحضاري والهيمنة على المنافذ البحرية من الخليج العربي أو "الفارسي" إلى طرطوس مرورا بعدن في إليكن والمنفذ على البحر الهندي ومنها إلى أسواق أسيا الكبيرة.
فالكل في منطقة الشرق الاوسط له مهامه للهيمنة على خيرات أهل السنة، فكازخستان تبقى سنية، وبلاد الرافدين تبقى سنية، والشام سورية تبقى سنية، والحروب الخفية وغير المعلنة لا يفقه خيوطها أبناء المنطقة إلاّ ثلّة فتح الله عليها بمعرفة مخططات القوم الجهنمية، فلذا تحالف عليها البعيد والقريب وشيطنة الصراع بمفاهيم غربية ودوافع طائفية، فالأمر ليس كذلك، بل الصراع مع هؤلاء لحفظ مقاصد الشريعة وافهامها لعوام المسلمين عسى ان يستيقظوا من هذا التخدير والركون إلى الظلمة، فهذا الجيل الذي اختاره الله لدفع صائل المطامع الغربية والإقليمية فهو زائل لا محالة ولكن غرس البذرة في جيل سيجعل من الأولين رحماء بالنسبة لامريكا وحلفائها كما كان جيل بن لادن على الغرب بصفة عامة، ففكرة الجيل الأول بلغت الرسوخ والنضج والتطبيق، وما هول المعارك اليوم لمن غرس البارحة والأمور كانت أشد تكتماً بالنسبة لنهر مكشوف اليوم، فأساليب هذه الايام حتما لن تكون أساليب الغد بالنسبة لجيل المُعّد، فسياسة الارض المحروقة مدروسة من زمن الغزو الامريكي للعراق، فما صعوبة المعارك اليوم والمناطق المفتوحة واستعمال الأسلحة المحرَّمة دوليا لمن عجز الحلفاء والوكلاء والكبلاب المسعورة، فعندما لا يُميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية فالأمر من تخبط القوم في الساحة، فالقضاء على البنية التحتية بالقنابل الغبية فهي هزيمة في المعاهد والكليات الحربية، فالغرب يسعى وراء ايران لا يهمّه إلاّ مصالحه الدنيوية فهو بمثابة انتحار على سوار المنطقة برمّتها ودوام الحال من المحال وهذه سنة، وما يهم ّ ايران إلاّ مطامع طائفية تريد من خلال كل هذه الفوضى إرجاع أمجاد فارس على المنطقة، فالحروب الخالية من روح العقيدة الصافية مآلها الخيبة والحسرة وإن طالت مدة معاناة المظلومين فلابد من بزوغ فجر جديد لهذه الأُمَّة واسالوا التاريخ في ذلك فهو خير مترجم للسنن الإلهية والكونية، فقد فتح الغرب وكلابه في المنطقة بابًا لا يمكن التنبؤ وبما ستؤول إليه الأمور فصاعدًا، فالفرقاء لا تجمعهم إلاّ المصلحة، وعند انعدامها ستتوجه أفواه البنادق إلى صدور القتلة، وستكون فتنة إلاّ على من عُصِم من شراراتها والايام بيننا .
السلام عليكم
==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

13 جمادى الثانية 1438هـ   الموافق ل 11/03/2017






samedi 4 mars 2017

مقال بعنوان :" ستضربون ببعض وتجرجرون إلى الهلاك " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


ستُضربون ببعض وتُجَرجرون إلى الهلاك ..

غالبًا ما تُدق طبول الحرب باسم الحريات، باسم الحفاظ على الديمقراطيات، باسم الحفاظ على المكتسبات الجيو-سياسية، باسم الاقلّيات المضطهدة، باسم حماية المزارات والعتبات المقدّسة، باسم حجج واهية للاستهلاكات الداخلية والتحالفات المبرمة الخفيّة، باسم صفقات الأسلحة البالية المخزّنة، باسم تجرية القنابل الذكيّة ومفعولها ومن بعد تسويقها، فالغرب وأذنابه يعتبرون كل من يريد الخروج على النظام الدولي خطًا أحمرا يجب استئصال شأفته بلا رحمة ولا هوادة، يتمّ من خلال كل هذه التنظيرات السياسية والتسويقات الحربية تدمير بلاد السنّة على حساب أطماع الغرب وجشعه الدائم في المنطقة ..
الكل اليوم يدندن حول تراجع الدولة الاسلامية على جبهات العراق وسورية، والكل يأمل ويرجوا تقهقر قوّتها وقوّاتها واستئصال قادتها وجندها لحاجة في نفوسهم المريضة، أصحاب التذبذب العقدي، أصحاب الدولارات المعدودة، أصحاب الصفقات الضيّقة، أصحاب الاستثمارات في المنتجعات التركية، ذوي النفوس الانهزامية والغرائز الحيوانية، أصحاب مدارس النِّفَاق العلني، يأملون بطرد الباقي إلى جبال كردستان أو أسر عددا منهم للإذلال، والتشفي بعدها في عقيدة القوم غلّاً وحقدًا، وارتياحًا لفجورهم في الخصومة ولما قدّموه من تنظير واتّهام وتشنيع طيلة عدّة سنين من التكالب في وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر مقالات شاذّة المعنى والتوجيه والأيديولوجية، أو على شاشات مأجورة معلومة لم يتركوا فرصة من خلالها إلاّ ونالوا من أهل التوحيد والعقيدة الصافية، همُّهم النيل من البنية التركيبية والهيكلية لمن نكّس عليهم مآربهم السياسية، وكيفية إرجاع المتعاطفين إلى حضيرة الوثنية، وصنم الوطنيّة، فالملأ وما روّجوا من سحر التزييف والكلام السخيف لإثبات صنيعة من يقاتل الجميع على أنّه صنيعة الجميع، فما أحقر من باع الضمير والاخلاق والدِّين من أجل التبعية وتصنيفه كالعبد المأجور ..
فالقوم كل يوم في تربص للأخبار من الجبهات وما تمليه من استنتاجات بعض الدوائر الاستخباراتية من زرع الكذب لحصد بعض الصدق، فتراهم يترجمون المقالات التي تخص بأخبار #داعس ، وغالبًا ما يكون الانصاف في الترجمات كإنصاف الدكتاتوريات لحقوق الرعية بإفلاس، تراهم يصطادون أخبار الجبهات من عند الأعداء وخاصة تلك المتعلقة بالانسحابات أو إعادة التكتيكات، يغلّفونها زيفًا وكذبًا في مضمونها ويروّجونها كهزائم وانتكاسات على الجبهات، فما أقبح مفاحيص سورية وما أشرف صحوات العراق، ففصائل الشام باعوا الشرف لأمريكا وتركيا وروسيا وايران، وأمّا صحوات العراق كان تحالفهم واحد ومع الأمريكان، فالقبح كل القبح أن لا يتعلم المرء من الإخفاقات الذاتية ويصرّ للمضي قدمًا في براثن التيه والظلمات، ناهيك عمن في أحصنة الطروادة في الحروب والنزاعات لا يدري كيف المصير ولا المآل ولا الغنيمة بعد انقشاع غبّار المعارك والمؤتمرات، فمن أظلم ممن امتطى جواد حرب غيره ظانًا أنّ خراج الجمر يعود عليه بالنفع وما تشتهي النفوس، فليت شعري يعلم القوم محلّهم من كل هذه الطبخة الجهنّمية وما نهايتهم في هذه الحرب الدائرة بين أقطاب دولية وقوى إقليمية تابعة للتنظيم العالمي، فكيف بخوازيق جهلة يريدون الخروج بالحرث والزرع والمحصود، هزلت وربّ الكعبة ..
فعندما قيل أنّ الغرب لا يحترم إلاّ أصحاب الأقدام الثقيلة فحينها استُهزيء بالعبد الصالح وشنّعت عليه الاقاويل والتأويلات الفاسدة، فالرجل أنذركم قبل أنّ تصيبكم قارعة وقد أصابتكم في مقتل بحيث حدّتم عن البوصلة، فلما خرجتم لقتال النظام بوعود الغرب الكاذبة، ضيّعتم الدِّين والدنيا وأصبحتم مهزلة الثورات وعند بعض الأقليات التي استثمرت خير الاستثمار في تحالفاتها، من تسليم لثورتكم إلى تميّع لمعتقدكم إلى تسليمكم للمدن وخروجكم ببصات تقاتلون من أراد حماية بيضتكم ومكاسبكم، أصبحتم أرقاما تقاتلون بالنيابة عن الصليب والمجوس، أفواه بنادق في خنادق الخطأ، أجندة تركية للدفاع عن حدودها ومكانتها الجيو-استراتيجية، ما دهاكم إلى ما آلت إليه عقولكم وكيف تفكّرون، ما هدفكم و غايتكم من هذا التجرجر المستديم نحو حربٍ ليست من أهدافكم ولا أجنداتكم الاولوية، فاليوم روسيا وأمريكا وحزب الله من يحارب داعس في تدمر، اوَ ليس حزب اللَّات عدوّكم وعدوّ من سلمتموه زمام أموركم العسكرية (امريكا) وحليف مناوراتكم السياسية في أستانا (روسيا) فكيف إذًا بإعراب هذه الخلطة التحالفية، إنّكم أجهل من حمار علي بابا في حمل الغنائم المسروقة، فبعد كل هذه التجارب المريرة ونار الحرب المستعرة لم تتعلموا من الطبخات إلاّ شمّ روائح البارود وكأنّكم بها ستفتحون دمشق وأنطاكيا، فما دهاكم أن تكونوا حمير أردوغان وأفواه بنادقه من جرابلس إلى الباب وقتلاكم بالآلاف في حرب أصلا لا تخدمكم ولا تخدم أجندتكم ولا من استراتيجياتكم المستقبلية، فهي في آخر المطاف ستكون مناطق آمنة تتحكَّم فيها أمريكا برعاية تركية روسية ..
 فالأمور اليوم أصبحت ألاعيب دولية متجاوزة في ذلك زمن الفصائل والوعود الكاذبة، فمع الحرب الدائرة في الموصل وتدمر مرورا بدير الزور والرقة إلى تلّعفر وصعوبة مواجهة #داعس للتحالف الدولي العربي وخاصة بآليتهم الجهنّمية الجوية، وتقدّم الروافض في العراق وإمكانية خروج داعس من العراق فبهذا كله تكون القوى العظمى قد حقّقت مآربها وأجندتها بسواعد أبناء المنطقة، فالمتأمل في ما آلت إليه الأمور العسكرية وترجيح كفة الباطل على الحق فإنّما من باب #الاستدراج ، وأن ما ستؤول إليه المنطقة من صراعات فما اليوم أمامها لنزهة للجميع، فالأطماع كبيرة عديدة ولا يتهاون الغرب ومعهم روسيا في تدمير كل المنطقة إن تطلّب الامر للحفاظ على المكتسبات القديمة والجديدة، فبوادر الانتكاسة اليوم ملامحها في انقرة بعد تسليم منبج إلى النظام السوري بمباركة أمريكية روسية ..
ستكون حربا شاملة في المنطقة، حرب نفط وغاز، حرب ميزانيات مهدورة، حرب حدود، حرب وعود، حرب خطوط حمراء، حرب نقض للعهود، حرب أطماع، حرب التحالفات الحقيقية الجديدة، حرب الندم على التوازنات، حرب مقت الله للقوم المرتدين، فقد تجاوزتم كل الخطوط خطوط ربّ العالمين في قتال عباده المؤمنين، فبوادر الحرب الاولى بانت شُعلتها بين أكراد العراق على النفط، وتحالف امريكا وروسيا اليوم وإرجاع كل الاراضي من يد داعس إلى النظام سيجعل منكم قضية غير قابلة للإعراب والمناقشة، فلا خيار أمامكم اليوم إلاّ الرجوع إلى حضن "الوطن"، أو أفواه بنادق لمحاربة داعس ومنها ستكونون بغال الجميع، أو النفي إلى خارج سورية بلا رجعة، فما أنتم إلاّ حمير طروادة متى تنتهي مهمّتكم ستساقون إلى حتفكم الحسي أو المعنوي، وبعدها سيكون الأمر ربّاني وأنتم من القوم المغضوب عليهم في ملكوت الله وفي الدوائر الغربية ..
السلام عليكم
=====================
كتبه : نورالدين الجزائري

06 جمادى الثانية 1438 الموافق ل 04/03/2017



jeudi 2 mars 2017

مقال بعنوان " سلسلة محاربة النظام الدولي لـ "الارهاب" الجزء الاول: فهم الصراع أولى ملامح التخطيط " بقلم المدون نورالدين الجزائري



سلسلة محاربة النظام الدولي لـ "الارهاب"
الجزء الاول: فهم الصراع أولى ملامح التخطيط


هكذا يقولون : ‏الوحدات الكردية تسلم قرى بمنبج للنظام خوفا من "درع الفرات"، وما لم يقولونه أن امريكا هي من أمرت بتسليم الاراضي لنظام بشار وأن الأكراد من PKK أو الحزب الديمقراطي الكوردستاني أدوات قتال متقدمة في يد CIA، كما أن سورية تابعة للنظام العالمي، وتعد حجرة توازن بين ديمقراطية الغرب المتمثّلة في إسرائيل وديكتاتوريات الشرق المتمثّلة في حكم الطوائف والملوك والأقليات، وفيها تجتمع مجمل التناقضات من التحالفات بين المعسكر الغربي والشرقي، وفيها أزيحت الاقنعة عن كل المساومات التي أدّت بالاُمّة إلى مزيد من التشرذم والتناحر لأجل جلب المفاسد وتقليل المصالح، فالمصالحة والمفسدة في المنطقة العربية أصبحت في أيدي امريكا وروسيا في تحديد بوصلة وسياسات أهل السنة مستقبلًا.
 فالمناورات السياسية داخل النظام العالمي تعتبر كلعبة الشطرنج في كيفية التفكير للقضاء على المنافس الأضعف، وأحيانا توجيهه إن لم يكن يشكل خطراً على أدوات اللعب ناهيك عن خلط الاستراتيجيات وعدم قدرة التحكٌم في مآلات الصراعات، فالنظام العالمي بتوازنه ووزنه المتفاوت هو من يرسم سياسات المنطقة وللأسف بأيدي أبنائها، والكوارث إنّما تُدرك بعد فوات الأوان وإرجاع القطيع المتناحر خدمة للأسياد إلى حجمه الطبيعي ودوره المنوط له من خلال أوامر تُعطى لدول المنطقة ولجماعاته المختارة ولاءً وتخطيطاً، فالعداء الظاهر لا يعني بأي حال من الأحوال أن لا توجد سياسات وراء الكواليس تدفع بالأطراف إلى إيجاد صراعات على الورق وبعض المناوشات على الارض خدمة لأجندات استشرافية ولأهداف غير معلنة، فتركيا ونطام الاسد وصراعهما بالأدوات المتاحة من جهة، والتلاسن بين تركيا وأكراد سورية من جهة أخرى يدخل في إبقاء حالة الاحتقان السائدة في سورية، ولرسم الخطوات للأبعاد الاستراتيجية والجيوــ سياسية المخطط لها، وأنّ في الأخير وعلى الجميع الالتزام بأوامر النظام الدولي وخاصة إعادة ما تمّ رسمه من حدود وإعادة توسيعها أو تضيّيقها حسب مقتضيات الصراع، فلا يحوز في أدبيات النظام العالمي أن تهتز سياساته المعترفة عليها دوليا، ومقاتلة بشراسة وبلا هوادة المشروع التوسعي للدولة الاسلامية، والتي اتّفق الجميع بالرغم من التناقضات وبعض الدماء لمحاولة استئصال من مَس بخريطة المنطقة وإرجاعها لسابقة عهدها.
فبعد مجيء دونالد ترامب إلى البيت الابيض ومطالبة أجهزته الاستخباراتية والعسكرية لخطة يتمّ من خلالها القضاء على الدولة الاسلامية، فمن المرجح أن تنخرط أمريكا اكثر فاكثر في القتال المباشر في كل من سورية والعراق، فبعد تصريح بوجود قاعدة امريكية في الشمال السوري والمرجح أنّها موجودة بجوار القاعدة الروسية في مطار اللاذقية وهذا من المألوف في الصراعات الاستراتيجية أن يتم إدماج قوّتين تحاربان نفس العدو مع أنّهما أعداء في الظاهر لتسهيل التنسيق الجوي والبري، ومن جهة أخرى حضور بعض وحدات الجيش الامريكي مع PKK أو الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإن دلّ هذا الامر فإنّما يدل على من بيده الصراع حقيقة، فأمريكا هي من تشد العصا من الوسط في قتال الدولة الاسلامية حقيقة، وهي المحرك للوحدات القتالية سواء كانوا أكرادا أو من الجيش الحر أو وحدات درع الفرات الموالية لتركيا والكل تحت إمرتها بلا استثناء، والتنسيق مع روسيا يدخل في هذا الإطار لابقاء الجميع تحت سطوة النظام الدولي وسياساته، فما روسيا إلاّ واجهة لسياسة امريكا في المنطقة، وتقاسم للأدوار لمحاربة الدولة الاسلامية على كل الجبهات، فالتنسيق الجوي اليوم في الباب وتدمر ودير الزور وريف حمص بين روسيا وأمريكا لمن المرحلة الثانية من السياسة العلنية المتفق عليها سلفا، فعداءهما في أول الوهلة لخلط الأوراق واستقطاب معسكرين لقتال الجهاديين ورؤوس التخطيط المناوئين النظام العالمي، وكان ما كان من تحييد وغربلة المعسكرين حتى وصلت الأمور إلى التصنيف، فمنهم من انخرط لاحقا فما يُسمى بالعملية السلمية ومنهم من رجع لحضن الوطن ومنهم من اعتزل في منتجعات تركيا ومنهم من تمّ تصفيته أو سُطِّر في قائمة الاغتيالات والتصفية، واليوم القوم في المرحلة الثانية من الاتفاق المعلن على جميع الاصعدة من تنسيق جوي إلى ميليشيات على الارض تخدم المخطط الدولي، وحصر الخارجون عن القانون كما صرح ترامب من أيام إن من تقاتلهم امريكا هم همج من المسلمين خارجون عن الشرعية الدولية.
فالصراع اليوم في سورية اتضحت معالمه وأضحى العدو واحدا بعدما كان متعددا، واتحدت البندقيات إلى صدر من كان يُحذّر منه أنه عميل وصناعة القوى الخارجية، فكُشِف أمر وزيف كل الجماعات التي اتخذت من الاسلام شرعية لقتال جماعة مسلمة أخرى، فالقتال تحت لواء قوى أجنبية يُعد في أبجديات قوانين الحروب الوضعية من الخيانة العامة التي لا تغتفر فما بال إن وُضعت تحت المجهر الشرعي في قتال العدو الصائل لبلاد الاسلام، فسورية كشفت ألاعيب المجتمع الدولي بدماء أبناء المنطقة العربية، وأمّيتهم في فهم مغزى الصراعات الدولية على الأُمَّة، فبهذا التقرير والاضلال السياسي الممنهج وبسواعد الأنظمة الوظيفية المنزوية تحت النظام العالمي تظل المنطقة رهن الصراعات المشفّرة والمعلنة لأجندات جيو-استراتيجية والمغزى منها إبقائها تحت الهيمنة الصهيونية وعدم الخروج على المرسوم والمعهود دوليا إلى أن يتم استيعاب المعادلة ووضع الحل لها نهائياً والدخول في مواجهة كافة كما يُقاتَل أبناء الأُمَّة كافة..
السلام عليكم
=======================
كتبه : نورالدين الجزائري

04 جمادى الثانية 1438هـ الموافق ل 02/03/2017