Rechercher dans ce blog

lundi 4 octobre 2021

مقال بعنوان " ظاهرة السياسي الشعبوي "... بقلم المدون نورالدين الجزائري

                                

ظاهرة السياسي الشعبوي...

ــ إيريك زمور أنموذجا ــ

 

عند انحصار وانصهار الإمبراطوريات وذلك من سنن الله الكونية فلا بقاء إلّا للمعدن الصافي النقي ممن اختار واجتاب لقيادة البشرية عند فلول التطرّف الفكري باسم العرق والشعب المختار، فإن تبعا سيكون لبعض الدول التي كانت تشكّل احد اسس وهيكل من هياكل الغطرسة تبعات الانهيار وكشفا للوجه الحقيقي لمن كان مرارا دهّان دكاكين المتاجرة باسم ما نعيشه اليوم من ديمقراطية ومساواة بين الناس على اسس التنافس، بل إن من مفرزات انهيار الايديولوجيات والمغطاة بالديمقراطية نشوء الإقطاعية والفاشية الفكرية والرؤية الآحادية للاستعلاء في أوقات الفراغ الناتج عن الإفلاس السياسي والفكري لهذه الحضارات الوضعية والتي كانت عبر التاريخ وأحداث صفحاته مليئة بالظلم للأقليات التي تمثّل رقعة من النسيج الإنساني للبلد مهما كان دينها واعتقادها وتجمّعها على اساس فكرة او فلسفة معيشية مكوّنة او مستوردة ..

فالسقوط السياسي يتبعه السقوط الأخلاقي وهي معادلة لا يمكن فصلها، ولابد للثاني من اتّكاء على أسباب واهية ووهمية للبروز والخروج للعلن، فعند السقوط تُبرز  اصوات ويُعلى صوتها باسم الرجوع إلى الأصل والمتمثّل في انتاج قيادة تخطف المشهد السياسي المنهار وتبني على انقاضه نزعة عنصرية ترى من خلالها حلّا حتميا للخروج من الأزمة بتقزيم الاختلاف والنوعية في المجتمع المنهار، والانهيار لا يعني بالضرورة  الكوارث السياسية والإقتصادية كالتي في بعض دول إفريقيا وفنزويلا إلى الأرجنتين، بل الإنهيار والإفلاس يكون اشد فتكا في الدول الغنية والقوية على الصعيد الإقتصادي عند افتقارها للحلول الإجتماعية وذلك ناتج للحريات الفردية والتي قنّنتها باسم النموذج المعيشي للبلد حتى نخرت النسيج الاجتماعي والثقافي والرؤية الصائبة لمعنى دور الفرد في المجتمع، فأمريكا اليوم تنهار داخليا وأوروبا تسقط تبعا في هذا الانهيار وللتعريفات اعلاه، فالنموذج الديمقراطي انحصر وانغلق في لعبته عندما ادرك أنّ سنّة العدافع لا تخدمه بل تهدمه، فما نراه اليوم من حرب على أقلية مسالمة في المجتمعات الغربية إنّما ذلك لخطورة الوضع التي وصلت إليه بعض البلدان الأوربية ومنها

خاصة فرنسا وما نشاهده من بروز اليمين المتطرّف والذي كان بالأمس تابوهًا إلى أن كشف عن أنيابه ووجه علنا ومتمثّلا في سياسة دولة بأكّملها ناهيك عن الساسة وبعض المهرّجة الذي فتح لهم الإعلام العنصري المقام والمقال للبروز وطرح افكار كانت تُتداول تحت الطاولات عند البحبوحة واليوم نراه علنا ووضوحا عند افول اقتصادات بعض الدول والتي كانت أحادية التأثير في المستعمرات إلى أن اصبحت في خطر المنافسة وربما التقليل من السياسات والنفوذ أمام القِوى الأخرى الصاعدة كالصين وروسيا وتركيا ..

فالأزمة اليوم في الغرب وخاصة في أوروبا وظهور الأحزاب العرقية اليمينية أزمة تدافع رباني قبل كل شيء، ويليها بعد ذلك فشل السياسات القديمة في إدارة الثروة الإقتصادية والثقافية،  إذ الأقلية الحاكمة انتهجت التمييز العرقي والنظر الى الرجل الأبيض دون الآخر والمساهم في الثروة حتى سقط السياسة التقليدية ومعها رجالها وبرز آخرون على انقاض رسوب الأوّلين ممّا أدى إلى دغدغة من مسّته الأزمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فركوب موجة التغيير يكون على متنها قوارب وبواخر بقدر حجم ايقاظ النزعة الطائفية، فمن سنوات قليلة كان اليمين المتطرّف في أوروبا مهمّشا إلى أن اصبح معتبرا وعليه تدور حسابات سياسية وتُبنى عليه آراء وحلول انتخابية، فالعنصرية والفاشية تتغذى من الفراغ السياسي ومن فقدان المبادرة في التغيير، ينتج من خلال ذلك الانتهازية في الحلول والقفز على الفشل وجعله أرضية تنديد ومسّ للجراح والتي تكون مطلبا شعبوية (فئة من الشعب) لا شعبيا ينتج من خلال ذلك ظهور كالمدعو في هذه الأوقات بـ إيريك زمور راقصا على انقاض انهيار ايديولوجي وفشل في السياسات الداخلية والخارجية لفرنسا ولسان تعبير يتكلّم باسم طبقة حاكمة وخفية تفتخر بكونها صهيو-صليبية (judéo-chrétienne) تخدم المسيحي والسيّد اليهودي على حساب أقليات وخاصة الأقلية المسلمة والتي تُمثّل  خطرا قادما على وجود مثل هذه الايديولوجية الهدامة للنسيج الإجتماعي والتي تخدم فئة قليلة وتهمّش الأكثرية ممن لا يشاركهم الأمر سياسيا وايديولوجيا ..

فالتاريخ لا تُدوّن صفحاته من خلال الأيديولوجيات المتنوّعة والمتفرّقة في المعتقد، بل صاحب الصفحات وحبر التدوين من سيذكره كتاب التاريخ من خلال بصمات مشرقة ومشرّفة باسم التعايش العرقي وللتاريخ شهود من كان يعيش تحت حكم المماليك في الأندلس، ولازالت عقدة الإسلام عند ساسة الغرب هو طروادة الخوف والتخويف للنسيج الإجتماعي الآخر توجيها احيانا وجهلا بالسياسة المتّبعة احيانا اخرى، وعطفا على الفكرة في المقال فإنّ بعد تشرّب البعض لصراع الحضارات حتميا فالآن يستخلصون من هذا الصراع على أنّ سنّة التدافع هي من قضت على حضارات الرجل الأبيض بسياسته وايديولوجيته العنصرية ورؤوا في تآكل الديمقراطية من الداخل من خلال اللعب والكذب على اطروحاتهم اصلا وهو الانهيار الأخلاقي وكمعيار لفساد دين الديمقراطية برمّته من افراد ومؤسسات إلى جمعيات خيرية كانت ولا تزال تفضّل العرق والدين للانخراط في ظلّها، فظهور الكاريزمات اليمينية اليوم في كل أوروبا نتاجه فشل سياسات أسلافهم العنصريين بأقنعة التسامح، فقد أسقط التدافع أقنعة الغرب الصليبي وها هو وجهه القبيح لا يقبل إلّا قبيحا مثلهم وهو خطر مرحلي على بلدانهم قبل أن يكون خطرا على الآخرين في نهاية المطاف ..

فلقد شدّني تصريحا للصحفية الأمريكية (أماندا تاوب) في مقال لها في النيويورك-تايمز على أن صعود العنصرية والذي أشارت إليها بالشعبوية البيضاء مفاده ثلاثة عوامل رئيسية اجتمع على دراستها ومنها نتيجة البحث عدة علماء اجتماع داخل أمريكا ومنها بروز نجم ترمب وأفوله وهي:

١- الخوف من التغيير الإجتماعي ..

٢- الخوف من التهديدات الإرهابية والتهديدات الجسدية الأخرى ..

٣- أزمة الهوية ..

فالملاحظ لهذه العوامل الثلاثة التي بنت هيكل الأحزاب اليمينية وماء عينها ولُعاب ألسنتها تراها يدندن عليها اليوم في الإعلام كأفكار يمكن ولابد البناء والارتكاز عليها لاسترجاع السيادة الوطنية وكأن الأمر كان في يد الأقليات المُحاربة انتخابيا على أنّها صاحبة الفشل السياسي والأزمات الاقتصادية في كل من فرنسا وبريطانيا وهولاندا وبلجيكا وألمانيا والنمسا والمجر وبلدان اخرى ..

فزبدة الكلام ان ما نشاهده اليوم هو تصادم الأفكار والايديولوجيات وفي مثل هذه الحرب المعلنة الآن وعلى المباشر فالظالم هو دوما ودائما صاحب المبادرة في اتّهام من كان لبنة بناء ومحايدا سياسيا خاصة وأنّه هو صاحب الهدم لسياسات البلد اقتصاديا وديمغرافيا واجتماعيا، فالحرب الإعلامية على أشدّها بين مدّعي ومتّهم غير موحّد ليدافع عن نفسه، بل ستُنقل المعركة الى الأقليات وهنا اعني الأقلية المسلمة وبعض السود وذلك لحصرهم في خانة الاتهام بشتى التُهم التي ستخدم مرحلة بزوغ الوجه الآخر لسياسات البلد المعني، فاتهام الاسلام السياسي مرجعية وأرضية حتّى لا يُتكوّن حزبا يكون ابناء تلك المرجعية السياسية من المسلمين وكي لا تُرجّح الكفات الانتخابية، وهذا ما في تصميم وخطط الساسة في أوروبا وتمثيل وتجسيد لرسالة شعب أثينا إلى ميلوس حيث جاء فيها : الأقوياء يفعلون ما يريدون والضعفاء يعانون مما ينبغي عليهم فعله ..

والسلام عليكم

 

====================

كتبه : نورالدين الجزائري

بتاريخ 22 صفر 1443هـ الموافق لـ   29/09/2021

mardi 21 septembre 2021

مقال بعنوان " المقدسي هو الروقي بلسان بذيئ " ... كتبه المدون نورالدين الجزائري

 

المقدسي هو الروقي بلسان بذيئ...

 

 

الروقي بالنسبة للمقدسي كمحمود الفلسطيني بالنسبة لأبو قتادة الفلسطيني، فيوجد المنظّر ويوجد مترجم المنظّر، فما يعجز عن قوله المنظّر سوقيا فالتلاميذ يترجمونه بلسان بذيء، فالفجور في الخصومة ديدن المنظّرة وهذا معروف من فترة بلسان الآخرين وذلك بتبني الألفاظ والأقاويل سكوتا ورتيوتا.

 فالأحداث وما تلاها والسموم وما دهاها والتنظير في زمن الإختلاف كان نهج من أراد الاستفراد بالساحة والرجوع إليه في كل نازلة، فماذا حقّق المنظّرة واتباعهم على أرض الواقع حتى يُتّهم الغير بالفساد والإفساد والتيه والطيش، لم يستطع هؤلاء قول كلمة الحق عند نازلة الكساسبة والكل رأى سفه الجمع والتخبّط شرعا وجعل الأيادي في أيادي الجلالة الموقرة حتى لا يغضب بلاط الملك، فكيف القيام بميزان الشرع على ما أنتم عليه وتقييم الأمور عقلا إن أراد الواحد منا وزنها لإيجاد المسوغات لزّلل المتكرر نصرة للهوى تارة ونصرة لفريق قد نبذه من تصرّون على نصرته شرعا وعقلا ونهجا ومنهجا.

 فهل نذكّر المنظّر والتلميذ ما جاءت به أحداث سبتمبر ٢٠٠١ وهروب طالبان الملّا عمر ومجدد ذروة سنام الاسلام الشيخ اسامة ومن معهم الى جبال طورابورا والتيه والخراب الذي لحق بالقوم حينها وقياسه على ما جال من تكالب العالم والتحالفات التي انت وتلميذك جزء منها على الموصل والرقة وأماكن أخرى كانت تحت الشرع الذي رفضتموه بحجة الغلو وجهل بالسياسة الشرعية، فهل من الشرع التحاكم إلى طواغيت قطر والجلوس إلى مؤسسة راند حتى تقام لك ولتلميذك إمارة إسلامية تريد أن تقنعنا بأنها من الحنكة السياسية وهدى الشرع الحكيم؟ هل قرأتم يوما أن من تنصبون لهم العداء تكلموا في نساء وأطفال تنظيمكم الذي متخبّط يمينا وشمالا في السياسة الشرعية؟ وهل من الشهامة التلذذ بمصاب الآخر الذي يحرص على تطبيق الاسلام المنزّل بحذافيره وكان له ما كان من أمم الكفر العالمية وأصابهم ما خطّت "أيديكم" في كتاب ملّة إبراهيم حرفيا؟ هل تنظيراتكم مقدّسة في كتاب مبين أم الفضيحة تخافون؟

فهل خُرّبت الديار من الداخل (الغلو زعمكم) أم من الخارج (التحالف الدولي) أم من تصرّفاتكم الرعناء ومن شخصياتكم التي تحب العلو من غير عناء؟ ألم يشهد النزهاء من غير المسلمين مدى نجاح القوم في الأرض المحروقة من طرفكم والتحالف الدولي وشهِدوا بعبقرية التسيير سياسيا واقتصاديا وأمنيًا؟.

فعلى رسلكم يا قوم فمن تعادون أقاموها أزيد من أربعة سنين وكان ما كان ولنرى من تظاهرون وتنصرون كم ستدوم دولتهم المرضية عنها دوليا؟ فكما قال العبد الصالح ونحسبه كذلك فإن كان الدين٩٩٪ فلن نرضى حتى يكون١٠٠٪ ويكون كله لله لا لقطر ولا لرند ولا لدول الجوار كباكستان وإيران.

سنرى يا روقي...

والسلام عليكم

================

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 13 صفر 1443 هـ الموافق ل 20/09/2021

مقال بعنوان " أزمة الغواصات " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

أزمـــة الغواصـــات

  

لابد من فهم الأسباب التي أدت استراليا لإلغاء صفقة الغوّاصات النووية الفرنسية والتي قُررت في 2016م بين باريس وكامبرا وأُلغيت من طرف استراليا لصالح غواصات نووية أمريكية عقابا لها من واشنطن إزاء عدة ملفات أمنية وخاصة منها ما يدور في الساحل الافريقي، فلطالما فرنسا استفردت بإفريقيا سياسيا واقتصاديا من عشرات السنين وكانت بوابتها الأمنية للحصول على خيرات الآفارقة عبر الانقلابات العسكرية، ففرنسا تعتبر افريقيا سلّتها الاقتصادية بامتياز وأحكمت قبضتها على الساحل الافريقي إلى غربه وشرقه مستنزفة بذلك كل ما هو معدن لتقوية اقتصاداتها ومع شح المعادن عالميا وجشع الشركات الغربية والتي ورائها قِوى عالمية معروفة وبعض الشركات الأمنية كبلاك ووتر الأمريكية وشركة فاغنر الروسية فإن الصراع على أشدّه بين الكبار والصغار على خيرات المسلمين، ففرنسا عمِلت جهدا على استبعاد كل المناوئين الغربيين ومنهم أمريكا خاصة وعدم اقتسام الكعكة الإفريقية إلا مع بعض دول أوروبا كألمانيا والدنمارك والسويد، فقد دخلت في صراع مع أمريكا من 2015م مستبعدة بذلك حلف الناتو في تدخّلها في الساحل الافريقي وذلك في عز التحالف الدولي على الثقب الأسود في العراق والشام.

وقد لاحظ بعض المراقبون أن فرنسا في مستنقع أمني خطير منذ عام 2018م حيث توالت الضربات على جنودها في ليبيا أولا ثم الساحل ثانية الشيء الذي جعل فرنسا تناور وتهدد بالانسحاب إذا لم يتم مساعدتها من دون شروط أو قيد على قبضتها الاقتصادية في ليبيا ومالي والنيجر خاصة إلى بوركينافاسو مرورا بإفريقيا الوسطى حيث اقتسمت في هذا البلد الاخير بعض المهام الامنية مع شركة فاغنر الروسية مقبل دخول بعض الشركات التابعة لها لاستغلال المناجم الثنائية وعقود أخرى أمنية مع افريقيا الوسطى، فاحتكار فرنسا لبعض الدول الافريقية الغنية بالخيرات والمفلسة سياسيا جعل أمريكا تنتظرها في منعطفات اقتصادية أخرى ومنها إحياء التحالف القديم بينها وبين بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وانعاش الحلف الأنجلو_ساكسون والمتمثل بأمريكا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلاند، فأمريكا بعد خروجها من الصومال وجدت نفسها من دون نفس افريقيا وجمّدت مهام الأفريكوم واكتفت كعضو مراقب في حرب فرنسا على الإرهاب مجملا، كما لاحظت أنشطة فرنسية روسية صينية وعملا مشتركا بين هذه الدول أمنيا واقتصاديا، إلى أن سمحت فرنسا لشركة فاغنر الدخول إلى مالي ومساعدتها في المستنقع الساحل الإفريقي من الضربات المتتالية من الجماعات الارهابية، فكل ذلك لم تتحمله أمريكا ولم تجوّزه مرور الكرام واعتبرته خيانة لها وللحلف الأطلسي، ناهيك عن نية فرنسا إنشاء قوة أوروبية تعدادها 50ألف جندي بديلة للناتو والذي انهار في افغانستان وسينهار حتما في العراق وسوريا في المدى القريب، الشيء الذي جعل أمريكا تنحصر جغرافيا لصالح قوى اخرى صاعدة، فمع انحصار امريكا عالميا فإن الإدارة الأمريكية في حاجة إلى عقود عسكرية بأي الأثمان كانت الشيء الذي اضطر امريكا لفسخ عقود فرنسا مع استراليا والمعروفة بأزمة الغوّاصات والمقدرة بأكثر من 60 مليار دولار لصالحها بعدما خسرته في افغانستان من دون مقابل يُذكر أو عقود يمكن أن تعوّض أمريكا ولو بشيء يسير على ما خسرته من حربها على الأفغان.

فيمكن القول اليوم أن حرب التكتلات بدأت تُرى معالمها، فأمريكا وحلفها الأنجلو-ساكسون لمجابهة الصين وأوروبا ونشأتها للقوة البديلة لحلف الناتو لإبقاء النفوذ في افريقيا وبعض دول الشرق الأوسط، فالأمور تسبقها حسابات دقيقة مستقبلية وعدم صرف المليارات هباء، والاستنزاف على قدم وساق والرابح الأكبر مستقبلا الثقب الاسود.

والسلام عليكم

================

كتبه نورالدين الحزائري

بتاريخ 12 صفر 1443 هـ الموافق ل 19/09/2021

dimanche 22 août 2021

مقال بعنوان " عظم الله اجرنا في طالبان " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

عظّم الله أجرنا في طالبان ..

 

ممّا لا شكّ فيه أنّ الحق منذ وهلة وجذوة الصراع يدفع بنوره وجنوده إلى إظهار ظُلمة الباطل وما أبطنت شياطينه، ومن أسّ وقواعد الحق أيضًا أنّ كل ما جاوز الحق فهو باطل ومردود على حملته ومن تبناه للوصول إلى غايته وفساده، فالباطل من ميزته ركوب الحق في أوّل السباق ولا يتمّ ذلك إلا بسحرة وبإظهار للحق على أنّه عامل إفساد وفتنة ما بين النّاس، ويتمّ التحذير منه وممّن يريد أن يفرّق بين النور والظلام، والليل والنهار، والخيط الأبيض من الأسود، فأهل الحق وحملته وحرّسه في بداية ظهور الباطل هم أهل كرهٍ عند عامة النّاس، وأهل وشاية وتحذيرٍ ونزلاء سجون وضيوف في غياهب التّهم   وسوء الظنون، فإنها الضريبة، ضريبة الحق وأهله فهم من جملة جنود الدفع، دفع النّاس ببعضهم بعض  حتى لا تُفسد عقائد وحياة النّاس من الفتن، الذين بثباتهم عليه يقذفون الباطل وأهله بشواذ من نارٍ لدحض شبهاته، وفي الأخير بنور وبيّنة ونفع لمن فُطِر على المحجة البيضاء ..

فالأحداث تتسارع وبذهول أمام مرمى ومسمع العقلاء أمام ثبوت الحق، والأقنعة تتهاوى وتتساقط أمام زيف الباطل كالجنادب والفراش الذي يحوم حول النار بليل فمصيره حتما الوقوع، فالثبات لا يكون إلا بجنود الوحيين وما أملاه على حملة الحق ولا زيغ عنه قيد أنمُلة وإن كان ولابد فالنتيجة حتما الواقعة قبل الواقعة والزوال قبل الخراج في النهاية، فالطريق واحد والمنهج واحد والسبيل واحد ولمن أراد الوصول فعليه بالأوامر الواحد الذي أمر بخالص التوحيد وعدم إشراكه في أمره وفي حكمه وتشريعه وما يطلبه من خلقه، فمن ذا الذي تسوّل له نفسه خرق حدود الله في حاكميته بعد الحق المبين! ومن ذا الذي يسوّل له شيطانه على أنّه طريق الإجتهاد للوصول إلى الحق المطلوب!  فشيطان الحظوظ لا يطرده إلا نور اليقين الذي هو واحد وعليه تقاس الأمور، فمتى كان التوحيد فيه مساومة ومتى كان الجهاد بضاعة وسلعة يُقايض بحظوظ النفوس وحبّ الدنيا!، فإنّ من سلك مثل هذه المسالك وزُيِّنت له شياطين الانس والجن زخرف الطريق فإن ربكّ له بالمرصاد مهما تمادى، فنحن الآن أمام عيّينة من لباس الباطل ثوب الحق ودعوة النّاس لزينته والتفاخر بألوانه في يوم أسماه شياطنه بيوم النصر، فحركة طالبان أنموذجا اليوم في أعين من عايش النشأة إلى ما وصلت إليه من فسخة، من التوحيد إلى الشرك، ومن هداية إلى فتنة، ومن مطالبة للحاكمية للولوغ في القيصرية، فطالبان الملا عمر -تقبّله الله- عقيدة وتوحيدا وجهادا لأعداء الأمّة غير طالبان الملا برادر اليوم شركا وطاعة لأهل الصليب والنفاق وتنفيذا لمطالب جاهدت وحاربت عليها طالبان الأولى طالبان قبائل البشتون الأبية والتي كانت صمّام أمان لأفغانستان أمراء الحرب والدمار والفتنة بعد سقوط كابل الإلحاد والاشتراكية، فما الذي أدار البوصلة وكيف تمّ ذلك التحوّل الذي بين أيدينا ..

لا شكّ أن مقتل الملّا عمر - رحمه الله- كان في ظروف جد غامضة ومن القريب المؤتمن والذي تمّ دسّه عبر سلسلة اغراءات سياسية وقيادية، فمرحلة تصفية الملّا عمر كانت عنصرا مهمّا في فتنة طالبان اليوم وما وصلت إليه من انسلاخ في العقيدة والرؤى السياسية، والتكتّم على مقتله سنينا من الترتيبات السرية لاختراقات أكبر وأعم وأهم داخل قيادات الحركة ليتم فرمتتها وإعادة هيكلتها وإفراغها من عقيدتها القتالية، ثمّ كانت المرحلة الثانية في تصفية الشيخ الهمّام أبي عبد الله أسامة بن لادن ـ طيّب الله ثراه- لإطفاء الشرعية على جهاد الأفغان ولإزالة الرؤية الشرعية لخارطة طريق الأمّة في جهادها لعدوّها، فالحدثان كانا مهمّان في إدارة بوصلة طالبان الروحية والسياسية أمام من استباح الدين والنفس والدم والعرض والنسل والمقاصد كلها، فإنّ مثل هذه الأمور لا تسقط بالتقادم ولا تسقط عبر اتفاقية بل بالعقوبة مثلها وذلك من عدالة ذروة سنام الإسلام وروح العقيدة ومخ الحاكمية، فمن عالمية الجهاد الذي تبناه الشيخ الهمام اسامة في افغانستان واحتوى الفكرة الملّا عمر المقدام إلى تدجين الذروة ونبذ الفكرة واستبدالها بالسلام والذي هو هزيمة وإفراغ لروح الجماعة بحجة وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ونسوا أو تناسوا فإن يريدوا أن يخدعوك فإنّ حسبك الله هو الذي أيّدك بنصره  وبالمؤمنين، والمقام مقام الرجال لا أشباههم من المرتزقة المخترقة بتعجيل النصر المزعوم وبإيعاز من شياطين المصلحة المشتركة مع أعداء الأمّة في البسط والسيطرة على كل من يريد إظهار الحق والقتال عليه ومن ثمة إلباسه لباس الباطل عنوة وذلا في مجالس الصلح المغلقة والجزيرة والعربية وأشباهها في التلميع والتمييع والمصاهرة بعد رفض ولفظ للمشروع والمكنون عند البداية ..

فكيف اليوم نُبِذت صفة الإرهاب عن القوم بين عشية وضحاها، وكيف القبول بعد الرفض ووعود الدمج مستقبلا في المنظومة الأممية، ما الذي حدث فعلا حتى يكون رضى المجتمع الدولي على طالبان الملا برادر! وما الذي تحوّل في جينوم الجماعة حتى هلّل لها العلماني الغربي قبل الإسلاموي  العربي! فكيف قبل تنظيم القاعدة بأميره الظواهري والرجل كان مطّلعا على مباحثات الحركة مع الأمريكان  قبل خبر وفاته بعد اتمام الصفقة! فكما أن طالبان الملّا عمر غير طالبان الملّا برادر فإن لتنظيم قاعدة أسامة غير تنظيم قاعدة الظواهري وقد تبيّن ذلك في محاربتها للدولة الاسلامية الوريث الشرعي  لتنظير أسامة ولعمل الملّا عمر، فانقلاب القوم المنهج والمدروس وبأوامر على الوريث الشرعي للجهاد العالمي إنما كان من جملة التمهيد لما وصلت إليه طالبان من تنازلات عقائدية وسياسية، فكيف فرّقت أمريكا وخلفها الواسع بين جهاد الثقب الأسود وجهاد حركة طالبان، فالجهاد واحد في الاسلام هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلة والمدوسة بأرجل رجال الله على الأرض، فما الذي تغيّر حتى يتم نبذ هذا واستئصاله والرضى عن هذا ودمجه والاحسان إليه بعد رفض ورفس وقتال له لسنين عديدة! فلا شكّ أن غُرَف المناصحة من دول عربية ومنظّرة  معروفة سهّلت في إغراء القوم وإدخالهم تحت عباءة سلم  وسلام الدجال لعزل رجال الله وحصرهم في خانة إرهاب المسلمين ومن تعاقد باسم الاسلام مع الشياطين ومحاولة نزعهم للشرعية الجهادية وعلى أن ما أقدمت عليه طالبان هو من المحافظة على المصالح  ودفعا للمهالك، فالمصلحة والمفسدة أضحت عند القوم تجارة مربحة فما ذلك إلا صنما يُعبد من دون الله -عزّوجل- فالويل للمبدّلة من الخزي والعار الذي لبسه القوم وهم على دراية بذلك وكل من حب الدنيا والرياسة.

فلا حزن من اليوم عن طالبان ومن دعا إلى نهجها وانتهاج مسيرتها في التنصل من الامانة التي كانت موكّلة إليها، فحكمة الله تقتضي أن من بدّل يُعوّض ويُبدّل ولا كرامة وهي السنن التي لا تحابي أحدا من خلقه كان من كان، ومن رحمة الله أن عوّض الله الجماعة بجماعة أخرى تحبّه ويحبّها وتجاهد فيه حقّ جهادها لا تخاف فيه لومة لائم، فعويل وبكاء البعض إنما من تعب القوم في الطريق وصعوبة التمسك بالحق الذي من خالف قوانينه نبذه ورفسه حتى العودة والتوبة والتصحيح، وما أقدمت طالبان عليه من استسلام بحجة السلام إنما من فشلها في التمسك بالحق الذي كانت عليه وصعوبة الامانة التي قبلها السادة الفوائد من الخرمة -رحمهم الله جميعا- ورضي عنهم على ما قدّموه للأمة ولمعرفة الحق من الباطل، فمنذ متى تؤتمن أمريكا الصليبية على أبناء الأمة ومنذ متى ترضى ايران المجوسية على عقيدة الملة ومنذ متى القبول الساري عند طواغيت البلدان المغتصبة، فمن رضيت عنه امريكا وايران والطواغيت فكبّر عليه أربعا ولا تترحّم عليه ولا تأسف عن ماضيه حتى، فهو من جملة الحديث "حتى إذا أتى أجله عمِل بعمل أهل الكفر والشرك فدخل النار" والعياذ بالله فلا تأسى عن القوم المحرمين في حق التوحيد والجهاد وأمانة الدين ..

والسلام عليكم...

=================

كتبه نور الدين الجزائري

بتاريخ 12 محرم 1443 هـ الموافق ل 21/08/2021

lundi 16 août 2021

مقال بعنوان " الثقب الاسود وأحجار الدومينو"... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

الثقب الأسود وأحجار الدومينو ..

 

كان لابد من إسقاط المشروع بأيّ ثمن، بأيّ وسيلة، بأيّ حيلة، بأيّ خبث، بأيّ طاغوت، بأيّ جندي، بأيّ شيخ أو داعية، بأيّ شبّيح أو صحوج، بأيّ كلمة مسمومة يتقيّأها العوام استنكارا وتشكيكا ورفضا للمشروع الذي كتبته سبابة توحيد، وسطّرته عبقرية صدّيق، وإراقة دماء طاهرة من مشكاة وعهد النبوة والخلفاء إلى القرون الثلاثة الأولى من الرسالة المحمّدية ..

الأحداث تتسارع وبوتيرة هائلة، وما كان حقّا في أمّهات الكتب وعند تحقيقه وتجسيده على الواقع أصبح عند الأكثرية من الباطل والضلال، والحق قليل وإن كثُر الصدق والصدّقين،  فهو واحد لا يتجزأ أزلي فريد، والأحداث إنّما إنصاف له لتبيانه وميزان لحملته {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ}، فمن الطبيعي معارضته عند ظهوره وما معارضيه إلّا من كانوا من منتظريه {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ..}، فلابد أن نقف أمام أنفسنا ونعلن انهزامنا أمام الحق المنزّل، وننبذ في ذات الوقت الحق المصطنع المفبرك الذي غُرِس فينا من بنات جهلنا وما زُرِع في مجتمعاتنا من أصنام مختلفة متعددة لا تسمن من نور عند الشدائد ولا تغني من نصيحة في الأزمات والنكبات والنوائب، قد جاءنا الحق من ربنا فخذلناه وانتصرنا للباطل الذي عايشناه وعبدناه ونعبده من دون الله، أصنام بداخلنا وبحجم الجهل والباطل الذي يقودنا، إلّا من رحِم ربي {أُولَٰئكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، فأين نحن اليوم وأين قاطرة الحق التي لم نستوعب سرعتها ولم نقطع بذلك تَذكرة  تقودنا لنور الوحيين الذي عزّ به الله أقواما وعند نبذه أذاقهم الويلات ومثل هذا التيه الذي نحن نسبح فيه اليوم ..

ألا أيّها الباطل كفاك ضربًا في الخاصرة، كفاك تنكيلًا بجهلنا وبإبعادنا عن ديننا، ألا يكفيك الاصطفاف مع أعدائنا، فكيف تمكّنت ممن كنّا نحسبهم السد المنيع ومن ذواتنا وكبرائنا من أهل " العلم والدعوة "، فالحق أرغمك أيّها الباطل بأن تتجلى بأقبح الصور والسيناريوهات وأن صوّرك أمام الصدق بأبشع الأكاذيب ولباس الضعف والخوف الذي هو ديدنك في أنفس أهل الزيغ والضلال، تابعنا جندك عند فتح الحق للمدن وما الموصل والرقة وأخرى عنك ببعيد، وسايرنا خبثك عندها وعاينا جنودك وما جابت الألسنة من أباطيل وأكاذيب لرد الحق وأهله، واليوم تعاود الكَرّة لكن بصيغة أخرى وبلباس (الحق) الذي لا ولن يليق بك وعلى لسان من  يتباهى بزيفك ووهمك بفتح كابل وعلى أنّ هذا الفتح رباني وأهل الحق يعرفون أنه امريكي صليبي بحت، وكيف وسحرتك لا توبة لهم ولن تكون لأنّهم عرفوا الحق من أوّله ومن جاؤوا به تحقيقا لا تعليقا وتمادوا فيك إلى أن صوّروك النموذج المحتذى والطريق الأوحد لخلاص الأمّة من سطوة الغرب وطغيان الطاغوت الربّ ..

فمشروع الحق في طريقه الصدق ونور البراهين وأدلة الوحيين، ومشروع الباطل جنوده كُثُر ودروبه محفوفة بالزخرف ومصابيح الظلام، فهما نقيضان يتلاقيان عندما يشق الحق طريقه في نفوس البسطاء من العوام، أوَ لم يقرأ الواحد منا أنّ الباطل جنرال مستعلٍ جبروت ويريد فرض ظلامه بقوة السيف والسحر، فهذا موسى وحده وقُيِّض له فرد واحد أخيه وهذا فرعون وسحرته وجنوده ومستشاريه، فكيف لفريق لا يريد حظّا للكافرين في ديار المسلمين وهو محارب ومنبوذ، وباطل أدخل الصليبيين للأمصار بثوب المفاوضات  وهو شاهد على نفسه بذلك وزيّن له الشيطان عمله على أنّه الهدى وطريق الأنبياء والمرسلين والاتباع، فهل للغرب الصليبي وعلى رأسه أُميركا عهد وآمان في ظل جنرال الباطل والاستعلاء الذي يسوقه ويملي عليه القتل والدمار في بيوت لا تريد من قاطنيها إلا عبادة الله من دون نيابة ولا وسيط،  فالعاقل قد فرّق بين المشروعين ورأى الصدق من الكذب والحق من الباطل اللعين ..

ألا أيّها الحق امض وروح القدس تحوفك وترشدك وإن كان التشويش عليك من القريب قبل البعيد أضحى لا يمس من علو كعبك نبرة إبرة تريد إيلامك لا من قريب ولا بعيد، فما نراه اليوم من سقوط أقنعة كانت مندسة إلا لإنارة دربك، فاعلم أنّ أقلام أهل الزيغ والباطل اليوم وفي هذا المفترق لا تزيدك إلا توسّعا في مشروعك، فالحرب عليك خاسرة وفاشلة لا محالة، وما تجنيد من صوّروهم فاتحين وعلى أنهم النموذج للتخلص  من الغربي الصليبي قد أضحوا جنوده عند العقلاء من الأمّة لضربك ومحاولة عرقلة مشروعك في المستقبل القريب، فأحجار الدومينو بيدك وأسقطتها برمّتها عند التحزّب عليك وطردك من مدن التمكين والتشويش على ما فتح تاله عليك من تطبيق لشرعه وحدوده، فأبشر فإنّ العاقبة للمتقين وسيعلم أهل الزيف من أهل اليقين.

و السلام عليكم

===================

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 08 محرم 1443 هـ الموافق لـ 16/08/2021

dimanche 25 juillet 2021

مقال بعنوان : " سياسة تهميشية ممنهجة " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

سياسة تهميشية ممنهجة ..

 

وقفت على بعض النتائج الدراسية في السنين القليلة المنصرمة خاصة بالبكالوريا ممّا شدّ انتباهي على ظاهرة خبيثة استقصائية وتكرارية عكفت جهات حكومية معروفة عليها وسارت على غرسها كظاهرة استثنائية في الجزائر بالنسبة للولايات المتفوّقة دراسيا وبأعلى المعدّلات في كل الوطن، مما يسمح البعض أن يطرح تساؤلات مشروعة حول حقيقة تفوّق ولاية معروفة في كل عام بأعلى الدرجات والمعدّلات على باقي ولايات الحزائر الأخرى ..

والأمر مدروس من عقدين تقريبا حيث أُرِيد لهذه الولاية " المتمرّدة " على الحكم القائم أن تكون ولّادة لما يُسمّى بالكوادر أو النخب الإدارية (السياسة) أو في السلم الطبي، حيث أبناء هذه الولايات تجدهم في الطليعة بالنسبة لجل المرافق الحيوية في البلاد، وهذا لا ضير فيه من الأساس لكن يوجد مجموعة في مجموعة متجذّرة سياسيا وأمنيا تريد التفوّق العرقي والإثني على العنصر العربي وبأوامر فرنسية بحتة وتقزيم وتحقير العنصر الدخيل (العرب) بالنسبة لمفهوم من يدير هذا التفوّق الدراسي والآكاديمي ..

وقد تسرّبت بعض الأحداث أن أوراق امتحان البكالوريا عند التصحيح ليست تلك الأوراق التي جُمِعت أثناء جمعها من الطلبة وهم على طاولات الامتحانات، وإنّما في كل مرة يُجيئ بأوراق أخرى فيها نسبة عالية من الاجابات الصحيحة حول الموسوعات المطروحة عند الامتحان، وهذا غشّ في حدّ ذاته وخيانة للأمانة العلمية ولمصداقية الطلبة عند التخرّج، وقد اتضحت فضائح بالجملة عند استلام مهام المهن المنسوبة والمحتكرة من طرف ذلك العرق في عدة مجالات علمية ممّا يكشف زيف الجهة التي عملت على إظهار تفوّق تلك الولاية في كل عام من عمر البكالوريا والذي في حدّ ذاته سياسة اقصائية ممنهجة ومن اختراع المنظومة التربوية الفرنسية الشيء الذي لم تعد معظم دول اوروبا العمل به عند الانتقال إلى الجامعات ومراكز التكوين ..

ارجع وأقول إنني لا أشك في إخلاص أبناء تلك الولاية وتفوّقهم الدراسي والعلمي، والذين اثبتوا جدارتهم وانتمائهم للأمة عند المحن والاضطرابات، وإنما كلامي موجه لمن يريد اللعب على الوتيرة الاثنية والتفوق العرقي علما أن نهج هذه المجموعة فرانكفونية خبيثة بامتياز تريد تهميش العرق العربي في كل مناسبة، وهذا مما لاشك فيه أمر مدروس وامتداد للحرب على العروبة والاسلام، والله الحافظ والمستعان.

والسلام عليكم

 

================

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 15 ذي الحجة 1442 هـ الموافق لـ 25/07/2021

lundi 14 juin 2021

مقال بعنوان " ما وراء تعليق عملية برخان في الساحل الإفريقي وانسحاب فرنسا من مالي فجأة " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

ما وراء تعليق عملية برخان في الساحل الإفريقي وانسحاب  فرنسا من مالي فجأة ..

 

عند بداية أحداث الشام وبالتحديد في أوائل 2012م كانت هنالك تقارير استخباراتية غربية تشير إلى أنّ قوة صاعدة لم يُحسَب لها الحسابات الصحيحة والدقيقة من قبل وفي ظل انفراد أمريكي بملفّها في العراق خاصة سينبثق أوّارها صاعدًا متخطية كل التوقّعات الأمنية والجيو-سياسية إلى حد خلط أوراق اللعبة في كل الشرق الأوسط ابتداء إلى آسيا وإفريقيا لاحقًا، تخلّل ذلك إلى المسارعة في وضع الخطط لهذا الرقم الصعب الجديد داخل عدة مناطق نفوذ يمكن له زعزعة الاستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وحقيقة استبقت بعض الدوائر الاستخباراتية الغربية ومنها فرنسا خاصة إلى زج بعساكرها وعساكر مناطق السيطرة تحسّبا لتوسع هذا المارد في بيت مالها وبنوك نفوذها، الشيء الذي تحقّق فعلًا وبقدرة قادر بعد أن ارتكب الغرب أكبر خطأ استراتيجي في تاريخه جعله يتخبّط في حساباته إلى اليوم وهو إخراج الدولة الإسلامية من مناطق نفوذها وسيطرتها في العراق والشام ..

في 2014م دخلت فرنسا إلى الساحل الإفريقي تحت عملية #برخان مستبقة بذلك الدولة الإسلامية من خلال سياسة تمددها، وحينها كانت افريقيا في حسابات الثقب الأسود من ضمن استراتيجيتها التوسعية فقط ومن خططها الثانوية، إذ كان تركيز الدولة على قتال نظام الأسد وميليشياته ومن خان من الفصائل السورية المقاتلة وأدار الظهر للمشروع الكبير الذي وضعه الثقب الأسود على كل من كان خصما للإسلام المنزّل، كان الشغل الشاغل للمخابرات الدولية حينها كيفية اختراق صفوف الدولة للحد من استراتيجياتها في القتال على عدة محاور داخل العراق وسوريا، فكانت التقارير تشير إلى صعوبة واستحالة حصر نوعية القتال والتوسّع السريع والمبهر الذي حقّقه الثقب في خلال مدة قصيرة من قتاله للغرب بقيادة أمريكا والحلفاء، فرنسا حينها كانت من أوائل المشاركين مع أمريكا لقتال الثقب وكان جل عملها استخباراتي تغلغليداخل صفوف أكراد سوريا والبشمركة العراقية، فكوّنت من خلال ذلك بنك معلومات جعلها تستبق كل الحلفاء حتى تنزل بجيشها في مالي تحت عملية #برخان والمتمثّلة في قتال العناصر الإرهابية المتواجدة في الساحل الإفريقي حينها وهي JNIM أو ما يسمّى بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وحتى تكتسب الخبرة في قتالها لعدو لم يسبق لها مواجهته من قبل إلّا في العراق وسوريا وذلك من وراء أمريكا، ففرنسا ومن خلال برخان إنما استباقا لمواجهة الدولة الإسلامية مباشرة في الساحل الإفريقي من البوابة الليبية والتي كانت السبّاقة في تمدد الثقب في القارة السمراء ..

فمصائب قوم عند قوم فوائد، إذ تدخّل فرنسا في ليبيا والإطاحة بنظام القذافي كان الخطأ الإستراتيحي الفادح لأوروبا والذي لمْ تُعمل له الحسابات الصحيحة والدقيقة، فكانت الوبال والحمم على كل سياسات فرنسا في افريقيا ومناطق سيطرتها ونفوذها، ففي أوائل الأمور من عملية برخان لم تكن للدولة قدم قتال بعد في الساحل الإفريقي، فكان جل قتالها لجماعة القاعدة ومن والاها لبعض الفصائل القبلية، فما إن دخل الثقب الأسود إلى الساحل الإفريقي بعد أن خرج من مناطق نفوذه بليبيا وجدت فرنسا نفسها أمام عدو من طينة أخرى واستراتيجية مغايرة كالتي تتبعها القاعدة، فبَأس القوم والاستمالة في القتال والنزال جعل فرنسا تستنجد بحلفائها الأوروبيين وبأفريكوم لاستدراك الأخطار إذ المصير واحد، فسقوط فرنسا في إفريقيا بمثابة سقوط أوروبا وغلق لثروات ومكاسب هائلة للدخل الغربي عموما، فالمخاطر كثيرة على الأمن القومي الأوروبي والغربي استشعرته فرنسا بعد أن فشلت فشلا ذريعا في اختراق الدولة وقتل أمرائها على غرار اختراقها للقاعدة وما قتل دروكدال عنا ببعيد، فبعد أن اشتد الصراع بينها وبين الدولة في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو لجأت فرنسا إلى لعبتها القديمة في فرض الولاءات العسكرية من خلال الانقلابات العسكرية في التشاد ومالي مؤخرًا وذلك لفرض سياسات قتالية على الاصلاحات السياسية والاقتصادية وتحت خدعة أن لا يمكن للدول الإفريقية تحت نفوذها أن تنتهج نهج الإسلام الراديكالي وتدير ظهرها للعلمانية وكل ذلك لتبييض فعلها، فتخبّط فرنسا اصبح جليّا واضحا وفشلها امام مقاتلي الدولة بات شائعًا في كل افريقيا، الشيء الذي جعل من ماكرون يعيد كل حساباته قبل عام من الانتخابات الفرنسية وذلك بإلغاء عملية برخان من اساسها وكاستراتيجية فاشلة أمام تمدد الدولة الإسلامية في كل ربوع افريقيا  وإن لم تبوح بذلك فرنسا ..

وكما قلتُ مسبّقًا فمن يظن أن فرنسا ستخرج من الساحل الإفريقي بهذه السهولة فعليه أن يُذهب به إلى أوّل مصحة صحيّة فهو بذلك لا يفهم عقلية فرنسا في إفريقيا وكيف تدير امورها هنالك، فماكرون ومن خلال جنرالاته ومستشاريه العسكريين استبدل عملية برخان والتي كانت شخصنة في محاربتها للارهاب بعملية أوروبية اشمل وهي عملية تاكوبا Takuba تريد بذلك إشراك شركائها في بيت خيراتها ومالها المآثم والمواجع التي يتعرض لها الجيش الفرنسي وحده في إفريقيا حتى يتم تدفّق الخيرات من بترول وغاز ومعادن نفيسة لأوروبا وأمريكا ولكل العالم، فعملية تاكوبا Takuba هي عملية انتقال من أوحادية النظرة إلى شمولية المصير، فالعملية الجديدة ستحتّم على فرنسا في الطليعة وبدخول أمريكا بقوات خاصة ومساندة بالطيران المباشر وعبر الطائرة المسيّرة وكذلك دخول الصين وروسيا بمرتزقة سيعقّد في الأخير من العملية بكون تقاسم النفوذ والخيرات، وستشهد هذه القوات والتي ستكون متواجدة وبكثرة في الأشهر القليلة القادمة تكاتفا ظاهريا وأطماعا فردية يكون من خلالها فشلا آخرًا، فأمريكا وبكل جبروتها فشلت في الصومال وهربت اليوم منه ونقلت قواتها لتنزانيا، فكذلك روسيا تريد قدم نزال في افريقيا الوسطى إلى الصين التي تشتري الذمم الرئاسية عبر قروض سخية وبنية تحتية، إلى فرنسا التي تبكي اطلالا اليوم عبر اقتسامها لنفوذ لطالما تفرّدت به ولم تأبى القسمة، وكأنّ مشيئة الله جعلت من كل هذه الفسيفساء عدوا ظاهرًا قويا لكن بحكم التناقضات والأطماع ستجعل من كل شبر في افريقيا مكان يلعن هذه القوات المتواجدة في أرض لا تريد وجودهم ولا سياساتهم، بل أرض كادت ان تُجفّ من كثرة السرقات والنهب والمؤمرات على الإنسان وما ظهر من الخيرات وبطن ..

الصراع في افريقيا اليوم صراع من نوع آخر حقيقة، فالعقيدة مقابل المادة وصاحب البلد مقابل الغازي المتكبّر المتعجرف، فالأرض والدار تحن دائما لأصحابها رغم الاحتلال المباشر أو عن طريق الساسة الأفارقة، فإفريقيا تُحكم اليوم بعقلية الانقلابات وبعقلية القبائل، والولاء داخل البلدان الإفريقية للفساد والفوضة، فما جاء به الثقب الأسود سياسة وولاء من نوع آخر فكان ما لم يكن في حسبان فرنسا وأقرانها وعملائها في صراعهم اليوم مع الرجل الإفريقي التي همّشته ديمقراطية وعلمانية الغرب، ففرنسا تدرك أن إفريقيا اليوم بدأت تبتعد عنها شعبيا واجتماعيًا، وأن الجرح التي خلّفته من خلال الفقر وحرمان الفرد الإفريقي من خيراته جعله الآن يدخل في حرب معها وتقديم لها في آخر المطاف فاتورة استنزافها لبلده ولخيراته، والصراع اليوم صراع انتقام مقابل استحواذ وقتال عقيدة مقابل مادة، والغلبة في آخر المطاف لأهل الدار وإن اجتمعت عليه ملل النهب والنار ..

والسلام عليكم

================

كتبه : نورالدين الجزائري

بتاريخ 01  ذي القعدة 1442 هـ الموافق ل  11 /06/2021


mercredi 9 juin 2021

مقال بعنوان " وما بدلوا تبديلا " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

وما بدلوا تبديلا

 

صدق شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- حيث قال: " إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالاً من قول إلى قول، وجزماً بالقول في موضع، وجزماً بنقيضه." إلى آخر مقالته في من ينتقل من حال إلى آخر ولم يثبت على ركن واحد رشيد  من اعتقاده، كالذي هو صلب العقيدة على جبل ثابت كجبل أحد عندما أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالثبوت والثبات لا يبالي كيف تريد وتشتهي الرياح فتن الآخر، فمع ما نشهده من أحداث متسارعة كتعاقب الليل والنهار فإنّ القلة القليلة اليوم ثبتت على ركن رشيد توفيقا من الموفّق العزيز الحميد يُرى من خلالها الفتن وتقلّب النّاس من حال إلى آخر رؤية وعيانا كوضوح الشمس في أيام الصيف، فالصدق مرهون بالإخلاص ولا يلتفت للكثرة، كما أن الدّخن مرهون بالرّياء ويحب المدح والزحمة، فهما عدوان منذ النشأة الأولى لا يلتقيان إلا وقد بدت البغضاء بينهما أبدًا.

فمن فهِم الصراع فيعلم علم اليقين أن العدو واحد لا ولم ولن يتجزّأ في حربه على أهل الإسلام وديارهم، والنصوص واضحة في ذلك بيّنة، إلّا أن المنهج المتذبذب والسائد في ديارنا يحسن النوايا اتجاه العدو المحارب مسوّغا له المخارج، مدافعا عنه بحجة النصوص التي أصلها في عزّ الإسلام لا في وقت ضعفه ومحاصرته واتهامه بأن دين عنف وعقيدة لاغية للمخالف، فانظر يا عبد الله اليوم من يتصدّر المشهد ومن المخرج لتعلم أن دين الأكثرية اليوم مطروح في سوق النخالة لبيع مزيد من القضايا باسم سماح والتسامح والمسح، فلا دينا نصروا ولا عن عقيدة ذبّوا، تراهم جلّ أوقاتهم وشغلهم التربص بمن يريد إرجاع الأمّة إلى سابق عهدها يوم أن كان يُضطر الذميّ إلى أضيق الطريق وزمن من كان يُنعت بمن يريد بالإسلام وأهله بالكلب ويُذهب إليه لليؤدّب، فليت شعري عرفوا قدر الويل الذي هم فيه يسبحون، وليت شعري فسحوا الطريق والمجال لأهل  الصدق المخلصون، فالحال عندها غير الحال الذي نحن عليه من خزي وعار وشنار مضروب علينا اليوم من أمم الشرك قاطبة ومن أهل الردة والمجون.

أنبأتنا الأحداث أن القتال مأمن للعقيدة وأنّ الدماء برهان على صحيح التوحيد ومقاصد الشريعة، فالقتال من أجل أعلاء كلمة الله هو من أسمى ما يراد به ليكون الدين كله لله ولا يُعبد سواه ولا نرضى أن يكون له ند سبحانه، فلولا الفئة القليلة المقاتلة والصابرة والمحتسبة لكان بعضنا مع من يطبّل للطواغيت باسم الديمقراطية، ولبعض الجماعات باسم الأخوة الإنسانية، ولكنا أيضا أصناما لبعض المشايخ باسم المنهجية، والكل قابع مستحسن المنكر باسم الوسطية، فالحمد لله أوّلا وأخيرا ولمن علّمنا حروفا في العقيدة أنّ ما كان دين بالأمس هو دين اليوم، وأنّ المنكر (الشرك والكفر) يقابله السيف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأنّ محاولة البعض ثنْيِنا على صحة الطريق كمن يريد أن يوهمنا أن ماء البحر عذبا للشرب وكذلك المحيط، فمن كنّا نعدّهم جبالا في التنظير والتوحيد رأيناهم كيف انقلبوا على ما سطّروه بالأمس القريب، فعند المحن تُصقل الرجال بالفتن فمن كان معدنه خالصا فلا خوف عليه من الهشيم، ومن كان غير ذلك فالفلسطيني إلى القنيبي مرورا بالسويدان عبرة لمن اعتبر والفضائح بالميزان، فلا يأمن الحيّ منا الفتنة حتى يسأل الله الثبات في كل مرة وحين.

فالساحة اليوم أضحت مدرّسا ومعلّما لمن صدق لا لمن سبق، وكتابا مفتوحا لمن أخلص وأراد أن يتعلّم ويستبصر، فجل من في الساحة همّهم إرضاء الحاضنة والعباد وإنْ زيّنوا أعمالهم بالتقوى والتنظير، فخراج كلامهم اليوم شباب تائه لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ورسمه، ولا يُعرف لهم عقيدة إلا من نسخ ولصق وقال فلان وعمِل علّان، لا يأبه أعداء الله لهذا الجمع بل عند النزال يُزجّ بأكثرهم في قتال أهل الصدق، فمن رُزِق الهداية وعمِل على ثباتها وإثباتها بإظهار الحق وبيانه وتبيانه فهو ممن قال فيهم المولى وما بدلوا تبديلا، ومن كابر وترافع عن الحق الذي مع القلة فنسأل الله له الهداية وأن لا يُختم عليه شقيا غير راض عنه وأن يردّه المولى إلى طريق من أنعم عليهم ليكثّروا سواد الأحبّة، فالله مولى من صدق وأخلص وخصيم من أعرض وانتكس ولله عاقبة الأمور. 


===================

كتبه : نورالدين الجزائري

بتاريخ 28 شوال 1442 هـ الموافق ل 09/06/2021 م

jeudi 3 juin 2021

مقال بعنوان " التصريح من العقيدة و التبرير من التقية " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

التصريح من العقيدة والتبرير من التقية ..

 

الحمد لله الذي جعل من العراق والشام الكاشفة للمنافقين قبل الأعداء، فالعدو معلوم القِبلة ولكن المنافق دائما ما تجده بالصفوف الأولى وعلى سفينة الفتن مع من يريد رسوّها إلى شاطئ الأمان، وهذه الأحداث التي تمر بها الأمّة اليوم من كشفت زيف أولا من تاجر ويتاجر بالعقيدة قبل القضايا، وعرّت أصحاب العقّارات عفوا الشعارات الرنانة والاسطوانات المشروخة عند كل صولة من الكفار على ابناء وحرمات الأمّة،  فمن المِحن تتلألأ جواهر النِعم { لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم}، فهي كالكمّادات اتجاه الجراحات التي ألمّت بالأمة من عشرات السنين، فما نراه اليوم فمن رحمات الله على مستقبل أهل السنة يجنبي منهم من كان صادقا في نصرة التوحيد والعقيدة ويهلك من هلك على علم وبيّنة ..

فالمرء مع من أحب وليخالل أحدكم من يراه قدوة في الفعل، ومدار الإنسان بمقدار ما تلقى من تربية وعلم، ولا يستوي الذهب مع الحديد ولا الطهارة مع النجاسة ولكل معدنه، فكم من فرقة عند اليسر تدعي العقيدة وعند العسر تنكشف  المعادن ومنها الفاجعة، فكم من أحزاب عند البدء أو التأسيس استبشر البعض بها خيرا وعندما دخلت العمل تبرأ الكثير منها من عرِف أسس بنائها وولائها إلّا من فقير التوحيد وجهِل مسائل العقيدة، فأحداث المنطقة وفي كل مرة ما هي إلّا خير المعيار والميزان الشرعي على الكثير ممن ينتسب إلى هذه الأحزاب والجماعات التي تدّعي الحق ونصرته في ميادين الملاحم والأشلاء، فمنهم من نحّ العقيدة وركِب وعود  المخرّب عفوا الداعم للقضية وعلى أن الأمور سياسة وضعية لا شرعية، ومنهم من اختلطت عليه الأمور ودخل سوق المساومات بما لديه من مكاسب تخدم هذا أو ذاك وانخرط بما حمل الجمل في مستنقع الويلات وما كان حصاده إلّا ندما، وآخرون بطروا الحق بطرا واستعلى الكثير منهم عليه وسوّقوا لأنفسهم المرجعية التامة في النوازل والأحداث بحجة معرفة نفوس الأفراد والجماعات وما هم عليه من عقيدة وما كان من الأحداث إلا أن هدمت شيطان تنظيراتهم ونصائحهم الساذجة، فاليوم نراهم في تخبّطهم فتارة مدحا لأصحاب السياسات الوضعية بحجة الاستضعاف، وتارة أخرى تراهم ينقضون أقوالهم من دون التبرأ منها بحجة عدم الوقوف أمام النوازل ميدانا، والحق واحد قديم، في الوحيين، وأمّهات الكتب، لن تغيّره حادثة أو نازلة مهما أراد القوم تكييفه نفسيا وخدمة لمن وراء من يحرّك القوم، فمولاة المؤمنين  نصوص فيهم واضحة ومعاداة الكفّار  والمشركين والمنافقين أيضا نصوص ذلك كضوء الشمس والبدر، واللعب بين المسافتين والولوج إلى خطوط النفس يخرج صاحب ذلك من الإسلام من حيث شعر أم غير ذلك، فمهما تكالب الأعداء فيبقى التوحيد والعقيدة صمّام أمان لمرض الكثير بداء الكلاب وما أكثرهم ..

فمصاب الأمّة من ضعف وهوان وأخذٍ للأراض واستباحة للمكان مرجعه جهل الأمّة ممّا أُنزِل من توحيد وعقيدة، وأنّ لا مساومة فيهما من باب السياسة الوضعية والتي امتطاها الكثير من الجماعات " الإسلامي "، وإنْ كان هلاك النفوس ولأموال وما اقتضته مقاصد الشريعة، فالتوحيد لا يُنتظر منه  التمكين بقدر ما يُنتظر منه بلوغ الحجّة، والعقيدة لا يُنتظر منها الكمّ بقدر ما يكون المرء على سيرة الأوّلين في التبليغ والتبيين، فالحجّة لازمة القلة فهم أهلها ومصدر العزّة والقوّة ودليلا القوم إلى النأيّ عن الظلمة والركون إليهم ولإملائتهم ومخطّطاتهم الهدّامة، فالحق محافظ على المقاصد وما تريده الشريعة، والباطل وإن أبقى عليها أو على بعضها فهي ذلّ في غياب سلطانها، فالنفوس والدماء إنما مرادها في سبيل الله وغير ذلك فالشيطان صاحب الحظوظ والجالب للذلّ والهوان،  فكيف بمن ارتمى في أحضانه وظنّ أنه من أولياء الله تارة أو من أهون الشرور تارة أخرى، فأفعال الناس ظاهرهم وأقوالهم من بليغ نواياهم على الراجح، فالظاهر يتبع القول عند الحجّة ولا يفترقان عند المناظرة، فلكل قول وفعل، فالتوحيد ميزان القول، والعقيدة ميزان الفعل، فلينظر المسلم ويعرض قوله وفعله على ميزان الأنبياء والرسل واتباعهم على ما كانوا عليه من تنزيل، ومثل هذا الصدق في تأصيل الأوّلين وبقاياهم من المؤمنين لهو عند الكثير مهلكة للحظوظ وما هم عليه من ضلال مبين.

فتصريحات من أفسد الساحة الدعوية والجهادية اليوم هم من تبنّوا أصلا صحيح التوحيد وصريح العقيدة عند التنظير بالأمس، ولمّا كان الإختبار لجؤوا إلى مكر الثعالب في الولوج والخديعة والقول على الله بغير الحقّ فزاغوا وأزاغوا معهم الكثير من الأفراد والجماعات، فتصريحاتهم منبع عقيدتهم وتبريراتهم أسّ تقيّتهم وما يبطنون، فكل شيء أصبح على المكشوف وأمرهم اتضح العامي قبل الخاص من أبناء الأمّة، والويلات اليوم إلّا من خبيئتهم وما يُملى عليهم من دوائر معروفة لخدمة السياسات والأجندات ومن وراء كل ذلك الأعداء، فهو دين يريدون أن يعتنقه أبناء الإسلام حتى يسهل عليهم التمكن من الرقاب والمصير، فهيهات هيهات.

فكل تصريح من جماعة أو أفراد إلا ولابد من عرضه على ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ما وافق فهو الدين، وما خالف فهو الهوى المبين وذلك هو التوحيد الحق والعقيدة البيّنة، فالإصرار على الحقّ والمشي في طريقه ضريبته أصحاب الأخدود، والتبرير للهوى فمن مرض القلوب والنفوس وهو كتقية المنافقين يظهرون الايمان ويبطنون الكفر والعِنان، فالأحداث اليوم مشهد وشاهد على الفريقين، فمن أوكل أمره لله وبنى الصرح على مرضاة الله فهو على يقين من الوصول إلى برّ الامان في عزّ وتمكين وإنْ لقي مصرعه فتلك بيعة لله وصدق اليقين، ومن أصرّ على اتباع هواه وظنّ أنه طريقه للخلاص فقد أُوكِل إلى مخذول لا حول له ولا قوة وإن ادّعى ظاهرها وفي الأخير خزي وعار وشنار ومأواه الخسران المبين، فالسنن لا تحابي أحدا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..

السلام عليكم

 

=================

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 12 شوال 1442 هـ الموافق ل 2021 /05/24