Rechercher dans ce blog

vendredi 21 avril 2017

مقال بعنوان " الحرب المفتوحة على اوروبا " بقلم المدون نورالدين الجزائري


الحرب المفتوحة على اوروبا ..

يبدو أن ما خططت له الدولة الاسلامية من استراتيجية حربية متوسطة وبعيدة مدى على رؤوس التحالف الدولي عليها في كل من العراق وسورية في حيّز التنفيذ، بعد أن خُطط لها مرحلياً وفي شكل جرع من هجمات معيّنة وفي مناسبات مختارة من طرف الذئاب المنفردة وباحترافية عالية من التنفيذ، يشمل سريّة دقيقة في اختيار الأهداف ومن ثمّة ضربها في خاصرة السياسة والاقتصاد، فعملية الشانزيليزيه ما هي إلاّ نوع من هذا التخطيط الرفيع المستوى، توقيتا، ورمزا، ومعنى ..
إنّ اختيار لفرنسا كهدف أولوي في أوربا في إطار نقل الحرب المفتوحة للدولة الاسلامية على الغرب ناتج عن حجم مشاركة فرنسا في حربها عليها، فتُعد فرنسا ثان شريك للتحالف الدولي بعد امريكا في حربها على الدولة الاسلامية في العراق والشام وفي الساحل الأفريقي والغربي منه وحتى في بلاد المغرب العربي وخاصة ليبيا، فهي حاضرة بأسطولها الحربي واللوجيستي والتشاوري مع كل البلدان التي انخرطت دوليا وتحت مسمى الحرب على "الارهاب"، فعداوتها ملموسة عند الدولة الاسلامية، وما الحرب المفتوحة اليوم بينهما إلاّ من هذا الكرّ والفرّ وبتفاوت في إطار نقل الحرب إلى معسكر الآخر، فهي حرب مفتوحة من حيث التوقيت والاهداف، وما نوعية هذه العمليات إلاّ من نداء الدولة الاسلامية لكل عناصرها والمتعاطفين معها لضرب شريان الحياة السياسية والاقتصادية، فاختيارها مكان الشانزيليزيه من دلالات اختيار الأهداف بدقة، فالمكان يُعَد الرمز المعنوي لاقتصاد فرنسا، والهدف المختار يُعَد أيضًا تحديًا لسلطات الايليزي في المكان المعروف عالميًا، والتوقيت يُعَد تحدّيا لرئيس فرنسا المقبل، والمغزى من كل هذا تحسيس الفرنسيين بما يعانيه من هم تحت سلطان الدولة الاسلامية، فالأهداف والأماكن ذات دلالات مدروسة وغير عبثية، واستراتيجية الدولة الاسلامية اليوم التركيز على كل ما هو رمز للسلطات الفرنسية من عساكر ورجال أمن وسياسيين، وانتقال إلى مرحلة جديدة من هذه الحرب المفتوحة، والتي ستشهد فصولها كثيرا من المفاجآت ..
فهذه العمليات الدقيقة من حادثة الباتكلون وستاد دوفرونس وبعض المناوشات الأخرى على الأراضي الفرنسية ليست من عبث أبدًا، فهدف الدولة الاسلامية الاول والأخير هو جرّ الفرنسيين إلى اختيار رئيس للبلد ذو خلفية صليبية، يكون من خلال سياساته واضح القتال لها عبر سياسات تكون اكثر وضوحا لمعاداة الاسلام والتضييق على المسلمين، ومنها كسب أنصارًا جددًا، وتكون بذلك قد نجحت في تفعيل سياسة الفسطاطين داخل البلد، يسهل عليها بعد ذلك تعميق قتالها لفرنسا من خلال أبناء الجالية المسلمة المتواجدة على أراضيها، فحجم التعاطف مع الدولة الاسلامية في فرنسا غير مستهان به، فلذا عمدت سلطات الايليزي إلى التجسس على كل المسلمين جمعيات وأفراد، وخاصة منهم من لُوحظ عليها علامات التديّن والتشدد حسب تقارير استخباراتية موثوقة، فالسلطات الفرنسية أضحت اليوم ما بين كماشة الذئاب المنفردة من الدول المجاورة لها، والتي أصبحت تصول وتجول وتضرب في الوقت المحدد والمناسب، لا تستطيع المخابرات التنبؤ بها ولا رصدها، وما بين أبناء الجالية الاسلامية الذين أصبحوا اكثر تعاطفا مع الدولة الاسلامية لما يرونه من مجازر مروّعة من طرف التحالف الدولي على ما يسمى بالارهاب في كل من العراق وسورية وفي طليعة التحالف فرنسا، ومن الضغط يولد الانفجار، وما هذه الأحداث إلاّ نتاج سياسات أوروبية خفية ومعلنة اتجاه العالم الاسلامي، والايام حبلى بمزيد من التصعيد المباشر على أراضي التحالف الدولي ورعيّته والمنشآت الحيوية فيها وعلى كل الاصعدة ..
فاوروبا اليوم وعلى راْسها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا أضحت أهدافا ومخططا عسكريًّا من طرف الدولة الاسلامية على أراضيهم، فنقل المعركة إلى الديار الأوروبية من الاستراتيجية المتوسطة والبعيدة المدى من هذه الحرب المعقّدة ومن جيل آخر من الحروب غير الكلاسيكية، فهي حرب استنزاف مادي وخاصة معنوي ومدى صمود الجانبين من حيث العدة والتخطيط، فاقتصاد اوروبا أصبح هشًا من جراء الأزمة المالية العالمية، والسياسة الأوربية ليست على ما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية لـ 2008 ، وما خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لخير مؤشر لهشاشة الوضع السياسي داخل هذا الاتحاد، فالأمر مدروس وبدقّة عالية، فالنفس الاقوى لمن ليس لديه ما يخسره، فالحرب شاملة وذات صبر عظيم، والعاقبة للأقوى ..
السلام عليكم ..
كتبه : نورالدين الجزائري
بتاريخ 24 رجب 1438 هـ الموافق ل 21/04/2017