Rechercher dans ce blog

jeudi 24 novembre 2016

مقال بعنوان "فرنسا وعقدة اللائكية" بقلم المدون نورالدين الجزائري


فرنسا وعقدة اللائكية ..

فرنسا بلد الألف مصباح ومنارة، بلد العطر والموضة، بلد كلوفيس ولويس السادس عشر، بلد نابليون وديكارت، بلد ديغول والمريشال بيتان، بلد الثقافات والحريات وحقوق الأفراد والجماعات، بلد ولطالما تغنى بالتعددية والتسامح وفصل الدين عن الدولة في التعايش ..
ومع تتبعي للشأن الفرنسي عن قرب والسياسات المتعاقبة من اليسار الى اليمين ومنذ عهد فرانسوا ميتيران الى فرنسوا هولاند مرورا بجاك شيراك وساركوزي، يتبيّن ان فرنسا لم يعد بها سياسيين محنّكين كالمعهود من مدارسها او من أوساطها السياسية وبحسب الخبرة كان آخرهم شيراك، والذي كان يُلقٌب بالرئيس الحكيم، وجاء من بعده من يُسمّوا اليوم بمشاغبي الجمهورية الخامسة، والذين لا سياسة لهم في الداخل والخارج وهم من فشل الى فشل عظيم الاّ الاسلام والمسلمين والسخرية من معتقداتهم ..
فعندما يغيب الحكماء من المشهد السياسي والاجتماعي فلا غرابة ان يعتلي منابر السياسة والادارة كمٍّ من الجهّال والغوغائية في ظل مشاهد سياسية محتكرة من طرف عنصريين او ذات خلفيات دينية متنكّرة، ظاهرها العلمانية وباطنها صليبية إقصائية عفنة، يتبعهم بعض الحاقدين واصحاب خلفيات استعمارية، يحنّون لاستعباد نوعاً من البشر، تارة باللجوء الى محاربتهم في عقر ديارهم، وتارة اخرى يلجؤون لسياسة إقصائية وتهميشية، فلسان حال نادين مورانو والتي قالت من أشهر ان فرنسا لا بمكن ان تكون الاّ لأصحاب البشرة البيضاء، فهي نموذج من نتاج السياسيين الفرنسيين اليوم على الساحة، وهي سياسة منّبعة ومعلنة، وهي العضو في حزب الجمهوريين والذي أسسه ساركوزي وعيّن من ايّام فرانسوا فيون كمرشح للحزب لخوض الرئاسيات المرتقبة ضد اليسار واليمين المتطرف برئاسة مارين لوبان في مطلع مايو من العام المقبل ..
فبعد ترشيح فرانسوا هولاند اليساري كرئيس لفرنسا، استلم إرث سلفه نيكولا ساركوزي اليميني التوجه، فالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية أدّت بالرجلين الى خسارة كرسي الرئاسة ومن قمة الاقصاء السياسي، فساركوزي الذي ساهم في إقصاء الرئيس الليبي معمر القذافي تمّ إقصاؤه بعد ان كان القذافي ولي نعمته سياسيا ومنها عدّة فضائح اخرى ستؤدي به حتما بعد ان تجرد من صلاحياته الى المحاكم، وهولاند الذي استلم السياسة الخارجية لسلفه ساركوزي مشى على المنوال وخاض ثلاثة حروب من مالي الى العراق وسوريا مرورا بإفريقيا الوسطى، فعندما يفشل السياسيون في حل المشاكل الداخلية ويتنصلون من الوعود الانتخابية، يلجأون الى مثل هذه المغامرات الخارجية الغير محسوبة احيانا عسى ان تُغَطى شمس فضائحهم ببعض المكاسب الخارجية، فبتوسع السياسات المعادية فحتما تنتج اخرى داخلية وَمِمَّا أدى الى حادثة شارلي ايبدو وباريس ونيس، فالقوم جنوا ما حصدوا بغير سياسة محنّكة ولا حسابات انعكاسية محتملة، فدخلوا في عداء مفضوح اتّجاه الاسلام وقضايا المسلمين في فرنسا بلد الحريات وحقوق الأقليات ..
فواقع الامر اليوم ان الاسلام اضحى لسان حال الساسة الفرنسيين من يسار الى يمين الى أقصى اليمين المتطرف، والكل يتوعد المسلمين بالمضايقات والتهميش والاقصاء، إِمَّا بغلق جمعيات اسلامية او احالة البعض تحت الرقابة البوليسية والقضائية ومنهم البعض الاخر في الدوائر الاجتماعية من عنصرية في مجال العمل الى التضييق عليهم وخاصة النساء في الأماكن العمومية من تجريم النقاب الى الحجاب في مدارس الجمهورية، وما حادثة البوركيني ببعيدة عمّا احدثته من ضجة إعلامية في الصيف المنصرم، ولا يجد هذا الثلاثي السياسي من كوارث الاّ وألصقها بالإسلام والمسلمين، متغنّيا بفعله امام شعب اصبح يُرى منه ما غُرس فيه من عنصرية ..
ففي كل مناسبة انتخابية او كلمة سياسية حزبية كانت ام إعلامية، تجد من يقول ويؤكد دائماً على انّ فرنسا متمسكة بهويتها اليهودية-المسيحية  (judéo-chrétien)  وبذلك ينسب معتقد البلد الى جذوره المسيحية بعهدها القديم والجديد، فيدخل بذلك معتقد اليهودية في اعتقاد السياسة الفرنسية هوية وقولا وفعلا، اذ بهذا المنظور يتم إقصاء الاسلام من معتقد القوم وهذا معلوم ولكن لا ينفي عنها ادعائها ان سياسة الجمهورية ومنذ نشأتها تتخذ منهج اللائكية او العلمانية في فصل الدين عن السياسة، فالقوم ينطقون بلسان مسيحي-يهودي ويقرّونه في خطاباتهم وفِي كل مناسبة اتجاه معتقد البلد فكيف إذاً يفصلون ما يعتقدون عن سياسة ما يروّجون، فسياسة فصل الدين عن السياسة كارهي الاّ خدعة وحيلة يريدون بها فصل المسلمين عن قيّمهم والتأقلم بعادات وتقاليد البلد وهذا من الديكتاتورية السياسية بمكان وفرض الامر الواقع على أقلية تريد الحفاظ على هويتها ومقدساتها وما تعتقد ..
فالمرشح اليوم للرئاسيات الفرنسية والابن الروحي لساركوزي فرانسوا فيون لا يخفي عدائه للإسلام وحقده المسلمين، وان الدين الاسلامي مكمن تطرّفه في بلاد الحرمين وان مموّليه في المنطقة العربية وهذا ما صرّح به في هذا الأسبوع، وان على فرنسا التعاون مع روسيا وايران ونظام بشارالاسد وحزب الله في القضاء على الاسلام المتطرّف السني، فهي الفاشية بحد ذاتها واقتباس من حملة الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب اتجاه الاسلام والمسلمين، وفِي وعوده الانتخابية يبشر بزج بعض المسلمين خارج فرنسا وانه سوف تكون قوانين صارمة في كل من لا يتبع ما سوف تمليه الجمهورية الخامسة من دين إسلامي على الجالية الاسلامية، وان لابد للإسلام ان يتكيف مع ساسة فرنسا والاٌ أساليب الفاشية جاهزة في ردع من يريد مخالفة معتقد القوم ( judéo-chrétien ) او الصهيو-صليبي مصطلحا صحيحا ..
فلابد من تذكير فرنسا ان الاسلام بريء من حقبة فيشي في تسليم اليهود الى النازية، والإسلام بريء من فشل السياسات المتعاقبة للجمهورية، والإسلام لم يعتدِ على فرنسا بل هي من تعتدي على المسلمين في كل صراع يربطهم بأعدائهم، وان الاسلام ليس من سلّح إسرائيل بالقنبلة النووية مهددة بذلك السلم في المنطقة العربية، وليس الاسلام من قتل اكثر من خمسين مسلم وغير مسلم منذ حروبها على المستعمرات العربية والهند-صينية مرورا بافريقيا، فمجازر فرنسا في سجّل التاريخ مكتوبة بأيادٍ من دم اسود، فلا محاضرة في الحضارة من متسول على أرزاق الضعفاء باسم الحملات التبشيرية ..
انّ مشكلة فرنسا اليوم مع الاسلام الذي بدأ يتغلغل داخل المجتمع الفرنسي، وأضحى حديث الساعة اليومي وفِي كل المناسبات، وشاء الله ان يكون هذا البلد المعادي لدينه ان يأخذ حصة الاسد من المعتنقين للإسلام في اوروبا، فالساسة الفرنسيون اليوم ومن خلال خطاباتهم الرسمية او الثقافية او الإعلامية يدقون جرس الانذار من اسلمة فرنسا، فاليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان وعلى لسانها وفِي كل مناسبة تحذّر من اسلمة فرنسا وما اقترابها من قصر الايليزي الاّ بالرقص على أنغام الهوية المسيحية اليهودية للبلد، محذرة من الاسلام "الراديكالي" والذي بات يؤرق وينغص احلام فرنسا ذات البشرة البيضاء، ويفضح عنصرية القوم اتجاه الأقليات في بلد الحريات، وأنّ لابد من كاشف لادعاء صدقا او كذبا، وكأن الاسلام اليوم اضحى كالتيار الفاضح لكل مدّع بالقيم الانسانية والتشدق بالحريات والمساواة على الساحات السياسية العالمية ..

السلام عليكم ..

============================
كتبه : نورالدين الجزائري

24 صفر 1438هـ الموافق ل 24/11/2016

samedi 19 novembre 2016

مقال بعنوان " اوباما : نوبل للخداع والحرب " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


اوباما : نوبل للخداع والحرب

المفرط من المساحيق التجميلية ومع تقدم السن يظهر قبح تلك المواد الكيماوية على الوجه وكيف تشوّه الخلق والخليقة، حتى يكاد ان يُشار اليه من بشاعة منظره، فعند انتهاء دوره في الحياة السياسية او الفنية من إعلام مرئي او ثقافة على حلبة الكاميرات او المسرح، يظهر المرء بوجهه الحقيقي دون قناع او مساحيق، فتظهر العيوب من اثار التجميل، وبعد استرجاع الصورة الحقيقية والنظر الى مرآة الحياة تراه يتمسح بالمبادئ وبما فُطِر عليه من قيّم، ويبكي على التفريط والتمثيل وعدم الانتباه الى نصيحة العقلاء، وكذا حال الرؤساء والسياسيين خاصة عند انتهاء مهامهم السياسية والديبلوماسية وسقوط الاقنعة والمساحيق امام الملأ ..
نعم في السياسة الوضعية لَبْس الاقنعة من دين البشر، خاصة العقيدة الديمقراطية، فهي متعددة الاوجه والخطابات والوعود، فقبل الحملات الانتخابية من كلام ووعود ليس كالذي يليه حين الترسيم والتربّع على مقاليد الحكم، فديدن القوم من قبل ومن بعد كالخير والشر، او كالأنهار والليل، فمن عالم الكلام الى عالم الممارسة والتطبيق صالونات من التجميل الى التقبيح، فعادة البشر ينظرون الى كلام من يحكمهم لا الى وجهه ان كان قبيح او حسن، فعند انتهاء المشوار ومهام الحكم معهم تراهم ينزلونهم منازل العين المجردة والإحساس الملموس ..
ومن بين هؤلاء الرئيس الامريكي باراك اوباما المنتهية ولايته، فقد ترأس اكبر ديمقراطية في العالم، ذلك السياسي الاسود البشرة ومن أصول أفريقية مهاجرة،  قُبِل مِن طرف الأمريكيين ومن بعض الدوائر النافذة في الولايات المتحدة الامريكية حتى اصبح الرجل الاول فيها، كانت حملته قبل الترسيم من ابسط حملات الرئاسيات الامريكية ومن اشدّها شراسة في الدفاع عن قيّم الديمقراطية وحرية الفرد الامريكي في حياة أفضل، خاصة بعد خوض سلفه حربين ضد "الارهاب" في افغانستان والعراق، فوعدهم الحلم الامريكي، فهل كان لهم من كفله شيئا ..!
استلم اوباما امريكا من سلفه جورج بوش الابن، فالرجل صعِق من هول الحقيقة ومن خفايا السياسة على اعلى المستويات، فملف الديون الداخلية والخارجية من حروب سلفه وتداعياتها جعلته امام واقع كان لابد من مواجهته، فالازمة الاقتصادية العالمية وخسارة البورصات الدولية جعلت من امريكا الانزواء والتراجع وغلق الباب من ورائها وخاصة القضايا الدولية الكبرى، وانساقت نحو سياسة اشدّ خطرا وغير شفافة اتجاه المنطقة العربية، فاوباما في حملته الانتخابية اصبح غير ذلك بعد ان سكن البيت الابيض وخاصة في فترة حكمه الثانية ..
استلم اوباما مقاليد الحكم واستبشر المسلمون به وبسياساته اتجاه قضاياهم حتى قيل فيه " شو هالطّلة الزينة علينا يا ابو حسين "، ومنهم من التمس فيه الخير اتجاه قضية فلسطين وإنصافها كونه مسلم الأصل، وراح الآخرون كونه محامي التكوين وصاحب قضية عادلة ما بين السود والبيض في امريكا انّه سينتصر لقضية سوريا من الطاغية بشار، وكل هلل واستبشر فكانت سياساته وبالاً على المسلمين وقضياهم في العالم الاسلامي ..
وعد اوباما في حملته الانتخابية غلق معتقل غوانتنامو الذي فتحه سلفه بوش في حق المسلمين ولَم يفعل، اتَّخَذ سياسة الارتزاق في حق رموز الامّة فكان بذلك اغتيال الشيخ المجاهد اسامة ابن لادن -رحمه الله- وزاد على ذلك سياسات اغتيالية عديدة أدّت حسب الخبراء الى قتل أزيد من 18 الف مسلم بطائرات الدرونز في كل من افغانستان والعراق وسورية والساحل الأفريقي، اوباما انتهج أيضا سياسة انقلابية في الشارع العربي وهذا ممّا اكّده الكاتب الأمريكي "مارك لينش" مؤلف كتاب (الحروب العربية الجديدة)، والذي ألقى فيه الضوء على الأسباب التي أفضت إلى وأد الربيع العربي، اوباما تبيّن من خلال الربيع العربي أيضا انّه أوصل ابله مصر الى الحكم وكان ما كان من تلك السياسات، اوباما أيضا من بارك الاتفاق النووي الإيراني ومن خلاله إطلاق يد الرافضة في المنطقة العربية وتنفيذهم لمخططها الفارسي الطائفي، اوباما من سكت حتى اخر عهده عن جرائم السفّاح السوري وقتله أزيد من نصف مليون سوري وأكثر من 15 مليون اخر من بين نازح ومشرد والمعاناة مستمرة، اوباما من خلال فترة حكمه زوَّد اسرائيل بأكثر من ملياري دولار من الأسلحة وعشرة ملايير اخر كهبة عسكرية، اوباما جيَّش اكثر من 60 دولة لضرب من عارض ويعارض سياساته في المنطقة وشيطنهم في حملة غير مسبوقة ..
 فالرجل في فترة حكمه داخليا شهدت امريكا اكبر موجة عنصرية اتجاه السود من قتل وتهميش وفقر وسلب للحقوق، فكوارثه الداخلية جمّة ومنها رفض الأمريكيين لاستمرارية سياستة بإعطاء ولاية اخرى لهلاري كلينتون، فما اخفاق حمّالة الحطب في الرئاسيات امام دونالد ترامب الاّ من سياسة هذا الفرعون ذو الوجه الاسود القبيح ..
فمن بروتوكولات روؤساء امريكا عقب انتهاء ولايتهم الحج الى أوروبا، فاوباما من يومين كان في ألمانيا وعددا من الدول الأوروبية تخللتها لقاءات وداع وتشكرات للنادي الصليبي، وَمِمَّا شدّ انتباه بعض المراقبين ما قالته ميركل له مذكرة إيّاه بالأزمة السورية وأنّ معاناة السوريين هي من بشار وليس "داعش" فصدقت وهي الكذوب وان دل ذلك إنَّما يدل على المسؤولية التى آلت اليها اوضاع السوريين من خلال إدارة ظهره لقضيتهم ومعناتهم، فالرجل بعدها خطب وذكّر بمبادئ الانسانية السمحاء فوا عجباه، فعلى وجهه كان يُرى قناع الأسف والتشفي وأنّه احد سفاحي امريكا المعاصرين وان لم يكن كبيرهم على الإطلاق ..
اوباما ومن خلال فترة حكمه لامريكا وبعهدتين رأى العقلاء في الرجل انّه كان من أشدّ المستبحين لدماء المسلمين والأكثر من تنكَّر لقضاياهم، وأكثرهم من تزيّن بمساحيق السياسة والدبلوماسية، ولكن لكل اجل كتاب ولكل كتاب حروفه وقصته، وسيذكر التاريخ اوباما انّه من ملاعين البشرية، فاذهب الى الجحيم أَيُّهَا المقنّع الحقير غير مأسوف عليك والى مزبلة الطغاة الملاعين ..
السلام عليكم ..
=========================
كتبه : نورالدين الجزائري

19 صفر 1438هـ الموافق ل 19/11/2016


mardi 15 novembre 2016

مقال بعنوان " #حرب_الموصل ... الجزء الثامن : الحشد الشعبي " يقلم المدون نورالدين الجزائري


#حرب_الموصل
الجزء الثامن : الحشد الشعبي ..

يصف بعض علماء النفس والاجتماع للهمجية أنّها حالة انفعالية مؤقتة لشخصٍ تأثّر بعد صدمة ما في نفسه أو معتقده أو ما حوله، جعلته يَتَّخِذ ما كان يُبطن من وحشية في ذاته أن تخرج وتنصهر كقوة انتقامية لا يضبطها دين ولا عقلانية، يطوٌر أساليبها على مراحل من جنونه وينفّذ من خلالها أجندات تخدم رؤيته الوحشية ككائن عاش مظلومية وعليه ردّ المظالم بأي ثمن كان وبغض النظر عن النتائج المرجوة ..
فمن خلال هذه الشخصنة للمظلومية ولروح الانتقام من "الظالم" عمدت دول مؤثرة في أيامنا إلى السماح من "المظلوم" أن ينتقم لنفسه ولدينه ولتاريخه، وسمح ذلك حتى بتدوين قضايا مظلومية في هيئات أممية أو محاكم عدل دولية، كقضية اليهود واضطهادهم من ثلاثة آلاف سنة ومنها إقامة دولتهم في فلسطين، ومنها أيضا تيمور الشرقية والتي انفصلت عن أندونيسيا بمظلومية الاضطهاد للأقلية المسيحية، وأيضاً انفصال جنوب السودان عن السودان الأم بنفس المظلومية، فالكل يتحجج بنفس السيناريو حتى جاءت حرب العراق وسقطت بلاد الرشيد في يد الأمريكان ومنها سلمته إلى ايران لإدارته بالنيابة وبوصية على مظلومية الأكراد والشيعة العرب على حساب سنّة العراق، فنتج عن ذلك انتهاكات وتجاوزات في حق أهل البلد الأصليين وهم العرب، فالكل أصبح ينال منهم باسم الهمجية الانتقامية أو المظلومية، والتي أورثت القوم إفهام الانفصالية، فما كان منهم إلاّ تقسيم المقسم إلى جزيئات محقونة بالطائفية وفرض الأمر الواقع وإن لم يتم الامر على الخرائط في البلد الواحد، فهم في حرب ضروس مع من يريد أن يجمع بالعدل والمساواة، ولكن نزوة الهمجية أعمت القوم إلى حين ..
كان لابد من ابناء السنّة الحد من مزاعم المظلومية في العراق، فالشيعة العرب تخندقوا مع شيعة إيران، وإيران معروفة معلومة أنّها تُكّن للعرب صاعا من الحقد منذ هدم امبراطورية فارس، وأنّها أعادت برمجة كل شيعة العالم عقائديا، وغرست فيهم فيروس الكره للعنصر العربي، وحقنتهم بالطائفية اتجاههم، فمن جملة ما يؤكد هذا الكلام أحد رموز الشيعة المعاصرين وهو الميرزا عبد الله الإحقاقي حيث قال :" إنّ الصدمات التي واجهتها إيران والروم نتيجة لحملات المسلمين أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب، فدانوا بالإسلام ظاهرا وضمروا العداء باطنا .."، فلا غرابة من العنصرية المحمولة في جينات شيعة العرب اليوم اتجاه أهل السنة، ولا غرابة للطائفية التي انتهجوها للمطالبة بالمظلومية كفرية دمّ الحسين رضي الله عنه، فالكل يعلم من قتل سِبْط رسول الله ومن كتبهم ولا مقام لسرده الآن لتفاهة الادعاء، فحقدهم من موروث إمبراطوري محض مُغلَّف بهذه المظلومية اللاعقلانية ..
فمن البديهي أن يلقى غزوا لبلاد ما مقاومة أو جهادا لصدّه ودحره وإخراجه وإرجاعه من حيث أتى، فالأمريكان حين دخولهم العراق واجهوا مقاومة سُنّية خُذِلوا على أثرها من طرف الشيعة بفتوى السيستاني المشهورة، وكذا الأكراد من طرف رموزهم آنذاك البرزاني  والطالباني، فوجد عرب وسنة العراق أنفسهم يقاومون لوحدهم المحتّل الامريكي لبلاد الرافدين إلى أن خرجوا من الباب مهزومين، ودخل المحتل الثاني ألا وهو إيران بتفاهم أمريكي من الشبّاك، ليتربّع على مقاليد السلطة فيه بسلطة الميليشيات المعروفة كفيلق بدر بزعامة هادي العامري والمعروف بالحاج الهادي، والذي شارك الأمريكان في احتلال العراق وأصبح بعد خروجهم حزب سياسي والمسمى بمنظمة بدر، وكذلك الحاج المهندس والذي هو جنرالا تحت إمرة قاسم سليماني زعيم فيلق القدس والذي بدوره ساهم في سقوط صدام ومعاونة الأمريكان، وبهذه المليشيات اكتمل المشهد السياسي والعسكري في العراق بعد الغزو، ومن خلالها استلمت مقاليد الحكم تحت عين أمريكا وبإدارة إيرانية صرفة ..
فالعراق لم يعرف إبّان حكمه للأقليات أو الطوائف المنتسبة إليه مثل هذا الاحتقان الذي خلّفه الغزو الامريكي والمدار بأسلوب شيطاني من إيران مثل ما هو عليه اليوم، فالقوم في خدمة أجندات إقليمية ودولية، فهم راْس حربة المشروع الصفوي في المنطقة، وكذا اليد الضاربة لأمريكا في ترسيخ مفهوم الشرق الأوسط الجديد، فقتلوا وشرَّدوا وشربوا من دماء أهل السنّة للثمالة ولا قناعة، فكان لابد من ردعهم وإيقاف همجيتهم ونشرهم لكفرهم ومشروعهم المجوسي، فما كان من الدولة الاسلامية إلاّ أن تتخذ معهم طريقة غير معهودة لردعهم، فراحت تقتّل فيهم حتى صُدِموا من هول التنكيل والرعب، وَمِمَّا أذهل القوم عملية قاعدة سبايكر الجوية في 2014م والذي تمّ من خلالها أسر أكثر من ألفين من هذه المليشيات المتغلغلة في كل المؤسسات الأمنية والتي أضاقت أهل السنة الويلات، والتي أصبحت طائفية محضة في عهد رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي وكانت تحت إمرته مباشرة، فتمت عملية تصفيتهم جميعا حتى كاد العراق وقتها من هول الحدث أن يسقط في يد اسود بلاد الرافدين كما صرح اكثر من مسؤول عراقي وغربي ..
فحادثة سبايكر جعلت القوم في حيرة من أمرهم ممّا أصابهم  من صدمة وعدو بهذه الشراسة، فأجمعوا أمرهم ونادوا في المدائن حاشرين أن أدركوا مظلمة آل البيت باسم الحسين، فأصدر السيستاني مرة أخرى فتوى توجب من خلالها الدفاع عن المقدسات والثأر للمظلومية، فتأسس من خلالها الحشد الشعبي والذي يترأسه جنرالين ووزير وهما هادي العامري زعيم فيلق بدر والحاج المهندس المسؤول في فيلق القدس والكل تحت إمرة قاسم سليماني الإيراني والذي يُعدّ الحاكم الفعلي للعراق بمباركة وغطاء سياسي أشرف عليه المالكي رئيس وزراء العراق حين التأسيس ..
فشهد ولادة هذا الحشد الهمجي الطائفي حلفا إيرانيا أمريكيا خليجيا، فأوزعت له مهام محاربة الدولة الاسلامية بلا أخلاق حربية، مهمّته سياسة الارض المحروقة، والقضاء على أبناء السنة من الرجال وسبي الذراري والنساء وسرقة البيوت والممتلكات، فمجازره موثوقة معروفة من تكريت إلى الفلوجة مرورا بالرمادي وديالى، فسماء تحركاته طائرات الخليج وأمريكا، وأرضية خططه مستشارين عسكريين امريكان وغربيين، وله مساندة من الحرس الثوري الإيراني، فالحشد الشعبي أو الهمجي عبارة عن قوة همجية من ابناء الطائفة الشيعية قليلي التمرين العسكري والخبرة وإن اُحيطوا بترشيدات عسكرية محترفة، فعند النزال قتلاهم بالآلاف وكأنّهم أفواه بنادق بغير عقول إنسانية، شعاراتهم همجية باسم المظلومية، راياتهم تدّل على توجهات القوم ونعراتهم الطائفية الدفينة، فهم خليط من جيش وطني وشرطة اتحادية ومعمّمين وعوام تسيّرهم ايران وقوى المنطقة والدولية لمآرب متعددة، فمهمة الجميع محاولة إخماد المارد السني والقضاء عليه قبل أن يلتهم الجميع بعمليات أشدّ شراسة من حادثة سبايكر الشهيرة ..
فالحشد الشعبي اليوم أصبح أداة في يد ايران ترسم به مخططاتها الفارسية الصفوية، فكما أسست حزب الله في ايران والحوثة في اليمن، فها هي اليوم وراء هذا التجمع الهمجي والخليط الفريد من نوعه والذي تعتزم أن تجعله الحرس الثوري العراقي على غرار الحرس الثوري الإيراني بعد انتهاء مهامه في العراق ب "القضاء" على الدولة الاسلامية وتركيع السنة للمشروع الرافضي الفارسي، فبه تريد أيضا إخضاع دول الخليج وتهديدها وبأن الدور عليها، وهذا ما صرّح به بعض معمّميه في توسيع دائرة المظلومية لتشمل دول المنطقة السنية والثأر لدم الحسين من أحفاد يزيد بن معاوية، فالقوم في نزوة وهمجية من حلمهم وفِي غطرسة غير مسبوقة من حجمهم، فعشرات الآلاف الهمج من هذا التجمع غير قادر على مواجهة بضعة آلاف من أسود السنة، فلولا الدعم طائرات "عدو" الامس لكان من خبر اليوم، ولكن الهمجية لا يردعها إلاّ الصبر والعقلانية والتخطيط المحكم، فالمعركة في أول مهجها ولم يحمى الوطيس بعد، فالدّاعم في أزمة مالية غير مسبوقة فقد أنفقوا من الأموال حتى عادت عليهم بالويل والثبور ولَم يحققوا إلاّ قلع ضرس من جسد الامّة، ، وفِي تقهقر وتراجع من الفاتورة الحربية،فحين انقشاع غبّار المعركة سيُرى حجم الحشد الشعبي وأنّه جرذ من كرطون لا يقتات إلاّ من زبالة الداعم والموجّه ..
السلام عليكم ..
======================
كتبه نورالدين الجزائري
15 صفر 1438هـ الموافق ل 15/11/2016
 .


lundi 14 novembre 2016

مقال بعنوان "الربيع الغربي على الأبواب .." بقلم المدون نورالدين الجزائري


الربيع الغربي على الأبواب ..

شاء الله ان تكون أُمَّة العرب أُمَّة رسالة عالمية، أمّة بعث الله - سبحانه وتعالى- فيها آخر رسله وكتبه، ومَيَّزَها عن سائر الامم من حيث الأمانة، فالعرب قبل البعثة لم يكونوا عُبَّاد بشر، بل كانوا عُبَّاد حجر، حجر يعبدونها من دون الله وتقرّبهم إليه زلفا، ولَم يقولوا في يوم من الأيام أن العزّ واللاّت ومناة وجمع من الأصنام  أنّها من أبناء الله أو من حوارييه، بل عبادتهم إيّاها كانت عن جهل ووراثة، خلاف الأمم التي سبقت العرب من يهود ونصارى، بل قالت اليهود عزير بن الله، وعبدوا أحبارهم من دون الله، وكذا أردفت النصارى قول بني إسرائيل في العبادة وقالوا أن عيسى ابن الله، وعبدوا الحوّاريين من دونه، سبحانه وتعالى علواً كبيرا، فمن حكمته أنّه ميّز العرب بآخر رسله ورسالاته لعدم عبادتهم للأشخاص، وكانوا بذلك كما قال ربعي ابن عامر رضي الله عنه إلى رسّام قائد الفرس: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله" .
فعبر مرّ العصور ومن فجر الاسلام إلى سقوط الأندلس ومنها سقوط الخلافة الاسلامية، ساد العدل والقسط في كل أرجاء البلاد والأمصار بتفاوت، فالعدل رديف القوة الإيمانية، والظلم توأم الجهل والقوة الاستبدادية، فالمسلمون أهل عدل في أنفسهم ومع غيرهم، ومن النصوص ما جعلته ثابتا إلى يوم الدين، فكلّما توسعت فيه وحكّمته الاٌمّة في نفسها وعلى أهل ذمّتها نالت السؤدد والرفعة والسمعة في البلاد الأخرى، وضُرب المثل بها عبر التاريخ، فكانت بذلك الخلق من أرقى الامم ازدهارا داخليا وخارجيا، وطيب سمعة عند من سُلِّط عليهم ظلم الملوك والرؤساء وأصحاب الإقطاعيات من الكنيسة إلى رجال دين وأصحاب جاه وشأن، فكان يُضرَب المثل في البلدان الاسلامية ويُلجأ إليها من الاضطهاد والظلم، وما الأندلس عنهم ببعيد ..
فمنذ اختفاء راية الحق والعدل على وجه المعمورة، انتفض الانسان لفطرته ووجوده، فدفع بذلك الدماء والأشلاء من أجلهما، وما الثورات الغربية من الثورة الفرنسية إلى الامريكية مرورا بالثورة البلشفية لمن استحقاق الحق والعدل، وتثبيتهما كروح انطلاقة جديدة لبناء المجتمعات الحديثة على أنقاض الظلم والاستبداد، فمن فطرة الانسان أن هذا الخلق الأخير مذموم ومدحور بحق السيف والدم، فالغرب دفع الملايين من أجل هذه المبادئ الانسانية، وتخلّص من الرذيلة الاستبدادية وحقّق تدريجيا المساواة بين الأفراد والمجتمعات، وكان آخر ذلك بعد الحرب العالمية الثانية، إذ رفض الغرب أحادية المنظر والاستعباد، فانتفض على قلب رجل واحد ودحر الفاشية النازية، وكان له ما كان بعد ذلك، الحرية والرقي والازدهار فيما هو عليه حتى يومنا هذا ..
فبالقسط والعدل تحيا الامم وتتقدم بغض النظر عن دينها ومعتقدها، ولذا قال ابن تيمية -يرحمه الله تعالى-:" إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة " ، فالعدل ميزان النهوض، والظلم ميزان الهاوية والهبوط، فتحقيق العدالة الاجتماعية من أوثق ما يصبوا إليه الرجل العادل وكان ذلك شيّم الغرب في بداية الطريق، والعدالة الاجتماعية هي ما اجتمع عليه الأفراد بعدل من قيّم أخلاقية وسياسية ومالية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وجعلوا لذلك مؤسسات تضبط ما تعاهدوا عليه في دساتير ومواثيق يرجع إليها الجميع في النزاعات، ويـذكَّر بها من أراد أن يستعلى أو يتجبّر، فغُرِس ذلك في أدبيات القوم وأصبحوا على إثرها صمّام أمان لتلك المؤسسات حتى لا يتعثر المجتمع، وإذا صار خللا فيه فالبديل هو الظلم، والظلم مرض إذا استفحل في قوم نخر حتى المعتقد.
فالغرب اليوم في أوجّ عهده من العدل والمساواة، ولكن في الامر خلل، فالعدل والقسط اللذان هم عليه خليط من تعاليم الديانات، فمنه من نُسُخ ومنه من هو ثابت ومنه من هو مخترع، وتطور حسب المبادئ والعلاقات التي تربط المجتمعات والكيانات، فالغرب اليوم أصبح غير الغرب الذي كنّا نعهده، فالرأسمالية العالمية طغت على المبادئ التي تحكم بالعدل المجتمعات الغربية، وأصبحت المادة هي من تسيّر الأفراد، وأفرغت مضامين العدل والمساوات من رأس كل فرد في الغرب، فطمع الدول الغربية أصبح جلياً واضحاً في البلدان أو المستعمرات الاخرى المباشرة وغير ذلك، فالحروب اليوم هي من أجل تفريغ مجتمعات ثروتياً وإعمار مجتمعات أخرى بغير حق وعدل، فما كان مستورا البارحة باسم الحقوق والحريات أصبح فضيحة اليوم، وما كان منشودا البارحة من مؤسسات غربية تدعوا إلى حقوق البشر على المستوى العالم أضحت أكذوبة عرّتها التدخلات، فرحم الله الفيلسوف ابن خلدون حينما قسّم الإمبراطوريات إلى ثلاثة أطوار من نهوضها إلى سقوطها، وحددّ لها زمنا لا يزيد عن قرن ونيف من فجر بزوغها إلى سنين انهيارها، فالطور الاول كما قال طور البناء والتشييّد وأسّها العدل والمساواة كما أسلفنا، والطور الثاني ثمرة العطاء والعمل الدؤوب ورؤية ما تحقق والتمتع به وهو زمن الازدهار، والطور الثالث يخلف خلفا حديدا لا يعرف للبناء طريقا على السوية القديمة ولا يحافظ على المكتسب والثمرة، فيتلقى الأمانة جاهزة فيخرق السفينة باتجاهه غير اتجاه أسلافه في الحفاظ على المركبة، فيسلك على أثر ذلك سياسات جشع وطمع وأن العدل نوعا ما داخليا فلا ينجو من جور وظلم الأمم الاخرى وهذا الذي هو نخن عليه اليوم من تكريس سياسة الامر الواقع في البلدان الاسلامية، وتثبيت سياسات الأسلاف بطرق مفضوحة، فلا عدل منشود ولا مؤسسات دولية تحميه، فشعاراتهم داخلية ولَم تكن في يوم من الأيام خارجية، أو ذات قسط اتجاه الامة الاسلامية .
فما يحدث اليوم في العالم العربي من اضطرابات لهو من سياسات الغرب اتّجاه المستعمرات، فالعدل بينهم قائم وفِي اضمحلال، وتجده غائبا اليوم في بلداننا بسبب تثبيت حكّام لا يهمهم من البلدان الاسلامية إلاّ خدمة الأسياد بتفريغ الاوطان من الخيرات وإيداعها في يد الغرب يتمتع بها كيف شاء، محققا بذلك عدالته اتجاه رعيّته على حساب شعوبنا وأمننا الاجتماعي، فشاء ربك أن يجعل من هذه الخيرات المسروقة نقمة على الغرب، فانتهج نهجا سيهلكه لا محالة، فالرأسمالية هي حب الأصفر وعبادته، وبقدر ما عندك من اليورو والدولار فحريّتك مكفولة وعدالتك مصونة، فالغرب اليوم فيه من الشرخ الاجتماعي ما يعلمه الاّ الله ومن يعيش فيه ويدرس تطوراتها، فبزوغ الإقطاعية أو اليمين المتطرف أو المحافظ ليس من عبث، وتفكيك الاتحاد الاوروبي بدءً بخروج بريطانيا منه لمن سياساته، وانتخاب اليوم لدونالد ترامب رئيساً لأمريكا لمن توَجُهات الرجل الغربي البسيط في تحقيق العدالة التي أصبحت مغيّبة، فسياسات اليوم في الغرب تتجه إلى الاقصاء شريحة هائلة من المقيمين في الغرب، فأراني يتحدث عن ازاحة ثلاثة ملايين من الغير مرغوب فيهم بأمريكا، وكذا اليمين المتطرف في فرنسا في حالة وصول مارين لوبان لسدّة الحكم، وكذا النمسا وبلجيكا وهولاندا وألمانيا، ناهيك عن سياسة الحقد للأحزاب التقليدية الأوروبية، فالغرب دخل في مرحلة ركود سياسي غير مسبوق واحتقان اجتماعي غير معهود، فالبطالة نالت شريحة مهمّة في مجتمعاته، فطبول المظاهرات والعصيان المدني على الأبواب، وما نراه في امريكا اليوم لخير دليل، والقادم أدهى وأشدّ، فالتفكيك والانطوائية على مكاتب صنّاع القرار، وربيع غربي على غرار الربيع العربي على الأبواب وإن لم يكن مسلحا، فما بُني على عدلٍ لم تُحافظ عليه الأجيال، ويبقى عدل من فطرة الانسان، ولن يسود ما لم تضبطه عقيدة ربانية، فذلك استدراج وربك هو الحكم العدل وإليه تُرجع الامور ..
السلام عليكم ..
==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

14 صفر 1438هـ..الموافق ل 14/11/2016 

مقال بعنوان "احتكار السلفيّة وتزييف المصطلحات" بقلم المدون نورالدين الجزائري


احتكار السلفيّة وتزييف المصطلحات

حرب المصطلحات أو ألغام الكلمات، حرب من نوع آخر شُنَّت على الامّة بسواعدها ومن أبنائها وحتى من بعض علمائها ومثقّفيها وأصحاب الأقلام الإعلامية والمؤثرة على المجتمعات الاسلامية، لم يسلم منها إلاّ من أوعز إلى هؤلاء زرع ألغامها في أوساط أبناء الامّة اليوم، والمآلات إليه اليوم من هذه المصطلحات كوارث ما بعدها كوارث أتعبت كل الحكماء والعقلاء .
والأمثلة على ذلك لا تُعد وغير محصورة، فتحزّب المسلمون لغير دينهم، وتعصبوا لغير عقيدتهم، فكم كان ذلك ثبورا وخسرانا، ونصوص الوحيين حذّرت من الفرقة والتفرقة، وحذَّرت من اتباع غير سبيل المؤمنين، وأنّ ما كان ديناً البارحة فهو دين اليوم وغدا، وذلك بإرجاع المسلمين إلى دينهم ومصدر إيمانهم الاول، والذي نبذه كثير منهم اليوم باسم الحزبية والموالاة لغير الله ورسوله، واتباع مردة شياطين من الإنس من دعاة على أبواب جَهَنَّم مرورا بعلمانيين في ثوب إسلامي، همُّهم المصالح الشخصية وليذهب دين الله إلى خانة السهام الموجّهة ..
فالرائج اليوم على الساحة الاسلامية هي السلفية بمفهومها المعاصر، مصطلح اُحتُكر من طرف فرقة لا ترى إلاّ ما ترى هي، ولا علم إلاّ ما درّسته هي، ولا رؤيه إلاّ ما خططت له هي، فاحتكرت الإيمان والعلم والمشيخة والمعلمَة حسب أجندتها وأجندة من وراءها، ومن خالف فيا مرحباً بسهام المصطلحات الجاهزة الأخرى. فهذه الفرقة اليوم هي من تتصدر وتصدرت المشهد الاسلامي من عقدين ونيف، فلا يَرَوْن في السياسة رؤى فردية أو نقد سياسي شرعي إلاّ ما يمليه ولاة الامر على الرعية وان كانت سياستهم ليست شرعية او أقرّها قرآن او سنّة ناهيك عن سبيل المؤمنين، ومن جملة ما يعتقدونه في النصوص يكفرون به في تطبيقها، فنصوص الحكم بما أنزل الله على الكتب وداخل جدران المساجد وقاعات الندوات وما عدى ذلك فهو الفتنة والدعوى إلى الخراب، وما الفتنة إلاّ الشرك بالله الذي استوطن جدران قصور أولياء الامور، لا يريدون أن يُدّل عليه ويُتكلَم فيه، فلسان حالهم مضطرب في هذا الباب، ومن تكلم في ذلك سُلّطَت ألغام الكلام عليه ونُعِت بالغلو والتّطرف وبالخارجية، وأسندت مصطلحات أخرى إلى الدوائر السياسية في قصور الشرك إلى نعت من خالف بالإرهابيين والمخربين وبالأيادي الخارجية، فالمصطلحات جاهزة ومتعاون عليها لإلغاء المخالف ولو أدّى ذلك للقتل والسجن أو التجريح أو الاقصاء أو النفي في بعض الحالات، فعندما يتحالف السلطان وأحبار السوء وسدنتهم فالسلام مرحلياً على دين الاسلام ..
نعم احتكروا مفهوم الاسلام في سلفيّتهم اليوم، سلفية السلطان الكافر وليس الجائر، فحاشى أن تُنَزَّل النصوص في ذلك على من تحالف مع أعداء الله ضد الاسلام الصحيح المنزّل، فيتباهون أنّهم من الفرقة الناجية وهم غارقون في الفرقة المميّعة والتي خالفت نصوص الوحيين وما كان عليه سلف الامّة من الإنكار على أعداء الدِّين الظاهرين، وجهادهم باللسان والسنان لكل دخنٍ أو تحريف للغالين، يتمسحون بما مان عليه أهل العلم، وأن لابد من التصفية والتزكية وتربية الفرد والاسرة، يقولون بلسان أهل الحديث وأنّهم بذلك على أثر الإمام أحمد ومفهوم ابن تيمية وتجديد محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعاً، وصدقوا وهم من الكاذبين، إذ العدو في داخل البلاد والأمصار يصول ويجول ومتّخذ قواعد وأحبار من ساسة ومشرعين وأصحاب أقلام، فهل كان يرضى من تُمُسّحَ بهم أن لا ينكروا عليهم هذا العمل من القول والفعل، فما جاء في أثر الامام أحمد أن الفرقة الناجية هي أصحاب الحديث إنَّما كان شرع الله قائم يحكم بين الناس بما نُزِّل، ولَم تكن فارس والروم في بلاد الاسلام، فجهاد الدفع يقتضي أن تُعطَّل فيه الحياة السياسية والعلمية حتى يُدحَر العدو خارج الحدود لدولة الاسلام، فالتدليس والتلبيس على الناس لهو الإفك المبين الذي طال أبناء الامّة اليوم وما وصل إليه الاسلام من كثرة سهام المصطلحات وما خُفي أعظم وأظلم.
فالكل اليوم له قسط من المسؤولية إلى ما آل اليه دين الله عزّ وجل من هذه المصطلحات الخبيثة، فأضحى دين الله في خانة الجاني على الأفراد والمجتمعات والدول، فشربنا مفهوم الإرهاب وقبلناه من هيئة الامم المتحدة والتي اتّحدت إلاّ على الامّة الاسلامية، وأصبحنا ننعت من جاهد لتكون كلمة الله العليا بالإرهابي، وزاد البعض على ذلك بإنزال النصوص على فئة معيّنة فهمت من نصوص الوحيين ما فهمه الصحابة والتابعين في جهاد أعداء الله وسمُّوهم بالخوارج المارقة، وكأن حكم علي بن أبي طالب قائماً بالكتاب والسنّة، أو دفعوا أحداً منهم على اثر بن عبّاس في محاورة هؤلاء وإقامة الحجّة والبيّنة، فما فهموا نصوصا ولا اقتفوا بأثر من طبّق النصوص، فزادوا بذلك شرخاً وجرحاً نال وينال من الأمّة فأين العقل يا أولي الفهم.
وإن حاججتهم بمفهوم النصوص التي بين أيديهم وبيّنت لهم سوء فهمهم فيا سهام بارود المتفجرات على شخصك وإسلامك وإيمانك، لا يرقبون فيك خلافا ولا توسعاً، فحجّروا ما هو واسع واحتكروا الفهم باسم السلفية العلمية وما شابه ذلك، فهمهم يدور على ثلاثة محاور من العلماء وزاد الرابع مقياس الرجال في الجرح والتعديل والميزان، وما عاد ذلك فأنت من المطرودين من سلفية ولي الأمر الحكيم، فالبلاهة والبلعمة رأس فهم القوم بلا عذر أو ترجمة، ومنهم من احتكر الجهاد والتنظير وقالوا بما قاله بلعام اللّعين، فإن تحزّبت إلى قاعدتنا فأنت من الأحياء وإن كان الامير مقبور وفِي رحمة ربّ العالمين، وإن بيّنتَ لهم سوء منهجهم فقولهم اقتلوا المارد قتل عاد واطرحوه في جَهَنَّم إنه من الكلاب العاوين، ومنهم من رضي بنصف الدين ونصف الكفر فسمى ذلك تدرجا في الدين، وكتب وألّف وحاور وناظر باسم العلمانية بغطاء المصلحة والمفسدة فاُلقي في الأخير في غياهب السجون، فلا دين أقام ولا على عقيدة حافظ فأصبح أضحوكة العالمين فسبحان ربي العظيم.
فالأمّة اليوم تفرَّقت وتحزّبت إلى طوائف وأحزاب وجماعات وكل ذلك من البعد عن فهم دين رب العالمين كما نُزِّل وفُهِم، ومن فهمه كما كان عليه الصحب وأهل الأثر فهو مُغيَّب اليوم تحت الارض أو مشار إليه تشويها بمصطلحات سُوّغت لغير الحق المبين، والذي على المسلم معرفته ومعرفة أهله والتزامهم به والدفاع عنه أجمعين، فلا يغرّنّك المظهر وحسن الْكَلِم، فرُبَّ أشعث أغبر من أقصى المدينة ومعه الحق فألزمه ودافع عنه ولا تلزم صاحب وخطيب المسجد الأنيق الذي ألِف الدرهم والدينار ويسبح بحمد صاحبهما أناء الليل وأطراف النهار وفِي جعبته وعلى لسانه ألغام يفجّرها هنا وهناك على الموحدين الحقيقيين لاستمرار طمس نور الوحيين والانتصار للظلمة والكفرة الملاعين على حساب نور الوحيين وما هم عليه أصحاب الثغور اليوم ..
السلام عليكم
====================

كتبه : نورالدين الجزائري 
11
صفر 1438هـ الموافق ل 11/11/2016


مقال بعنوان " عَوْلَمَةٌ أم غَوْلَمَةٌ .. " بقلم المدون نورالدين الجزائري


عَوْلَمَةٌ أم غَوْلَمَةٌ ..

يقول أحد ثعالب ومنظري العولمة :" لقد وجدت نافذة من خلالها حسَّنتُ القبيح وقبّحتُ الحسن وذلك من ثقب في غرفة مظلمة، غرفة لم ينتبه لها من روَّجت إليه بضاعتي الكاسدة، وأفكاري الهدامة الماكرة، ولإنسانيتي الحيوانية التائهة، حتى أصبحت بعد انحطاط في سيادة ورفعة واتّباع وثروة، لم أكن أتوقعها وأنا قبلها كنت على أعتاب حبل مشنقة".
العولمة، مصطلح كُتِب فيه المؤلفات والمقالات، أزبدت فيه الأقلام والألسن وكمّ من العبارات، تراشق بمفهومه المحافظ والمتحرر، وكذا الخلوق والعاهر، وسوّق له السياسي والاقتصادي، وكذا العسكري والثقافي، فاختلافهم في مفهومه أكبر وأعمق من تلاقيهم في قبوله، فالبضاعة محفوفة بالشبهات، ملغومة بالتعريفات، مليئة بالتناقضات، مصدرها القوي وما يريد من الضعيف، وكذا السيّد وما يريد من العبد، إشهارهم حب الانسانية، وبضاعتهم إحياء وتكريس العبودية.
فالعولمة عند أصحابها هو هذا العالم الكبير الذي يجمع الانسانية وسبل تقليصه وجعله قرية صغيرة تذوب فيها معالم التواصل الإنساني من السياسة والاقتصاد والتجارة والتصنيع وتبادل المعرفة والعلوم والثقافة إلى النسيج الاجتماعي من اعتقاد وطقوس وعادات تمسّ المجتمع والفرد داخل القارات الخمس مرورا بالعرق والأحساب والأنساب والقبيلة والطائفة وما حولها.
فالفكرة في مجملها من الروابط الانسانية التي تحث عليها الفطرة والغريزة، وهي أصلاً من هدي القرآن معرِّفا بمفهوم للانسان، إذ جعل النَّاس شعوبا وقبائل للتعارف والمعرفة، والتعارف من تحقيق المصلحة المشتركة بين بني البشر، والمعرفة من روابط العلوم المختلفة وما يربط الانسان بالإنسان من نسيج اجتماعي خاصة، رابط الايمان والعقيدة والدم والقرابة والتعاون. نعم العولمة بمفهومها الفطري هي صلة الانسان بالإنسان بما يخدمه من تعارف ومعرفة مربط أسسها التعايش والاحترام المتبادل.
لكن من غرائز الانسان التوسع على حساب الانسان والتّعدي على أرضه وخيراته وممتلكاته، والسيطرة على المجتمعات والهيمنة على الدين والمعتقد وطمس المعتقدات الاخرى وتثبيتها بل إرغامها كرها على حساب معتقدات الآخرين، فالأطماع غالباً ما تكون هي وقود هذا التجنّي على الآخر، أطماع سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وانتصارا لعرق المتعدّي وجعل اتباعٍ له طوعاً أو كرهاً ..
فمن جملة ما قاله الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن الضعيف يتبع القوي ولا يمكن للقوي أن يتبع الضعيف وهذه من المسلّمات الفطرية، إذ من غريزة الانسان كما أسلفنا التوسع وعلى إثره تحقيق سبل وطرق وآليات هذه الغريزة، فتُحاك المخططات والدراسات وتُبنى على أثرها السياسات، وتعمل لأجلها ربما أجيال لتسويق الفكرة خارج العقول وتجعلها واقعا معاشا ببناء منظومات عسكرية وتمويل مستمر للأهداف، فتنطلق الحملات لذلك وتُجتاح البلدان والقارات تزهق بذلك أرواح وتنتهك حرمات، وكل ذلك من أجل أن تكون التبعية للغزاة في كل ما يتعلق بالتعارف والمعرفة إلزاماً، فتجد بذلك بعد فرض الامر الواقع جهادا أو مقاومة من طرف المستضعف تؤدي غالبا إلى إعادة ما نُهِب وسُلِب ودُمِّر وبُدّل، وكوارث عديدة كثيرة من هذا التوسع تعاني منه أجيالا عدّة بعده، ويصعب الترميم في كل ما كان من حياة قبل الغزو اللعين.
فكلما تقدم الانسان نحو التطور ونظرته للحياة فتلقائيا يجد أساليب تكيّفية لأطماعه التوسعية، فأيقن هذا الكائن القوي أن أساليب الغزو لا يمكن أن تكون كما عرفها الانسان البدائي، وكان لزاماً عليه تطويرها إلى أفكار اُنفِق عليها الأصفر والابيض، فبعد خروجه من المستعمرات طوعا أو كرها، غرس فيها جينات تابعة له أعطاها مفاتيح الحكم و حقن فيها إبرة الولاء له عبر مقايضات سياسية أو مالية، فكانت على أثره ما تعانيه اليوم بلدان التبعية من التحكّم فيها عبر رومنت_كنترول ببزة عسكرية محلّية، واُخرى سياسية واقتصادية، وعبر قنوات تحكّم أخرى أيضا منها ثقافية وإعلامية ورياضية، فأصبح بذلك الضعيف لا يمكن أن يناور إلاّ في حلبة القوي ودوائر صناعة القرار، فتارة بتحالفات سياسية دولية متمثلة في هيئة الامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، وعسكرية بانضمامه إلى مجلس الأمن الدولي، وتارة اقتصادية بتوقيعه في المنظمة العالمية للاقتصاد، فأصبح التابع رهينة سياسة المُتبع يُسيِّره كيف شاء، غير آبه بقضاياه المحلية أو الإقليمية ناهيك عن كارهي الدولية.
 فبانفجار عالم الصناعة وتطوّره، وتحرير الاسواق العالمية ووضع قوانين للقوي على حساب الضعيف، توسّع العالم الغربي المصنّع في القارات الاخرى وعلى حساب شعوبها بأدوات ذكية، جعل من تلك البلدان أكثر تبعية وبأمّس الحاجة له، محتكرا بذلك التصنيع وآلياته وتقنياته وسبل وطرق الوصول إليه، فأصبح العالمين بلدان طريق النمو وبلدان العالم الثالث ساحة استهلاك للبلدان المتقدمة، ومخبرا لسلعه في تلك البلدان، من السياسي إلى الاقتصادي إلى الثقافي مرورا بالاجتماعي، فصُنِّع لنا مجتمعا يدار من طرف وسائل وأجهزة تتحكم في كل شيء وشرطي وعسكري على كل من خالف ويخالف شروط احتلاله الذكي.
 فالعولمة بمفهوم الغرب وما روّج له كفكرة استهلاكية هي جعل من هذا العالم كما أسلفنا قرية صغيرة يُعطى الأولوية للعلاقات الاجتماعية والإعلامية والمواصلات عبر هذا الفضاء الافتراضي بأنواعه، وأن تُكسر الحدود والحواجز بين شعوب المعمورة في الاتصال والتعارف، وأنزلنا يجمعهم إسمه التنافس في الخير والقيّم الانسانية، فصاحب المنتوج كان عليه إيجاد مثل هذه البضاعة التسويقية وتمريرها باحتلال العقول قبل القلوب والمعنوي قبل الحسيّ، فنجح بذلك أيّما نجاح، فالتابع اليوم أكثر خرابا ودمارا من المتبوع وبسنين ضوئية، فقد خُرِّبت بلدان بفرض أجندات وحكّام على المقاس تحكم شعوب التبعية بسياسة الحديد والنار وإن اتبعت أحيانا بضاعة القوي ألا وهي آليات الديمقراطية، ومنها بعد ترسيخ جِنَات الحكم فسياسة البلدان تُحكم اقتصاديا من طرف مؤسسات مالية دولية تتمثل في البنك وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وزد على ذلك التّحكم في شعوب الاستهلاك من طرف آليات ثقافية وإعلامية جعلت من المباح حراما ومن الحرام مباحا، أدخلت الاباحية والمجون والسفور إلى بلدان الضعفاء، فلا رقابة ولا هيئات حكومية تعمل على صدّ مثل هكذا هجمات غير الأخلاقية، ففاقد الشيء لا يعطيه والمحرّض عين على كل ما يخدم أجنداته ولو كلّف ذلك تدخل الجيوش الأجنبية ..
فلطالما طرحت على نفسي سؤالا هلك عقلي ونخر فكري، ومن باب التفكّر والتمعن فيما عليه بنو البشر، فيا أَيُّهَا العاقل فكِّر معي هنيهة، واسمعني بقلبك قبل عقلك، فهل خُلقت لتتعلم ومنها لتتزوج وتتخرّج وأحيانا عكس ذلك، ومنها تتوظّف وتنجب أولادا وترتقي في عملك ومنها تخرج إلى المعاش ومنها تنتظر الموت وبعدها تموت، وتنتهي قصتك في هذه الحياة، وكأنك أَيُّهَا المسكين مُبرمج كالآلة تؤدي دورها وحين تسقط بالتقادم تُرمى إلى مزابل النسيان، أوَ لم تعلم أن كل ذلك إنَّما هي إرادة دولية ومحلية، فهل جُبِلت على هكذا حياة مبرمجة يا من تدعي العلم والتحرر والحريّة، فما محلّك من الاستبداد والعبودية .. !!!
السلام عليكم ..

=======================
كتبه : نورالدين الجزائري
12
صفر 1438هـ الموافق ل 12/11/2016


mercredi 9 novembre 2016

مقال بعنوان " ترامب ووجه أمريكا الجديد." بقلم المدون نورالدين الجزائري


ترامب ووجه أمريكا الجديد ..

استيقظ العالم العربي اليوم بوجه أخر على حقيقة لطالما تجنّبها باسم الديمقراطية وحقوق الانسان وحوار الأديان ومحاربة الارهاب والمساواة، بل اليوم سقط قناع سيد الغرب بلا منازع، فالرجل وطوال حملته الانتخابية كشّر عن ما في قلبه وجعبته اتجاه القضايا الكبرى في السياسة الخارجية لبلاده، وأظهر للعالم وللقريب قبل البعيد أنّه لا يمكن كسر الصورة النمطّية السلبية والراسخة في عقلية الشخص الغربي اتجاه العرب والمسلمين ..
فلا شكّ ومنذ بروزه على الساحة السياسية ومرشحاً للحزب الجمهوري ومن أحد صقوره الأقوياء نفوذا، باعتباره من أغنى أغنياء أمريكا، وسيّدا ناجحا في أعماله الحرة، يدرك أن الرجل لم يكن يتكلم من فراغ بالنسبة لنظرته للعرب وللمسلمين، بل كان يتكلم من قاعدة صليبية إنجيلية معرفية بامتياز، ولا شكّ أن 70٪‏ من هذه الكنيسة اتباعا له، وهو محافظ التوجه والعقيدة، إذ لا يرى الإجهاض، ويرى لأمريكا قضاة محافظين، وهو ملهم بالاستشراق ويُعدّ من الاوفياء للمدرسة الاستشراقية لكل من ديزرايلي Desraeli وفلوبير Flaubert  وماسينيون Massignon، أصحاب النظرة الاستقصائية للعالم الاسلامي، إذ يقول فيهم المفكّر الفلسطيني وأستاذ الأدب المقارن إدوارد سعيد أنّهم دعاة احتكار الغرب للشرق، وإرادة حكم الغرب لبلاد الاسلام ..
الرجل انتُخب من طرف من كان دائماً يروّج له من أبناء جلدتنا ذو البشرة العربية وقلوب غربية أن الشعب ساذج ولا يفهم مِن السياسة إلاّ الهامبورغر والشيبس، وأنّه لا يعرف أين تقع رومانيا من فنزويلا، ناهيك عمّا في العراق وسورية من حمام أشلاء ودماء، وأنّه ما يفرِّق بين الاسلام والارهاب، فليت قومي عقِلوا حدود سذاجتهم وما اعتبروه من سياسة سمحاء تخدم مصالحهم في بلد العمّ السام ..
ترامب كان صريحا في حملته الانتخابية ولَم ينافق، فالرجل منطلقه من فكر صهيو-صليبي إذ له من الأولاد من اعتنق الديانة اليهودية، وصرّح بذلك علانية كملف شفاف لما يحمله من سياسة خارجية اتجاه قضايا المسلمين، فقد اعترف بيهودية "دولة اسرائيل"، وزاد على الاعتراف الايديولوجي اعترافا سياسيا ديبلوماسيا خطيراً حيث قال أنّه سيصوّت لصالح قدس موحّدة كعاصمة أبدية لـ "دولة اسرائيل" نهائياً رافعاً حق الفيتو في كل المحافل الدولية المعارضة لقراراته، وليس كذلك من صدفة تناغم سياسة بوتين في الشرق الأوسط مع طموحاته في تكريس سياسة التبعية لبلاده اتجاه من سمَّاهم البقر الحلوب، إذ تبيّن أن الرجل لا يعرف إمساك العصا من الوسط ولا يجيد سياسة الجزرة، بل لسان حاله العصا لمن عصى لعيال دويلات البنوك المالية وأصحاب الشيك على بياض على حساب أرزاق المسلمين، فقد صرّح في أكثر من خطاب أن تلك البلدان ما هي إلاّ دار جزية لنا، وأنّه قال إذا فزت بالرئاسيات وسافرت إلى السعودية و أتى الملك لاستقبالي بالمطار لقلت للطيّار خلف دور وأخرجنا من هذا المكان، والرجل لا يتكلم من فراغ أو مزح فهو يقول ما يظن ويعتقد، وأنّ باحتقاره لأكبر حلفاء بلاده بهذه السهولة فعلى الدويلات الاخرى أن تتوقع ما يُوَف يسوؤها من سياسة اتجاههم جميعا ..
فساكن البيت الابيض الجديد وسيّده، والذي سيتولى مهامه في أواسط شهر جانفي من العام المقبل، يرى بعين الحسن كل ما هو غير عربي وإسلامي داخل بلده امريكا، فقد أسقط عن أقنعته العديدة بالنسبة للجالية العربية والإسلامية داخل أمريكا وزائريها، فالرجل لأي زيد من المسلمين حتى المجيء الى بلده، وإن جاء أحدهم فعليه تبيان بنك معلوماته وبياناته حتى على وسائل الاتصال الاجتماعي، وأنّ كل شبهة تقتضي تصفية السجن أو مطاردة بحزم ولا مغامرة، وكذا يريد أن يحمي بلده من المهاجرين العرب والمسلمين وغلق باب هذا الملف وانشغاله بوعوده الانتخابية للنهوض باقتصاد أمريكا وبالأميركيين إلى ما هو أفضل، وأيضاً الحدّ من انتشار ظاهرة الاسلام في المجتمع الامريكي وغلق باب الدعاية وتجفيف الأموال المسخرة له، ومراقبة واسعة لكل ما هو إسلامي على حساب الحريات المكفولة من طرف دساتير بلاده، فالرجل جدّي في سياسته الداخلية اتجاه العرب والمسلمين، وسيكون لهم قسطا من عنصرية امريكا ووجهها القبيح  من ثلاثينيات من القرن الماضي اتجاه السود حينها ..
فسيّد البيت الابيض الجديد انتصر وانتصر حزبه بمقاعد الشيوخ بالأغلبية، وسيُعزّز بحكمه رئيساً لأقوى بلد في العالم بأرضية محافظة من داخل الكونغرس، وستكون له صلاحيات واسعة في إعادة هيكلة امريكا الجديدة، إذ توعد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي وهذا سر قلق الاتحاد الاوروبي من فوزه وتصريحات قادته الهستيرية اليوم، كما جاء في سياسته الخارجية نيته سحب القوات الامريكية من اليابان وكورية الجنوبية ومن سواحلهما وَمِمَّا اشتّد من قلق البلدين اتجاه مصيرهما، ومن جمل حملته الانتخابية تصريحاته المثيرة حول فرض تعرفة 45% على الواردات الصينية تسبب بذلك استياء الصين من قرراته المستقبيلية، وكذا نيته ودعمه للتسلح النووي الياباني مثيرا قلقا كبيرا في توازن القوى في تلك المنطقة، فالرجل جاد في ذلك وكل هذا سيصب في ادّخار أموال هائلة ستعود حتماً في مصلحة امريكا العليا ..
ومن يظن سياساته الخارجية الانخراط في حربه على "الارهاب"، وأنّه سيطلب من جيوش الحلف الأطلسي النزول الى الارض لمقارعة الدولة الاسلامية في معاقلها، وكذا يريد من ايران أن تكون اليد الضاربة في المنطقة و كلبها الوفي في استعادة الشرق الأوسط من "الارهاب" السني مقابل مزايا أحسن مما تمّ توقيعه مع إدارة أوباما وقوله أنه لو كان مكانه لكان لإيران أحسن المواثيق مع ادارته الجديدة ..
فلعل المسلم اليوم أدرك حجم عقلية وسلوك وسياسة واتجاه سيّد البيت الابيض الجديد لما يدّخره للإسلام والمسلمين، وأنّه كشف عن وجه امريكا الحقيقي شعبا ومسؤولين، والذي كان مبهما ومحفوفا بشعارات زائفة كسيف على رقبة الامّة، وأن الذي أوصله واعٍ بما قاله وكرّسه في عقول اتباعه ومن الشعب الامريكي في حملته الانتخابية، وأيّدوه وآزروه في مشروعه، وأن أمريكا اليوم على قلب رجل واحد وتحت قيادة واحدة متكاتفة، وأن للمسلمين من هذا الرجل أيّام ستشيب منها الولدان، فعلى عقلاء الامّة الاصطفاف وراء من له سياسة في مقارعة قوى الاستبداد العالمية الجدد، وأن زمن الركون تلى الظّلمة قد ولّى إلى رجعة، ومرجعية الرجل من مرجعية اللورد كرومر والذي كان دائماً يردد مقولة وليام موير حيث قال :" أن سيف محمد والقر آن لهما ألدّ أعداء المدنية والحريّة والحقيقة التي شهدها العالم على مر الزمان .."، فيا ليت قومي يصحون من سياسة النعامة، والرجل أعقل ممّا يظن البعض، فالجنون كل الجنون من لم يعقّل بعد فنون السياسة والمصالح العليا المسلمين ..
السلام عليكم ..
==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

09صفر 1438هـ الموافق ل 09/11/2016



lundi 7 novembre 2016

مقال بعنوان " 100 عام على سايكس-بيكو ... سيف صليبي على رقاب المسلمين" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري




100 عام على سايكس-بيكو
 سيف صليبي على رقاب المسلمين


نعم اسقطوا دولة الخلافة بمكر ودهاء وبتكاتف الكفر والنفاق والشرك، قطّعوا أوصال الامّة إلى دويلات من المحيط إلى الخليج، قصفوا طريق الحرير بحواجز من إسمنت، تبخرت رائحة التوابل التي كانت تربط الصين ببلاد المغرب، أصبحنا نشمّ إلاّ رائحة الأسلاك والبارود على حدود أقطار وهمية، لا حرير ولا زعفران من باكستان إلى أندونيسيا مرورا بالجزيرة العربية.
تدخّلت إمبراطوريتان في العالم الإسلامي واحتلّته وتحالفتا على هدم وجدان الامّة الواحدة، وكذا مصائب قوم عند قوم فوائد، فما استطاع الغرب النهوض إلاّ على أنقاض امبراطورية تحتضر، وكذا أي طائفة أو قبيلة أو حتى شركة علاقات عامة، كان لابد من تقسيم إرث الرجل المريض الذي كان لقب الامبراطورية العثمانية، وفرنسا وانكلترا لم يكن يعنيهما الرجل المريض بقدر ما كان يعنيهما نمطه المعيشي من عقيدة إلى علم متكامل في كل شتى ومجالات الحياة.
كان لابد بعد هذا التقسيم زرع كيان متناقض داخل العالم العربي أَلاَ وهو الكيان الصهيوني، وإن هو إلاّ قاعدة متقدمة من جمع إرهابي العالم حينها، فوعد بلفور في أوائل نوفمبر من عام 1917م من مخططات القوتين العظمتين لإنشاء هذا الكيان المسخ، وقد حقّقوه بعد التقسيم، وأصبح الحارس الأمين للإمبراطوريتين على العالم العربي المجزأ، يعطي السياسات والتوجهات لما اتُّفِق عليه من سايكس وبيكو، ويبعد عن العالم العربي كل عقيدة او ايديولوجية إرثية من ذلك الرجل المريض الذي اُجهِز عليه في 1924م على يد أتاترك، معلنين بذلك نهاية الحكم الاسلامي في البلاد العربية، وبداية حكم العائلات والقبائل والقوميات في بلدان الشرق الأوسط خاصة، مربط ومنزل الوحيين.
بعد دق الاسافين في نعش الإرث العثماني وزوال الحكم الاسلامي على كل الامبراطورية، قُطِّع الشرق الأوسط إلى دويلات تحكمها إقطاعيات، وعُيِّن على كل دويلة ملكاً او أميراً أو رئيساً، يدينون بالولاء التام للغرب، لا ينزعون يدٍ من طاعة إلاّ بأوامر الأسياد من وراء البحار، يأتمرون بأوامرهم، مقابل التّحكم التّام في سياسة الإقطاعيات وفِي ثرواتها المعدنية وخاصة الذهب الأسود والسائل، فأصبح الحكّام الجدد لهذه الدويلات همُّهم إرضاء الأسياد وأجندة استعمارية جديدة في المنطقة، وحرّاس جدد أن لا يعود الدين يَحْكُم من جديد، فمنهم من حكم بالقومية، ومنهم من حكم بالإثنية، ومنهم من نافق وحكّم ظاهر الدين بحكم طبيعة البلد وأهله والدين برآء منه، وهكذا تاه حماة الدين والعارفين بآياته وسننه ما بين تبعية غربية وقومية عربية من ماركسية إلى بعثية مرورا بحكم القبيلة الجاهلية ..
و بأوامر السيّد الكل تفرّد بشعب وقبيلة من شعوب وقبائل المنطقة، مُزّقت الأوصال والنسيج الاجتماعي الذي كان يربط ناس المنطقة، أصبح كل بلد له هويته وأرضه وشعاراته، رُسِمَت الحدود بين البلدان، وطُبِعت الأموال ولكلٍ عُملَته، وزِيد لذلك جوازات سفر وتأشيرات للتنقل في البلد الواحد وفِي أكثر الأوقات بشقّ الانفس، وزُرعت الكراهية والمعاداة بين القوميات والإثنيات والمذاهب، حتى تستطيع الحكومات الوظيفية التحكّم بسهولة في القطيع، وخُوّفت الشعوب بالقانون والبوليس والعسكر حتى أصبح الفرد من العائلة الواحدة إلاّ وهو عرّيف أو مخبر الحاكم المفدى، الكل يُسَبِّح بحمده ويتزلف إليه بالقوت والأمن والأمان، فطُمس على قلوب المسلمين، فما كان معروفا أصبح منكرا، وما كان منكرا أصبح معروفا ومحبوبا، فَانسَلَخت المجتمعات من دينها إلى دين أسيادها ولو إلهاما وميما، فالحلال أصبح من الموبقات والحرام من المألوف بين الناس.
بعد هذا الشر الذي أصاب الامّة في دينها وهويتها ونسيجها الاجتماعي، حُكِمت بالحديد والنار، أصبح العالم العربي سجناً كبيراً للمسلمين، والمعلوم أن في السجن يخضع الكل إلى إدارة ومدير وقانون واحد، لا طيب اكلٍ ومشربٍ، ولا وقت مفتوح ومستغل للإبداع وما يترتب، فالهواء بالفاتورة باسم الأمن، ولا سياسة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية إلاّ بما يراه و يقننه وليّ البلد، فقُرِّب الخائن من دوائر القرار واُبعِد الصادق إلى غياهب السجون، وضاع الناس بين استبداد حكم ودين وإدارة وشرار الخلق في الحياة اليومية والمعاش.
فبالرغم من الخيرات المحاباة من الله عزّ وجل على البلاد الاسلامية والثروات، إلاّ أن شعوب المنطقة ومعهم اليوم بلاد المغرب العربي بعد "استقلالها" من المستدمر الفرنسي، فهي من أفقر البلدان على اليابسة، لا بنية تحتية ولا فوقية، لا تعليم ولا علم، لا صناعة ولا تصنيع، لا إبداع إلاّ البدع، تكاد أن تكون جامعاتها من أجهل ما وصل إليه العقل البشري من انحطاط منهجي، فالكل تقريبا في المنصب الغير مناسب، فوضى حتى في النفس ومع العائلة .. فقوام الدول بالمفهوم الذي سلكوه يقتضي أن تكون الدول مواكبة للدول الاخرى، فقوة الدولة تحكمها سياسة حكيمة تدير أمور الناس بالقسط والعدل والمنافسة الحرة، وباقتصاد قوي متنوع الدخل وتوزع عائداته على الفرد والمجتمع حسب مؤهلاته، وأن تكون ثقافة البلد حرّة منضبطة يحكمها دين البلد ومذهبه حتى يكون النّاس سواسية في العطاء والطلب، ومنها يزدهر المجتمع إلى رقيّ في كل المجالات الاخرى التي تكوّن فسيفساء البلد وتنوعه.
فالغرب عمِد على إبقاء البلدان العربية في الفقر والجهل بتعاون مع الحكومات الوظيفية حتى لا تستقل ذاتياً وبه ترجع إلى دين رَبِّهَا، فنهبَ الخيرات واستولى على العائدات، فنصّب عليها بنوكا دولية تتحكَّم في ثرواتها المعدنية والمالية، فلا عملة إلاّ عملته ولا خطط استثمارية إلاّ ما يراه ومن خلال دراسته، فكبَّل الدول العربية بمديونية لا خروج منها، فكل ما يُنتج يذهب إلى جيوب الأسياد والحكومات الوظيفية، تُصرف من خلالها المواد الاساسية على فقراء الأغنياء في البلدان العربية، والويل كل الويل لمن تسول له نفسه فالتهم والسجون جاهزة مفروشة .
إن مخطط سايكس-بيكو الذي هيمن ويهيمن على العرب إلى يوم هذا هو مخطط غربي جهنّمي مفسد وفاسد، حربته: فرّق تسد، عملته وقوانينه: مجلس الأمن والمحاكم الدولية، سرقة ثروات المسلمين وإنفاقها في مجتمعاته والرقيّ بثمراتها في المجال العلمي، سياسته: الحكومات الوظيفية المنبثقة من جمعية الامم المتحدة وتعيينها والرضى عنها في المحافل الدولية، ثقافته: العلمانية والمجون والسفور والانحلال داخل الاسرة المسلمة، جنوده : جيوش بلداننا وإنفاقه عليها برصاصات وبنادق بالية، أدبياته: إبقاء العرب السنّة في ركب الجهل والتخلف، قوّته: التحالفات وعلى رأس ذلك الحلف الأطلسي، فهل من مدّكر.
إن ما يجري في العالم العربي خاصة والعالم الاسلامي عامة منذ معاهدة سايكس-بيكو لا يعدو أن يكون إلاّ سياسة استعمارية متقنة، أدواتها الاستبداد بالحديد والنار لكل من تسول له نفسه التفكير في إلغاء التبعية ناهيك عن الانفصال عن المنظومة الماسونية، فما بجري اليوم في العراق وسورية ما هو إلاّ تصارع قوى الشرّ على مخلفات هذه الخطة الجهنمية وإبقاء سائرها مفعولا ولو كانت على أشلاء شعوب المنطقة، فإنّ الذي سلب منك حرية اعتقادك وأبدَلك بحرية اعتقاده حتى تكون تبعا له فهو لا يتردد أن يدوسك كالحشرة بأساليبه القمعية وبأدوات داخلية، فالعربي لا يعدوا من الانسانية فهو أشر من الحيوان في أدبيات هؤلاء الوحوش .
فدوام الحال من المحال ولابد للاستبداد الخفي أن ينجلي، فأبناء الامّة حملوا على عاتقهم كسر صنم هذا الثنائي الخبيث الذي مزّق أوصال الوطن الواحد، فما أخذ بالقوة فلا يسترجع إلاّ بالقوة، فالعالم الغربي اليوم أجمع أمره على إبقاء هذه الوصايا وجاء بخيله وخيلائه إلى المنطقة مرة ثانية لترسيخ مفهوم آخر لهذا الاتفاق الملعون بعدما اقتنع أن أمره انتهى في منطقتنا، فما كتب بالحبر سيزول بالدماء والأشلاء، وإذا تصادم الحبر والدم فإن الفيصل هو السيف، فيا بشرى الأحرار تحرير مظفّر وعودة إلى مجدٍ ومستقبل موعود و زاهر، أو موت بعزّ فنُعذَر ..
السلام عليكم ..

========================
كتبه : نورالدين الجزائري

07 صفر 1438هـ الموافق ل 07/11/2016