Rechercher dans ce blog

jeudi 29 décembre 2016

مقال بعنوان "لغة الضاد ما بين العلم والعبثية والإهمال " بقلم المدون نورالدين الجزائري


لغة الضاد ما بين العلم والعبثية والإهمال ..

ما من أُمَّة إِلَّا ولها لسان مبين تتميّز به عن سائر الأُمم الأخرى، وفِي داخل الأُمَّة الواحد تتعدد الألسنة واللغات واللّهجات حسب الجنس والعرق، وحسب المدينة أو القبيلة أو العرف، فهذا من التنوّع الرباني والإعجاز الإلهي في بني البشر، كما للحيوان تنوّعه ولسان حاله، وكذا كل ما خلق ربّنا فنعم الخالقين ..
ومنذ القدم حاول الانسان معرفة أخيه الانسان من خلال دراسة اللسان المشترك وهو : اللّغة، وأسس على إثر ذلك علما يدرّس في أرقى وأعرق الجامعات العالمية وخاصة الغربية منها، أسماها بعلوم الانسان أو الأنثروبولوجيا، وشارك في ذلك كل من علماء الآثار وعلماء النفس والاجتماع، استخدموا أساليب عدّة في معرفة أصل كلام الانسان من حيث النطق والصوت والكتابة، ومن هذا الفهم والعلم وصل الانسان إلى ما عليه اليوم من تقدم هائل في مجال العلاقات العامة من سياسة واقتصاد وثقافة وفنون وكل ما يربط ببني البشر بعضهم ببعض، فلولا لغة الانسان ونطقه أيضا ما عرفت الانسانية السبيل إلى الدّين ومعرفة الله ورسله وخاصته من عباده، ولكن الله عزّ وجل ومن حكمته وشأنه خَصّ الانسان في خلقه وفي ملكوته، وفِي نزوله على الأرض بدين واحد، وكما جعل للإنسان معتَقدا واحدا فقد خصَّه أيضا بلغة واحدة ومن خلالها الوصول إلى معرفة الله حقّ المعرفة، وبها يسعد الانسان في مجالات علمية عدّة تخدمه ونسله، ومن حكمته عزّ وجل أن يخصّ آخر كتبه ورسله بلسان عربيّ مبين، وهذا أيضا من الإعجاز الرباني في بني البشر، وفطرة قد فطرها فيه في خلقه الأول، أن عَلَّمَه القلم، وغرس من العقيدة في فؤاده، ومن لغة مثالية في عقله حتى يتسنى للإنسان الوصول إلى هديّ الله بمعرفته، والشاهد من حديث الفطرة يعلم ذلك، وهو بيّن أنّ الدين مغروس في الانسان وكذا اللغة والتي بها وفقط يصل الانسان لملكوت الله رب العالمين ..
يقول عالم اللسانيات نعوم تشومسكي إنّ للإنسان لغة مثالية مغروسة فيه، وأنّ تحولا عرضيا واحدا حدث لفرد منذ مائة ألف سنة تقريباً، ممّا أثار الظهور الفوري للقدرة على اكتساب اللّغة ويعرِفها بـ "مكون من مكونات الدماغ"  بصورة مثالية أو قريبة من المثالية، وهذا يعني أن الانسان فُطِر على لغة واحدة وأن عرفها أو اكتسبها عرف علوم الدين والدنيا، وبها يصل إلى الخالق بجدارة عالية، وطبعا تشومسكي من خلال علمه باللغات أو اللسانيات يعلم ما هي ولكن للجحود علامات استفهام شخصية أو دسيسة دينية وسياسية، فالرجل تراه دائماً من المناصرين للعرب والمسلمين وعلى العاقل فهم ذلك ومن خلال الكلام يفهم به لبيب البيان وعليه تكون حالة اللسان ..
والمتوقف أمام أوائل سورة الرحمن يجد ذلك ملياً، فربّنا علّم القرآن بعد أن خلق الخلق في ملكوته، فقد قال للملائكة إنّي خالق بشرا كخليفة على الارض ومنها محاورتهم له سبحانه وتعالى حتى انتهى إلى أنّي أعلم ما لا تعلمون، والقرآن هو بلغة ولسان عربي، فربنا بعد القرآن والخلق علّم الانسان البيان، والبيان هنا كما قال أهل العلم : هو كل ما يريد بيانه وإظهاره بلسانه مما في ضميره، ولهذا تجد علماء الأنثروبولوجيا يؤكدون أن الانسان خُلق مفطورا على لغة وأنّها في مخزونه العقلي الداخلي أو ما يسمونه بالمادة الرمادية، وما قبول الانسان للإسلام والإقبال عليه وسهولة تعلُّمه وتعليمه لدليل على ما فُطِر الانسان عليه عند الله، فكم من عالم مسلم لم يكن عربي الولادة والنشأة فَلَمَّا عرف دين الله ولغة كتابه وسنة رسوله أبدع وتفنن في مجالات علمية عدّة، فها هو العالم الرباني في اللغة العربية وأستاذ النحو والصرف إمام النحاة سيبويه فريدٌ من نوعه وميزته في علم اللّغة والمفردات، فقد وصل ومن معه إلى أن للّغة العربية 12.375.000 من المفردات، وما من عالم انثروبولوجيا اليوم يقرّ أن اللسان العربي الأكثر ثراءً في فهم جميع العلوم وما توصل إليه الانسان من معرفة، ولذا لمّا كان سلطان الله قائما يحكم الناس بالعدل في ظل شريعة سمحاء وصل إلى ما وصل إليه العرب من علوم وفنون في كل مجال الحياة والمعرفة، فَلَمَّا كانت الاستقلالية في البحث العلمي أبدع اللسان العربي حتى كادت كل أوروبا تبعث بأبنائها إلى جامعات المسلمين في الأندلس والبلاد العربية، ومن سرّ الوصول إلى هذه العلوم كانت الترجمات على قدم وساق من العلوم والتراجم الأخرى إلى اللّغة العربية، فحصل للمسلمين عزّهم وملكهم لأقطار الدنيا، وأن كما يقول علماء اللسانيات اليوم أن لغة شكسبير والتي هي لغة العلوم أن مفرداتها لا تتجاوز 600.000 ألف مفردة، وكذا لغة موليير لا تتجاوز مفرداتها 400.000 ألف مفردة، وزد على ذلك اللُّغَات التصويرية كاليابانية والصينية وللآخيرة 40.000 ألف مفردة فقط، وكم أيضا من اللغات التي اندثرت ولم يعد لها علما، ولك أخي العربي والمسلم أن تتخيل حجم العلوم التي توصل إليها هؤلاء اليوم وبلسان حالهم المحدود، فلغاتهم جلّ مفرداتها دخيلة بنسبة 52% ولا يوجد فيها علاقة ما بين المنطوق والمكتوب بخلاف اللغة العربية فهي كما تنطق تُكتب، والدارسين لهذه اللغات الأجنبية يعرفون أو يعلمون ما أقول، فمثلا اللغة الانجليزية تجد فيها 86% من خليط ( انجليزية-لاتينية-إغريقية)، وبالرغم من كل هذا فعلومهم تركّزت على الترجمات وخاصة كل ما نُهب في حقب الاستعمار في العالم الاسلامي، فقد ترجموا كل شيء حتى وصلوا إلى ما هم عليه من علوم والله المستعان ..
نعم الأمر مؤسف جداً وحزين في نفس الوقت، والذين هاذوا ويعيبون اليوم على لغة الرحمن وكفى بكتابه العزيز شهيداً، فهؤلاء لا يعلمون ما يقولون وحقًّت عليهم كلمات العلامة ابن خلدون حيث يقول في مقدمته وفِي الفصل الثالث والعشرون :" أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيّه و نحلته و سائر أحواله و عوائده" ، فلو رجع هؤلاء إلى دراسةٍ نقدية مع الذات والمجتمع وأعدلوا في أنفسهم ودينهم لوجدوا أن الخلل في تخليهم عن لغة العلوم، لغة الرحمن، لغة رب العالمين، لغة النبيّ الأمين وصحبه الميامين، فبها تُعرف سفينة الرجوع  ـ وإلينا ترجعون ـ وبها وصل الأجداد إلى ما نبكي عليه اليوم من ملك ساهمنا في ضياعه، فلك أخي العربي والمسلم لو رجعت إلى دينك ورشدك واهتّممت بما عرف سبيله الأسلاف، ونفضت عن لسانك كل ما هو دخيل على ما فُطِرت عليه، فو الله وبالله وتالله لبسُطت إليك الدنيا ولا لفظتها، وفِي ذلك معرفتك بربك وما سخره لك في الدنيا قبل الآخرة، فلا تنطق جهلا وما لا تعرف وتتهم أن سبب تخلُّفك ما فُطِرت عليه وبكون بذلك اتّهامك للخالق عزّ وجل ولما جعل لك بصراً ونوراً، فارجع إلى رشدك ولسان ولغة دينك، فبها تُسعد كما سعد الاولون ولمدة 8 قرونا ونيف ..
فلغة مثل اللغة العربية والتي تحتوي الملايين من المفردات كما بيّنا لهي لغة العلوم والمعرفة بامتياز، ولذا قال أهل الاختصاص إن كل العلوم بلغات غير العربية صعبة الفهم والترجمة بخلاف لو كانت بلسان عربي مبين، فمن الإعجاز أن العلوم بلسان عربي تُفهم بقياس وقتي أسرع من اللُّغَات الاخرى وذلك مما يؤكده عدة أكاديميون، فَلَمَّا كان عزّ اللغة في أوجّ ظهورها لم يكن من العلوم الأخرى إِلَّا الإذعان لها ولبحرها، فالعرب ترجموا كل العلوم حتى الذي كان دخيلا عنهم كالفلسفة، ولكم في شيخ الاسلام وكيف صحح منطق الفلاسفة وأقرّ ذلك فلاسفة الأمس واليوم، فلسان العرب سلاح لو عُرف قدره اليوم ممن يُحسبون على العرب لأسترجعوا عزّ الأمس بتكنولوجيا اليوم، ولو كانوا روّاداً في العلوم والمعرفة بأصولها وفروعها، ولذا تفطّن الغرب لهذا السلاح أكثر فتكاً فيهم وحاربوه بمراحل منها الغزوّ والتبعية بعد ذلك وفي أطواره إبعاد المسلمين عن دينهم أو بالأحرى عن لسان فهمهم لعقيدتهم، فانظروا اليوم إلى الادمغة العربية وكيف تتخطف من أرقى الجامعات والمعاهد العلمية وبعدها الدوائر السياسية وتبعاتها، فالإغراءات على قدم وساق لهؤلاء، فو الله ليس لعلمهم بل حتى لا تفطن الأُمَّة من سباتها برجوعهم لبلدانهم، فكم من مبتعث نابغة أغروه وأفرشوا له أبسطة من الأموال والزينة، هذا مصداق قول الله تعالى في استمرارية قتال المسلمين ومنها هذه الأساليب الإغرائية، فتجد اليوم من ينطق قيحاً وقبحاً ناقماً على لغة العالمين المثالية، فعلماء اللسانيات والأنثروبولوجيا يقرُّون في أبحاثهم وأطروحاتهم أن ما وصل إليه العرب من علوم فبسبب لغتهم التي لا تضاهيها لغة أخرى، وإن رجعوا إلى لغتهم وهيئوا لها الأرضيّة العلمية سيلحقون بركب الحضارة في وقتٍ قياسيٍ مذهل، فهم أهل العلم والمعرفة بامتياز ولا مفاخرة، وهي منّة من رب العالمين على الانسان والمسلمين فيا ليت قومي يعلمون ..
السلام عليكم ..

======================

كتبه : نورالدين الجزائري 
30
ربيع الاول 14388هـ الموافق ل 29/12/2016


lundi 19 décembre 2016

مقال بعنوان " نظرة موضوعية لمدرسة التنظير الغربية ولمدرسة التنظير السلفية .. الرؤى والأهداف .." ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



نظرة موضوعية لمدرسة التنظير الغربية ولمدرسة التنظير السلفية
ــ الرؤى والأهداف ــ



فإنّ من الذروة والانحطاط يولد اليقين والشك، القوّة والضعف، التعالي والتهميش، الاحترام والازدراء، وكذا التنافس على ما هو جديد وما يجب أن يُجدد، وما هو صالح وما عفى عنه الدهر، فكما أن الحق والباطل في صراع دائم، فالأفكار والفلسفات قائمة بذاتها تنافس المدارس التقليدية بنور الحداثة، والمستحدثة اليوم تستقي من علومها كل ما هو استشراقي كقاعدة للاستشرافي في فهم التقليدي، فالمدرسة الغربية اليوم جلّ فهمها للواقع من النظريات والنسبيات والجزئيات والكليات، فعنصر الملموس والمادة من ركائز هذه النظرية اليوم ..
فما عليه المدرسة الغربية اليوم من آلاف الجامعات المرموقة والمصنّفة، ومعاهد البحوث العلمية في شتى التخصصات العلمية، إنّما صلب مادتها المُرتكز عليها من فلسفات قديمة وحديثة، فالقديم اُلبِس التحديث بما يواكب النظرية النسبية، والحديث في تطور بما تمليه الكليات والجزئيات، فمن هذا المنطلق والأرضية برزت العلوم السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، وراءهم معاهد بحوث ترشد النظريات والرؤى بما تمليه الساحة، فلكل حادثة نظريتها المناسبة، ولكل أزمة نظريتها من الحلول والإشكاليات، فقد برز أعلام وشخصيات هذه النظريات من سياسات داخلية وخارجية خاصة في بداية الستينات من القرن الماضي، فعميد العلوم السياسية اظنه وبدون منازع السيد هنري كسينجر والذي نظّر للسياسة الامريكية الخارجية لـ 50 سنة استشرافية، فالرجل نابغة في فن العلاقات الدولية، ومربط فرس في الأزمات العالمية، فهو من مدرسة النظرة الكلية في التخطيط ورسم السياسات، ومن مدرسة التحليل الجزئي في الافتعال أو التدخل في الأزمات، وكذا أيضا نعوم تشومسكي أستاذ الدراسات الاجتماعية وعلم النفس واللسانيات، فالرجل مشخِّص للعقد الاجتماعية ومنظّر لأسباب الأزمات الانسانية، فنظرياته ورؤيته للأحداث من مدرسة المنطق التوليدي التحويلي، وفي شتى العلوم من الانسان للآلة مرورا بعلم أمراض الكلام، فالعلوم السياسية والاجتماعية عقل التطور الإنساني في الغرب، وعصب النظريات والتحليلات والحلول والإشكاليات داخليا وخارجيا ..
فالغرب وعلى راْسه امريكا تحرر من الموروث الاستثنائي والذي ارتكز على ثورة فرنسا في أواخر القرن السابع عشر، فأصبح يُؤْمِن بالنظريات الفلسفية من مونتسكيو الى نتشه، مجسّدة بعلوم المنطق والكلام والحال، فحربته في التقدم المادة وكلياتها وجزئياتها، وما هو لاهوت فالتشخيص أصبح الرمز لكل القناعات الفردية، وحرية الاعتقاد مكفولة بما وصل إليه العقل المادي من تطبيقات على الارض إيمانا وتطويرا، وبذلك أفرغ العالم الغربي تطبيقاته النظريات من الدِّين وميزان القياس فيه، واعتمد على المادة ونظرياتها في فهم الأشياء المحيطة بالبيئة والمجتمع وما تتطلبه كل مرحلة من الصراع الذاتي ومع الاخر في السلم والحرب، والتوسع والهيمنة ..
فالغرب تعلم ويتعلم كل اليوم من التجارب الانسانية في الإيجابية والسلبية، في تاريخ الامم والحضارات السابقة، وخاصة في باب الهيمنة العلمية والتوسع العسكري، فالامبراطوريات قوامها العلم والحداثة، والتاريخ يشهد على الإغريق والمسلمين في دراسة العلوم واعطائها الاولويات في فهم الواقع والنهوض بالجنس البشري، فَلَمَّا كان للمسلمين دولة أخذوا من العلوم سلَّما لما وصلوا إليه من ثورة سياسية وفكرية وصناعية، فبعض الأوائل من المسلمين أخذوا من الإغريق منطق بعض العلوم والصناعات، وما كان من علم الكلام وفهم الانسان والمجتمع فاستشراف ذلك كان من العقيدة والفقه في الوحيين والإجماع والقياس، فالمدارس الفكرية في العصر الذهبي الاسلامي كانت متنوعة وأبرزها المدارس الأربعة والتي تفنّنت في فهم الروح والمادة والميزان بينهما، فأبدعت في دفع المسلم إلى استدراك العلوم وفهمها واستخراج الإيجابي منها للإنسان، فكانت المدرسة السلفية رائدة العلوم الانسانية ومشتقاتها بلا منازع لأزيد من ثمانية قرون ..
فصراع الفكرة من صراعات الهيمنة والتوسع، فالقوي دائماً ما يرغم الضعيف إلى اتّباعه تارة بالقوة السياسية وفرض الأجندات عليه كهيئة الأمم المتحدة اليوم، وتارة بالقوة العسكرية لفرض الواقع، وتارة أخرى إغراءً بالتبعية في الاقتصاد والسياسة المالية ونمط المعيشة وما سُمي اليوم بمصطلح العولمة، ويؤدي كل هذا إلى انسداد في أغلب الامور إلى عقل المتبع رضوخا ناعما ومستسلما لقوة الخصم وجبروته في الهيمنة على وجوده حتى، ويصيب كل هذا المدارس المخالفة بالجمود الفكري والنظرة الاستشرافية للخروج من مأزق الهيمنة والتبعية، فروّاد هذه المدارس في غياب القوة المسيّرة والمحافظة على التراث المكسوب والقابل للتطور تدخل غرف الانعاش والانكماشية والانضوائية على نفسها، تولّد من ذلك العبثية في السياسة وأحوال الناس، والطامة أن غُلِّفت بالسياسة المملوءة من المتَّبَع لصالح التابع، وهذا ما وصلت إليه بعض المدارس السلفية وعلاقتها بمعهد رند وكارينغي الامريكي واُخرى للدراسات الشرق أوسطية في التنظير للسياسات في الدول العربية ذات الأغلبية السُنّية، فأصبح التنسيق ما بين المدرستين مقتضاه القضاء أو الحدّ من كل تيار تجديدي سلمي أو مسلح يريد بالعودة إلى استقلالية الامّة من السياسة التنظيرية الاستشرافية الغربية ..
فلعلّ زمن هيمنة القطب الأوحد في النّظرية والاستشراف بدأ يتآكل، وما نراه اليوم من بروز تيار مخالف لنظريات السلم والحرب لكل من الخارج والداخل في الغرب وبلاد الاسلام أدّى بهذه الجامعات والمعاهد وفروع التعاون إلى دراسته بمنظور غير معهود، فهزائم القوم اليوم وفِي هذه المرحلة من صراع الفكرة في المنطقة العربية فكريا وماديا يثبت نظرية من نوع آخر ومرحلة تجديدية في الاصطدام الحضاري، وأن الهيمنة المادية موقوتة زمنا بالاندثار، وأنّ الذي لا يضبط ميزان المادة والروح فمصيره نظرية ابن خلدون في اندثار الدول والامبراطوريات، فهل نحن اليوم على خطى عصر جديد من التنظير وفهم المادة ..!؟
السلام عليكم ..
========================
كتبه : نورالدين الجزائري

20 ربيع الاول 1438هـ  الموافق ل 19/12/2016 






vendredi 16 décembre 2016

مقال بعنوان "معارضة أم مضاربة .. الجزء الاول : الحكم بين الموروث والتيه .." .... بقلم المدون نورالدين الجزائري

معارضة أم مضاربة ..
الجزء الاول : الحكم بين الموروث والتيه ..

لا شكّ أن الابتعاد عن دين الله يسفر خللا في الاعتقاد، والرؤية الشاملة للإسلام الحقّ، ونبل الرسالة السماوية، والدور الحقيقي لمن اُستُخلِف في الارض، وجوداً واعتقاداً ودوراً، ويورث ويوّرث الأراء المتعددة، ويبرز رؤوس جهّال من العامة للكلام بلسان الحال، ويُتكلّم في شؤون الامّة والمذهب والجماعة رويبضة لا يعرفون حجم المسؤولية المكلَّفين بها، وإن عرفوها فهم أول من يكفر بها، فتقديم المصلحة على المنفعة كالمتوضئ بالنجاسة، وتقديم المتغيّر على الأصل كالباني بنيانه من رمل ..
ومن السنن تبيّين الحقائق للإنسان وإدراك المغزى منها، فالأصل فيها من بناها على التجارب وأخذ العبر من التاريخ البشري، تاريخ الأُمم من قبل، تاريخ الأُمَّة عبر الوجود، تاريخ الأُمم المعاصرة، نشأتها، أطوارها، فلسفتها، هدفها، سياساتها الداخلية والخارجية، ثقلها العلمي والاقتصادي، الايجابيات والسلبيات في مجتمعاتها، وعلى راْس كل هذه الامور عقيدتها ومعتقدها، ولعل الواحد منّا يدرك اليوم أننا لا نقيم لهذه التعريفات وزنا، ولا نفهم في هذه المصطلحات سطرا، فميزان الدول وقوّتها في رجال المرحلة، فلكل منها تأسيس وترجيح، ولكل منها المفكّر والمطبّق، ولكل منها ميزان اجتماعي يوزن الفرد أو الجماعة فيها صلاحه من عدمه، فلا يستقيم حالٌ إلاّ بصدق العمل والاخلاص للمعتقد، والرؤية الجماعية الصحيحة توثّقه، فاجتماع الكلمة قبل كلمة الاجتماع، وسياسة حكيمة رشيدة راْس مال كل فردٍ قبل الجماعة ..
فَلَمَّا سُوّست الانسانية فكان ذلك من بدأ هم الرسل عليهم السلام، فحكمتهم بدين الله وبالتشريعات السماوية، فاُنزلت الأحكام دفعة أو تدريجا، فصنّفت الناس ما بين مؤمن وكافر، وصادق ومنافق، وجماعة حقّ وآخر باطلة، ففي عهد الرسل وبعد الغلبة احتّكم الناس للنص، فعمّ الخير والسلام وانتشر العدل والميزان، فلا أوّل الصف إلى أهل الصلاح والفلاح، علما وتطبيقا، مصلحة الامّة مقدمة على الجماعة والفرد، ولكن السنن تبتلي، ففي كل فترة من الزمن وبعد كل حقّ إلاّ ويعقبه باطل، وبعد كل إصلاح إلاّ وبعده إفساد، فتنتكس راية الحق وتعلو راية الباطل، ويخوَّن الصادق، ويُبيَّض الخائن، وكل هذا من الابتعاد عن الدور المناط لكل فرد وجماعة في المجتمع، فيُكثَر الفساد وتُسوّس الناس به، وينتج المنتفعة من الأوضاع وكل سفسطائي يوثّق الإفساد كتشريع للناس بلسان الترغيب أو الترهيب.
فالإنسانية ومنذ الوجود ما بين أقوام صلاح وفساد، ومن حكمة الله أنّ لكل طغيان تبيان، وصدع بالحق، ومجابهته حسب الظرف والمعطيات والمكان، فكلّما صَلُحت المجتمعات صلُح الفرد والجماعة فيها وقلّ الفساد ، وكلّما فسدت المجتمعات فسدت أنظمة الحكم فيها من فرد وجماعات وقلّ بذلك المصلحون، فالحق والفساد تختلف تعريفاته حسب المعتقد والديانات، فما يُرى حقّا عند الغير يُرى غير ذلك وهكذا، فميزان الصواب والخطأ عند الانسان حسب تعاليمه ومعتقده، فالمسلم مثلا يرى الربا حراما وهو من الإفساد، وغير المسلم يراه آلية صحيحة وركيزة اقتصادية وحَلالا طيبا، فصراع الانسان مع غيره منشأه السياسة الشرعية والوضعية، وكذا ما يسمى بصراع الايديولوجيات والحضارات، فكما لكل نبيّ عدوّ، كذلك لكل مصلح عدو من المفسدين لا يجابهونه إلاّ في غمرة من ضعف اتباعه، وكذا لكل مفسد إلاّ وله مصلح بالقول اللّيّن مهما كثُر وامتد طغيانه، فالمتربص بالحق ضعيف البيان أمام دولة العدل والقسط، والمنكر للفساد قويّ الحجة أمام دولة الباطل والطغيان، وقوانين السنن تقاس وتُوزَن بمدى صمود الباطل أمام الحق وإن كان الحق في خندق الدفاع ..
فاليوم ابتُلينا بأناس جعلوا من الحق جوادا لهم للوصول إلى مدينة الفساد، لا لفتحها بل للاستلاء عليها وعلى ملذّاتها وسبي خيراتها باسم الحكم تارة، وباسم المعارضة تارة أخرى، وكما بيّنا أن الحق مفقود وغريب بين أهله هذه الأيام ناهيك عن حكمه وتقيّده للناس، إذ بالباطل هو من يسوّس المجتمعات، غربية كانت أم إسلامية، فنشأ من هذه الفوضى الخلّاقة حكّام أزالوا الحق من على تاج السياسة، وقرّبوا الفساد وأمدوه سلطانا وكياسة، وقرّبوا شرار الخلق باسم الإصلاح جندًا وأعوانا ومستشارين وزادوهم رئاسة، ونتج من ذلك تابع ومتبوع، حاكم ومحكوم، ولا يكون إلاّ ما رُسِم ممن لا يرى لِلنَّاس إلاّ ما يرى من سياسة ونمط حكم ينقاد القطيع إليه وبه، ومن تكلم في الحضيرة وأقرّ الحكم والوسيلة قُرِّب وجُعِل من الحاشية والفضيلة، ومن أنكر على السياسة المتّبعة فردا أو جماعة في التوجهات المرسومة حُشِر في زاوية المعارضة، واُقنِع أن له رشد في القول والرؤية، وصُرفت له من الميزانية، فكان كقطع غيار لآلة، يُستعمل في آليات الحكم استعمالا، فإذا فسد ألقي في سلة الإهمال أو القمامة، ومن صدع بالحق ملغيا مشروعية الحاكم والحكم على ضوء نص الوحيين فجزاؤه القتل أو النفي أو السجن ولا كرامة، وما نراه اليوم من سياسة لهي الفوضى الخلاقة التي حُذّرنا منها والنتائج بما غرسنا وجنينا ..
فالحكم اليوم في بلاد الاسلام غير الذي شُرع أو جاء بها الدين القيّم، فإننا على خطى فلسفات غريبة لمفهوم ومراد السياسة كمصطلح متعارف عليه ديناً ووضعا، فمآلنا اليوم في تيه بين الموروث والحداثة، آلياته ما بين فلسفة غربية إغريقية، وعرف قبلي، واُخرى فرعونية بحتة، لا استقامة على أصل الإِرْث ولا حداثة في منظور فلسفة الحكم والقيادة، فالإرث منبوذ والحداثة مستوردة من نسخ ولصق بدون قاعدة تغيير ولا مراجعة، فاصطدم الشرع بالوضع، والحلال بالحرام، والمباح بالمحظور، وضُيِّق على المتّسع، واستُوسع في الضيّق، فما كان من الحاكم إلاّ الزيادة في الطغيان ومن المحكوم إِلَّا ضيقا واحتقان، فما نراه اليوم إِلَّا نتيجة الابتعاد عن حقيقة الرسالة من السياسة، وإهمال دراسة الواقع وسبل النهوض بالأمّة، من الفرد والجماعة إلى المجتمع برمّته، لا النظرة الأُحادية الجانب والشمولية الأوامر في تطبيق الحكم وآلياته المحتكرة، وكل هذا أدى وسيؤدي حتماً إلى القطيعة الدائمة ما بين الحاكم والمحكوم إلى يوم الفصل المشؤوم، وما ثورات الربيع العربي لهي القطيعة بين الحقّ والباطل بمفهوم وضعي ممهدا بذلك إلى بتر حكم الشمولية من الأصل بقصاص شرعي، ولقد أعذر من أنذر، والعاقبة لمن عقل واتقى ..
السلام عليكم ..
========================
كتبه : نورالدين الجزائري

17 ربيع الاول 1438هـ الموافق ل 16/12/2016


jeudi 15 décembre 2016

مقال بعنوان "هل روسيا تستطيع تنفيذ ضربات جوية ضد الدولة الاسلامية ..؟!" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



هل روسيا تستطيع تنفيذ ضربات جوية ضد الدولة الاسلامية ..؟!

لطالما سمعنا من بعض القنوات الفضائية والمحسوبة عن بعض التيارات الاسلامية في منطقتنا، وردود أيضا بعض روّاد هذه المنصات الإعلامية وأصحاب الاجندات السياسية المعلومة أن دخول روسيا في سبتمبر 2015م للحرب في سورية كان لضرب الدولة الاسلامية، وللحدّ من توسعها وسرعة انتصاراتها، وسرعان ما إن انجلى غبار الكلام عن هذا التدخل والتصفيق له حتى انقلب بين عشية وضحاها إلى اتّهام للروس بغض الأنظار عن قوات داعش، والبعض منهم ذهب إلى اتهام بوتين في أجندة وصفقات معها، ومن صنيعة إلى تفاهمات ..
ويبدو أن بنو قومي في سكرة من قراءة المشاهد السياسية وأن في غيّهم ككل مرة تائهون، وعلينا فهم تدخل الدبّ الروسي في القضية السورية جيّدا، وقد كتبت مقالا مفصلا في هذا الباب من عام تحت عنوان "حرب أنابيب الغاز"، وعلى قومي مسك الثور من قرونه حتى تتبين القراءة الصحيحة للمشهد السياسي كما ينبغي للعقلاء قراءته، والتبحر فيه من أجل تفادي وتكرار المآسي والنكبات في كل نازلة من نوازل الأُمَّة، فليرجع القوم إلى أسباب تدخل الروس إذن في الأزمة السورية، وكيف بدأ التحضير لهذا التدخل، ومن مهد له، وبأي قرار مغلّف أمميا جاء الروس إلى "نجدة" نظام بشار الاسد ..
طبعا علينا الرجوع إلى بداية الأزمة السورية ومن تدخل أولاً فيها سياسيا ومنها عسكريا، والقارئ للمشهد السياسي للمنطقة يدرك أن عسكرة الثورة السورية ما هي إلاّ امتدادا لخلفيات التدخل الامريكي في العراق، ومنهم من يعزو شرارة الثورة إلى الربيع العربي وهذا لا يخفى أيضا، ولكن تداعياته أقل بقليل وآثار الأزمة الحقيقي من زلزال سقوط بغداد في 2003م ومنها بروز الدولة الاسلامية في العراق، وبعدها الدولة الاسلامية في العراق والشام، وهذا تسلل للأحداث لا ينبغي فصلها أو التنصل منها، ولا لمن أوقع المنطقة تحت الاحتلال الظاهر قبل الخفي، فعسكرة المشهد السوري من التدخل الامريكي في المنطقة ومن ارتدادات هذا الزلزال والذي أنتج الطائفية وخروج الوحش المجوسي من جحره والتوسع على حساب أراضي ودماء أهل السنّة في المنطقة ..
تدخلت أمريكا في العراق وكان ما كان من تحطيم دولة وإرجاعها إلى ما قبل التاريخ البشري باسم الديمقراطية، ولكن "خرجت" من بلاد الرشيد بعد ستة سنوات جريحة عرجاء مدحورة في نفسها وقوّاتها، خسرت عشرات الآلاف من جنودها ما بين قتيل وجريح وعاق إعاقة دائمة، وأنفقت في هذه الحرب أزيد من ثلاثة ترليون من الدولارات، تسبب تدخلها في انهيار اقتصادها ومنها الأزمة العالمية المستدامة لليوم، وأمريكا من يعرف كينونتها وأسّ وجودها يعلم أنّها أمّة حاقدة، عنصرية في ذاتها، تثأر لشخصها ولو بعد حين، فلذا تفرّدت بمن ألحقها شرّ الهزائم ثأرا،  وإخراجها مرغومة أنهّا في حرب مفتوحة معه إلى زوال أحد الطرفين، وأنّها حرب بلا هوادة سخّرت لها امريكا الغطاء السياسي والاقتصادي اللاّزم، والعنصر البشري الملائم من حلفاء، أصدقاء من الناتو وحكّام المنطقة العربية، وأيضاً أصحاب تقاطع المصالح في المنطقة كالصين وروسيا، وجيّشت الاعلام وأصحاب الاقلام داخلياً وخارجياً على أنّها حرب عالمية ضد الارهاب ومن يتعاطف معه، وأخرجت ورقة التحالفات والوعود الكاذبة لاستقطاب المميّعة من أبناء الأُمَّة، ولشق الصفوف وتمزيق الممّزق حتى يسن لها حصر عدّوها وعدو غطرستها في العالم الاسلامي ..
تعلَّمت أمريكا أن تدخلها برِّيا جد مكلف وباهض الاثمان ماديا وبشريا، فما كان منها إلاّ تفعيل واستحداث قواعدها العسكرية في المنطقة والتي أنشأتها في حرب العراق الاولى، فاستثمرت من جديد فيها بأحدث التقنية، من طائرات واُخرى مسيّرة، وأعلنت حربا عالمية على الارهاب في المنطقة وتكاتف الجميع فيها، فطُوِّق العراق من عدّة محاور أساسية وعلى حدوده المرسومة، فمن السعودية قاعدة الجوف والأمير خالد، ومن قطر قاعدة العديد والسيلية، ومن البحرين قاعدة الجفير وأسطولها السادس بحاملات الطائرات القابع في مياهها، وفِي العراق قاعدة سبايكر ومطار بغداد، ومن الكويت قاعدة أحمد الجابر وعلي السالم للدرونز، وبهذه القبضة الجوية الحديدية تمّ عزل الدولة الاسلامية وتفرّدت كما أسلفنا أمريكا بها لشن عليها حربا من نوع آخر لا خسارة بشرية فيها إلاّ للخصوم، وكان على داعش التكيّف مع هذه الحرب الجديدة والتنويع من استراتيجيتها اتجاه هذا المخطط من نوع حرب النجوم، فحققت امريكا عدّة أهداف منها إلى أن تمددت الدولة الاسلامية داخل المناطق السورية وجعل من الرّقة عاصمة لها ولأمرائها، فوجدت أمريكا من ذلك معضلة قانونية على المستوى الدولي في تتبع قادة داعش داخل الاراضي السورية بموجب التحالفات، وكلّنا يعلم حلف "الممانعة والمقاومة" ومدى "عداوته" لأمريكا، وكان لابدّ لها من إيجاد صيغة أممية في التدخل في سورية والاستنجاد إن صح التعبير بحليف الحلف المزعوم روسيا، وإضفاء شرعية دولية لتدخلها في سورية لمحاربة إرهاب داعش سوياً في سبتمبر من العام الماضي، ولكن امريكا فرضت شروطا على روسيا لا يمكن لبوتين القفز على بعض الخطوط الحمراء، وجاءت التفاهمات في المحافظة على المصالح لكل من الطرفين في سورية، ومحاربة لكل ما تمّ عليه التفاهم من ضرب الارهاب في سورية ..
فالعاقل والدّارس للمشهد العراقي قبل السوري يدرك كيفية التسلسل في الحرب على الارهاب بدءً بالعراق وانتهاءً بسورية، فأمريكا بتحديثها لقواعدها الجوية في المنطقة، وتجيّشها للنخبة في تلك القواعد، والمليارات المستثمرة لمن سياسة بقائها في المنطقة، وأنّها تدري حجم الأخطار من هذا الوحش الذي يهدد وجودها برمّته في المنطقة، فقد تقاسمت الأدوار الجوية ما بينها وبين روسيا في محاربة الدولة الاسلامية، فأمريكا هي من تقود الحرب الجوية على داعش، وهي من تملك الجوسسة اللاّزمة للايقاع بأمرائها والنافذين فيها، وكل هذا مُخطَّط له وبخبرة عالية على الارض، ففي حرب امريكا على الدولة الاسلامية في العراق فالكل يأتمر بأوامرها من دول التحالف من الغربيين والإقليميين، وهي صاحبة تحديد الأهداف المرسومة، فلا تسمح لأي حليف يضرب أهدافا بدون موافقتها، فالسماء لها والمعلومة على الارض حصرية لديها، فروسيا لا تستطيع الخروج عن هذا الحلف ناهيك الاستغناء عن المعلومة على الارض، فالشاهد على كل من قُتِل من قادة الدولة الاسلامية في سورية لمن فعل امريكا وما قتل محمد العدناني وقادة اُخر في ذلك ببعيد، فروسيا إلى حدّ الان لم تعلن عن قتل راْس من رؤوس قادة الدولة الاسلامية لأن الامر ليس بمنوط لها ولأهداف تدخّلها في الأزمة السورية، فتدخل روسيا في سورية يعدّه بعض المراقبين من الدرجة الثانية وهو الإبقاء على عرش بشار الاسد، وتحييد كل ما يهدد بسقوط ملكه ومنها تدخل سوريا في ضرب بعض الجماعات المحسوبة على التيارات الاسلامية، ولكن المهمة المنوطة لها من امريكا هي سياسة الارض المحروقة لافشال الثورة السورية، وإرغام الجميع بعد القضاء على داعش إلى طاولة المحاورات، والعودة من البداية وتحت الوصاية الدولية المعلومة .
فالناعقون ممن يررد أن روسيا لا تستهدف داعش فهم في ظاهر كلامهم محقّون، وفِي باطن السياسة لا يفهمون ولا يفقهون، فأمريكا هي صاحبة الكلمة الطول في المنطقة، ورائدة محاربة "الارهاب" فيها، ولكل رُسِمَت له الأدوار في هذه الحرب المعلنة، وحقد أمريكا وما أصابها خلال احتلالها للعراق هو المهيمن على زناد البارودة في حربها على الدولة الاسلامية، وما روسيا هي من الاجندة المرسومة لها سلفا وأن أي طلقة على داعش ولابدّ أن تمر بالمستشارين الأمريكان في قواعد المنطقة، وتهاوي أخيراً دفاعات روسية في تدمر لمن افتقارها للمعلومة على الارض وخيوط الاستراتيجية للحرب، وما كلام امريكا للتدخل في إعادة تدمر لمن الهيمنة على الأوضاع والمصالح العليا في سوريا، فالكل جندي عندها بتفاوت، والأوامر أوامرها، فلا مزايدة عن فلسفة من نعيق الحمير.
السلام عليكم ..

========================
كتبه : نورالدين الجزائري

16 ربيع الاول 1438هـ الموافق ل 15/12/2016



mercredi 14 décembre 2016

مقال بعنوان "سبب سقوط #حلب" بقلم المدون نورالدين الجزائري


سبب سقوط #حلب

الغرب يتعلم من أخطائنا بل يدفعنا لارتكاب الحماقات ليتعلم، فنحن حقول تجارب لخططه واستراتيجياته،فمعاهد الدراسات والتخطيطات الجيو-سياسية والجيو_الاستراتيجية تترقب هفوات رجال الأمّة حتى تفتح عليهم المخابر والتصنيفات والتقسيمات حسب معتقد الجماعات والأشخاص، وتظل تسعى للاختراقات بسواعدنا أو بأعوان من المرتزقة تتنفس هواءنا وتنطق بألسنتنا وتتغلغل حتى في الصفوف الأمامية لمعركة الامّة مع الأعداء.
فلا عجب من الإخفاقات في كل مرّة وعلى حين من قطف ثمار جهاد الأمّة، فالبارحة في حرب أفغانستان وكيف اقتتل الإخوة الأعداء بعد دحر السوفيات، ومنها في العراق وتشكيل الصحوات بعد أن كانت في خنادق جهاد الأمريكان، واليوم في سورية وكيف انقلبت الجماعات ضد بعضها البعض وتقاتلت وتتقاتل للساعة بعدما كادت أن تقضي على نظام بشار وحلفائه من مرتزقة ولقطاء العالم، وكيف صُوّبت فوهات البنادق إلى ذوات الصدور، والضحية المسلمين من المستضعفين ..
نعم الغرب يعرفنا أكثر ممّا نعرف أنفسنا وكيف نفكِّر، يعرف نقاط قوتنا ونقاط ضعفنا، يعرف ما نحبّ وما نكره، وما نطيق وما نُبعِد، يعرف حتى اُسلوب كلامنا في الحاسوب والهواتف، وهذا كلّه من مراكز البحوث التي أنشأها لدراسة كل من يريد الطلاق عن عصابات الأمم المتحدة، او ما يسمى بالمجتمع الدولي والذي ما اجتمع إلاّ لتفريقنا وبث روح الكراهية فينا وكما أسلفنا بسواعدنا التنظيمية أو من الحكومات الوظيفية التي مهمّتها الأولى والأخيرة إحكام القبضة على كل من لديه ميول إسلامي يريد بفكره إيقاظ النَّاس أو إرشادهم إلى طريق الحق والذي به خلاص للهيمنة الدولية على الانسان والخيرات والمكتسبات والأرض وحتى العرض.
إنّ تجربة سورية كانت للغرب بمثابة مطرقة على الرأس، فانتقلت الأزمة إلى عقر داره، أثّرت عليه أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، فقد وجد ضالته بمعنى أخر ظاهرة جديدة جديرة بالدراسة، فقد جنّد من اللاجئين السياسيين أفرادا وجماعات اخترقت التنظيمات بالمال والمشورة السياسية وهذا الفعل خاص بمن تصدّر المشهد السياسي السوري في المنفى، وجنّد أيضا أفرادا اخترقت الجماعات المسلحة والتي تُعَد بأكثر من 200 فصيل مقاتل لنظام بشار، فبعد أن كان الجهاد أو المقاومة على أشدّه إذ بالأمر ينقلب رأسا على عقب من الاختراقات التي تحصل في كل مرة، فالجماعات المسلحة أصبحت رهينة أوامر والتعليمات أجندة سياسية تُقاد إقليميا من تركيا وقطر والسعودية وبأوامر أمريكية روسية، حتى نجحوا إلى أن فتتوا كل هذه التنظيمات المقاتلة وحاصروها وحصروها رجالا وعددا وعدّة، عارفين المسؤولية السياسية والمطالب الشرعية لكل جماعة بحِدى، فكأنما أُجريَ لهم مسح ديموغرافي انتروبولوجي ليسهل التحكم في كل رأس من هذه الجماعات والتفاوض معها حسب ثقلها، وقد نجحوا في تمييّز كبرى الجماعات المقاتلة على الأرض السورية، فمنهم من قُوتِلت بحلف عالمي كالدولة الاسلامية، ومنها من صُنّفت كجماعة إرهابية تُضرب حسب الأجندات كجماعة فتح الشام أو النصرة سابقا، ومنها أيضا أحرار الشام وجيش الفتح وبعض الجماعات المنضوية تحت حلفهم ..
فالصورة أضحت معلومة وبيّنة للعوام والخاص، فقد أُجري تعدادا أو إحصائية للمقاتلين والذين عندهم خبرة عسكرية وتنظيمية وهيكلية بعدد عشرات الآلاف، وهذا ممّا سيشكل أو يسبب مشاكل كثيرة للدول الإقليمية الحدودية خاصة أو ذات نهج تبعي للمنظومة الدولية في المستقبل أو بعد التسوية السياسية، والتي هي جاهزة ريثما وُضعت الخطط المناسبة لمحاربة هذه الجيوش صاحبة الخبرة القتالية أو حصارها في مناطق يسهُل اصطياد رؤوسها حيثما تطلّبت الحاجة لذلك، وهذا ما فعلته تركيا بإنشاء حزام أمني سمّته درع الفرات والممتد من كوباني عين الاسلام إلى الباب مرورا بمنبج والريف الأقصى لحلب، ومن مخططاتها حصر المقاتلين وعوائلهم الذين قبِلوا بسياساتها الاحتوائية للقضية السورية ومن ورائها قطر والسعودية وبعض ما يسمى بنادي أصدقاء سورية ..
الامر جلل في سرعة تصفية القضية السورية والثقل الذي بات يؤرق الجميع من تكاليف معنوية ومادية، فالقضية السورية عرَّت الغرب والميزان بمكيالين، وفضحت الدول الإقليمية والتي أضحت أداة تمرير أجندات الكبار فقط، فقبل تسليم حلب لنظام بشار، كانت جولة من المحادثات ما بين كبرى الفصائل السورية في تركيا وعلى رأسهم أحرار الشام والمخوّلة بالمفاوضات نيابة عن من هو منضوي تحت جناحها العسكري، وحضر الاجتماع المكاتب السياسية لجل الفصائل في المنفى برعاية كل من روسيا وأمريكا وإيران وتركيا والسعودية وقطر، وقد اتُّفِق على تسليم حلب مقابل حماية دولية وعلى رأسهم تركيا في درع الفرات لكل المقاتلين الراضي عنهم دوليا، وتسليم أسلحتهم المتوسطة والثقيلة ونزوح عائلاتهم معهم، فتخلل ذلك عدّة لقاءات ممّا أدى إلى انقسام حاد داخل المجموعات المفاوضة وكان فخاً لانقسامهم وتشرذمهم، فاُعطيّت الضمانات والامتيازات والتعهدات وبرامج الاندماج لكل هؤلاء، وهذا ما سرّع انسحاب كبرى الفصائل من حلب وأدى إلى سقوطها بهذه السرعة المخزية والمدوية والتي هي نهاية لمشروع كل من باع القضية بامتيازات ودولارات معدودة ..
الحصاد مرّ ورُبَّ خيانة من ورائها تبصرة وموعظة لمن أراد الرجوع إلى لبّ القضية، فالغرب نجح في تشتيت هذا الكم الهائل من المقاتلين وزرع الفرقة بينهم إلى الأبد، فعمد إلى احتواء الأكراد تحت جناحه، وعمدت تركيا إلى جلب بعض المرتزقة من تلك الجماعات لأجندتها المحلية في مقاتلة الدولة الاسلامية ومشروعها في سورية، وبقي البعض الآخر تائها كجبهة فتح الشام أو النصرة سابقا يعضّ على ما فرّط وفوّت من فرص في مشروعه القاعدي، فتشرذم الجميع بسوء نيّة مبيّتة، ودروساً تكاد أن تُدرس في المعاهد و الكليات الحربية الاستراتيجية، فللوهلة الأولى سيحسب انتصارا للغرب ولبشار في فن إدارة الصراعات، والضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه الخروج عن العصابة الدولية الحالية ..
ومن الخطط المعلنة والبنود الخفية، تمّ تسليم حلب لنظام بشار مع خروج كل من هو سُنّي وهو بمثابة حرب طائفية ساهمت فيها الدول الكبرى والإقليمية، فالتركيبة السكانية لحلب ستكون بعد التسليم غير الذي كانت عليه قبله، فسيسكن حلب عوائل الميليشيات المقاتلة في صف بشار من الافغان والباكستانيين والعراقيين واللبنانيين الشيعة، وسيتم فعل ذلك بنعومة دولية تحت مظلة قبّعات زرق أممية لكل من مصر والمغرب والأردن وبعض القوات الآسيوية، وسيُرتّب لاجتماع في الامم المتحدة لحل القضية السورية سياسيا وهذا بعد تنصيب الرئيس الامريكي الجديد في البيت الابيض في أواخر جانفي من العام المقبل ..
إنّ خطر عسكرة الشباب السنّي المسلم أضحت مشكلة للدول العربية وكابوس مزلزل لعروشهم وطريقة حكمهم، فسيناريو سورية وتكلفته الباهظة والخيالية، وظهور خاصة قوة الدولة الاسلامية، وشبح هيمنتها على الجهاد العالمي غير مرغوب فيه، وقد تبيّن هشاشة حكم حكّام العرب، وأن حكمهم مرتبط بهذا النظام الدولي المتكامل، والذي يريد إزاحة الحكومات الوظيفية من بلاد المسلمين فعليه أن يقع في حسبانه الاصطدام بالمنظومة الدولية من دول ومنظمات وشبكات تجسس معقّدة، وهذا الذي فهمته الدولة الاسلامية اليوم ومنه هذا التحالف الدولي العالمي عليها ..
السلام عليكم ..
=====================
كتبه : نورالدين الجزائري

15 ربيع الاول 1438هـ   الموافق ل 14/12/200



mardi 13 décembre 2016

مقال بعنوان " #حلب وتحطيم الأصنام "... بقلم المدون نورالدين الجزائري


#حلب وتحطيم الأصنام ..

يبدو أن النظام العالمي مع قضايا المسلمين لا يعترف ولا يحترم إلاّ أصحاب الأقدام الثقيلة، فالبارحة سريبرينيتسا على يدّ الصرب قُتِل أزيد من عشرة آلاف من المسلمين المستضعفين بتواطئٍ حينها مع الامم المتحدة في عهد الأمين العام بترس غالي الصليبي، وبقيادة القبعات الزرق وعلى رأسهم الجنرال الفرنسي فيليب موريون، واليوم حلب على يد المجوس وعلى رأسهم بشار الطبيب كطبيب الصرب رادكو ملاديتش، مجازر في حق المسلمين والعزّل من الأهالي، نفس اللاعبين، نفس الدول، نفس الحقد، نفس الأدوات، نفس الأساليب والضحية دوما ودائماً "أهل السنة"  ..
يقاتل في سورية اليوم 66 فصيلا شيعيا من ايران وافغانستان وباكستان والعراق ولبنان، و بمجموع من المقاتلين وصل إلى 33الف مقاتل، لهم اليد الطلق على من يريد الخروج من المنظومة الدولية والسجن الإقليمي، وكما تحسست أوروبا البارحة في حرب البوسنة والهرسك شبح الجهاديين على أبوابها، فاليوم العصابة الدولية تتحسس هاجس ومخاوف الكيان الصهيوني، والذي يبدوا أنّه حظ أحمر بالنسبة للصليبيين والقرامطة الجدد، والذين تآمر الجميع ومعهم مزارع المنطقة على إخماد جذوة التغيير، ومحاربة كل من يخرج على الشرعية الدولية في أولاده وحرماته وماله وأرضه ..
التاريخ يعيد نفسه اليوم، التاريخ البعيد والقريب، تاريخ التتر ودخولهم بلاد الرشيد والعاصمة الأموية، تاريخ الصليبيين على السواحل الشامية، تاريخ المجوس ايران والعبث في العراق وسورية ولبنان واليمن والأحواز المنسية، والضحية نفسها : أهل السنة. وا حسرتاه على بني قومي من العلماء إلى الدعاة واصحاب الجاه ورؤوس الأموال والأقلام الإعلامية، تخندقوا في غير الخندق الذي ينصر الامّة لمثل هذه الأيام العصيبة، ساروا على خطى ملوك الأندلس في ضياع قرطبة وإشبيلية وغرناطة وسرقسطة حتى البكاء بعويل النساء ملكاً لم يستطيعوا الحفاظ عليه، فكانت المجازر من محاكم التفتيش، وفِي الامس القريب في سراييفو وموستار وزينيكا في البوسنة والهرسك، والبارحة في بغداد وتكريت والرمادي والفلوجة في العراق، واليوم الموصل وحلب، بنفس العصابة الدولية وأدواتها ومخططاتها وآلاتها الحربية والضحية "أهل السنة".
لمن المشتكى يالله من دونك، فهل تكلنا إلى علماء لو كان شيخ الاسلام ابن تيمية في وسطنا اليوم لبصق على وجوههم كما بصق على أهل العلم الذين سكتوا عن التتر في أيامه، أم نلجأ إلى الاكتفاء بالدعاء حتى تدخل علينا جحافل التتر الجدد كما دخلت مساجد بلاد الرشيد وبني أمية وقتّلت من المسلمين حتى ساحت الدماء على الكتب والمصاحف، وهل نسلّم أمورنا إلى حكومات وظيفية في بلاد الاسلام باعت دينك والعقيدة في أسواق الاستثمارات الصهيو-صليبية-صفوية باسم المصلحة والمفسدة والخلود إلى الارض، والتي تعمل على إبقاء المسلمين السنّة في سجن كبير تحت مسميات الوطنية وبسياج حدود سايكس-بيكو، أم من شروط العودة إلى الجادة الكفر بالمنظومة الدولية وآلياتها والتي تسوم المسلمين اليوم سوء العذاب ..!
إِنَّ لا شكٌ ومن أسباب الرجوع إلى الرشد والنظر بعين مختلفة أن نتعلّم من التاريخ وننصّبه خريطة طريق على الأعين، والاستقاء منه ومن عبره ما خلُصَت إليه التجارب والمآلات، فالعدو واحد على مرّ الزمن  وأن تغطى بأساليب متكيّفة ومتميّزة يدرأ عن نفسه الشبهات، فسرعان ما ينجلي غبار المعارك فالصدمة والخيبات نحن من نتقن مداخلها ومخارجها، وحينها يكون الشجب والتنديد والاستنكار والغضب في أرض فلاة فقط، رأس مالنا ولسان حالنا بعد أكل الثور الابيض والاسود معاً البكاء والعويل كالنائحات المستأجرات على موائد حزن الأسياد، فمن لم يتعلم من تاريخ الامس القريب فعليه أن لا يجرِّب أنياب العدو، فغريزته ومن حسن مأكولاته دماء وأشلاء المسلمين يتلذذ بها حقدا ونكاية وحسدا من عند أنفسهم وكذلك يفعلون ..
وربك غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ومن حكمته أن يميّز دائماً الطهارة من النجاسة، والطيّب من الخبيث، والصادق من الكاذب، والمخلص من المنافق، فهي السنن التي بها يظهر الحقّ على الباطل وإن طالت ظلمة الظالمين، فالحقّ في الأخير يدمغ الباطل فيردِه قتيلا مصروعا، تسبقه تضحيات وأشلاء ودماء وتضرع وتجرد من الحول والقوة إلاّ لله جميعا، ويكون الابتلاء سيّد الكلّ في أرض الملاحم، أرض الجهاد والاستشهاد، أرض الرضى و الخِزْي، أرض ولنبلونّكم بكل أنواع الفتن، والسليم من سلّم أمره لله تعالى؛ فما رأينا ونرى في حلب هذه الأيام إنّما تجسيد لحالة الامّة التي وصلت إليها من مرض عضال وهو حبّ الدنيا وكراهية الموت والوهن الذي أصابها حتى تمرّدت عليه أنجس الأمم قاطبة، أبناء الزنا والتقيّة، أفواه البنادق لليهود والصليبيين، وكان من حكمته سبحانه أن نزع من قلوبنا مهابة الأعداء لنا حتى أضحى الأعداء يتفننون في تعذيبنا معنوياً وحسياً، واستطاعت العصابة الدولية والإقليمية تصويب بوصلة الدفاع عن الدين والمعتقد والحرمات والأرض إلى غير مراد الله، وكل ذلك بسواعدنا وأيدينا، وبمخططاتنا لبعضنا البعض، حتى أصبح القتال فينا على أشدّه وبعنفوانه، وقتال العدو بالمفاوضات والطرق الأخرى الاستسلامية، والنتيجة ما آلات إليه الأمور اليوم من ضياع قلعة من قلاع الاسلام وأرض الصحابة الكرام، فتباً للمال وتعس عبد الدرهم والدولار ..
فالشام اليوم والعراق أضحت دروسا للأمة، فالشاهد على الموصل يدرك مدى تماسك العصبة القائمة بأمر الله وتطبيق شرعه هنالك، وهم قلّة يقارعون أزيد من سبعين دولة براً وجواً وبحراً وما أدراك ما معيّة الله في أرضهم وأنفسهم، وتمددهم إلى سورية وما منّى الله عليهم من فتوحات فبسبب إخلاصهم والحرب كَرّ وفرّ وهذا دأب الجهاد، وَأَمَّا من في الشام فالقلّة من الصادقين بها وخاصة في حلب، والكل يعرف أسباب ما آلت إليه حلب من هزيمة اليوم على يدّ القرامطة الجدد وبأيدي من هم محسوبين على أهل السنة، فما كان منهم إلاّ بيع الدين والذّمة والأرض والعرض لأجل جاه زائل يحسبوه كذلك، فمثله كمثل الرجلين اللذان أوتيا جنتان، فالأول كان يظن أن قوامها وزوالها بأمر الله والامتثال لشرعه، والثاني من كثرة ما أعجب بجنته من أموال ورجال ونصيحة وركون إلى الظلمة قال ما أظن أن تُبيد هذه أبدا، فما كان منه إلاّ أن يتخلى المولى عزّ وجل عنه فأصبح يُقلّب كفيه على ما أفسد فيها وراح يبكي اليوم بكاء آخر ملوك الأندلس نحيبا، فلا دين أقامه ولا دنيا حافظ عليها كحفاظه على نفسه وأهله ..
فحلب اليوم درسٌ لكل من سوّلت له نفسه الخروج عن مراد الله وأوامره، فالسنن لا تحابي أحدا، والله غنيّ عن العالمين، مؤمنه وكافره، بل السنن تجري لصالح من عدّ وأعدّ، وهيّأ الأسباب وتجرّد، وطلب من الله العون والتمكين والمدد، نعم حلب سقطت وسقطت معها الامّة إلاّ الأخيار، فهم غير معنيين بهذه الهزيمة، فلطالما نادت بالتوبة والعودة إلى عزّ الانتصارات بشرط الأخذ بما هم عليه من عدّة، عدّة الايمان والكفر بالمنظومة الدولية والإقليمية، وتحيّيد الهوى والانتصار للنفس والقبيلة، نعم لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم وهم كذلك، فعلى أبناء الأمّة اليوم الرجوع والعودة إلى تصحيح الطريق في الأنفس والأهل والمجتمع، تصحيح وجهة البوصلة وأنّ ما أُخذ بالدّم فلن يُرجعه إلاّ الدّم، وما سُلب بالقوة لن يردع هؤلاء إلاّ القوة، فالله القوة جميعا، فهل من مدّكر ..!
يا أبناء الامّة فدين الله يعلو ولا يُعلى عليه، والله هو الغنيّ الحميد، والموت اليوم أضحى قاب قوسين أو أدنى منّا جميعاً، فمن لم يمت بطائفية حاقدة يموت حريقا من الداخل كمدا، فلا نامت أعين الجبناء، فالهدم الهدم والدَّم الدّم، فأروا من أنفسكم ما يحبّ الله ورسوله، وما كان عليه الصحب الكرام، فيا أحفاد خالد والمثنى وطلحة والزبير فلتكن في سبيل الله، فالموت واحد والأجر أجران، فإمَّا جنّة أو نار، فمن باع نفسه للشيطان كصحوات سورية والعراق فانظروا الفلوجة وحلب، ومن باع نفسه لله فإن سلعة الله غالية، إلا أنّ سلعة الله الجنّة، والطريق واحد، كما أنّ العقيدة واحدة، والسنن معلومة برّاقة، ويد الله مع الجماعة وهي على قلب رجل واحد، فمعركة حلب اليوم أسقطت كل الأصنام والأقنعة، من أنظمة إقليمية إلى ايديولوجيات جماعية، وعرّت النظام العالمي والذي لا يرقب في مسلم إلاًّ ولا ذِمَّة، فكونوا في الخندق الذي يحبّه الله ورسوله، وما ضاع سيسترجع في أقرب الآجال، وأنّ النصر لصبر ساعة ..
فما قبل حلب وما بعدها إنّما فيصل في تاريخ الأمة اليوم، ولا تحسبه شرا بل الخير الكثير، وسيجتمع أبناء السنّة حول العصابة المؤمنة  لاسترجاع هيبة الملّة، رغم أنف المنظومة الدولية والحكومات الوظيفية، واليقظة على جرح واستنزاف دموي يرجعنا لسالف عزّنا خير من الاستيقاظ كل صبيحة في احضان عالم يحكمه الكفر والزندقة ..
السلام عليكم ..
========================
كتبه : نورالدين الجزائري

14 ربيع الاول 1438هـ الموافق ل 13/12/2016




vendredi 9 décembre 2016

مقال بعنوان " اليابان و الجزائر ومفهوم النهضة " بقلم المدون نور الدين الجزائري


اليابان والجزائر ومفهوم النهضة ..

يمكن أن تكون عبارة معمّر القذافي: "من أنتم" لسان حال كل الحكّام العرب اتجاه الشعوب لما تتوق إليه من غدٍ مشرق وتتطلع إليه من تغيّير جذري في سياسة الحكم الرشيد، فالأجدر بِنَا حقيقة أن نفهم ذلك التساؤل وردوده ربما قد تكون بمجلدات عليه نحن الرعية، وربما لزاما علينا أن نقف أمامه ونستشعر عظمة الكلمة ونقول: من نحن .. من نحن حقيقة ..! نعم من نحن، ولما وصلت الأمور بِنَا إلى ما نحن عليه من انسلاخ انساني مبنيّ على الإستخلاف في الأرض والعلم والتعمير، ناهيك عن البعد من الدين بمثابة القمر من الشمس، فما الذي جعل سياسة الراعي اتجاه الرعيّة مسدودة لحدّ التصادم وإراقة الدماء وكأن مفاتيح الحلول عند الشيطان الرّجيم، فهل تطلعات الرعيّة في واد وحكم الراعي في جانب الواد، وهل الشعوب تفوق أزمنة وقتية بمعدل سرعة ضوئية  إلى ما هي عليه رُزمانة الأخذ من رؤية الحاكم والحاشية في السياسة، أين الخلل يا ترى فيما آلت إليه الارضيّة من انسداد الثقة بين الطرفين وأصبحت اللّعنة عنوان اللّسانين، أفلا يتدبرون وسيلة إلى العقل والحكمة وإلى تدارك السفينة وهي في أعتى الامواج والعواصف من هذه التغيّرات المحيطة بالجميع بدون استثناء ..!
إنّه زمن السلبي والإيجابي في المكنون العلمي، زمن الانسداد والانفتاح في الرؤى السياسية، زمن الطمس والشفافية في الإصلاح الاقتصادي، زمن الرجل غير المناسب في العصر اللافظ لهذه الأشكال، زمن البادية تتحكَّم في المدنية، زمن طوالات الأتراك مقابل دُورِ مياه الإنجليز، زمن من لا خطط له خارج حدود انفه يرى بمنظار التلسكوب هبل، زمن الرويبضة عند أهل العلم والفلسفة، فكيف لهؤلاء أن يتصدروا الحكم ومقاليد السياسة ويسيرون بالأمّة إلى حتفها، أمّة قيل فيها المنصفون أنّها أسّ الحداثة بموازين الحكمة والعقل، أمّة تعلّم منها الغرب وسار على عقلانيتها إلى أن أصبح ما هو عليه اليوم من تطور مذهل في كل ما يمكن أن يصل إليه الانسان من معرفة وعلم ..
هل أتى حديث أوساهير الياباني المبتعث لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إلى مسامع "ولاة" الأمور، هل درسوا منهجه في التعلّم وكيف النهوض بأمّة منهارة بعد الحضيض، أم فهموا أنّ تسيير الدول كمطاعم مكادونالدز السرعة في إيجاد المأكول ولا مبالاة لصحة المحكوم، أوساهير ابتُعث لألمانيا لدراسة الهندسة الصناعية وكيف تفكيك محرك وإعادة هيكلته ولكن الرجل جلس أمام ذلك المحرك سنين حتى تعلّم وعلم سرَّ صناعته ومنها الاستغناء عن المنتوج وصياغة منتوج آخر يضاهي الصناعة الغربية ويكون الرمز للنهوض بالانهيار وعلى الطريقة الذاتية لا تحابي التبعية ولا تنظر إلى الأدوات الهيكلية للقيام بثورة صناعية يكون من خلالها الاستقلال والقفزة العلمية في مجال السياسة والاقتصاد والتوازن الاجتماعي والثقافي، والحجّ بعدها إلى بلد للعلم كان في خبر كان من نصف قرن فقط من زمننا هذا اللاّعن لوجودنا كأمّة تشيد بفلان وعلّان كقدوة ونموذج للرقيّ في مجالات العلم والتقنية، نعم هل فهم "ولاة" الامور سرّ نهوض البلدان والحضارات بعد ركودها وانهيارها بفعل فاعل، ام في التبعية علم ومنهجية عند هؤلاء ولا اكتراث في البحث عن كيفية الرجوع إلى التنافسية الحضارية، والتي على حسب دراسة سطحية أن لا موجود في رؤوس آذان صاغية إلى خطورة ما هي عليه الشعوب العربية من عالة على المجتمعات الاخرى ..
أيا قومي وبنو وطني وساكنو بلدتي أدركوني من هول ما وصلت إليه بلادي من تدنٍّ فكري وتخطيطي، كيف لبلد بعد البحبوحة المالية التي أعلنوا عنها والمقدّرة حينها بـ 900 مليار دولار في الخزينة العامة بفضل الملعونات وليس المحروقات، ها هي الجزائر اليوم لأول مرة تقترض مليار دولار من البنك الإفريقي للتنمية، قرضا يقال أنّه لتحسين مجال الطاقة، وكيف ذلك وهي تمتلك المؤهلات والخام لهكذا مشاريع وتخطيطات، أليس الانتحار سبيلا لهكذا اخبارا، أوَ رأيتم من الحاكم والمسيّر وأنّه لا يفقه وقته ولا زمانه، أرأيتم من قبع في مخيّلته أن طوالات الأتراك على هندستها خير من طوالات الإنجليز بالرغم من راحة الجسم في أداء الحاجة، كيف تريدون من النجاسة أن لا تصيب الجسم والثوب، فسياسة بلادنا تُدار بمثل هذه العقلية العفنة، المئات من المليارات من اللعنة راحت إدراج العبث بسياسة البادية وبعقلية الحواشي والقبيلة والمناطقية، أوَ لم يعلموا أن من بدى جفى، وأنّ مهما من كان حولهم من حاشية أن لم يكونوا بعقلانية واستراتيجية أوساهير في التخطيط فإن العبثية من الأحصنة الخاسرة قدرنا عبر مرِّ العصور والأزمنة، فهل أُصِبنا بداء كوبي كولي في السياسة من قبْل، كالراد على المخالف في عالم شيخنا غوغل المفدى، كيف لتبديد ثروة مالية هائلة كهذه إن لم تكن اللعنة قد حلّت بمفهوم الحكم والسياسة، فيا قوم أعيروني قلوبكم قبل أسماعكم وزنوا بالعقلانية ما وصلت إليه البلاد من أزمة اقتصادية وكيف لطرف أن يتقشف على حساب رفاهية صاحب التبذير والأعمال الشيطانية، وهل لنا أن نسألكم ونحاسب أعمالكم والامانة التي اُوكلت إليكم وعلى هذا العبث الحضاري الذي تركتم فيه الشعب على حافة الطريق كالمجنون ينظر إلى ركبان الحضارات كالمتسوّل على طرقات الجهل والتخلف، وانٌما ببساطة أُصبنا بخلل في التركيبة الكروموزومية من عبثيتكم وعبر تلقيح استبدادي فيروسه أنتم وانتشر مرضكم إلى الحاشية وبعض المنتفعين من سياساتكم العفنة، أصابت الشعب بهذا السكوت الشللي في اللسان واليدّ وجوارح الاستنكار ..
فاعلموا إنّما أنتم أراذل القوم فينا، وما آلت إليه البلاد فمن سياسة الببغاوات المتّبعة قصرا وعنوة من الأسياد الحقيقيين للبلاد وخيراتها، وما نتاج نموذجكم على ألسنة الشعب فهو مقصور على الادارة للظهور  واللّعنة من ثمة بابجاديات التمتمة، فالذي أراد الخير لا يوجد أمامه إلاّ خيرا ولكم في مهاتير محمد سياسة ونموذجا، بل اتّبعتم طريق هامان وقارون في السياسة والاقتصاد، أوَ لم تقرؤوا يقين خبر من أراد أن يدير ظهره للفطرة وما جُبِل الانسان عليه، أم إِنَّكُم حالة استثنائية ولا محاسب ورقيب من هذه العبثية حتى مع أهليكم والحاشية، بل إن الجمال يا سلال وحداد العاتية تساق بأمر حكيم مبدأه البحث عن راْس الماشية، واحترام قوانين المرور حتى في الصحاري ناهيك عن ازدحام وفهم العبور الى المدنية، فالمدنية لا تُفهم من خلطة البادية ولها أناسها وقوانينها لا يمكن العبور إليها إلاّ ببدء فهم مغزى العلوم والمعرفة، ولا يكون ذلك إلاّ بالرجوع إلى أصل الدّين الحقّ ومعرفة خروج أصوله ومداخيل فروعه، وَأَمَّا السير بخطى الغراب على فنون الحمام فلابد من التسلّح بسلعة العقلانية والتي هي أسّ مدخل ما فهمه اوساهير وعجزتم أن تفهموا سرّ التشفير للوصول إلى الاستقلالية في السياسة وفنونها ..
فبعد البحبوحة والارجوحة والجسور المعلّقة وبتعبيد الطرقات باسم السلامة لا بمفهوم الربح والسرقة، فإنكم جنيتم على أنفسكم وحاسبكم وقتكم المغدور، فلا سياسة رشيدة أقمتم ولا فنّ النسخ واللصق أتقنتم، فحبال الوصال والوصل تقطّعت بكم في أوجّ عصركم الذهبي، فكيف تريدون الترميم في عصر الهدم والبلدوزار الميداني، فسيذكركم التاريخ بأسوأ الحروف، وستلعنكم عباراته بأقبح الاوصاف، وستبصق الأجيال القادمة على فهمكم للحداثة والعمران الحضاري، فهل من خدعة أخرى في جعبتكم ستنطلي على طمس فشلكم وإعادة الكرونوماتر إلى بداية تاريخكم الملعون، وهل ستبقى إنجازاتكم المعلنة ريقا على ألسنة كاذبة بعد تبديد وسرقة الخيرات الملعونة، أم ستنصفون بمقدار ناطحات السحاب التي شيّدتموها من عمق مخططاتكم العملاقة والعبقرية الهيكلية للبنية التحتية التي وضعتموها في البلاد بحجم سمعة الجزائر البيضاء ..؟!
السلام عليكم ..
====================
كتبه : نورالدين الجزائري

10 ربيع الاول 1438ه الموافق ل 09/12/2016

dimanche 4 décembre 2016

مقال بعنوان " مؤامرة .. ؟! " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري

مؤامرة .. ؟!

دعونا أولا نقف أمام ما يروّجون له من مؤامرة على الاوطان والشعوب، ولنسلِّم لهم بذلك ونشدّ على أيديهم بأن الاخطار من كل النوافذ والابواب المشروعة وغير المسدودة، وأن الخطر على المسلمين قائم بحد ذاته عامة، وأن الأعداء في تربص متسلسل على كل ما يوجد من خيرات عند العرب خاصة من بترول وغاز وثروات أخرى باطنية وحتى على بعض الموارد البشرية والتي تريد الخير لصالح العباد والبلاد ..
فلنرجع قليلا إلى الوراء وما قبل الربيع العربي وحتى قبل أحداث سبتمبر 2001، فالشاهد ما كان في الاوطان العربية من سياسة وقبل صعود أسعار البترول إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، فإننا نجد أنه كانت بعض السياسات الاقتصادية منعشة متماشية مع احتياجات الطبقة الوسطى من المجتمع وأن الفقير كان من المتعففين نوعا ما، وظاهرة الفقر لم تكن بهولها ومعاينة إلى حدّ الشفقة والاستنكار، وأن اقتصاديات البلاد العربية كانت تتماشى حسب شروط OMC أو المنظمة العالمية للاقتصاد والتي خلفها كل من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وعلى رأسيهما وول ستريت مخ الرأسمالية العالمية ..
فبعد انفجار البورصات العالمية ومنها الاقتصاد العالمي الرأسمالي في أواخر 2008 واختفاء تريليونات من دولارات الشعوب العالمية وعلى رأسها الشعوب الاسلامية وخاصة العربية باسم الأزمات المالية والتي كانت استثمارات في الاقتصاد الافتراضي، هنا يطرح السؤال نفسه أين ذهبت كل تلك الأموال ومن كان المستفيد منها؟ هذا ويبقى جوابه لغزا إلى حدّ اليوم، فما كان على الدول العظمى وبأذرعها التسلطية على بلداننا أن انفخوا في براميل البترول حتى يصبح السعر بما يتماشى مع سدّ العجز والخسارة التي تكبدتها بورصات العالم واقتصادياتها إلى أن وصل البرميل لأرقام قياسية، والأصح أنّه وصل سعره إلى أدنى الطلب لو كنّا أصحاب ما نملك، وإعلان بعدها عن خطط تقشف في كل البلدان الغربية ومنها بلداننا التي شدّت على بُطُون البسطاء أكثر من أصحاب الدوائر المقربة من صنع القرار، فساهم صعود سعر البترول بعد الأزمة الاقتصادية العالمية إلى كينونة من البحبوحة المالية لدى أبقار الحلوب وصلت إلى تريليونات من الدولارات بتفاوت، ساهمت تلك البلدان المنتجة والمصدرة للذهب الأسود إلى استقرار العالم الغربي وعلى راْسه أمريكا في تجاوز أزماته على حساب الداخل للبلدان منظمة أوبك ( OPEC )، وكان من هذا العمل الشنيع أن انفجرت بعض البلدان العربية كتونس ومصر وليبيا واليمن وسورية والحبل على الجرار، والعاقل الناظر إلى هذه الأحداث والشاهد عليها وعلى زرّ اندلاعها يعلم علم اليقين أن سياسات الدول العربية صاحبة هذه الكوارث و المآلة إلى ما نحن عليه اليوم من أحداث والتي ستُغيّر من خلالها خارطة السياسة لهذه البلدان منذ اندلاع الأزمات إلى نهاية عقد هذه الأحداث ..
إن العالم اليوم على مفترق الطريق وعلى موعد طلاق ما بين النافع والمنتفع، وما بين البقر وشاري الحليب، وما بين صاحب الخيرات والحارس وسارقها، وأن ما قبل الأزمة المالية لـ 2008 ليس كبعدها، ولذا تفطّنت أمريكا والغرب على هيكلة سياسة بلدان منبع الخيرات وشريان اقتصاداتها وحياتها، فقبل الربيع العربي كان سعر برميل البترول يفوت 100 دولار وكما بيّنا سبب ذلك هو إعادة النفخ في روح بنوك المنتفع، وخلال هذه الثورات هوى برميل البترول إلى أدنى سعره منذ عقود، فما كان من ذلك إلاّ الاعلان عن سياسات تقشفية ثانية وخطيرة في البلدان المنتجة، ولسان حال المنتج والمنتفع اتباع سياسة التخويف الاقتصادي ورسالة إلى من يريد التغيير والداعي له أن البلدان في خطر الافلاس والمديونية، وأنّ أولى للجميع حفظ الامن والامان وعدم الانزلاق إلى المطالبة بالتغيير السياسي والمرحلة تتطلب نظرة بوليسية حادة وقاسية على كل من تسوّل له نفسه التوجه إلى غير مراد الحكّام ومن جاورهم، وتشويه من خلاله صورة كل من أراد التغيير في البلدان الاخرى بكل الوسائل المتاحة من قرارات وإعلام وبلطجة داخلية، وإبقاء الأمور على ماهي من سياسات آملين تحسّن بعض بلدان الربيع العربي بإعانتها بالمال في كل من تونس ومصر وبالمشورة والسلاح للأنظمة التي هي على وشك السقوط كسورية والعراق واليمن وليبيا، والكل اتَّحد على إبقاء العرب في حضيرة الطاعة بسياسة التقشف والتجويع أو الوسائل المعهودة من قمع وارهاب فكري أو بدني ..
فالمؤامرة اليوم مفضوحة مكشوفة، ففي البلدان التي لم يطالها الربيع العربي فإنها انتهجت سياسة التجويع الاجتماعي والتقشف الاقتصادي لضبط نبض غليان الشارع العربي، وبث إشاعة المخاطر والتفكك والصراع على الكراسي، فأصبح المواطن في هذه البلدان في سجن كبير لا يجوز له النظر حتى في وجوه السياسيين، ناهيك عن الإنكار لكذب هذه السياسات والتي لا صحة لها علمياً إلاّ للإبقاء على الأوضاع وتسلط من اُوكلت له الوظيفة، ومن هو تحت بلدان الصراع كسورية والعراق واليمن وليبيا فعصى التقسيم والارهاب الطائفي سياسة حكيمة روَّج له الغرب وبعض البلدان العربية كنموذج للبلدان الاخرى إن أصرّت على التغيير، فالكل اجتمع على العربي حتى لا يخرج من عباءة الاستسلام والعبودية لحكومات وظيفية تتبع سياسة الدول العظمى في إدارة الحضيرة الكبيرة، وان سلاح التجويع وارهاب الدولة خياران لا ثالث لهما لتكميم الافواه وإلجام التوجهات المغايرة، فهؤلاء هم مؤامرة على أبناء الامّة وطموحاتهم في التغيير الجذري والاستقلال من براثن اتفاقيات أصابت الصادقين في مقتل، فالسؤال اليوم من يتآمر على من، ومن يريد الإصرار على الفشل وأخذ البلدان إلى غير ما لا تُحمد عقباه ..
فالمروّج للمؤامرة اليوم عليه أن لا يتكلم بغباء ومن منطق الحمار، فالسرقات والصفقات المشبوهة وإهدار الأموال العمومية بمئات المليارات من الدولارات خلال نصف عقد إلى اليوم والتي لا رقيب ولا حسيب عليها، والاستثمارات في عواصم الغرب بأسماء السياسيين المعروفة والبذخ الذي أصاب عائلاتهم من ترف تخمة الأموال والممتلكات لهي المؤامرة الحق على أبناء الامة وعلى حساب الأجيال القادمة والاوطان، وأقول قول الشارع : روحوا تقودوا واحشوها لبيبيط ..
السلام عليكم ..
===========================
كتبه : نورالدين الجزائري
 ربيع الاول 1438هـ الموافق ل04/12/2016                                             05