Rechercher dans ce blog

vendredi 29 juillet 2016

#جديد ... مقال بعنوان سلسلة التعريف بالارهاب .. الفصل الثاني ... معنى الارهاب شرعا " بقلم المدون نورالدين الجزائري


سلسلة التعريف بالارهاب
الفصل الثاني: معنى الارهاب شرعاً ...



قال شيخ الاسلام ابن تيمية -يرحمه الله-:" "معرفة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما أراده بألفاظ القرآن والحديث، هو أصل العلم والإيمان، والسعادة والنجاة " .
ولمّا كان أصل الخلق وَضْع الميزان بين أهل الحق والزيغ والبهتان، كان لابد أن يتصارع الحق والبطلان، فكان دائماً للباطل صولات وجولات وللحق درجة عليه في نهاية الأزمات، ولكل أُمَّة صراعها، فمنهم من قام بالحق فردا، ومنهم من قام به جماعة، ومنهم من حارب عليه ملَّة أو أُمَّة، فاستخدمت لذلك السنن الإلهية والكونية، فمن عرف الطريق مسّه النصر من بعد الضر، ومن جهِل فقه الصراعات تخبط وفشل، وذهبت ريحه واضمحل، كالذي عليه أُمَّة القرآن اليوم، وكيف فهم سبب النصر والعزّ والتمكين الصدر الاول من الربّانيين، واُلبست لهذا الجيل أقمصة الذّل المستبين، فالطريق واضح ولن يصلح الشأن الا بمفهوم الاولين.
قال تعالى : " ترهبون به عدو الله وعدوكم"  ، و قال ابن حزم -رحمه الله- في المحلى :" فَفَرْضٌ علينا إرهابهم" ويقول الطبري ـ رحمه الله ـ : " تُخيفون بإعدادكم عُدّو الله وعدّوكم من المشركين " ، ويقول الامام القرطبي عليه ـ رحمة الله ـ: "يعني تُخيفون به عدّو الله وعدوكم من اليهود وقريش وكفّار العرب" وقال البغوي -يرحمه الله- : " تُرهبون به: تخوفون { عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ } أي: وترهبون آخرين، { مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } قال مجاهد ومقاتل وقتادة: هم بنو قريظة. وقال السدي: هم أهل فارس "
فالآية واضحة لما تضمنته من معنى لعدو مباشر وآخر غير معلوم، يتقمص الأدوار حسب المنافع والمصالح، متربصا بذلك الفرص والأطوار، يُعرف لاحقاً من خلال المواجهة مع العدو المباشر، وذلك من رحمة الله على عباده الموحدين في أن يُعرّفهم بالعدو الباطن، حتى لا تؤكل الأمّة من الكتف السهل.
فقد جاء إذاً في الشرع مطلب الارهاب، وقد بيّن الله عز وجل ذلك في خاصية المعارك، وأن لابد من الاستعداد لها معنوياً ومادياً، وقد عرّفه لهم، وهو الأخذ بأسباب القوة حسب الازمنة، والاستعداد للمعركة في كل وقت، لإخافة العدو المعلوم و غير ذلك، وان العدو يتربص دائماً وأبداً بالإسلام وعقيدة المسلمين، وبخيرات الأمّة ومقدراتها في كل حين، فلا ينام على ضيم، فالمخططات تلو المخططات، ولن يفل الحديد إلا الحديد .
فمعارك المسلمين مفروضة عليهم منذ أن خَصّ الله عزّ وجل هذه الأمّة بالتوحيد، فقد كُتِب عليها القتال وهي كارهة له، وبعد هذا الكره الخير الوفير بحسب صدقها وبذلها وعطائها، إذ به يكون التمكين، ويكون الدّين كله لله، فالإرهاب إذاً في الاسلام بعد إعداد العدّة المطلوبة، هو تخويف العدو خشية اعتدائه على المسلمين، والتمكن من ديارهم وأموالهم وخيراتهم، وليس إرهاب المسلم لأخيه المسلم، وتخويفه وترويعه، فقد تقوم به جماعات وتنظيمات من أجل الاستيلاء على الحكم والخروج على الحاكم العدل الذي اتفقت عليه الامٌة بأن يحكّمها بكتاب رَبِّهَا وبسُنّة نبيها، وبمبدأ الشورى ولا غير، ويكون ذلك بغياً على الدّين والدَّم والعقل والمال والعرض، والدخول في دوامة الفتن ولا حول ولا قوة الا بالله.
فمن وصف دين الله بأنّه دين ارهاب فاتهموه بأجندة داخلية وخارجية ومروق من الدّين، فالحاكم العادل لا يحكم الأمّة بالإرهاب، ومن أراد الحكم فلا يجوز له أن يستعمل الارهاب، ناهيك على أن لا يجوز الخروج على الامام العدل المتفق عليه بحد السيف، فالخوارج كل من خرج على إجماع الأمّة في إقامة دينها والتمسك بتوحيدها، ومارس العنف بشتى وسائله، كالتحريض عدى أولياء الله وخاصته من المجاهدين، كان ذلك بكلمة أو نص أو مقال، وكل من روج لباطل يريد من خلاله منفعة شخصية كانت أو لعدو صايل متربص، وكل من يريد إبعاد الناس عن دين رب الناس .
فالآيات واضحة في تعريف الارهاب وأنّه مطلب شرعي لإخافة أعداء الملّة والدِّين، وما عدا ذلك فإن الله لا يحبّ المعتدين، وإن قلتم فانصفوا وأن الله ولي الصالحين ..
السلام عليكم ..

==============================

كتبه : نورالدين الجزائري
24
شوال 1437هـ الموافق ل 29/07/2016





مقال جديد بعنوان " السنة في العراق ... عبثية الرأي و كارثية المآل ... بقلم نورالدين الجزائري


السنّة في العراق
ـ عبثية الرأي وكارثية المآل  ـ



جاء في تفسير قول الله تعالى :" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة "، أي  كما يجتمعون لحربكم إذا حاربوكم فاجتمعوا أنتم أيضا لهم إذا حاربتموهم، وقاتلوهم بنظير ما يفعلون، وأن قتالهم مستحق بشرطين: كونهم مشركين، وكونهم مقاتلين؛ فمتى زال أحد الوصفين لم يقاتلوا..
فما شدَّنا لكتابة هذه الأسطر إنّما لرد بعض هجوم عبثية الرأي والمشورة انصافاً لمن حقق شرط التوحيد والعبودية، فكما قال المدعي غفر الله له " إن اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم- ليس في العبادة والهيئة فقط، وإنّما في السياسة وبقية شؤون الحياة ايضا "، وهنا شهادة منه لهؤلاء من حيث المعاينة والمعاملة، وإنّهم أتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم- في تطبيق السنّة القولية والفعلية، ومن غير ضغوط داخلية، أصحاب النّصوص وأمٌهات الكتب في تجسيد ما كان عليه سلف الأمّة، وقد غيّب عنهم هداه الله العقلانية والمنطقية واتهمهم بالاضطراب في السياسة الشرعية، وعاب على القوم عدم اتباع السنن في تحقيق المصلحة ودرء المفسدة، وحمّلهم ما آلت إليه الأوضاع في العراق، وبكى ويتباكى على الحجر والبنايات ورأى أنّهم سبب الخراب في كل محافظة، فهذا من البهتان والفرية ومن عين التعصب للحزبية وأحادية النظرة السياسية في النصيحة والرأي والنظر لذلك بعين الزلل والإقصائية، فليس كلامنا عن الخلفيات السياسية الوضعية بصبغة شرعية، ولا تشخيص الملام على شخص الناقد بعين الازدراء والسخرية، وإنّما على المسلم إنصاف الغير فما بالك بإنصاف من زرع في روع الامة ذروة سنام الاسلام، وفطّن الامة من مخدر الجزئيات والتنظيمات، ناهيك عن كنس أرض التوحيد عن براثن الجماد، جماد العلماء والمشيخة والجدران الأربعة ..
الأمّة في قبضة العدو داخلياً وخارجياً، والعدو هو أمريكا والغرب وروسيا مؤخراً، واتفق الجميع على عدم تطبيق شرع الله، وانّ كل من تسول له نفسه التفكير أو الخروج عن الاجماع المقرر لكل واحد من المنظومة الدولية فالتّهم جاهزة، والمشانق معلقة بعد الحصار والتجويع والشيطنة، فيا دكتور لك في صدّام حسين مثالا ومسألة، فقد عِبت على القوم التسرع في المرحلة، وشهّرت بهم في عدم الأخذ بالسُنّة في التحالفات وإبرام المعاهدات والاتفاقيات، وقلتَ أيضاً بالعلاقات والشَرَكات، فخلطت ما بين بداية الدعوة ونهايتها وأهملت أسباب المرحلات، فكيف لدكتور مثل حضرتكم الإتيان بهكذا تناقضات والله المستعان.
إنّ على المسلم العاقل قراءة السنن الإلهية والكونية في المجتمعات، وطبيعة المرحلة الزمنية وما تتخللها من ضعف وقوة ودلالات، فالعاقل اليوم يدري بأن من يريد الخروج من مخالب المجتمع الدولي فعليه المرور بأمريكا وأمريكا فقط، والكل يعلم ما تريده امريكا وما ترفضه، فعن أي تحالفات تتكلم، وعن أي بلدان تقصد ؟!، فمن يجرؤ الخروج عن أمريكا فأسطولها السادس في مياه البحرين من عقود، ناهيك عن القواعد العسكرية في المنطقة، ولا تنسى كلابهم الناهِشة اليوم من الرافضة والمليشيات، فعن أي حديبية تتكلم وعن أي أحزاب ؟!، فالكل تحت سطوتها من حلف الناتو وروسيا و ايران إلى حكّام المنطقة، وزد على ذلك فساد العشائر والأعيان في داخل البلد والدّار، والكل يُسَبِّح باسم نهجها ورؤيتها ويُكبّر برايات الدولار .
والجنون كل الجنون الذي يرى الخير في أمريكا ومن يدور في فلكها ومن هو تحت سطوتها، فأمريكا لا تريدك أن تعبد رَبّك إلا بمناهجها وبإرشاد من مؤسساتها، فعن أي تحالفات خارجية تريد من هؤلاء يا دكتور إن يتجهوا صوبها، والخيانة في دار عقر بلد الرشيد مستشرية، ولولاها لما خُرّبت وسقطت كما قلتَ: بهرز والعظيم والمقدادية وبلدروز إلى المحمودية واللطيفية وأبي غريب والتاجي، ومن سامراء والدور وبيجي إلى الكرمة والفلوجة والرمادي والخالدية.
لكن ألم يعقد هؤلاء معاهدات وتحالفات مع ابناء العشائر والأعيان منكم ومن خان ؟!، الرمادي والفلوجة ومن قبلهما تكريت لخير مثال، لكن كيف تقول بالتحالفات والعلاقات المشتركة والقوم فُرضت عليهم الحرب وخُرِّب عليهم المس بالعشائر فاسأل دول الجوار وما دسّوه من قلاقل وسموم وحتى في عشيرة الدليم !، فهم محاربون من القريب والجار والجار الجنب ومن جاء من بعيد فكيف منكم كلاما لا يستقيم وأنتم أصحاب الرؤية والتجربة فما أرى كل ذلك إلا لإضعاف الصف وبث روح الهزيمة والبعد عن اليقين ..
فالأسئلة مثيرة كاشفة وكثيرة، فكما قلت إن الشام هي الكاشفة والعراق الفاضحة، فقد فضحت أهل العراق وما يخرج منهم من عجائب، وأذكّر حضرتكم بما غاب عن رؤيتكم للسياسة الخارجية فيما يُحاك للأمة، فبعد هزيمة من تصفهم بالمجانين للامريكان في 2008م، اجتمعت رؤوس الكفر العالمية في مقر الناتو ببروكسل على حرب الأمّة "السُنّية" من امريكا ودوّل الناتو وروسيا وقد قُرّر على لسان أمينهم العام رسموسن في 4 ديسمبر 2010م ما يلي:" لقد اتفقنا على خطة عمل مشتركة لعام 2010، بما في ذلك استئناف التعاون العسكري مع روسيا، والبدء بالاستعراض المشترك للتحديات والتهديدات المعاصرة، وكذلك النظر في كيفية جعل عمل مجلس "روسيا – الناتو" أكثر فعالية" .
فالعدو و إن كانت خلافاتهم موجودة فقد اجتمعوا على قلب رجل واحد لما هو آت من تحديات، فتجربة المجتمع الدولي في أفغانستان والعراق جعل إبقاء العالم الاسلامي تحت سطوتهم و الشد على ذلك بقوة نواجذهم، ومحاربة كل تمرد بأبناء ذلك البلد أولا ولَك في الثورات المضادة في الربيع العربي مثالا، ثم إن استعصى الامر فالتدخل بقوات بلاد الحوار للتمرد ولَك في سورية وبلدك العراق بياناً، وهلّم جر من المخططات والمؤامرات ..
ومن الخطأ بمكان القول أن القوم لم يراعوا السياسة الشرعية في قتالهم للعالم، وهذا مما لا يقوله عاقل درس تاريخ الامة، فالأحزاب جمع حزب تحزبوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، فاليهود والقبائل العربية تحزبت عليه وعلى دعوته فما كان من رسول الله إلا قتالهم كافة كما قاتلوه واجتمعوا عليه كافة، ولَك يا دكتور هدانا الله وإياك إلى الحق وسواء السبيل حنكة الفاروق عمر -رضي الله عنه- وقتاله في آن واحدٍ للفرس بقيادة سعد بن أبي وقّاص، وللروم بقيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنهما- فأين استدلالك بمقاتلة الكفار واحدا واحدا لمراعة المصلحة ودرء المفسدة.
إنّ هذه الحرب فُرضت على أبناء الأمّة وخاصة على فئة منهم خاصة والاسباب معروفة، لا ولاء إلا لله ورسوله والبراءة من أهل الشرك والنفاق قاطبة، فالعقيدة لا تركن غلى الظلمة ومن فعل ذلك يلقى آثاما لاحقا، ومن عرف أسّ التوحيد وحلاوته، فإنه لا يبالي بالمدن والبنايات إن تحطمت على راْسه، فقول العلامة إبن سحمان رحمه الله يغنيك فهمًا يا دكتور حيث قال :" ولئن اقتتلت البادية والحاضرة حتى يتفانوا، كان خيراً لهم من أن ينصّبوا طاغوتا يتحاكمون إليه .."، واسّ الامر الكفر بالطاغوت قبل الايمان بالله وهذه عقيدة لا يريد القوم المسآلة والمساومة عليها، فلذا تحزّب الجميع على قتال الفئة المؤمنة، وما قتالهم إياها الا تمحيص وليتّخذ منهم شهداء، وقول القوم بإمكانية الرجوع الى السحاري ليس من ضعف ولا من قلة قوة، ولكن بكثرة الخونة والاخونة والردّة العينية والطعن في الظهر بعد إعطاء ثمرة البيعة من العشائر والأعيان، وأصبحوا بذلك صحوات عونا للكفر على الايمان،  ونصيحة لمن أراد الطعن وهو في الفنادق إن يتقي الله في هؤلاء فقد أبلوا بلاء غير مطاق، وعلى من تجرأ عليهم أن يعمل بمقولة: " اقتلوا الدّب اولا ثم عليكم ببيع جلده في سوق النخاسة "، وما أكثر النّخاسين اليوم من بني جلدتنا، وما النصر إلا من عند الله، وكفى بهم نصرا لدينه ولعباده المستضعفين، والعاقبة للمتقين، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..


==================================
كتبــــــه : نورالدين رداً على مقال للدكتور طه الدليمي " عبثية البدايات وكارثية النهايات"

24 شوال 1437هـ الموافق ل 29/07/2016 









lundi 25 juillet 2016

#جديد_هام .... مقال بعنوان " الغرب ومصطلح الارهاب " .. بقلم نورالدين الجزائري




                                الغرب ومصطلح الارهاب



الارهاب ، ذلك المصطلح الذي يكرهه الساسة، ويخافه العامة، ويلجأ اليه ولأدواته من له مآرب وطموحات خاصة، ويجهل معناه ومحتواه كثير من الناس ناهيك عن النخبة، ترى الجميع لهم فهمهم بحسب توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية، مصطلح حمّال لعدة معاني مختلفة، اختلاف الأشخاص والامكنة والأزمنة، سياسة تربطهم او عرف يمسكهم، فالسياسي له تعريفه الخاص لمعنى الارهاب، كما للعادي تصوره الخاص، وللدول والمجتمع الدولي كذلك فهماً عاماً فضفاضاً كذلك، وكلٍ بقدر الهيمنة والمصالح والنفوذ ومواقع البلد الاستراتيجي و الجيو- سياسي التوسعي، فبما أن لغة المصالح هي المهيمن الرئيس على الدول، فكل دولة لها مصالحها في تعريف الارهاب، فاستحداث منظومة اممية دولية تجمع دول العالم، وتشرف على سياسات الدول العضوية فيها ومنها رؤية احادية الطرف في تعريف ما اُتفِق عليه من المهيمن داخل هذه المنظمة وهم الاعضاء الدائموا العضوية، والذين يحكمون العالم بأفرعه السياسي والاقتصادي والعسكري.
فكلمة ارهاب بُعِثت بمفهومها الجديد وجرت على لسان ساسة العالم خاصة منذ احداث 11 سبتمبر 2001، مما اضطر صاحبة النفوذ العالمي الى الضغط في اتجاه واحد للتعريف بالإرهاب، وتوجيه أصابع الاتهام الى دول وجماعات معنية، والضغط على من تحت ردائها وقولتها الشهيرة : " الذي ليس معنا فهو ضدنا" ، فعرّف الارهاب بعدها على ما نحن عليه اليوم.
وقد غيِّبت أحداث من الانسانية المعاصرة عنوة يمكن قد تكون المساهمة وبدرجة كبيرة في تعريف مصطلح الارهاب، والحد من التلاعب بمفهومه ومدلولاته من طرف الكبار، فالحربين العالميتين الاول والثانية، واستعمار بريطانيا للهند، وفرنسا للمغرب العربي وخاصة الجزائر، وحرب أمريكا في الفيتنام، وعشرات الملايين من الأرواح التي زُهقت لتكريس ما عليه الغرب بزعامة أمريكا، تسلب لهم تعريفهم للإرهاب اليوم، وما ترتب على ذلك من قوانين أممية تحت الفصل السابع لمجلس الامن بشأن مكافحة الارهاب، والذي هو القرار 1373 المؤرخ في 28 سبتمبر من عام 2001م، بمعنى 3 أسابيع بعد أحداث سبتمبر المعلومة، فكان بعده احتلال أفغانستان والعراق، وقتل الملايين من البشر بحجة مكافحة الارهاب.
فما هو عليه التعريف للإرهاب اليوم، ليس إلا أجندات استعمارية جديدة، وسلاح افتراضي على من يريد الخروج من بيت الطاعة، تلويحاً تارة بسلاح العقوبات الاقتصادية، وتارة أخرى بالتدخلات المباشرة وبالوكالة، لإسقاط أنظمة أو جماعات مناوئة لسياسات المجتمع الدولي. فمصطلح الإرهاب اليوم له تعريف أممي خالصاً، وكثير منا لا يريد أن يعترف بذلك لأجندات شخصية أو جماعية، فكل من مسّ مصالح الغرب فهو إرهابي، وكل من اعترض على سياسة الغرب فهو إرهابي، وكل من استقامة على الطريقة الاخرى فهو إرهابي، وكل من لا يدين للغرب بالولاء فهو إرهابي، فسوط العقوبات جاهز، ورصاص الاغتيالات في أفواه البنادق جاهزة أيضا تكتم أصوات كل من نادى بسياسة أخرى.
فالمجتمع الدولي اليوم ومعه خاصة الأنظمة العربية والتي في خغرافيتها بُؤر الارهاب حسب مفهوم الامم المتحدة في تعريف احادي للإرهاب، فكل سلوك يباشره أفراد أو جماعات معينة لا تهدم توجهات الأنظمة الوظيفية والانظمة الموظفة فهي تُلبَس معطف الارهاب ولا كرامة، فأصبح لزاما على هذه الأنظمة محاربة من لا يستقيم على الطريقة الغربية في التعايش، فسُخّرت لذلك الندوات والمؤتمرات، دكاترة و أساتذة، مثقفين و إعلاميين، للتعريف بظاهرة الارهاب على فهم أمريكا والغرب عموماً، فَلَو جئنا بتعريف هيئة كبار العلماء في السعودية أو الأزهر الشريف أو منظمة المؤتمر والتعاون الاسلامي في تعريف مصطلح الارهاب لتبين أن تعريفهم وتعريف الامم المتحدة له لا  يُفرق بينهما، بل زاد من هو محسوب على الاسلام في عدم إرهاب الآمنين والمعاهدين في بلاد الاسلام والذين هم محاربون أو استشاريون عسكريون أو قانون لدى من يحكم بلاد الاسلام باسم الارهاب السلطوي، والذي هو إرهاب من نوع آخر سنفتح له آفاق في تعريفه في مقالة تخصه، فتعريف الهيئات الاسلامية للإرهاب يكون أدق لخدمة مفهومه الأبعد والذي يُراد له ان يعمم في بلاد الاسلام عامة وبلاد العرب خاصة حتى يُفرض علينا الفهم ومراد المصطلح.
وواقع الامر أن لكل تعريف دولي يمس التعاملات الملموسة أو الحسية له جوانبه القانونية، فالاقتصاد مثلا له جوانبه القانونية يتحكم فيه كمنظمة التجارة العالمية، تراقب اقتصادات العالم وخاصة اقتصادات الدول الوظيفية، منظمة تفرض شروط الكبار على الصغار، وتحت مراسيم مخيطة على المقاس تصب في مصالح الاقتصاد المهيمن على العالم، فالإرهاب أيضا له جانبه القانوني يتحكم فيه كمنظمة مكافحة الارهاب العالمية بفرعها القضائي المتمثل بمحكمة العدل الدولية، وبفروعه البوليسية التجسسية لـ CIA الامريكية و FSB الروسية وبعض الدوائر الأوروبية كالانتربول، تقبض وتحاكم فيه من تشاء وتغض البصر عمن تشاء، فعلى سبيل المثال لا الحصر، بوش وبلير مجرمان من الطراز الرفيع بعد هتلر، قتلا الملايين من المسلمين في أفغانستان والعراق فلا تكاد ترى لهم قضية أممية مرفوعة ضدهم، فبينما ميلوزوفيتش وكراديتش قتلا بضعة آلاف من المسلمين حُكم عليهم في لاهاي بالسجن، وكل ذلك لتفعيل هذه المحكمة وكورقة ضغط على صغار السياسة العالمية، فنجد اليوم الغرب يصول ويجول في المنطقة العربية يقتل ويدمر، وكل ذلك باسم مكافحة الإرهاب، وهذا تشريع أممي بالقتل في إطار قانوني دولي يحمي آليات الغرب في التدخل في بلاد الاسلام عامة.
فتعريف الارهاب اليوم هو ما تعارف عليه كبار مجلس الامن وخاصة امريكا وروسيا فقط، فجهود الامم المتحدة للتعريف بالإرهاب كان في عام 1937م من القرن الماضي وذلك على أثر اغتيال الملك ألكسندر الثالث ملك يوغسلافيا، وقبلها وزير خارجية فرنسا في مارسيليا عام 1934م، فتخلل هذا التعريف الحرب العالمية الثانية مما أدى إلى تأجيل التعارف عليه، وبعد ذلك بكثير حاولت منظمة الامم المتحدة في عام 1971م، 1972م، 1973م، 1979م إلى غاية التاريخ المذكور أعلاه التعريف بالإرهاب، وكانت دائما امريكا وروسيا وراء هذا التعطيل، فكان تعريف للإرهاب غير مراد الامم المتحدة، والتعريف الامريكي له بعد أحداث سبتمبر 2001م هو المعمول به إلى اليوم.
فالإرهاب إذاً كل ما لا يخدم مصالح دول القرار من أشخاص ومنظمات وجماعات وأنظمة، يتخلل من ذلك اصطدام مصالح الكبار في بلدان التبعية، وكل من يعارض سياسات فرض الأنظمة على الشعوب الرافضة لها والتي هي تخت الوصاية أو المنظومة الدولية، والرافض للنهب المنظم لخيرات تلك الشعوب يكون في عين الغرب ومن في فلكه ارهابيا يجب الحد من مفهومه واستئصال أفعاله فردا كان أو جماعات او حتى أنظمة.

السلام عليكم ..
=============================


كتبه : نورالدين الجزائري
20
شوال 1437م الموافق ل 25/07/2016







dimanche 24 juillet 2016

مقال جديد بعنوان " نصيحة لأهلي في الشام و العراق " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

   
نصيحة لأهلي في الشام والعراق  



إن العقيدة أساس الوحدة والعزّ، فمن حُرم منها فمصيره حتما التبعية والضعف وقبول الهوان والركون إلى الظلمة، ومصير حتفه بيده لا محالة ، فأعداء الله يعملون على إفشال أي وحدة أو تجمع لأهل السنة بمخططات مرسومة جاهزة، هندستها صنع بيد الغرب ومنفذيها ثلة من المنافقين بيننا ، فشعوب المنطقة في سجن كبير، ومن أراد الحرية وصرخ لنيلها فالتُّهم له جاهزة و التصفية المآل ، تصفية قد تكون فردية و جماعية بلا هوادة فالغرب لا يرحم إن مُسَّت مصالحه، ولن تكسر أقفال أبواب هذا السجن إلا إذا اجتمع أهل الشام والعراق على قلب رجل واحد، همُّهم رضا الله عزّ و جل، رافضين جلّ هذه المخططات والتقسيمات والحزبية، فيمكنه الله و يكون لهم عزّ الدنيا والآخرة .
إن جمجمة العربِ العراق ، كسرها الروافض بإعانة غربية لمخطط بعيد المدى، فكان لها الصداع و تلاحقت على الامة سيول من الاوجاع،  و بعد أن سُلب الرأس أنّى لها أن تفكر أو تستقيم .  فما حال الجسد و الروح بدونها بعد ذلك ؟و المنطقة العربية لا تستقيم إلا و الجسدُ شام و الروحُ بلاد الحرمين، فمن جهِل ذلك فليرى كيف نال الأعداء من الامة حد إضعافها و تشتيتها .
أُسِرَت روح العقيدة في بلاد الحرمين، و رأس التخطيط العربي مهشّم من الروافض، وجسد الامة وعقر دار الايمان ينزف في الشام منهكا ، بعد أن اجتمع الأعداء من صليب ومجوس ومنافقين على الامة و جعلوها من دون روحٍ و رأسٍ و جسد ، ومن اعترض منهم خوّنوه ثم حاربوه أو أفسدوه اغراءً .
يا عقلاء الامة كفاكم تناحرا وفُرقة، فالسكاكين في الامة لم تترك موطنًا إلا ونالت منه أيادي الغدر، فلا تسلموا ما تبقى وهي رقابكم فَلَو سقط العراق نهائيا في أيدي الفرس، واستلم الغرب مقاليد الشام فكبّروا على أنفسكم، وما كان عزَّ البارحة سيكون ذلا غدا
و للصادقين في العراق من أهل الرافدين ، اجتمعوا حول من يريد عزّكم ومقاصد دينكم، فلئِن اصطففتم حوله فمعية الله معكم فها هو معقلكم الاخير الموصل ، إنه آخر حصونكم فإن سقط فلا قائمة لكم بعده وسيكون السبيّ في أيدي الرافضة إلى أن يشاء الله.
 فما لكم و أعيان الرافضة لا يكذبون في ما سيؤول اليه حالكم، وتصريحات قادتهم وما فعلوه في ارضكم لهو شاهد عليكم فكيف لكم تسليم رقابكم برضاكم ،فو الله لئن صبرتم ساعة تقاتلون من أجل دينكم و أرضكم لجاءتكم الدنيا بحذافيرها مراغمة إلى أرجلكم، وكان عزّكم و عزّ أبنائكم، فاتقوا الله  حق تُقاته .
يا أهل الشام، يا من اِدْلَهَمَّت الفتن عليكم فنور الطريق بين أيديكم و في خطاكم ، فما بال تشرذُمكم اليوم ؟، فليحذر الكل منكم أن يُجرد من الايمان الذي استوطن الشام ، فان عقر دار الايمان الشام، و أنتم جسد الامة و تجسيد إيمانها واقعا واجبكم الذي يجب الحرص عليه أشدّ الحرص، فما لكم وهذا التشتت والاقتتال فيما بينكم، ألم يكفكم ما صرح به من أيام رئيس الحرس الثوري الإيراني في  " ان تدخلهم في سورية كان لأمنها القومي و ان الشام عمق ايران الاستراتيجي " ! فبالله عليكم ألا تقرؤون و تعون! .
فكما سلمت أمريكا إدارة العراق لإيران، فها هي اليوم ستسلم سورية لإيران، فمزال الامر بيدكم وخلاصُكم من الغرب و كلَّابُه اتحادكم ونبذ الفرقة والتحزب والتبعية لمن يريد فناءكم بقليل من فتاته عليكم، فاليوم فرصتكم أكبر إن اجتمعتم على قلب رجل واحد وكان همّكم أمتكم ودينكم فحسب ، فالحفاظ على جسد الامة يكون بتفعيل الايمان الذي خصّكم به بارئكم، فلا تخذلوا الامة وقد اجتمعت عليكم كلاب البشرية تريد أرضكم وخيراتكم ليحصنوا أكثر وأكثر كيانهم المسخ صهيون وكلابهم الرافضة، فدونكم الاثار وما جاء عنهم، وكيدهم لأمتكم أفلا تعقلون وتعون !.
ما سأقوله الان قراءة لما سيكون عليكم في الايام القادمة ، هي اصعب وأسوء  إن بقيتم على حالكم، فعليكم أن تعوا أن لا مشروع إسلامي ولا وطني إلا بموافقة الغرب وصهيون، وإن حلمكم كابوسهم فاعرفوا هذا، فادّخروا قوتكم وريحكم ورصاصكم، فالأيام الصعبة بانتظاركم و قد قُرر تصفية قضيتكم و ان لا مشروع لكم إلا مشروعهم، فما اجتماعهم الاخير في أمريكا إلا للخلاص من أمركم و ما سوف يكون إلا ما رأوه لكم، فالتحالفات على قدم وساق، فو الله وتالله ان لم تكونوا على قلب رجل واحد لكان هذا ما يُقَرِر لكم فاعلموه، وما عسى المستضعفين من النساء والشيوخ والولدان منّا إلا القول : ابكوا بكاء النساء ملكاً لم تستطيعوا الحفاظ عليه يا طلّاب الدنيا .

=======================
نورالدين الجزائري

كتبه بتاريخ 19 شوال 1437 الموافق ل 24/07/2016 





mercredi 20 juillet 2016

مقال جيدد بعنوان " الانصاف ميزان النفوس قبل الخصوم " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


الانصاف ميزان النفوس قبل الخصوم ..


عندما ترى سياسيا مبتدأ في عالم السياسة، أو محاميا أو قاضيا في عالم القضاء، أو اعلاميا أو كاتبا أو أديبا في عالم الاعلام والثقافة، تراه في أول مهامه ملتزما بالإنصاف والحيادية مع المتحالفين والخصوم على حدٍ سواء، وكذا الشرطي والدركي والعسكري تراه منضبطا في سلوكه و أدبياته وما تعلمه في مدارس وكليات التكوين والتي أعطته صفة تطبيق القانون بلا محاباة أو ميولة وهكذا، وكل مبني على قواعد انصاف الاخر قبل النفس وتطبيق ما جُبِل عليه المتخرج حسب الاختصاص من حسن سيرة وسلوك لخدمة المجتمع المثالي بالنسبة لمدرسة التخريج .
وكذا تجد أول من طرق باب إنصاف الغير وأمر ووصى به هو ربّنا عزّ وجل في كتابه العزيز في كثير من الآيات، وأكَّدتُه السنة المطّهرة في عدة أحاديث، و أقّره الصحابة في أثرهم العطر، وسار على نهجه سلف الامة من علماء وفقهاء وطلبة علم من غير إفراط ولا تفريط، ورحم الله من قال : " الانصاف حُلّة الاشراف، والاشراف أقل الأصناف .."، والانصاف في الشيء إلا و ورائه الخير والمعرفة، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم، والمصنفين على لسان الناس من العدول، فإن عدم الانصاف كثر التعصب، التعصب للمدرسة وللشيخ أو للاستاذ  أو للمؤسسة أو للحزب أو لدوائر صنع القرار، فيكون بذلك خدمة أجندات و أراء وعقليات وسياسات من صنع فكر فرعون في رؤية الأشياء وقوله " لا أريكم إلا ما أرى "، فما كانت عاقبته إلا خسرانا و زوالا .
فَلَمَّا قلّ الانصاف كُثُر التعصب للآراء والأشخاص، فالخصوم اليوم في كل المجالات لا يكترثون نعت المخالفين لا بسط أدبياتهم بأبشع الاوصاف، فخصوم الاسلام مثلاً همّهم الطعن في المدارس والمذاهب وبعض روّادها من المشايخ، وإلصاق المصطلحات الشنيعة بهم كالإرهاب والتطرّف والأصولية، وفي نفس المدارس يُرمى الاخر بالغلو والخارجية، ولو تطرقنا إلى علوم الدنيا ومدارسها مثل الفلاسفة وأصحاب الكلام لرأينا الأحوال لا تختلف عن رمي الاخر بالانحرافية والتضليل و المروقية وحتى الخروج عن الانسانية، وكذا كل ينعت الاخر وكأن الاخر معصوم مكتمل .
وعين الضلالة والتعصب للرأي واسقاط الاخر مبني على رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ وهو كذلك حتى يميل إلى فهمي ورؤيتي، وهذا التطرّف في نبذ الاخر إنّما مبني على مصالح شخصية أو جماعية لإقصاء المخالف، ولو وضعنا نقاط الخلاف على مشرحة الانصاف لكان الناعت للأوصاف من المهملين لأول قواعد ما تعلم في مدارس الانصاف، فما حكمه على الاخر إلا لبيئة أو مكون سياسي أو إعلامي أو ثقافي أو حتى فردي تسلطي مبني على أحادية الرؤى والاهداف المتبعة.
فالمجتمعات الاسلامية اليوم ومكونها العلمي الدنيوي على لسان العام نابع من مدارس وطاولات الغرب في علم المجتمعات، فالغرب بمدارسه أول من سقط في مصطلح التعصب ونبذ ثقافة الاخر، فالعقلية الغربية الرأسمالية أدت به إلى نعت المناوئين له بالمتطرفين، فمن باب الايدولوجية الاستهلاكية نعت خصومه بالشيوعية والماركسية في نظرته للاقتصاد والمال، ومن باب الأيديولوجية الفكرية نعت خصومه بالتطرف الديني في نظرته للمرأة وللانحلال الخلقي، وفي نظرته التوسعية نعت خصومه بالإرهاب والأصولية في نظرته لمقاومة الاخر، فمن تتلمذ على طاولات الغرب والشرق فما عسى أن يكون إخراجها إلا ما ترسخ فيه من عقلية إقصائية باسم معارضة الاخر وفي الحقيقة هي صورة ممنهجة لإقصاء و ازدراء وجود المناوئ.
فالمتفق عليه في عقلية المخالف أنّه إذا أراد أن ينصف نفسه رجع إلى أدبيات ما تعلمه من مدارس التخريج، فلا أنصف وجودا وبحثا من أن يجد نفسه في آخر المطاف راجعا إلى تعاليم الديانات في باب الانصاف، فالسياسيون اليوم الغربيين منهم والمسلمين يرجع الواحد منهم في تمرير أجندته  للّجوء إلى ما اختزلته كتب الدين والتراجم في معنى الانصاف، فتراه يتكلم بهذا الخلق الميزاني في التعاملات وكأنه الحارس لأدبياته وتشريعاته، فيحب بذلك ان يُنصَف وبخجل يحب أنصاف الاخر حتى لا يُفضَح، وإن مسك المردود فيعيد ذلك على الخصم بالشوك والوعيد، فلا شكّ أنّه تنطع للنفس وتعصب للرأي وازدراء الاخر بعد الدروس في الانصاف .
وما أروع ما تكلم به العلامة ابن القيم في كتابه العظيم " اعلام الموقعين " في باب الانصاف ما يلخص كلامنا، حيث قال رحمه الله : "والله تعالى يحب الإنصاف، بل هو أفضل حلية تحلى بها الرجل، خصوصا من نصب نفسه حكما بين الأقوال والمذاهب، وقد قال الله تعالى لرسوله: " وأمرت لأعدل بينكم"، فورثة الرسول منصبهم العدل بين الطوائف وألا يميل أحدهم مع قريبه وذوي مذهبه وطائفته ومتبوعه، بل يكون الحق مطلوبه، يسير بسيره وينزل بنزوله، يدين دين العدل والإنصاف ويحكم الحجة ".
 فمصطلح التطرّف اليوم على لسان كل مخالف للآخر حسب الميولة الأيديولوجية والفكرية والسياسية والثقافية، فميزان العدل من أنصف الغير قبل أن ينصف النفس، فإذا وقف المرء أمام نفسه، وعند علمه، كان ممن حفز على علم الدنيا والآخرة، وكان من المنصفين، والانصاف من الميزان، والميزان لسان الاعمال، والأعمال رأس مال الانسان عند من لا يغفل ولا ينام .

الســــلام عليكـــم ...

========================
كتبه : نورالدين الجزائري
15 شوال 1437هـ





mardi 19 juillet 2016

مقال بعنوان " الغرب و خنجر الأقليات " بقلم المدون نورالدين الجزائري


الغرب وخنجر الأقليات ...


يقول سيد قطب رحمه الله تعالى في كتابه" معالم في الطريق"  معرّفا معنى الوطن والوطنية ما قوله :" الوطن : دار تحكمها عقيدة ومنهاج حياة وشريعة من الله ، هذا هـو معنى الوطـن اللائق بالإنسان، والجنسية : عقيدة ومنهاج حياة، وهذه هي الآصرة اللائقة بالآدميين".
فمفهوم الوطن لم يرد ذكره في القرآن بما اجتُمِع عليه من مفهوم اليوم، فقد جاء ذكره بمفردات كالأرض، والدّار، وخصّ بمن عليها بوصية الاعمار الحسّي والمعنوي، وكذا إعطاء ميزة للذين آمنوا مفهوم آخر لمعنى الوطن من دون البشر، وكيفية إعماره وتسيّره، تبدأ بإعمار القلوب قبل المكان، وبناء الانسان قبل العمارة والوجدان، ففهم ذلك الصدر الاول من المسلمين معنى الحياة و الاستخلاف فيها، فارتقى بذلك الفهم من عرف معنى الوطن حتى كانت لهم أرقى الحضارات لمساً ومعنى في كل أرض وطؤوها، وأصبحت الأوطان كدار واحدة لكل مسلم عربي أو أعجمي، أبيض أو أسود، لا فرق بين الجميع في الوطن الواحد إلا بالتقوى، وكذلك عاشت الأقليات من نصارى ويهود من أهل الذمّة تحت الحكم الاسلامي لهم حقوق وواجبات كالتي عند المسلمين.
فَالأقليات تحت الحكم الاسلامي كانت تعيش أزهى عصورها، ومنهم اليهود وبعض النصارى باعتراف سلفهم ومثقفيهم ومؤرخيهم، فلم يكن يُفرّق بين ساكني بلاد الاسلام إلا وقت الجماعة والجمعة والأعياد.
وبرزت طائفة أخرى اُستُحدِثَت في الربع الاول من القرن الهجري من تاريخ الامة بعد قلاقل أصابت الصدر الاول، أوجدت نفسها بتاريخ دموي، كانت أول من أراق دما معصوما، دماً لعنها عبر تاريخ نفاقها، دماً جعلها تنزف من جسدها إلى يوم الناس هذا، دماً كان ويلات على أسِّ منبتها، دماً قضى على وجدانها حتى أصبح شبح وجودها، دماً لعنها ويلعنها إلى أن يرث الله الارض ومن عليها؛ لم تَر الامة مصدر قلق وخيانة إلا من هؤلاء القوم، قتلوا الخليفة الفاروق الذي فرّق الله به الحق من الباطل، وقتلوا سِبْط سيد الخلق الحسين رضي الله عنهم أجمعين، سفكوا بعدها دماء أخرى معصومة في كل الأمصار، آتوا بالتتار لبلاد الاسلام على حين غفلة من الامة، وتحالفوا معهم لهدم الخلافة، فكانت الحصيلة قتل الخليفة وأنهار من دماء معصومة، وبعدها آتوا بالنصارى إلى سواحل بلاد الشام، فأروهم عورات المسلمين وكان منه احتلال الاوطان واستعباد المسلمين في عقر الديار، وكانت لهم دويلات في مصر ومن وراء الفرات فساموا أهل السنة العذاب والموت، إنّها أقلية كان أهل السنة حلماء بهم رحماء عليهم في تعاملهم معهم، فأبوا إلا الخيانة والغدر وكأس المنون، حتى قيّض الله لهم من يسومهم سوء العذاب ويستأصل شأفة دويلاتهم، وباوؤا مشردين في الأمصار، حلمهم إعادة الكرَّة مرة أخرى و بأي الاثمان وإن أدى ذلك التحالف مع الشيطان، حتى قال فيهم شيخ الاسلام ابن تيمية يرحمه الله :" فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من جهة الرافضة .."، فكانوا قوم أول خنجر يُغرس في ظهر دار الاسلام حتى تضعف الامة وتذهب ريحها.
فالغرب أهل باطل، والباطل في صراع مع الحق عبر مرّ التاريخ، وتاريخ الامة ضعفها كان من باب الروافض بنحلهم، فعمِد أهل الشرّ اليوم على دراسة كينونة ومكونات الامة ونقاط قوتها وضعفها، فلم يجدوا من الضعف إلا بابا مفتوحا من طرف أقلية ادَّعت الاسلام تقية، واُخرى ادَّعت المواطنة والمساكنة زورا عبر تاريخ الامة، يعرفان نسيج وتركيبة الامة عقدياً واجتماعياً إنّهم : الرافضة واليهود ..
فبعد دراسة الغرب الصليبي لنقاط ضعف الامة، حطّ الخطط من مرحلتين بعد إسقاط الخلافة على يد اتاتورك، فأُلبِست الامة لباس القومية والوطنية بعدما جُرِّدت لباس الدين والعقيدة، فقُسمت أرض الامة إلى دويلات ملُ لها قوميتها و وطنيتها، فالأتراك بعد الخلافة نادوا بالقومية التركية واعتنقوا العلمانية، والعرب في الجزيرة العربية والعراق والشام وأرض الكنانة نادوا بالوطنية واعتنقوا البعثية والقومية العربية، فأُزيح عامل الجمع ونسيج اللحمة، واستبدلت الراية براية التخلف والعبثية.
فبعد أن عمِد الغرب في خطة من ثلاث نقاط، أولا كان إيجاد قومية داخل الارث الاسلامي وخاصة بلاد العرب بغرس كيان من القومية اليهودية فيه، ودعمه حضارياً، وضرب كل من يريد جمع العنصر العربي وكان من خلاها حروبا بين اليهود والعرب وإدخالهم في مفهوم القومية، وثانيا إيجاد حكّام مُعيّنين مدعومين من الغرب وخاصة حكّام الجزيرة العربية وثقلها الإرثي العقدي والسيطرة عليها حتى لا تنهض الامة من جديد من مصدر الوحيين، وثالثا إظهار الطائفة الشيعية والتي هي خنجر في معتقد المسلمين، وسيف تمزيق للصفوف، وسمّ قاتل للنسيج الاجتماعي داخل الامة، وهذا ما قاله واكّده المستشرق الانجليزي برنارد لويس :" يجب إعادة صياغة الخرائط وتفتيت الإمبراطورية الميتة إلى دول عرقية ودينية ومذهبية وقبلية، هكذا يعود العرب إلى زمن ما قبل محمد" .
فإن الامة ضربت على ثلاث مراحل بثلاث مخططات، كان أولها تمزيق الامبراطورية الاسلامية إلى دويلات يذهب بذلك ريحها واستبدال العقيدة الاسلامية بالقومية والوطنية والعرق، وإيجاد الكيان الصهيوني في قلب الامة العربية كحارس لحُكَّام العرب من الخروج من الوطنية والدعاء إليها والحفاظ على تقسيم الامبراطورية الاسلامية على أسس سيامي-بيكو اللعينة، وضرب الامة مستقبلا عند بروز الصحوة الاسلامية وكان ذلك متوقعا بعد فشل القومية بإحياء معتقد الروافض ونخر الامة من الداخل، وكان ذلك باعلان الجمهورية "الاسلامية" الإيرانية في أواخر السبعينات من القرن الماضي .
فالدّارس لتاريخ الامة المعاصر يرى أنّ هذه المراحل مدروسة وخطة من ثلاث مراحل على مدى قرن من التنفيذ والتخطيط، فالأمة اليوم مطوّقة من هذا الفيروز الثلاثي القاتل لها، عمد الغرب ذلك لإضعافها والسيطرة على كل مقوماتها وجوانب نهضتها، فالصراع اليوم في المنطقة وخاصة في العراق والشام لهو صراع حياة أو ممات ممن اتخذ نهوض الامة إلى مجدها من جديد على عاتقه، فالأحداث متسلسلة وغير منفكة بعضها عن بعض، وربك توعد بالدفاع عن الامة ولو في أضعف ضعف من وجودها حيث قيّض لها الفئة أو العصبة المقاتلة على أسّ الدين والعقيدة، فالأحداث بيّنت العدو من المنافق إلى المشارك إلى المتواطئ و إلى الساكت، فقد تبيّن الخيط الابيض من الاسود من المؤامرة .
فَالأقليات معنى ومصطلحاً وفهماً غير ما أراد به الغرب اليوم، فَالأقليات في الاسلام هم أهل ذِمَّة من أهل الكتاب، حقوقهم محفوظة ومنصوصة عليها شرعاً، وقد عاشت كما قلنا عصراً ذهبياً في دار الاسلام، لا ظلم ولا تعدي وحريات مكفولة بنص الوحيين، فمفهوم الاسلام للأقليات غير الذي أراد الغرب ترسيخه في أمصارنا، فالغرب يرى في كل الأقليات عندنا الحكم والمشورة على الأغلبية، فقد مكّن للعلويين من سوريا، والمارونية من لبنان، والأقباط من مصر بعد القومية العربية، والعائلات الحاكمة التي تدين بالولاء له من مقاليد الحكم في بلادنا، ومكّن للروافض ايران والعراق، فأصبحت الأقليات من أديان أخرى هي من تحكم بلاد الاسلام حتى تستطيع التحكم بالكلمة فقط في كل المسلمين، فتجد اليوم في بلاد المسلمين أقليات يهودية واُخرى نصرانية و رافضية وأعراب يديرون قلب الامة ويتحكّمون في معتقدها وأرضها وخيراتها، لا يريدون لها نهضة، ومن سولت له نفسه فهم على قلب رجل واحد أمام التحديات، وما يدور في بلاد المسلمين اليوم لهو خير دليل لمن له قلب وألقى السمع وعاد لربه وهو منيب ..

 السلام عليكم ..

==========================
كتبه : نورالدين الجزائري
14 شوال 1437هـ الموافق ل 19/07/2016

samedi 16 juillet 2016

مقال #جديد بعنوان " انذار لأردوغان " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري


إنــــذار لأردوغـــــان ...


مثلث المصلحة، المتمثل في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران يسعى لتصدر المشهد في منطقة الشرق الأوسط عوضا عن تركيا و السعودية ودويلة قطر، فالتقلبات الأخيرة في كل من سورية والعراق وأهمية ما تحقق من مكاسب عسكرية وخاصة تراجع نفوذ داعش في كل من تدمر والفلوجة واقتراب معركة الموصل والرقة، أدى إلى تركيا لإعادة حساباتها الجيوسياسية مما دفعها إلى التقارب المفاجيء في العلاقات التركية الروسية، والتركية الإسرائيلية وما قيل التركية المصرية، وكل هذا تحت إشراف دول صناعة القرار والتي لا تريد للإسلام السياسي أن يتخذ مسارا غير المسار المرسوم له والمرضي عنه، فكانت تفجيرات مطار اسطنبول بارقة إنذار بعدم المناورة خارج سرب هذه الدول، وبأن ساحة اللعب ضيقة بالنسبة لأردوغان وسياسة اتجاهه، وأن استقرار دول التبعية وإن سلكت مسلك "الديمقراطية" ليست بمأمن من زعزعة داخلية يُراد بها وجه مشروع شرق أوسطي جديد ..
فالتحالف الامريكي الروسي الاخير خطير لحد أبعد، فهو منبع كل المؤامرات القادمة على المنطقة بإعادة تسيّغها ورسمها فوق كل المحرّمات والاعتبارات، فعدوهم المشترك أثبت شراسته وليس بالسهل القضاء عليه، فقد تحزّبوا عليه بتحالفات إقليمية ودولية، وما حققوه غير مقنع لمستقبلهم، فحربهم مع داعش مصيرية، إمّا أن يكون شرق أوسط جديد بدويلات تحفظ مصالحهما، أو الفوضة الخلاقة إلى أن يُوجد البديل، فالوقت ضدهم وليس لصالحهم، فعمدوا إلى سياسة فرض الامر الواقع على الجميع، فكان ذلك بتثبيت عرش آل الاسد بإعطائه بالون أوكسجين ثاني من شرعية دولية، وهذا ما أكدته حكومة أردوغان علناً بأنها تدرس إعادة العلاقات مع الاسد، وتسابقت لذلك عدة دول في المنطقة وإن كانت لم تقطع علاقاتها بنظام بشار علناً، فأمريكا وروسيا عزمتا على طَي مشكلة الصراع السوري بالطريقة المشتركة بينهما، وبسياسة إقصائية مفروضة على الجميع ..
فالبارحة تفجيرات مطار اسطنبول واليوم المحاولة الانقلابية "الفاشلة" إنّما رسالة واضحة وأخيرة من دول المحور لأردوغان، وإنذارا له بفوضى سياسية واقتصادية لا مثيل لها إن لم يدخل الصف، والرضوخ والاذعان إلى متطلبات الكبار، وما يُحاك للمنطقة من تَغيُّرات، وإنّ غض البصر عن توجه اردوغان الاخواني وحكم تركيا بـ"إسلام" سياسي ليس بالضرورة أنه تم الرضى عنه في توجهاته الداخلية والإقليمية، فالرسالة واضحة وأن مصيره ليس ببعيد من مصير محمد مرسي في مصر، وأن دول المنطقة عزمت على أن لا ترضى بالحكم الاسلام السياسي، وخاصة السعودية "الحليفة" لتركيا، والإمارات المتحدة صاحبة المؤامرات في العالم الاسلامي ضد كل ما هو إسلامي، فقبيل الإطاحة بمرسي تعهد الجميع من ذكرت وعلى رأسهم اسرائيل في مدينة العقبة بالأردن على استئصال الاسلام السياسي وزعزعة استقرار تركيا لاحقا وكان ذلك عام 2013م ..
فإسقاط المقاتلة الاماراتية من أشهر بطاقمها الروسي من طرف الدفاعات التركية أدى بدول المحور الى اعادة النظر في سياسة اردوغان الحليف، وقراءة ما بين سطور السياسة أن لأردوغان إستقلالية خطيرة يجب كبح إرادته بكل الوسائل المتاحة، وكان من ذلك قطع العلاقات التركية الروسية، ومما أدى ذلك إلى فتور في التنسيق على الحرب ضد "الارهاب"، وتقارب تركي سعودي قطري المسمى تحت طاولات أصحاب القرار الدولي ب "  محور الشر الجديد "  امتعضت منه اسرائيل ومصر، وأنّه خطر تهديدي على مصالح البعض في المنطقة، وبوابة لتدخلات هذا الحلف فيما لا تُحمد عقباه اقليميا ..
فبعد تمرير رسالة تهديد دبلوماسية من دول المحور لتركيا ولأمنها القومي، وذلك بوضع حجر أساس لدويلة كردية من عين العرب كوباني إلى الرقة مرورا  بمنبج، رضخ اردوغان إلى دول القرار بإعادة العلاقات مع اسرائيل وروسيا ولاحقا مع مصر والانخراط أكثر في قتال داعش، وتجميد شكلا التحالف التركي السعودي ومن معهم بالتدخل في سورية، و أن تنزوي تركيا تحت هذا التحالف الاخير بين أمريكا وروسيا والعمل معهما والإمرة تحتهما، وكان ذلك توثيقا وَمِمَّا سُرِب من فتح مطار انجرليك التركي للمقاتلات الروسية باستشارة إسرائيلية لكل الأطراف ..
فتسريع وتيرة الأحداث أدى البارحة إلى الضغط على اردوغان وسياسته اتجاه الملف السوري بافتعال عملية انقلاب ساذجة وغير مدروسة، ورسالة إلى حكومته بأن البديل وارد وموجود إن لم يتم ما طُلب من تركيا، والانخراط أكثر في محاربة داعش والنصرة. فانقلاب البارحة كان بعلم مخابرات دول المحور، وما تحريك بعض عناصر الجيش التركي من الموالين لجماعة فتح الله كولن بمثابة اختبارا لمدى شرعية اردوغان داخل المؤسسة العسكرية بعدما طّهر بعض رؤوسها مؤخراً، وإحالة بعض جنرالات العلمانية التركية إلى التقاعد جبراً، وإعطاء امتيازات لبعضهم وتقريبهم منه كرئيس الأركان القوات التركية ورئيس المخابرات العامة التركية، ومساندة بعض الجنرالات الاخرين وموالاتهم لسياساته الداخلية في نقل الحكم من حكم برلماني إلى رئاسي ومن ثمرة ذلك تعزيز المؤسسة العسكرية سياسياً، وكذا شراسة سياسته الخارجية في عدم قبول دويلة البككا الكردية على حدود تركيا ..
إن من أفشل البارحة هذا الانقلاب الساذج المفضوح هي المؤسسة العسكرية التي عمد اردوغان على هيكلتها و إبعاد صناديد معارضيه فيها من الموالين للغرب العلماني و لفتح الله كولن و ليس الشعب، و ما مساندة الشعب لحكومته إنّما ثمرة ما توصلت اليه تركيا من رقي اجتماعي واقتصادي، وهو مكسب ومردود جماعي، وخاصة للطبقة البسيطة في تركيا، فاردوغان قام بتركيا داخلياً بعد أن كانت دولة متخلفة في حكم العسكر والانقلابات التي عصفت بها، فنهض باقتصادها بعد أن كان بلداً مُديناً، و أوصل تركيا إلى أحد أهم الاقتصادات العالمية، ناهيك عن الرّيادة في شتى المجالات في المنطقة، فالتقلبات والاضطرابات من حول تركيا وما نتج في بلدان الربيع العربي وعاه الشعب التركي جيّداً، وأبى الانزلاق إلى ما لا تُحمد عقباه من فوضى مدروسة، فسوريا انموذجاً، ومصر درساً، وإن الشعوب الاسلامية أصبحت أكثر نضجاً مما يُحاك لها ..
فالانقلاب الفاشل البارحة في تركيا من ضمن الرسائل الملغومة والتي إن تم قبولها وفتحها والعياذ بالله كانت  ستكون ويلات على الشعب التركي مما يحمله من ثقل استراتيجي ونقطة فصل ما بين الشرق والغرب، فصدى تلك الرسالة إن قُبلت كادت أن تُسمع أصواتها في كل ديار المسلمين، فالكل تكاتف ضمنيا وكل له مصلحته في ذلك من ساسة وعسكر وشعب، ورفض تركيا للانقلاب تجربة وخبرة على ما ستُقدم عليه داخليا واقليميا من ضد المؤامرات والمساس بالأمن القومي التركي ..
فعملية الانقلاب خططت اقليميا وكانت ساذجة وغير مدروسة ومحسوبة وبعلم من المخابرات الامريكية الروسية الإسرائيلية، ومن دويلة تكره شخص اردوغان أشدّ الكره، وتعمل على إجهاض كل ما هو تجربة إسلام سياسي، وسُمِحَ لها بذلك، ولتمرير رسائل عدة، وإن أيادي الغدر والعبث من الداخل القريب والبعيد تطال الجميع إن لم يصطف الجميع وراء مآرب البعض القوي .. فهل من درس ..!

===========================
كتبه : نورالدين الجزائري

11 شوال 1437هـ  الموافق ل 16/07/2016 





mercredi 6 juillet 2016

مقال #جديد بعنوان " ما بين الحجاج وداعش و المنجنيق " بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما بين الحجَّاج و داعش والمنجنيق ..


الجدير بالذكر أن الباحث في التاريخ الاسلامي، والمدقق في أحداثه وتفاصيله، وخاصة بعد تولي خلافة المسلمين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه، يرى من الأحداث والفتن ما قد يُجن منه "مسلم" اليوم لو عاش تلك المحن، فما تمر به الامة اليوم من أهوال وزلازل تكاد لا تزاوي العشر ما مرت به الامة منذ مقتل ذي النورين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وما كان بعده من مِحن، وكما قال الامام احمد رحمه الله :" ما اجتمعت الامة على رجل واخد منذ مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه .."، وبه تفرقت الامة مرورا بحادثة الجمل وصفين، إلى تولي يزيد بن معاوية ومقتل الحسين، رضي الله عنه وأرضاه وما كان من ويلات وتفرق إلى شيع وجماعات، وتولي بعد ذلك بني أمية لمقاليد حكم الدولة الاسلامية، وكانت أحداث عظام وفتن حِطام، من يزيد بن معاوية إلى خلافة عبد الملك بن مروان، ومن قاتل الحسين الى الحجَّاج بن يوسف الثقفي أهل التسلط والظلم المبين.
فُتِن المسلمون بالولاية، فمنهم من اعتزل كابن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الجمع والحكم، ولم يخض في السياسة ولا الفتن، حتى حاصر يزيد بن معاوية سنة 64 هـ لمكة المكرمة والكعبة تحديدا، وكان قصده حصار ابن الزبير وجماعته، فرماه يزيد بالمنجنيق، واحترقت من شرارة النيران أستار الكعبة وسقفها، وكذا قرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكان في السقف، فمات خلق كثير من المسلمين رحمهم الله اجمعين.
وَأَمَّا الحجاج فعاود الكرة في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ذلك في سنة 73هـ، فنصّب المنجنيق حول مكة وحاصر اَهلها حتى يعطوا الأمان والطاعة لولي أمره عبد الملك، وجعل الحجارة تقع في الكعبة، ومنه ماتت جموع كثيرة من المسلمين رحمهم الله أجمعين، ومن بقي حبسوا حتى كانوا يشربون من ماء زمزم، وهكذا أحداث دامية مرت بالأمة في خير قرونها، وفي حضرة الصحابة وخير التابعين من بعدهم إلى يوم الناس هذا.
فما كتابتي لهذه الأسطر إلا استحضاري لتلك الحوادث في عهد سلف الامة ومقارنتها بما تمر به الامة اليوم من احداث متشابهة، فلم يكفّر أهل العلم منهم أحدا حينها، فيزيد بن معاوية كما قال شيخ الاسلام لا نترضى عنه ولا نترحم عليه، ولا نكفره، بل أمره متروك إلى الله، وَأَمَّا الحجَّاج فمنهم من يترضى عنه ومنهم من يترحم عليه وقليل من كفّره، وكذا توارث مناقبهما إلى يومنا هذا، فسلفية اليوم ترى في يزيد بن معاوية أميرا شرعيا ولا يجوز الخروج عليه وسكتوا هما فعل ببعض المسلمين، وكذا الحجَّاج بن يوسف يَرَوْن فيه العزم والحزم في تطبيق شرع الله، وإن انتقدت ما كانا عليه من ظلم للأمة فالويل لك من مخالب السلفية .
وفي كل حال، فإن حكم يزيد والحجّاج خير بسنين ضوئية من حكم حكّام اليوم وإن كانا ظلمة، كانا واقّفين أمام كتاب الله وسنة رسوله، وكانا يحجّان عاما ويغزوان عاما، وَأَمَّا حكّام اليوم فغزواتهم من أجل تكريس الظلم وغرس أقدام الصليب في بلاد الاسلام، وشرع  الله مُغيَّب في كل الاوطان، وسلفية اليوم تهلل وتمجد فعل الحكّام الذين أداروا ظهورهم إلى شرع الله ونصرة المسلمين، فنصبوا مجانيقهــم إلى صدور المستضعفين من المسلمين الذين قالوا ربنا الله فاستقاموا على كلمة الاخلاص والتوحيد، وزادوا على ذلك إظهار الصليبيين على المسلمين في تحالف ضد "الارهاب" زعمهم، فحرقوا بمجانيق اليوم من طائرات ومدفعية بلاد الاسلام، وكل هذا تحت طاعة ولي الامر الخارج عن طاعة الله ورسوله، والذي لم يقل به أحد من الراسخين في العلم، فجلّهم حمير علم من قوم بلعام ومسيلمة اللّعين .
فإن حصار مكة وهي أقدس و أطهر أرض في أرض الله من يزيد والحجّاج وقصفها بالمنجنيق وقتل خلق من المسلمين فيها، لم يكن إهانة لمكّة وحاشا كما قال اهل العلم قاطبة، وإنما القصد منهما حصار من خرج على الطاعة، وإدخالهم تحت سلطان الحكم والولاية، وهذا ما كانا عليه من فعل ولا غير .
وإن سلمنا الامور أن داعش هي من وراء ضرب بلاد الحرمين، فهل ضربت المقدسات أم من في المقدسات، فإن في ضرب جدة هدف صلبه القنصلية الصليبية لامريكا، وإن كان في القطيف فضرب اوكار الشرك للرافضة ومنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم من اخراج المشركين من جزيرة العرب، وإن كان في الحرم النبوي فكان تفجيرا في دورية عسكرية، وقد أعلنت داعش أنّها في حرب مع نظام آل سعود، فالأهداف الثلاثة مشروعة في قاموس داعش وأين العجب، وإنّما العجب ممن لا يقرأ في سياسة الطرفين، فهل دماء من في الفلوجة والموصل أرخص من دماء من هم في بلاد الحرمين، بل دماء من هم في الفلوجة والموصل أطهر من الأهداف الثلاثة المضروبة في عين داعش .
فما نشاهده اليوم من حمير العلم والصياح بحرمة المكان والزمان والدماء التي أُريقت، فإنما ترقيع لما لا شرعية له، وصد عن الحق الذي هم عليه سلفية مل زمان، فهل تباكى أهل العلم من التابعين من أهل القرن الاول من أهل الخير المشهود لهم على من مات تحت منجنيق يزيد والحجّاج بالكيفية التي روج لها أهل العلم من مقربي الحكّام اليوم، فهل منجنيق التحالف الصليبي الصفوي العربي أقدس من منجنيق "الخوارج" ؟ ، وهل يجرؤ أهل العلم اليوم على تكفير يزيد والحجّاج ومقارنة إيمانهما و ظلمهما بإيمان وظلم حكّام اليوم ؟ ، فهل تجرّأ التابعون على طلب حلف روماني فارسي لصد هجمة يزيد والحجّاج ؟ ، وهل وصف التابعون من رمى بالمنجنيق المسلمين بالخارجية والمروق من الاسلام وكذا تكفيرهم وإلحاقهم بالملحدين ؟ ، وهل منجنيق الامس كمنجنيق اليوم ؟ ...


====================
كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 1 شوال 1437 الموافق ل 06/07/2016