Rechercher dans ce blog

vendredi 20 décembre 2019

مقال بعنوان " ما ورآء دخول تركيا الى ليبيا حقيقة " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



ما ورآء دخول تركيا الى ليبيا حقيقة


تعتبر تركيا من البلدان ذات الوزن الثقيل في حلف الناتو من حيث الدفاع والموازنة والميزانية، إذ جيشها ثان جيش في الحلف بعد جيش الولايات المتحدة الأمريكية، وقد إلتحقت بحلف الشمال الأطلسي عام 1952م، وانخرطت فيه تماما إلى أن أصبحت البوّابة الأمنية الجنوبية لأوروبا وأول حماتها من المدّ الإسلامي خاصة بعد حرب أفغانستان الأولى، كما أنّ تركيا ثامن أكثر عضو من حيث المساهمة في ميزانية حلف الناتو إذ أنّ مساهمتها سنويّا تصل 100 مليون أورو، وتأتي تركيا في المرتبة الـ 5 بين الأعضاء على صعيد تقديم الدعم الشامل والمستدام لعمليات الحلف، وقد تعاظم نشاطها داخل الحلف إذ أصبحت من البلدان المساهمة في عمليات الردّ أو الردع السريع للأطلسي، وقد لوحظ نشاطها في أفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفا تحت القبّعات الزرق والبيض، كما أنها من البلدان المنخرطة كاملة فيما يسمّى الحرب على الإرهاب بقيادة القائد في الحلف أمريكا، ولا تزال تلعب دورا هامّا ومنوطا بها بحسب استراتيجية الناتو في الصراعات وخاصة تلك المتعلّقة بالبلدان الإسلامية، إذ دورها التغلغل في أوساط بعض الجماعات الإسلامية كمثال في الصومال والسودان واريتريا والعراق وسوريا، وذلك بمهادنة الناتو من خلالها وتقزيم الانفعالات والحساسيات اتجاه أمّة الصليب والتي هي في حرب مستمرّة ظاهرة تارة كما في سوريا، ومتستّرة تارة أخرى كما في هذه الأثناء وما يُطبخ في ليبيا ..
لكن يبقى جيش تركيا من أهمّ جيوش حلف الناتو وجيش تابع لاستراتيجياته ومخطّطاته داخل البلدان الإسلامية خاصة، فهو هدية من السماء للصليبيين وكمفتاح للدخول إلى العالم الإسلامي وتمزيق الممزّق من خلال تركيا وإن ادّعى الاستقلالية وخدمة مصالح بلاده العليا، فوجود تركيا اليوم في ليبيا بطلب من حكومة الوفاق الليبية "الشرعية" والمُعترف بها دوليا من مهامها وأولوياتها السيطرة على بعض توازن القِوى داخليا من الجماعات الموالية لها وشدّ عصى أزمة الإرهاب في الساحل الإفريقي من الوسط، وحتى لا تُتهم بالتدخّل في شأن بلد ذو قلاقل وأزمات أمنية إلى أن يُستقّرلها بال بحجّة مكافحة الارهاب، وأيضا يجعلها لا تفقد بعض التعاطف والموالاة أمام بعض من يحسن فيها الظن سياسيا من الجماعات المقاتلة والأخرى السلمية، ولابد أن نقف أمام تساؤل أو طرح مفاده كيف سمحت أمريكا بأن تتمدد إلى ليبيا عسكريا ولم تسمح لها بإنشاء منطقة أمنية على حدودها مع سورية؟؟...
فإنّ سرّ مناورات ومغامرات تركيا اليوم من الدوحة إلى طرابلس إنما لخدمة سياسات أمريكا الأمنية وكواجهة إعلامية مقبولة جدا في العالم العربي والاسلامي، ومناورات باسم عمليات حلف الناتو تستّرا، فتركيا اليوم أرضية خصبة وبساط أحمر لعمليات الحلف الأطلسي في ليبيا مستقبلا، ولمَ ستؤول إليه الحرب ضد الإرهابيين في الساحل الجنوبي لأوروبا عن القريب العاجل، فمن المهام المناطة إليها وتدخل في حسابات وتفاهمات أمريكية- تركية هو إبقاء الصراع الليبي الداخلي وإطالة أمده حتى يستقر قدم أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا على أبواب مستعمراتهم القديمة في إفريقيا برمّتها، وإعادة إحياء الترابط السياسي والعسكري لكل بلد مستعمر ونفخ روح المرتزقة في تلك البلدان كرجل واحد لمحاربة الدولة على الأرض، وحلف الناتو من السماء وكطريقة كلاسيكية قد شاهدناها خاصة في العراق وسوريا، ولكن للقوم حسابات دقيقة أخرى ومعضلات جمّة منها استباق الكل في تقسيم الكعكة قبل طهيها والمغامرة بجيوش وبعض المرتزقة من المليشيات المسيحية ستكون تدخّلاتها كالماء على الزيت لحساسية الظروف والمشاهد المروعة لبعض المسلمين في إفريقيا الوسطى والكاميرون وأوغندا، فالطائفية على أشدّها في كل إفريقيا وهي أخطر وأوضح رؤية لعموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأنها حرب صليبية تريدها طائفة أقلية في إفريقيا كآنتي بالاكا في الافريقيا الوسطى وجيش الربّ في أوغندا ..
الدارس لموضوع سورية وكيف تدخّلت تركيا لتفكيك الجماعات المقاتلة فيها عبر زرع أدوات مكشوفة الآن يدرك أن المهمّة الموكلة إليها شبه مستحيلة انطلاقا من البوابة الليبية، فليبيا في صراع منذ عقد من زمن تقريبا فلا حدود لها آمنة وكعمق استراتيجي لوجدانها كدولة إلا الجزائر، والأخيرة تقف مع المشير حفتر كونه الأقرب إليها سياسيا من السرّاج من حيث الرؤية والايديولوجية، فإنّ من أوّل مهامها إعادة صنع بعض الجماعات الإسلامية على الطريقة السورية داخل ليبيا على هيئة جيش الإسلام وهيئة تحرير الشام حتى يتغلغل فكر وعقيدة هذه الجماعات أوّلا في أبناء ليبيا وثانية محاولة مخاطبة بعض شباب النيجر ومالي وبوركينافاسو ونيجيريا عن التخلّي عن عقيدة وإيديولوجية الدولة في قتال الأنظمة المذكورة، والحدّ من نشاط الدولة عبر فكّ التقارب من حيث العمليات ما بينها وبين القاعدة في المغرب الاسلامي وفرعها في الساحل خاصة، وشراء بعض ذمم القبائل المنخرطة في قتال بعض الأنظمة كالطوارق وغيرهم، فتركيا تتمتع بسمعة طيبة في إفريقيا من خلال التسويق لها إعلاميا وعبر بعض الجمعيات الخيرية العاملة تحت حزب أردوغان، فستكون تركيا من الممهّدات لبدء قتال الدولة داخل ليبيا عبر الجماعات المذكورة ايديولوجيا أوّلا بتحريف البوصلة العقدية وثانية عبر فتاوى الغرياني وولد الددو وأبو قتادة الفلسطيني وآخرين كالكتاني والحدوشي والطرطوسي ..
فلا تُقرأ السياسة من حيث المشاهدة مباشرة أو عبر التسويغ الإعلامي، بل وإن كانت إيطاليا محسوبة على جناح السرّاج وتركيا بعد التحالفات فلا ينبغي أن يُجهل عضوية تركيا وإيطاليا في حلف الناتو ومن ورائهما، فكذلك لابدّ من الوقوف أمام المصالح المشتركة والتي تجمع قبل أن تفرّق الفرقاء وخاصة في نادي الحلف الاطلسي، فالقوم يمكن أن يوهموا ضعفاء البصيرة أن في ليبيا اليوم تُضرب المصالح العليا ببعضها البعض وهذا من قِصَر الرؤية والقراءة الصحيحة لمطامع القوم، وعلى المسلمين العاقل اليوم أن يفهم جوهر الصراعات وخبايا التفاهمات وأن لا ينساق ورآء القشور ويترك لبّ بيت القصيد، فالبارحة تركيا قالت أن نفط سوريا لا يهمّها وإنّما يهمّها الإنسان السوري، ومن عشيّتها أدركت قولها وقالت بتقاسم عوائد الذهب الأسود وتخفّت ورآء من في المنطقة الآمنة، فكذلك من محفّزات تدخّل تركيا في ليبيا هي التفاهمات الأمنية وغدا ستكون تجارة نفطية وغاز في البحر المتوسط وهذا الذي تريد تركيا أن يصل للمواطن العربي خاصة والمسلم عموما ومن ذلك سيكون لديها أكثر المؤيّدين للتدخّلاتها من المعارضين لها، ولكن أسّ التدخّل في ليبيا إنّما الدور الذي كان منوعا لها في سورية وتعيد كرّته مرة أخرى في بلد المليون الحافظ لكتاب الله  ..
والسلام عليكم

===============
كتبه نورالدين الجزائري
بتاريخ 23 ربيع الثاني 1441 هـ الموافق لـ 20/12/2019 












Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire