Rechercher dans ce blog

jeudi 22 avril 2021

مقال بعنوان " أمريكا بين الانسحاب من أفغانستان وملف ايران النووي " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

أمريكا بين الانسحاب من أفغانستان وملف ايران النووي

 

 شهِد العالم الإسلامي أحداثا عظاما من 2001م إلى اليوم، جعلت من الغرب وعلى رأسه أمريكا يكشف عن نواياه الحقيقية اتجاه المسلمين وعقيدتهم وثرواتهم، بدأتها أمريكا بغزو أفغانستان إلى الإطاحة بنظام البعث في العراق وانتهاء بحربها على فئة من المسلمين فهِمت خيوط اللعبة من بدايتها إلى الآن، دمّرت وقتّلت وشرّدت وبدّلت الجامد إلى ليّن والمتحجّر إلى جارٍ عبر تحالفات معهودة وأخرى متناقضة، استطاعت من خلال كل هذه الايديولوجية أن تتحكّم بخيوط اللعبة في الشرق الأوسط من سياسة واقتصاد وثقافة وتغيير ديمغرافي جعلها المرجع لدويلات المنطقة حركة وسكونا لكل سياسة أو استراتيجية على أن خراج اللعبة يرجع بالفائدة لساكن البيت الأبيض، ومن منا لم يعاين ذلك من بوش الإبن إلى ترمب مرورا بأوباما، فقد أطاحت أمريكا بحكم طالبان نهائيا، طالبان الملا عمر وخلّفت على إثر ذلك طالبان اليوم والتى جعلتها تؤمن بما تؤمن به أمريكا من مراجعة فكرية وايديولوجية لكل مرحلة.

فطالبان الأمس ليست بطالبان اليوم والبون واسع وشاسع عقائديا وسياسة، وطالبان الأمس استطاعت أن تحكم كل افغانستان في سنين عديدة من خلال قضائها على أمراء الحرب الفاسدين، بخلاف طالبان اليوم والتي جعلتها أمريكا تؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة سلميا من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين في قطر ومن قبل ذلك في باكستان، وجعلت امريكا من طالبان تؤمن بالحدود ومفهوم الوطن والوطنية، ولقّنتها دروسا في الديبلوماسية بحيث صرّحت طالبان أكثر من مرة نيّتها الحسنة اتّجاه عدوها بالأمس روسيا ولدول الجوار، إلى أن دخلت في مفاوضات مع الحكومة المركزية بقيادة أمريكا، وكل ذلك تمهيدا لانسحابها من البلد بعد أن حقّقت الهدف المرجو والاستراتيجية من غزوها لإمارة الملا عمر.

فأمريكا اليوم ستنسحب من أفغانستان بلا شك صورة ومظهرا وإعلامًا ولكن فرّخت جندا داخل طالبان ناهيك عن العملاء في الجيش الافغاني إلى صحوات الأقليات من الهزارة والطاجيك والبلوش والمستعدين لحماية المكاسب السياسية من خلال حرب امريكا على أفغانستان، وأمريكا تدرك اليوم هشاشة المشهد السياسي والعسكري القائم في البلد بعد الانسحاب، فلذلك طلبت من باكستان بحكمها زعيمة الباشتون وإيران زعيمة الهزارة بسد الفراغ الأمني وتأمين الانسحاب بشكل سلس ومن دون فوضى وبخلاف انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان بعد الغزو، فمخاوف أمريكا كبيرة والرهان على طالبان وباكستان وإيران في حفظ الأمن من الإرهاب الدولي والعابر القارات المتمثل بالثقب الأسود مسألة سمعة وتعهّدات ومن خلال حزمة اغراءات سياسية ومالية واقتصادية.

فأمريكا ما ضمنت خراج الإنسحاب إلّا بعدما أخذت تعهدات من طرف عدة بلدان ستستمر في نهجها بمحاربة العدو المشترك لهم جميعا، لكن بعض جنرالات أمريكا ومن أبرزهم بيترايوس غير راضين من هذا الانسحاب وغير مقتنعين بقدرة طالبان للتصدي للثقب الأسود، وفي تقرير استخباراتي جدّي يظهر مدى تعاظم قوة الدولة ومخاوف مؤكدة من انشقاقات داخل صفوف طالبان لمواصلة القتال بعد الانسحاب وعدم الرضا بالعملية السياسية المبرمة وانزلاق الحركة في السياسات الإقليمية والدولية المنافية لعقيدة بعض من بقي على نهج طالبان الملا عمر، فأمريكا فكّكت تقريبا عقيدة طالبان ايديولوجيا وجعلت الحركة تستشير باكستان أمنيا وإيران سياسيا ما جعل أمريكا تستبشر خيرا لدور إيران في استمالة حركات التمرد لصالح البيت الأبيض، فأمريكا لها دين على إيران إبان غزوها لأفغانستان والكل يتذكر مقولة محمد الأبطحي مستشار خاتمي أن لولا إيران ما استطاعت أمريكا غزو افغانستان والعراق .

وهنا لابد أن نفتح مسألة حتى تُضبط وتُفهم الأمور سياسيًا وما يراه البعض تناقضا بين دول معيّنة في السلم والحرب، فلا يجب الخلط بين المصالح السياسية والخطوط الحمراء الاستراتيجية في سياسة الدولية بزعامة الدول القوية كأمريكا والصين اليوم، فالمناورات السياسية الخارجية المسموح بها هي التي لا تتعارض مع المصالح المشتركة للشرطي والمتمرّد، ولا يُسمح بالمناورات الاستراتيجية التي تخدم الأخير فقط كالذي تريد أن تريه إيران لشعوب المنطقة، فذلك مس للأمن القومي لبعض الدول البوليسية ومنها تعطيل المصالح الضيقة للمتمرّد والمساومة على شريان تنفّسه من خلال أوامر معينة ..

ومن هنا لابد أن تُعلم الحقائق الخفية للبعض أن وجود ايران من مصلحة أمريكا، ولولا أمريكا ما وُجِدت إيران وذلك للدور الذي تلعبه هذه الأخيرة في ترسيخ سياسات ايران في المنطقة العربية، فوجود أمريكا بوجود ملف ايران النووي، والمساومة على الملف يقابله امتيازات وتمدد في المنطقة العربية، فالمفاوضات الأمريكية الايرانية اليوم بالنمسا والمؤشرات الايجابية لكل الأطراف ما هو إلا غطاء لعدة ملفات داخل الملف النووي خاصة المساهمة في حفظ الأمن بأفغانستان من خلال الانخراط في احتواء طالبان سياسيا ومعاونتها في حربها على الارهاب من خلال الهزارة يقابله انفراجا بالملف النووي.

و السلام عليكم

=============

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 06 رمضان 1442 هـ الموافق ل 19/04/2021

dimanche 4 avril 2021

مقال بعنوان " ماذا وراء الانقلاب الفاشل في الأردن !؟ "... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 ماذا وراء الانقلاب الفاشل في الأردن ..!؟                

 

منذ أن تمّ التطبيع بين الإمارات وإسرائيل كثُرت القلاقل والألاعيب الجيو-سياسية في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية برمّتها، وكل بلد في المنطقة أصبحت أطماعه بيّنة بعد أن كان ذلك محفوفا بمعاهدات سياسية وأخرى أمنية، فالإمارات وإسرائيل تعاهدتا على قلب الموروث والمتعارف والمتفاهم عليه سياسيا واقتصاديا وأمنيا رأسا على عقب بما يخدم مصالح البلدين في أكبر رقعة بترول وغاز في العالم، ويبدو أن مصر بعد أن أدّت دورها كبلد ارتكاز ومحوري بين العالم العربي وإسرائيل قد انتهى دورها جيو-سياسيا وأصبح نظام السيسي عبئا على تفاهمات سياسية وغربلة   اقتصادية مهمّة في المنطقة وفي العالم ..

لم يكن تهديد السيسي من أيام من فراغ لمزا لسد النهضة وخلافه مع اثيوبيا حينما صرّح أن مياه مصر خط أحمر، فيكفي تولية السودان من أسابيع لملف مياه النيل ضد اثيوبيا وبإيعاز من مصر وفي ذات الملف قال السيسي أن الجيش المصري مستعد لمثل هذه الاحتمالات، لكن تهديد السيسي الأخير له تداعيات أخرى ورسائل مشفّرة لإسرائيل أولا ولبعض “الأصدقاء” في المنطقة ثانية وخصوصا للإمارات والسعودية، والقيادة المصرية قد لاحظت تغيّرات في عدة ملفات مؤخرا في مجال الطاقة ومشاريع أخرى تخص الملاحة، وما تقارب مصر مع تركيا لذات الغرض واستباقا لما ستؤول إلية الأحداث من تقلّب للتحالفات والقضايا الاقتصادية الكبرى، فمطامع البلدان المذكورة من تسويق الطاقة أصبحت مكشوفة وانخراط دول الخليج بقيادة البلدين مع اسرائيل أضحى علنا، فحادثة الناقلة (إيفر غيفن) في قناة السويس لم تكن عبثية أو حادث ملاحي عابر، بل كانت رسالة  قوية لمصر بأنّ ما يتمّ طبخه من تغيّرات جيو-سياسية يمكن أن يؤثر على مستقبل نظام السيسي بشكل مباشر، وأنّ على مصر القبول بصفقات ستكون الخاسر الأكبر فيها على المدى المتوسط والبعيد، فبعد أن تمّ مصادرة الغاز المصري من طرف اسرائيل عبر معاهدة مكبّلة، فاليوم اسرائيل عينها على قناة السويس كورقة ابتزاز لمشروع الطاقة والملاحة عبر العالم وذلك لأهمية مصر وموقعها الاستراتيجي، فإسرائيل وبعد التطبيع مع البلدان العربية شرقا وغربا بدأت بإحياء مشاريعها من الطاقة كمشروع ايلات عسقلان النفطي والغازي، ووفقا لتقارير استخباراتية في بعض الصحف الغربية والإسرائيلية، فإنّ تل-ابيب اتّفقت مع أبو ظبي والرياض لإحياء خطوط أنابيب بترولية وغازية يتجنب المرور بقناة السويس، ويمتد من السعودية والإمارات مرورا بالأراضي الأردنية إلى ميناء إيلات في خليج العقبة بالبحر الأحمر على الحدود المصرية ومنه إلى ميناء أشكلون بالبحر المتوسط، لتصبح اسرائيل أحد أكبر مخزّن ومصدّر للغاز الطبيعي لأوروبا خصوصا وللعالم عموما، تنافس بذلك روسيا وايران، ويبدو أن المشروع لم يتلق ترحيبا أمريكيا وذلك لعدة أسباب سياسية خاصة، وبحكم المعاهدات السياسية والأمنية بين الأردن ومصر وذلك في نظام ثلاثي مع اسرائيل ومعاهدات كام-ديفيد وواد عربة، فإنّ أمن الأردن من أمن مصر، فالمشروع خطوط الأنابيب بين السعودية والامارات وإسرائيل جعل من الأردن محطة عبور للمشروع الضخم الأمر الذي رفضته عمان وطالبت بضمانات ساسية واقتصادية وأمنية وحصة من ذات المشروع، الشيء الذي أغضب دويلة معروفة وما مان منها إلّا رسالة كان مفادها محاولة إنقلابية ضد الملك عبدالله لإخضاعه وإجباره على قبول الصفقة بصيغتها المرسومة، فما كان من أمريكا إلّا التدخّل لمنع الانقلاب وافشال المخطط لاستبدال الحكم في الأردن ..

فيبدو أن تقارب مصر من تركيا وإيران من أشهر أربك الثلاثي الآخر اسرائيل الامارات والسعودية لتحريك ملف قناة السويس كرسالة تهديدية وما ستخسره مصر جراء القلقلة والبلبلة في قناة السويس من هذا التقارب والتحالف الجديد، وكرسالة تهديدية أيضا لما ستخسره تركيا من مشروع إيلات عسقلان انطلاقا من ينبع بالسعودية، وما مناورات السعودية مع اليونان لمن هذا الباب، فالرياض تتعاون اليوم عسكريا مع أنقرة في اليمن مِن خلال طائران مسيرة على غرار تعاون  تركيا مع اذربيجان في إقليم كاراباخ المتنازع عليه مع أرمينيا، وهدف بن سلمان توسّط اردوغان بين السعودية وايران لفكّ أزمة اليمن ولحل عدة ملفات عالقة في المنطقة بسبب الملف النووي الايراني وتمددها في المنطقة، فالأمور جمّة ومشتبكة إلى حد الإرتباط الجيو-استراتيجي في المنطقة برمّتها، ومستنقع بارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة تتخللها حربا شاملة بين عدة أطراف ..

فيمكن القول أن التحوّلات في التحالفات لا تعرف ولا تعترف بصديق الأمس أو البلد الجار إن جار أو تعدّى على المصالح، أو وجد نفسه ضعيفا أمامها، فالمصالح لا تعترف إلّا بالقويّ المحرّك لها، والمنطقة على كف عفريت أمام الأزمة الاقتصادية التي تمر بها والاستنزاف المشاهد لميزانيتها العسكرية من حرب على الإرهاب والسباق في التسلّح، وسنشهد في الايام المقبلة اضطرابات كثيرة في بعض البلدان في المنطقة من خلال موقها السياسي والجيو-استراتيجي وتحالفات لم تكن بالحسبان في الأمس القريب، فمصر في عين البلدان المذكورة والأردن من البلدان التي عفى عنها الزمن في النظرة المستقبلية، فبعض البلدان ستكتسحها المصالح وستكون من خبر كانَ، ولنا عودة لهذا الموضوع بالتفصيل في الايام القادمة المقبلة بإذن الله ..

السلام عليكم

================

كتبه :نورالدين الجزائري

بتاريخ 20 شعبان 1442هـ الموافق لـ 04/04/2021