Rechercher dans ce blog

lundi 3 octobre 2016

مقال بعنوان " رائعة الدبّ و الصياد " ... بقلم المدون نور الدين الجزائري


رائعة الدبّ والصياد ..

إن صراع الحق والباطل أزليّ، قديم جديد، بدائيّ حديثيّ، يتقمص فيه الباطل دور الضحية في كل مرة، يُشاغب الحقَّ في كل فرصة ويتهمه بزعزعة نُظم الحياة والمعتقدات الاجتماعية، مشوش على الفطرة السليمة ويهرّج على من انتهج الصراط والطريقة السوية، جنوده كُثُر ووسائله عديدة متنوّعة، صراعه مع الحق مملوء بالباطل والكذب والافتراء على عباد ربّ البريّة، فأنّى للظلام أن يسود وقد تحدى الحقُّ الباطل بقوله:" قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ".
إِنَّ الباطل الذي عشعش في غياب الحقّ اليوم لهو في أوجّ عربدته أمام أنصاره، والكل يدّعي وصلاً بالحقّ ولكن الحقّ لا يقر لهم بذلك، فكيف لأمم الكفر والغطرسة العالمية أن تركب جواد الحق وتضرب بسيف العدالة وهي أصلا رأس الطغيان العالمي والويلات على الانسانية، وكيف للباطل أن يتخفى في جلد ضأن ومخالبه وأنيابه تدل على شرّ افتراسه وصوته صوت الذئب في المراعي والبريّة، وكيف للنجاسة أن تحاضر باسم الطهارة، وكيف للرذيلة أن تلبس لباس العفة، ويلكم يا جنود إبليس وهل لإبليس موطنَ صدق عند ملكوت الحق والفطرة السوية.
فمن محاسن الصراع ما بين الحقّ والباطل وإن كان داميا وضريبته الأشلاء إلاّ و فِي الصراع متعة تِبيان الأنصار، فأنصار الباطل دوماً ودائماً كُثُر نوعٍ وكميَّة، مزيّنٌ لهم ذلك ، رأسهم الأكبر حسنُ سعيهم وعملهم، وأنّه معهم في مصارعة أهل الحقّ الذين في نظرهم أهل الزيغ والانحراف عن ما اجتمعوا عليه وقرروه، فتراهم في كل فرصة يحاصرون الحق بخيلهم وحميرهم وبغالهم وخيلائهم من الانس والجن، يريدون الحق مصارعة وضربة قاضية، ناسين أو متناسين لمن له كلمة الفصل الاخيرة، ولكن لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وصدُّ الحق تؤذي ، هو واحد أحد .
فها هو الصياد اليَوم استعد لمعركته الأزليّة الاخيرة مع الدبّ، ويريده للضربة القاضية، واستعان بالتقنية بكل حذافيرها، من مستشارين إلى ذخيرة، ومن جنِّ طائرٍ إلى غائص، ومن حمير وبغال يركبها ويتداولها حتى يصل إلى مكانه، أو يكون عنه قرباً قاب قوسين أو أدنى، فتسلّح بكلاب شاردة طائشة، وقد أطلقها لاستنهاض الدبّ من معقله، ومناوشته ومعرفة سرّ ومكمن تجمعه، والأرضية التي استعد لها لمصارعة مريده، فالمعركة في أول مهجها ولَم تشتعل بعد، فالكلاب المدربة غير قادرة على النيل من فراسة وكبرياء الدبّ، الذي تمرّن على نباح ومناوشة حيوانات ماهي إلا أفواه بارود للصياد وأذنابه.
إِنَّ الباطل اليوم في قوة عظيمة لا يستهان بها، وَإِنَّ جنوده على غير رجل واحد بعد النيل من الحق، وإن أبدوا الجمع والتجمع عليه ظاهرا، فكل مراده منه، فمنهم من يريد الحق لأجل نصاعته، ومنهم من يريده لإطفاء أنواره، ومنهم من يريده لأجل قوّة حجته، ومنهم من يريده لأجل الغنيمة التي بيده، ومنهم من يريده لإهلاك حملته، وكلٌ له سعيه، ونحسبه جميعا وقلوبهم شتى.
فمن حكمة الله –عزّ وجل- أن جعل الحقّ دائماً كاشفاً لزيف وزيغ الباطل، فهو سمٌّ قاتل لأهل الباطل وكلابهم، فمَهْما اجتمعوا على الحق وحاصروه إلاّ يأبى الله أن يشتت جمعهم ويفرّق بين قلوبهم، فمعركتهم خاسرة وأن زيّنوا لها بأنصارهم وزخرفوها بإعلامهم، وإن أزبدوا وعربدوا وهدّدوا وقصفوا وضربوا، فتلك ضريبة أهل الحق وأنصاره، وليعلم الله من ينصره بالغيب وكفاه نصيرا.
فالصياد الْيَوْمَ جاء إلى معاقل الدبّ، وهو حمّال لفسيفساء من التناقضات لمراد القوم، فالكلاب الشاردة من حشود على الارض لا تريد لبعضها البعض الغنيمة الأوفر، فمنها من تريد إقصاء كلاب الحراسة، والأخرى تريد من كلاب الصيد أن نقتصر المهمة في المناوشة، والأخرى لا تريد الكلاب البوليسية أن تستأسِد بالفريسة، والصياد على أشدّ ذهوله ولكن لا مناص من تلك الكلاب مجتمعة، فبها يريد الدبّ، ومن أجل استثماره فيها يريدها شرسة قوية، فالأمر أصبح لا يُطاق في الزريبة، زريبة الحيوانات المفترسة وقد بدأ داء الكلب يصيبها وقد أصابها، عافانا الله من الكلاب ودائها .
الكل يريد الدبّ، حتى أسماك القرش تريد حصتها، ناهيك عن أسماك البرانيا في أدغال الأمازون تتوعد لحمه ودمه، ولا تُنسى فئران الجوار التي تريد نصيبها من عضّ الفريسة والنيل منها لأجل نغس المعيشة، فسبحان من أنطق وكشّر عن أنياب الباطل في كل مكان من المعمورة، وعرّى الحيوانات وكشف تجمّعها على أسد الكهوف والغابة، فمن آياته تبيان حكمته في الصراعات، ومنها جموع الباطل على أهل الحق القلائل.
فيا أَيُّهَا الصياد لقد ذقت علقم الهزائم في كل مرة أمام من أراد العيش بسلام، فلا تحسبن أن هذه المرّة قد جمعت من الباطل لهزيمة الدبّ وما تراه المعركة الحاسمة الفاصلة، فقد وطّن لأمرك ما لم تحسبه في كل حسبان وعودة، فالارض أرضه ومرتعه، فقد عزم أن لا يتراجع حتى يهلك الله إحدى المتصارعين، فهيهات أن يسود الباطل أو يعلوا على الحق، فمع اشتداد الباطل إلاّ وتقوى عزائم الحق ويُنفخ في روحه وروعه، فالحق ليس عنده ما يخسره وهو على ركن شديد من أمره، وقد جرد قوته من حوله وسواعده وأسندها للقوي الصمد، الذي هو الحق سبحانه، وهيهات أن يغلب الباطل حقا وإن اجتمعت الانس والجن على قلب رجل واحد، فالحق لا ينتصر إلاّ إذا اشتد عود الباطل وكلابه، فالحق جياده بارقة السيوف، وقوته رائحة الدماء والاشلاء، ووقوده نسائم البارود والإقبال على الموت، فيا حسرة على أهل الباطل ففي غيّهم تائهون.
اقتربت المعركة، واقترب وعد الله، وها قد ميّز الله الصفوف ونقّاها من كل شائبة ماردة عفنة، وصقّل صف الحق تصقيلا، فمن المعادن بريقها وبريق الحق الصدق مع الحقّ، وما خاب من صدق و أراد وجه الله وما عنده، فليعلم الصياد وكلابه أن الدبّ في معقله وعلى أرضه، ومخالبه في كل مكان من أمره، وزئيره يملأ سماء الكلاب  و ها هي تتبول من هيجانه، وهو أهل حقٍّ ولابد أن ينتصر، فالصياد والكلاب تتوعد، وقد باعت الجلد قبل قتل الدبّ، وكيف يبيع من لا يملك السلعة ولا ثمنها، فهي بيعة محرّمة، وقد اجتمعت النجاسة والحرام على الطهر والحلال، فسوف نرى اَيّ الفريقين إلى الله أطيب وأبقى.

السلام عليكم ..

==============================
كتبه : نورالدين الجزائري

1 محرم 1438هـ الموافق ل 03/10/2016

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire