Rechercher dans ce blog

mardi 20 septembre 2016

وقفة سريعة .... " استقباح الحسن واستحسان القبيح" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


استقباح الحسن واستحسان القبيح ..


إنّ ما شدني لكتابة هذه الأسطر لظواهر استفحلت في مجتمعاتنا، وقُبِلت كعرفٍ لقبيلة أو بلد ما، وكأن لسان حال تلك البلدة أو الوطن السعي وراء الرذيلة، وإنكار على من اتبع الفضيلة، واستحسان ما هو قبيح عند الناس، وتقبيح ما هو حسن عند فطام منهم، كمجتمع لوط على ذكر الأثر والسياق، إنّهم كانوا يدَعون النساء ويأتون الذكران شهوة، فاستفحل الامر فيهم حتى عهِدهُ القوم من كبرائهم، و أصبح من المسلمات ومن العرف المستحسن عندهم، حتى أرى الله للثلَّة المؤمنة وعده من إبقاء المعروف، ومسخ ما كان منكرا وإن كان على هلاك كل من فعل المنكر ولو بالسكوت المنطوق.
وكذا أصحاب رؤوس الأموال من الذين لهم سطوة على المجتمعات يتاجرون بالقيم، يشرون ويبيعون الذمم، ملَّة قارون واستعباده للناس حتى رأى نفير منهم من تمنى في ما عنده من أموال، فلم يراعي القوم إن كان ماله من حلال أو حرام، فلما أنكر نعمة الله عليه طُبِق على حلاله لحساب فساده، فساد فهم قارون في المجتمع، وأصبح دينا مستحسنا مقبول لدى شريحة هائلة من الناس، حتى جاء وعد الله فأرجع القبيح إلى الظلمات، وأنار بالمعروف ما كان ظلمة في الطرقات.
ومن صور المجتمعات في إبعاد المعروف وتقريب المنكر ما لا تُذكر ولا تحصى، فإخوة يوسف اتفقوا على استعمال الكذب والِفوه وتركوا الصدق واستبعدوه، فاستحسنوه لمّا عزموا إيذاء أخوهم في الدم والقرابة، وتركوا المعروف والمألوف لما كذبوا على أبيهم في صورة رجل واحد، فقوله عزّ وجل : " وجاءوا أباهم عشاء يبكون" إنما لاجتماع على منكر أرادوا به قبول، فما كان من الله إلا أن ينتصر للعدل والحق وهكذا دأب نصرة الحق وطريق الصالحين.
فسِياقُنا للأمثلة من مجتمعات تمردت على الفطرة الإلهية، فكان لابد إلا وأن يُرجع لما جُبِل عليه الانسان من أمانة، أمانة الدين الذي فيه كل معروف وترك كل منكر، فمجتمعاتنا اليوم فيها من الزنا الذي شرعه الأكابر وقد نُهُوا من الاقتراب منه، والسرقة والغطرسة التي شرعها أصحاب رؤوس الأموال والتي أمر الله في جمعها وإنفاقها تتبع ما وصى به من حق للفقير والمحروم، والكذب بضاعة النفاق ورأس مالها الفاسد والذي تفشى في العامة، وقد نهى الله اتخاذ طريقه وأن يكون الانسان إلا صادقا ويُكتب عنده صديقا، وإنّما ذلك الاستحسان لما هو قبيح لمّا خلَ الانسان بعقله، ونبذ النصوص وراء ظهره، فتداعت عليه شهوته، وتغلبت عليه مادته، وطالبته بالقبيح من حيث رأى المنكر، وأذعن للشرّ على حساب فطرته، والمعروف الذي غُرِس في صلبه.
فإن ما يجري اليوم من ظاهرة الزنا في الطرقات، وكذا تفشي الفساد والاختلاس والسرقات، وشهادة الزور والبهتان والكذب والموبقات، والحكم بغير ما أنزل الله فذاك من الطّامات، فكل ما ذُكِر فهو من عمل أهل التغريب، والذين مُكِّن لهم من التحكم في رقاب المسلمين وما جاءهم من ربهم من نور، فأرادوا لهذه الامة أن تعيش الجهل بمنظور العقل وأسموه التحديث، وحرضوا على الابتعاد عن النص وأنه سبب التخلف والعنف، فما وزنهم اليوم إلا كعبيد عند الغرب، الذي آثر المادة عن الروح، فانظروا أيها العقلانيون من أين تأخذون دينكم.

======================
كتبه : نورالدين الجزائري

22 شوال 1437هـ الموافق ل 27 جويلية 2016



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire