Rechercher dans ce blog

dimanche 7 août 2016

مقال بعنوان " ماذا بعد معركة حلب " بقلم المدون نورالدين الجزائري


ماذا بعد معركة حلب ...


لاشكّ أن الرئيس الامريكي أوباما قرّب على مغادرة البيت الابيض، فسيخلفه رئيسا جديدا في شهر نوفمبر من هذا العام، ليكمل تركة عهدين من حكمٍ اتّسم بالعنف والارهاب المفرط اتجاه المسلمين وخاصة ثوراتهم اتجاه حكّام العرب الموظّفين لدى حكومته الموقرة، فأوباما بعهدتين من حكمه لأمريكا خبير وعارف بسرّ من ناهض سياسة بلاده إبّان حكمه، وخاصة الملّف السوري تحديداً، كما كان لبوش الابن معرفة جيّدة للملف العراقي، فأداره حتى خُرِّبت بلاد الرشيد، وتركت للروافض يعبثون في أثار السنّة، وكأن الكرَّة تعاد مرة ثانية وبأدوات اخرى، وبنو جلدتي في تخديرهم لا يدركون .
أوباما يريد الخروج من البيت الابيض بالعلامة الكاملة في تفتيت المفتِت في خارطتنا، ولذا يسعى وسعى جاهدا للملمة السياسات المتقاربة منه المتناقضة بينها لحربه الكونية على داعش، فقد جمع ما بين السعودية وايران لمحاربة داعش في العراق، وأمر ذلك موثّق ومعلوم ومعلن، فأمدّت إيران بالرجال والسلاح، والسعودية بالمال، وحفّت أمريكا هذا التحالف المتناقض بطيران كثيف، وكان ما كان في مدن العراق التي كانت تحت حكم داعش من هول الخراب والتقتيل والذّل بسبب هذا التحالف الثلاثي الأبعاد.
فإدارة أوباما حسمت أمر ملف العراق عند ملالي طهران، وحتى لا تكون بلبلة ورفع الأصوات داخل تلبيت الخليجي في رؤية إيران تتفرد بالعراق، أوزعت أمريكا إلى السعودية إنشاء حلف إسلامي مهمّته دخول سورية في الوقت المحدّد لمهمّته، لتصفية القضية فيها، وذلك تزامناً مع إيران وميليشياتها اتجاه الموصل، وزحف التحالف الاسلامي بقيادة السعودية وتركيا وفصائلهم المقاتلة على الارض اتّجاه الرقّة، بعد معركة حلب ومنبج باتفاق أمريكي روسي على أعلى المستويات .
فإن ما تم الاتفاق عليه سرّاً بين الفرقاء في المنطقة برئاسة أمريكا كان ينقصه شيئا من "الشرعية الجهادية" إن صحّ التعبير لبداية معركة حلب خاصة والاتجاه بعدها للرقّة، فجاء فكّ الارتباط في هذه المرحلة الحساسة من الصراع في سورية بعد تفاهم سعودي تركي مع رؤوس القاعدة بعد اختراقها كلياً وعلى رأس التنظيم أيمن الظواهري، و الذي بارك هذا الفكَّ الذي لا يقرّه عاقلا ولا حكيماً في هذه الظروف من الصراع حتى تسدل الحرب إزارها، ولكن ما خفي من هذه الخطوة أعظم ممّا يتصور البعض المحسوب على الساحة الجهادية، ففك الارتباط بمعنى دمج جبهة النصرة التي أبدلت اسمها لحركة فتح الشام أو "حفش " في العملية السياسية بعد معركة حلب، فلولا حفش ما استطاعت كل الفصائل الدخول في معركة حلب، فهي رأس الحربة في التخطيط وشحن بطاريات الجماعات المقاتلة من المحسوبة على التيار الجهادي أو التي ركبت موجة الديمقراطية بمحاورة النظام في سويسرا، فالكل اندمج في هذه المعركة وشعارهم سورية، فسينتج من هذه اللُّحمة والخليط الفصائلي نوعاً من الرضى حول التحوّل الذي أحدثته حفش في اندماجها مع الفصائل وبه اندماجها في المشروع الوطني والذي طُبخ في أروقة المكر بعد حشد الجميع باتفاق كل الفصائل والنظام نحو هدنة وتصفية القضية السورية، وكل ذلك مرهون بمدى استجابة الجميع نحو استئصال داعش من الرقّة .
فإن الأحداث المتسلسلة في المنطقة من إسقاط المقاتلة الروسية، وقطع العلاقات ما بين تركيا وروسيا، وبعدها تفجيرات مطار اسطنبول وعملية الانقلاب الاخيرة ليست عبثية، فتركيا والسعودية غير مرتاحتين لسياسة تقسيم المنطقة على أسس عرقية و إثنية، فكان لابد من جرّهما لقبول هذا المخطط، فالسعودية قبلت الامر بإعطاء محمد بن سلمان وعوداً لخلافة أبيه على العرش، وتركيا سُمح لها من روسيا إعادة العلاقات الدبلوماسية لما كانت عليه وأكثر، وقبول أنقرة بوضعية الاسد حاليا في إدارة المرحلة حتى يتّم تسوية شاملة للقضية السورية، فما كان من معركة حلب لهو خير دليل في ذلك بانعدام الطيران الروسي في قصف وضرب أهداف قيادة الفصائل فيها لترجيح كفّة النظام، وكان من الخطة أيضا السماح لتركيا بتطهير مؤسساتها الثلاثة من عناصر الانقلاب او الداعمين له ولو بكلمة، وكل ذلك لهو قبول مؤقت من قوى الشرّ المحورية لتصفية القضية السورية، حسب الرؤية الامريكية الصهيونية وهذ قبل انتهاء حكم اوباما.
فالمخطط من كل هذا استئصال داعش من العراق وسوريا، وما معركة حلب ودخانها إلا تمهيدا لما هو أعظم من تصور الجميع، وتغيّيب معارك داعش وأنصارها وانتصاراتها على الارض من المعركة الإعلامية لهو في هذا الاتجاه من الحرب الاعلامية، وحصرها في ثوب الهزيمة وخسران مناطقها لبث روح الشكّ حتى في ضعاف مناصريها ومن ينظر إليها بعين القبول، ثمّ دخول النخبة من جيوش التحالف الاسلامي من تركيا، بتعزيز من أكراد منبج المدعومين أمريكيا، والتحاق الفصائل المقاتلة في حلب بالركب المنتظر لنقطة الصفر، سياسة الجميع المصلحة الوطنية السورية العليا، ومحاربة "الارهاب"، ونبذ العناصر الدخيلة على القضية السورية، وكذا الامر مع ميليشيات ايران في العراق باتجاه الموصل، وقد بدأت حقيقة المعركة المنتظرة ما بين داعش والجيوش والفصائل بالوكالة من أجل حسم امر الدولة الاسلامية نهائيا .
قد علمتنا التجارب والمحن أن التحالفات مع أمريكا وبالاً في آخر المطاف، فمحور الشر الثلاثي في المنطقة امريكا-اسرائيل-ايران في تحالف للهيمنة على المنطقة بيد من حديد ولعقود من الزمن أن مرروا على الامة هذا المخطط الرهيب، فإن من يصمد هو من قرار أمره بيده، ومن دخل في هذا الحلف الشيطاني ستُقطع يده من أي قرار يريد أن يتخذه، فهل نحن بصدد القول أننا مرة ثانية أكلنا يوم اكل الثور الابيض، أم القضية بيعت وانتهى أمرها إلّا أن يقيّض الله لهذه الامة من سوف يُتلف كل حسابات عدّوها، ولن يصيبها إلّا ما كُتب عليها، وأنّ الامر بيد الله في أوّله وآخره، وإن ينصر الله من نصره وإن اجتمعت عليه ملل المفر قاطبة.
الســـلام عليكم ..
=========================
كتبـــــــه : نورالدين الجزائري

الاحد 4 ذو القعدة 1437هـ الموافق ل 07/08/2016

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire