Rechercher dans ce blog

mercredi 24 août 2016

مقال بعنوان " دول التعاون الخليجي و السياسات القاتلة " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



دول التعاون الخليجي والسياسات القاتلة ...



الأمر جلل، والأحداث تتسارع في المنطقة العربية بوتيرة غير معهودة، تدافع غير الذي يُحمد عقباه على المدى المتوسط والبعيد، جيوش الغرب الشيعية في اكثر من بلاد عربية، السنة تائهون كالعميان في عرس الذئاب، ولا يُعرف المصير المنتظر لجموعهم وهو معلوم النتائج والمآلات، والكل يعوّل على أمريكا وعلى أسطولها السادس المتمركز في مياه البحرين من المدّ الشيعي في المنطقة، لكن أُكلت دول الخليج العربي على موائد مشروع الملف النووي الإيراني في مطاعم فيينا بالنمسا، وأبدلت أمريكا خريطة تحالفاتها في المنطقة من أجل شرق أوسط جديد في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، ومن أجل الطاقة البديلة (الغاز)، والتحكُّم في (OPEC) والهيمنة نهائيا على سوق خام البترول في الاسواق العالمية ..
فالحرب القائمة والمفتعلة في المنطقة على النفوذ والهيمنة، بشقه البشري والطبيعي، فعلى الارض مشروع تهجير سكاني عرقي ممنهج، أدواته أذرع إيران من ميليشيات وأحزاب وألوية، بدءً بالعراق والهيمنة عليه وتهجير السنة واستبدالهم بشيعة ايران وأفغانستان وباكستان، وفي سورية بتهجير السنة عبر الإبادة الجماعية وبغطاء دولي، وتمكين العلوية والايرانيين من ديارهم، أمّا بسياسة الارض المحروقة أو سياسة شراء العقارات كما يفعل أصحاب رؤوس الأموال الإيرانيين في الأحياء السنية وتأمين الخروج لهم أو تهجيرهم إلى بلدان الجوار ..
إيران الخميني بعد حربها مع العراق اتخذت عهدا على احتلال المنطقة وقد تمّ ذلك عبر سطوتها على أربع عواصم عربية وهي لبنان وسورية والعراق واليمن، ولكن طموحها وكل مخططاتها في الجائزة الكبرى وهي بلاد الحرمين السعودية، ولذا أدخلتها في حرب استنزاف مع الحوثة عبر ذراعها الاخر في المنطقة والتي تربحها يوما بعد يوم بفضل سياسة عرناء حمقاء اتبعتها السعودية في حربها باليمن والمدعومة من طرف التحالف العربي والذي يتمثل في دول التعاون الخليجي ..
إن من سياسة ايران التوسعية نقل المعركة إلى ديار أو على حدود عدوها، فترى في كل السنة أعداء وخطر على مشروعها التمددي الفارسي، فعمدت على إيجاد عمق استراتيجي بإنشائها ميليشيات داخل البلدان التي هيمنت عليها سياسيا، فيكون سهلا لها التحرك من خلالها لتنفيذ مشاريعها بأقل التكاليف وبمستشارين من الحرس الثوري، وبهذه السياسة تكون قد أحكمت السيطرة على الشام وبلاد الرشيد والجزيرة العربية، ومن ثمة سياسة الضغوط والتشويش على سياسات المنطقة عبر الولاء التام لأمريكا وإسرائيل في تنفيذ مخططاتهما وإن كان العداء لهما ظاهريا، فذلك جزء من عقيدتها وسياستها التوسعية ..
فبينما ايران في خطط محكمة ثلاثية الأبعاد لابتلاع المنطقة، عمدت دول التعاون الخليجي إلى اتّباع  سياسات رخوة جوفاء من ثلاثة تصورات، لا تتطلع إلى أدنى التحديات المرتقبة، فكان أول التصور بناء منظومة خليجية بالاعتماد على الذات أولاً، وعلى التحالفات ثانياً للمساعدة في حل مشاكل المنطقة، وعلى إعادة تأهيل ايران ثالثاً بسياسات الإغراءات والمصالح المشتركة، وبإدماجها في المحافل الإقليمية كعضو مراقب في مجلس التعاون الخليجي، أو عضو بارز في مؤتمر التعاون الاسلامي، والعيش المشترك في إطار المبادئ الاسلامية، وما كان من ايران إلاّ النظر إلى هذه الحزمة من الإغراءات كقطعة حلوى لصبي عديم المصالح والتطلعات، وأن مشروعها أكبر من بند سياسي أو اقتصادي لا يسمن ولا يغني من جوع في بحر الاطماع الإيرانية ..
وكان من سياسة دول التعاون الخليجي أيضا بناء قوة إقليمية تضاهي قوة ايران التوسعية، فمنذ نشأة هذا التجمع الاقتصادي العمل والتوجه، لم يفلح وينجح في إنشاء فيلق مشترك بين دول التعاون يذود عنه من مطامع ايران المعلنة إلاّ عند ابتلاع الحوثة لليمن بسياسة دول الخليج، فالتحالف العربي الذي أنشئ إيزاء عدم انصياع الحوثة للتفاهمات والغدر به، تراه اليوم بدون سياسة أفقية للخروج من هذا المستنقع الذي نصبته ابران لدول التعاون الخليجي لاستنزافه وخاصة السعودية والتي على أبواب إعلانها خسارة المعركة مع الحوثيين، بعدما غسل الأمريكان أيديهم منها، وانسحاب المستشارين العسكرين الأمريكيين من إدارة المعركة وبدء نهاية التحالف الامريكي الخليجي في المنطقة، وهذا مما يؤكد أن التحالف الاسلامي ضد داعش وُلِد ميتاً، و ان نجاح إيران في التشويش على هذا التحالف بإيحاء لامريكا أن الزج بالسنة للقتال في مناطق الصراع السني الشيعي في ظل هذه الأوضاع السياسية إنما سيخدم السنة أكثر من الشيعة، وان المستقبل للانشقاقات والالتحاق بصفوف داعش، ولأن ايران تقاتل من أجل مشروع جيو-سياسي متفق عليه، وأن دول الخليج تقاتل من أجل صد المشروع الإيراني، مما ينذر إلى عواقب غير محسوبة ومتوقعة، وإجهاض ما تمٌ الاتفاق عليه عبر المفاوضات في الملف النووي الإيراني ..
فبعدما تبيّن لدول التعاون الخليجي أنّهم مجرد بنوك تنفيذية لمشاريع الأقوياء، ومعدن خام لتقوية الغرب على حساب المنطقة والإنسان العربي، تراهم اليوم في خانة التهميش بعد أن بانت التحالفات الحقيقية على المشهد السياسي في المنطقة، فالغرب استطاع إزاحة تركيا من المنظومة الخليجية بافتعال محاولة انقلابية، وكجرس إنذار للأتراك بأن لا يجوز تخطي الخطوط الحمراء إلاّ عبر الرجوع أدى المنظومة الغربية، فالتحالفات اليوم همّشت العرب من الخارطة لشرق أوسط جديد، فأصحاب الأقدام الثقيلة ( أمريكا- روسيا )  هم من أصبح بيده زمام التغيرات في المنطقة، وأن الدور الكبير حُدِّد من سيكون اللاعب الرئيسي فيه، وأن تركيا عليها الرجوع إلى المنظومة الدولية كبلد تحت منظومة الناتو الدفاعية، والتقسيم فوق الطاولات الغربية وعلى قدم وساق إن حاولت أن تدخل في تحالفات عسكرية مع دول التعاون الخليجي بدون إذن الكبار وتقليص وتقويض خاصة دور أمريكا في المنطقة ..
فاليوم وبعد كل هذه التجاذبات في منطقتنا العربية وعلى حساب أبناء السنة، فإن سياسة دول التعاون الخليجي في مهب رياح التغيير، فلا سياسة داخلية وإقليمية ودولية أقاموا، ولا الاعتماد  على الذات في التنويع الاستثماري والاقتصادي أفلحوا، فأموال المسلمين وخيراتهم في بنوك أمريكا والغرب لخدمة تحالفات هشّة عرّتها الأحداث اليوم، والمشاكل الداخلية بين العائلات الحاكمة كقصص ساندريلا والذئب، والإخفاقات السياسية من مشاكل بطالة إلى الفقر المنتشر بسرعة ينبئك بالكارثة الذي هم عليها دول التعاون الخليجي.
إن سياسة الاستعلاء التي انتهجتها دول الخليج والارتماء في أحضان أمريكا بدون قيد وشرط، إنَّما تولّد منها إبن معاق، مصاب بالزهايمر، لم يتعلم من التاريخ ولا من البلدان الإقليمية التي روحها مشاريع إبتلاعية ونظرتها توسعية استعمارية دموية على حساب الطائفية والعرق، فلو كان من هذا التجمع الخليجي أدنى تصورا للسياسات الإقليمية ما طعنت نفسها بيدها ولا انتحرت هذا الانتحار البطيء، ولو كان لديها أدنى سياسة إقليمية لاحتضنت الجماعات السنية المقاتلة حقاً للمشروع الإيراني الفارسي ولا انصاعت للأوامر الامريكية في ذلك، فإيران احتوت أذرعها المقاتلة سياسيا وماليا وعسكريا، بينما دول التعاون الخليجي انساقت وراء أمريكا في مقاتلة القاعدة البارحة واليوم الدولة الاسلامية، وستحصدون ما دُسِّيتم من سمّ قاتل، سيقضي على أبناء المنطقة وبداية بعروشكم الهشّة التي هي أهون من بيوت العنكبوت، وحينها لا عزاء لكم إلاّ أن تسلموا رقابكم بعد معركة الرقة والموصل، وقد أعذر من أنذر وأن الله ولي من خافه واستقام..
فالارتماء في أحضان أمريكا ممات بطيء والآن تحتضرون، والتوكل على السواعد في التفرد بالمشورة والخطط وعدم الرجوع إلى ذوي الاختصاصات من أبناء الأمة والاخذ بالسنن كحقنة لشلّ الأعضاء، وإدارة الظهر لمن يحارب عدوكم وبشراسة والذي هو منكم وأنتم منه وما كان المطلوب منكم إلاّ أن لا تدخلوا في اللعبة الإقليمية والدولية اتجاهه، وأن تخلوا بينه وبين من يهدد الدين والعرض والأمّة جمعاء، فأبيتم إلاّ أن تطعنوا أنفسكم بأيديكم، فيحقّ القول عليكم : فلوموا أنفسكم ولا تلومون الشيطان، فهو بريء من عملكم وما أنتم عليه احتضار، والساعة أدهى وأمر، ولله عاقبة الأمور ..

السلام عليكم

=========================
كتبه نورالدين الجزائري
22 ذو القعدة 1437هـ  الموافق ل 24/08/2016








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire