Rechercher dans ce blog

samedi 6 août 2016

مقال بعنوان " سورية وحرمة الاخفاقات " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


سورية وحرمة الإخفاقات ..



عودنا النظام الدّولي بالمفاجآت في حظائره على أراضينا، وكيف السبيل للزرع فيها، والسهر على نمو الغلّة، ومن ثمة قطف ثمار تجاربه ومخططاته في مزارعه بأيدينا وسواعدنا بتسليمه المنتوج على طبق من ذهب، فهو الآمر والناهي أولاً وأخيراً في مؤسساته الدولية المزروعة في بلداننا، ليس لنا من الامر شيئا في اتخاذ كيفية الزرع والحصد وبيع المنتوج حسب الإيجاب والقبول والمتعارف عليه، او ادّخاره لأيام عجاف وتسويق المخزون حسب رغبات الداخل والخارج.
إنّ كل تجارب المجتمع الدولي من زبالة الانتاج إلى حصاد المنتوج اتُّفق على معاينتها حسب متطلبات القوى المهيمنة على ثرواتنا ومقدّراتنا، فقد زرعوا في وطننا كياناً دخيلاً على الأمّة، مهمّته إحكام القيد على حكّام المنطقة وعروشهم، فمكاتب الاقتراع لأي حاكم مقرّها في تل أبيب، وكذا كل ملف حسَّاس يمس بأمن المنطقة أو زعزعة استقرارها، فالمنطقة في قبضة متسلسلة من خطة مارشالية، يصعب على من فيها من المخلصين عدم التصادم معها أو إهمال قوانينها الظاهرة والخفية.
فالمنطقة في غبار دحس و غبراء منذ عقود، وذلك نتيجة منتوج فاسد، وما ثمرة اليوم إلا زرع البارحة، فنحن لم نتعلم من التاريخ ولا من السياسات الفاشلة المتعاقبة على مر عقود من حكومات مُوجهة بالرمونت كنترول، ولا من حروب داخلية ما بين أحزاب وحكومات "شرعية"، خلّفت الآلاف من القتلى والجرحى، وقضت على مقومات واقتصاد ذلك البلد من وطننا، ولا من فصائل متناحرة فيما بينها من أجل مصلحة الوطن الواحد، وبعيدة كل البعد عن استراتيجية قصيرة أو متوسطة المدى لإخراج الأمّة من هذا التيه والفشل المتسلسل، والذي نحن عليه اليوم من صراعات داخلية مجنونة الأهداف والبوصلة.
إنّ الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى بها وعليه الأخذ بما فيها من دروس وعبر، فالحياة تجارب، والمجرب أنّى يلدغ مرات، فعلى سبيل الأمثلة، فإن الجنرال الفيتنامي جياب شنَّ حربين على أعتى دولتين في الخمسينات والسبعينات من القرن الماضي، فكُتبت عليه حرب فرنسا في " ديان بيان فو" في بلده فأذّل فرنسا عسكرياً، وخرجت فرنسا مدحورة مطرودة، فالرجل حينها تعلم فنون القتال ومات شابا حينها، ثمّ كُتبت على بلاده حرباً أخرى مع أمريكا، قضت على الأخضر واليابس في فيتنام، فالرجل مسك البندقية بيد، وملف بلده في المحافل الدولية بيد، فقد تعلم من حربه مع فرنسا فنون القتال، ثم تعلم مع مر السنين فنون الحوار، فقد أرغم امريكا في باريس على الاذعان لشروط بلاده في كيفية إنهاء الحرب معها، في بلد كان البارحة من انتزع منها حرية شعبه، فسياسته أذلّت قوتين عظيمتين في بضع سنين، حتى أصبح مثلا يُحتذى به في فنون القتال والسياسة ..
فنحن أُمَّة لا نستن بفارس ولا بروم، فلما كٌتب علينا منتوج فاسد من زبالة السياسة الدولية كان لابد علينا التعلم من مثل هؤلاء العمالقة وكيفية إدارة فنون المناورات مع قوى الشر العالمية، فلا سياسة وضعية تعلمنا ولا فناً اتقنا، فهذا حال من ليس أمره بيده كما هو خال أمتنا اليوم.
فنحن لم نتعلم من تناحر الفصائل الجهادية في أفغانستان مثلاً، ومن كان سبب ذلك و ورائه، ولما كان الاقتتال على ثمرة مجهود جماعي، ولم نتعلم من دروس الاقتتال من قبل الفصائل الفلسطينية فيما بينها، وسبب ذلك، ومن كان وراء الدماء التي اريقت في داخل البيت الفلسطيني، ولم نتعلم مما جرى البارحة في الجزائر، وما سبب حصد نصف مليون من الأبرياء، ولم نتعلم من مآساة الصومال وكيف اقتتل الاخوة هناك ودُمّر بلد يعاني الويلات من عقود إلى يومنا هذا، نحن لا نتعلم ولن نتعلم من الدروس داخل البيت الواحد من الوطن، وهذا سبيل كل فاقد لإرادة التعلم، أو بالأحرى مجرد من فنون المناورة وسياسة الحزم اتجاه ثوابت الأمّة مع منظومة دولية متوحّشة تريد إبقائه تحت الوصاية، وتحت ذلّ مستمر لا يريد لهذه الأمّة سبيلا للتحرر من مخالبه المسمومة القاتلة.
فندائي لكل الفصائل المقاتلة في سورية اليوم، فهل ستسقطون في أخطاء أفغانستان، وعَمَى الفلسطينيين، وجنون الجزائريين، وعبث الصوماليين، فالأجدر بكم التّعلّم من أخطاء البيت الواحد، فأدوات الخبث ظاهرة للعيان اليوم أمامكم، فهي من تتربص بكم الدوائر في كل منعطف للايقاع بكم في فخ التشتيت والتناحر وزرع الفتن بينكم لقطف بناركم، ثمّ جرّكم في ظلمات سياساتهم لطمس أبصاركم عن ثمرة جهادكم وتضحياتكم، فعلى الصادقين من اهلنا في سورية الذين حملوا على عاتقهم طرد الطاغية بشار من البلاد ورميه إلى داعميه، أن يتقوا الله في دينهم أولا، وفي سياسة المرحلة التي هم عليها ثانية، وعرضها على مشرحة المصلحة والمفسدة الشرعية، وأن لا تُملى عليهم الشروط من اللاعبين بمقاصد دينهم، وأن يتوحدوا على قلب رجل واحد في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ قضيتهم، وأن يعيدوا حساباتهم المرحلية حسب رؤية البندقية، فلا تفريط فيها على حساب الكلمة، فهي روح الكلمة وعمادها، وأن يدرسوا ما يُراد لهم من المجتمع الدولي، وأن ينبذوا شروطه واقتراحاته، فلا خير فيه وقد سالت أنهار من دماء بسبب خبثه ونفاقه، ولا سبيل لكم من مخالبه إلا التمسك بثوابت دينكم وما تمليه عليه السياسة الشرعية في باب الجهاد ودفع العدو الصائل، فما يجري اليوم في سورية وكل سورية بداية تحرر الأمّة على أيديكم فأنتم أملها بعد الله، فلا تذهب ريحكم تنازعات، وعليكم برد شروط الممّول وصاحب المخططات، فلكم في اجتماع كلمتكم وبندقيتكم عبرة لكم قبل غيركم في كيفية السبيل للانتصارات، فاليوم حلب وغدا دمشق، فمن شروط النصر التعلم من الإخفاقات والعثرات، فعليكم اليوم خنق المجتمع الدولي وأدواته في المنطقة بإعلان الطلاق من سياساتهم أجمعين، فمن الدروس المستفادة اليوم من معركة حلب أنّه يريد من خلالها خلق ميزان قوى، وشد العصى من وسط قضيتكم لجركم لمفاوضات وقد رأيتم مآلاتها ونتائجها، فالكرة اليوم في ميادينكم، والشعوب العربية من ورائكم، والله فوقكم، فعليكم بأسباب النصر لينصركم، ويتنزل نصر الله عليكم و إلّا أهلاً وسهلاً بسورية في بلدان الإخفاقات  .


============================
كتبــــــه : نورالدين الجزائري

3  ذو القعدة 1437هـ الموافق ل 06/08/2016 







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire