Rechercher dans ce blog

samedi 27 août 2016

مقال بعنوان " مبايعة الله على الحق " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


مبايعة الله على الحق ...



وأنا اُسطِّر هذه الكلمات من خلال ما تعيشه الأمّة اليوم من تكالب الداخل والخارج، القريب والبعيد، المنافق والمذبذب، المنتكس ومن ارتد، عليها وعلى توحيدها وخيراتها وقدراتها ومستقبلها، استحضرت سيرة الصدر الاول من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عنهم أجمعين في بداية الاسلام، وصدقهم على الثّبات مما قذفه الله في قلوبهم من نور، إِذْ شرّدوا في الشعاب والأودية والجبال، وما ذنبهم إلاّ أن قالوا رَبَّنَا الله ثم استقاموا، فاستقامتهم لم تكن على نهج أباً لهب وقريش، ولا على الطريقة الفارسية أو الرومية، بل استقاموا على نهج الأنبياء والرسل والصالحين، استقامة كلّفتهم العداء والطرد والتهميش، استقامة حاربتهم عليها رؤوس الشرك في مكة، استقامة تحزّبت عليهم الأعراب واليهود، استقامة جالدتهم بحد السيوف الروم والفرس، وكل ذلك كان في سبيل ذلك النور الإلهي الرباني الذي قذفه المولى عزّ وجل في قلوب من اصطافهم لحمل رسالته، قلوب نظر فيها المولى سبحانه وقال :" إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً .."، قلوب لم تكن من مشكاة الدنيا و زخارفها، قلوب بايعت الله على الصدق ومراقبة ما يدخلها ويشيبها، قلوب صدقت فأصدقها الله هزّ الدنيا ورضوانه يوم لقياه ..
إنَّ دين الله لسلعة غالية، وهو نوره يأته من يشاء من عباده، فالاسلام درجات، كما أن للكفر مرتبات،  فالمسلمون يوم أعداد هائلة وهم ثلث هذا العالم، ولكن أين ريعهم وريحهم وثلثهم، فلقد ضرب الله لنا الأمثال في وقعة حنين لما أُعجب الصدر الاول بقوته وعدده، فما كان من الله إلاّ أن يذيقهم بعض الذي أصابوا من غرور وامتحنهم حتى إن كادت القلوب تخرج من الحناجر، فحينها زلزلوا و استسقنوا إنَّما النصر إلاّ من عند الله، ومن يتخلى عنه ولا يأتي أو يوافق سننه فهو في الخسارة هالك، وأنّ الله غنيّ عن العالمين، فتجردوا حينها من حولهم وقوتهم إلى حول الله وقوته، وما كان إلاّ أن يبعث الله جنوداً من عنده وكفى الله المؤمنين شر القتال ..
وإنّ من الغرور لهو الهالكة الحالقة، والتعدي على قوانين السنن الإلهية لمن المصائب الجالبة للهزائم والانتكاسات والنكسات، فإن خسارة غزوة أُحُد كان بسبب مخالفة لأمرٍ واحدٍ، مر مخالفة الجندي للقائد، وكان ممن خالف امر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأجل حطام الدنيا من غنائم، فعُوقب القايد والجند على هذا الامر المشروع، ولكن كان درسا من المولى لأوليائه أنَّهم ما خرجوا لأجل دنيا وإنّما خرجوا لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، ويحقّ القول على مت خالف السنن وأنها من الهالكة ..
فالسيرة دروس، والتاريخ دروس، وما نحن عليه اليوم لهو أسّ ما لم نتعلمه من كل هذه الدروس، فما تكالب الامم وجعلنا في بطونها وفي عملية هضمٍ إلاّ من رسوبنا في تعلُّم الدروس، وقبولنا بهذه الأوضاع لمن ظُلمة ما قذفنا في قلوبنا من سعي وجري وراء الدنيا والتسنّي ببني الأصفر والأحمر وكل شاردة واردة، قل هو من عندكم، ولا نلوم إلاّ أنفسنا والحالة التي وصلنا إليها اليوم من هوان وحبٍّ للدنيا وفرقة وتفرقة واستهزاء بِنَا.
فإن الأمّة وما تمر به اليوم وفي هذه الأوقات المعاينة والمشاهدة لهو من فقدانها للبوصلة الإلهية، وَلَهو من استهزاءها بما أوجبه وفرضه الله عليها من حمل الرسالة والأمانة، فما كان إلاّ أن تحصد ذلاً وهواناً وسوء عذاب على يد أقذر الامم وأحطّها، فالتيه الذي هي عليه اليوم من نبذ كلام الوحيين من وراء ظهرها، والهرولة وراء أمّم الكفر نموذجاً،  ومعلماً، فالحديث :" إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"، فما عليه الأمّة اليوم من هذا المشهد الذي ذكرناه من اتباع ملل الكفر في النظرة للحياة وزخرفها، والتكالب عليها بنفس الطريقة التي يتكالب عليها من يتنافسها، فلا شكّ أن الجزاء من جنس العمل، وإنّ ما أصاب ويصيب أذناب البقر أصاب اليوم الأمة في مقتل، وها هم النتائج بالمآلات، والظلام في كل المجالات، وما من داء إلاّ وله دواء، وفي الحديث الداء والدواء، كما أنّ التنافس على الدنيا يوجب الذوبان والتيه، فإن طلاقها يوجب الْعِزَّة والرفعة، فالسنن لا تحابي أحدا، فالرماة على جبل أُحُد وفي عزّ الجهاد وتحت إمرة رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم- خالفوا أمرا فكانت الهزيمة، فكيف بمن ترك التوحيد الخالص الذي يلامس القلوب، وينوّر الدروب ويريد من الله نصرا مؤزرا ..!
فالنصر مرهون بالعودة إلى الله، ومرهون بالتوبة من كل ذنب، ومرهون بتسليم الهوى إلى ما جاء به الرسول، مرهون بالصدق والاخلاص والإنابة إلى الله، فالطريق واحد، والإسلام واحد، وما كان ديناً البارحة فلابد أن يكون كذلك اليوم وغدا، وبمفهوم الأمس لا غير إن أردنا أن ينصرنا الله ويمكّن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا، فإن نصره مشروط بِما نقدم لا بما نؤخر، مشروط بتسليم ضعفنا والاعتراف بعجزنا والالتجاء إلى حوله وقوته، والانتصار لِله ولدينه في كل حين ووقت و هنيهة، و اليوم وليس غدا، والآن وليس بعد، وإلاّ سنّة الاستبدال لا تجد لها تبديلا ولا تحويلا، وهذا ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية -يرحمه الله:" فمن كان محباً لله، لزم أن يتبع الرسول، فيصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، ويتأسى به فيما فعل، ومن فعل هذا فقد فعل ما يحبه الله فيحبه الله، فجعل الله لأهل محبته علامتين: اتباع الرسول والجهاد في سبيله. وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من العمل الصالح ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان".
أَيُّهَا الناس إن ملل الكفر اجتمعت على دينكم وعلى توحيدكم، واليوم في دياركم ووسط خيراتكم، وقد فُرِض ذلك عليكم باحتلال ظاهر في بلادكم، لم تعودوا إلاّ كدمى تتلاعب بكم رياح الخبث والمكر، تعصف بكم في كل واد وشعب، تتخطّفكم الذئاب والنسور الجائعة، فذلك كله عندكم وفي دياركم ولا تستطعون حيلة ولا خطة، رضيتم بالهوان والذل وكل ذلك مخافة للفتنة، وأي فتنة أعظم مما أنتم عليه اليوم من سلبٍ لدينكم والذي نُزِّل إليكم، واستبدلتم دينكم بدين المومس أمريكا، فذهب ريحكم ومن صادفها كأنّما صادف ريح ضبٍ نتن، وكيف لا وقد دخلتم إلى جحره من أبوابه الضيقة، فأين المفر من قدر الله، فهلاّ استيقضتم من هذا التخدير والموت البطيء الذي أنتم فيه وعليه، ومن هذا السقوط المدوي الذي أنتم متبعون غياهبه، فهل أنتم منتهون ..؟!
فالحذر كل الحذر أيّها المسلم إن يمسك شيئا من الركون إلى الدنيا والتي عبدها البعض منّا اليوم من دون الله، وسعى إلى الهرولة وراء زخارفها وجمع وكنوزها،  أو إلى الظلمة الذين هم كثير في هذه الدنيا والذين ميّعوا دين الله وأخرجوا الناس من النور إلى الظلمات، فلا تغتر بالجموع فإن الله غني عن العالمين والنَّاس فقراء إليه وإلى عفوه ورحمته وتوفيقه سبحانه وتعالى، فالدّين اليوم وأهله في غربة، لا يُعرف منه إلا ما وُرِث، وحملته اليوم في تهميش أو سجن أو نفي أو استصغار وتحقير، فلا يؤخذ منهم إلاّ من تجرد للحق ودار حوله وفهمه والتزمه، وقد قال العلاَّمة عبد الله أبابطين في رسائل نجد :" فلو أن أكثر الناس اليوم على الحق لم يكُن الإسلام غريباً؛ وهو واللهِ اليوم في غاية الغُربة .."، فإذا كان ذلك زمنهم والعلم والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر مُمكّن وله رجاله، فما عسى أن نقول اليوم وقد استبدل الناس دينهم بالذي مُيع وزين لهم من خليط عقيدة وتشريع ..
فإن الحق وأهله إلاّ وهم قليل وذلك عبر التاريخ والأزمنة، فلا تغتر بالجموع أيّها المسلم، إنَّما يتقبل الله من المتقين، فكثرة الجموع لا تعني بحال أنّهم أهل الحق فيما يذهبون، وقد فهم ذلك جهابذة العلم والتوحيد حيث قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -يرحمه الله تعالى- في كتابه (مفيد المستفيد):" عدم الفهم في أكثر الناس اليوم عدل منه سبحانه، لما يعلم في قلوبهم من عدم الحرص على تعلم الدين .."، فالجموع اليوم من طلّاب الدنيا، ومن طلب الدنيا فقد بسخط من الله فقد أدار ظهره لدين الله عزّ وجل، وما أكثر الناس اليوم ولو حرصت بمؤمنين ..
فإذا كان عصيان الله وأوامر رسوله في ما أحلّ الله، وكان بعد ذلك درسا للصدر الاول وكيف انهزامهم، فما بال الناس اليوم وأكثرهم في جهل من دين الله وما أنزل اليهم ولا حول ولا قوة إلاّ بالله ..!

السلام عليكم ..
=======================
كتبـــــه نورالدين الجزائري

24 ذو القعدة 1437هـ الموافق ل 27/08/2016




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire