Rechercher dans ce blog

dimanche 5 février 2017

مقال بعنوان: "التمرّد الإيراني والتّطرف الامريكي" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


التمرّد الإيراني والتّطرف الامريكي ..

لكل حزب مهندسوه وسياسته، حمائمه ومتطرفوه، نظامه الداخلي ودبلوماسيته الخارجية، خطوط عريضة وضيّقة تمشي عليها الاحزاب في أعرق الديمقراطيات العالمية، امريكا وأوروبا الغربية انموذجًا، فالقوم عمدوا إلى تأسيس أحزاب بمفهوم القواسم المشتركة خاصة على الصعيد الدولي، وعمدوا داخليا على إنعاش حزبين كبيرين، ينبثق من خلالها في كل المناسبات الانتخابية من يقود البلد بحسب برنامجه السياسي المفوض من طرف الأكثرية، والسياسات متغيّرة حسب الساحة الدولية ومؤشر الصراعات في مناطق النفوذ ..
فالصراع على النفوذ السياسي الداخلي وعلى الصعيد الدولي يولِّد حمائم وصقور، فبحسب الأزمات السياسية والاقتصادية يتبين مؤشر السلام أو التطرّف داخل الديمقراطيات العريقة، فدونالد ترامب انموذجا كحالة لسكزوفرينيا سياسية داخل حزب الجمهوريين ممّا أدى إلى ظهور شخصه لهذه العظمة والتطرّف السياسي على الصعيد الداخلي والخارجي، فالحزب الجمهوري انتكست سياسته بعد كوارث جورج بوش الابن ومغامراته الدولية باحتلال دولتين وإسقاط نظامهما وانعكاس ذلك على الاقتصاد الامريكي في المجال المالي والعسكري، فأمريكا خلال الاحتلالين خسرت أزيد من خمسة تريليون دولار ممّا أدى بها إلى التراجع والانكماش نحو سياسة استراحة المحارب ظرفيًا، وإخلاء الساحة الدولية للمناوئين كروسيا سياسيا بتدخّلها عسكريا في حدائقها الخلفية، والصين اقتصاديًا ممّا حسّن وعزّز موقفها دوليًّا، فبموجب الظروف والانكماش والانزواء على الذات، أدّت السياسية الامريكية إلى بروز ترامب، هذا المتمرّد على النظام الدولي والمتطرّف في السياسة الامريكية اتّجاه الحلفاء والأعداء وكل بتفاوت وحسب المصالح والاستراتيجيات المُخطط لها في برنامجه الانتخابي ..
فأمريكا بدخولها الفريزر أو الثلاجة الدبلوماسية عطّلت بموجبه كل التدخّلات الخارجية باستثناء الاتفاقية النووية الموقّعة مع ايران، فتأثير الأزمة الاقتصادية عليها في أوائل عهد اوباما وفاتورة "الانسحاب" من العراق جعل من امريكا في حالة ركود على كل الأصعدة ممّا أدى إلى إرباك الجميع على المستوى الدولي، وجعل أيضًا البعض وخاصة في منطقة الشرق الاوسط يلعبون لعِب الفأر في غياب القط، وهذا ما أثّر عليها وجعلها تكشّر على أنيابها وتلوّح بمخالبها على ليان ترامب وسياسته اتّجاه الجميع، فالرجل في كل حين وساعة ويوم في تصريح مثير للجدل، وهذا من سياسة العصا والجزرة والعودة إلى النفوذ مرة أخرى من بال خلط الأوراق الدبلوماسية والتحالفية ..
ومن سياسة امريكا المعهودة مع الحلفاء والخصوم، وبغض النظر من يحكم البيت الابيض، وضع خطوط حمراء للمصالح القومية، فتارة سياستها خفية وتارة ظاهرة وبحسب المعطيات والمتغيّرات، فالمصالح عَصَب السياسة الامريكية وخاصة في الشرق الاوسط، ومن أبجديات الشركات الكبرى في إدارة مصالحها إنتاج هولدينغ لسيرورة العمل بموجب الانتفاع، وتنصيب وكلاء يديرون المصالح المشتركة بحسب رؤوس الأموال المودوعة في الهولدينغ، والحصص تقطف ثمارها في كل خراج، وبغياب أو مرض الرئيس المدير العام لهذا الهيكل، يجعل من الفرقاء المستثمرين اللعب بمصالح وحصص المستثمر الأقوى نسبة، ممّا يؤدي عند استعفاء أو اشتشفاء الرئيس مُسَاءلة الجميع بحسب أداء الوظيفة والدور المنوط من خلال الاستثمار في الشركة، فالرئيس الامريكي ترامب وتصريحاته حول ايران من هذا الباب ليس إِلَّا، فأمريكا وايران حليفان استراتيجيان لا غنى عن بعضهما البعض في المنطقة العربية.
فالأولوية لأمريكا اليوم إعادة فرز الملفّات المودعة عند الخصوم وتقيّيم مردودها الانتاجي من حيث المال والموارد، فأمريكا تعلَّمت من تحاربها مع المسلمين وخاصة في غزوها للعراق وما خسرت من أموال ورجال وعتاد، فالفاتورة كانت باهظة التكاليف من كل الجوانب الاقتصادية، والنهوض من كبوتها تطلّب استدعاء العدو التكتيكي والحليف الاستراتيجي الذي هي ايران في الإمساك بمصالحها وإدارتها حسب الخطط المرسومة، وما تسليم امريكا لإيران وتوثيق ذلك عبر مستشار الرئيس الإيراني خاتمي آنذاك محمد رضا أبطحي لخير دليل ممّا عليه اليوم امريكا وايران من سياسة مشتركة وتفاوقيه لإدارة منطقة الشرق الاوسط، فالحرب على "الارهاب" والسياسة التوسعية لمن باب المصالح المشتركة، فالإيران التوسع والأرض ولأمريكا ما في باطن الارض والنفوذ السياسية الدولية، فالقواسم مشتركة وما تصريحات دونالد ترامب لمن الاستراتيجية الأمريكية بالتلويح بلعبة العصا والجزرة كما أسلفنا أعلاه ..
وليعلم من يقرأ في هوامش الصفحات، وفي دهاليز المكاتب المظلمة وكواليس غرف الاجتماعات أن لأمريكا في المنطقة العربية عدوان ظاهرا وباطنا، فأمريكا اتّخذت من ايران الشيعة عدوًّا تكتيكيا وحليفًا استراتيجيا لابتزاز دويلات الخليج العربي وجعلها تلهث وراء الحماية الامريكية لمصالح الجميع، وجعلت من العرب السنّة عدوًّا استراتيجيا وحليفًا تكتيكيا، فأمريكا ومن ورائها إسرائيل وبينهما ايران في حلف ضد الدولة الاسلامية المُقَارِعة لسياساتهم في المنطقة من حيث التوسع والنفوذ واستراتيجية التقسيم والتقيّيم، فالعرب السنة من الخليج إلى الشام وإلى المغرب العربي يعلمون أن أمريكا وايران في حلف قوي لأجندات أصبحت معلومة معروفة، وإذا امريكا تعلم أنّ لا ثقة في العرب وخاصة الشعوب بموجب فرض أنظمة وظيفية عليها، فالربيع العربي جعل من الحلف الصهيو-الصليبي-الصفوي على قلب رجل واحد أمام التحدّيات المفترضة من كل منطقة يمكن أن تخرج عن إطار السيطرة، وما الدولة الاسلامية إِلَّا خير دليل على ما انبثق من سياستين اتّجاه العرب السنّة وهما ظلم الحكّام وسياسة ايران التوسعية المرضي عمها دوليا ..
إن الجعجعة الإعلامية اليوم من ترامب اتّجاه ايران والتلويح بالقوة العسكرية لقِراءة من الجهة الاخرى، فإيران على الأرض لدحر عدو أمريكا وعدوها الأول داعش، وما سياسة ترامب اتجاه ايران إِلَّا لتقييم الأوضاع وتصحيح البوصلة للفرقاء على الارض وخلط الملفات والأجندات الاستراتيجية، أن سياسة امريكا في عهد ترامب غير السياسة في عهد اوباما، وعليها رفع الصوت والتلويح بالعصا لمن أراد العصيان أو طمعًا أكبر، فأمريكا في حالة رجوع إلى السياسة الدولية بعد ركود دام عقدا من الزمن، وتريد أن توصل رسالة للفرقاء أنّ الحاكم الفعلي للمنطقة هي امريكا وليس روسيا أو ايران، وأن بيدها خيوط اللعبة على الارض وفي الدبلوماسية ممّا جعلها تؤكد لإيران بورقة الاتفاقية النووية وإعادة تقييمها، وما مشروعها في سورية بفرض منطقة عازلة ومحظورة الطيران وكل ذلك لخلط أوراق التحالف الثلاثي في غيابها ما بين روسيا وتركيا وايران، وأنّها قادرة على كسره في أي وقت شاءت وأنّها صاحبة اللعبة في الشرق الاوسط إلى أجل غير مسمى ..
السلام عليكم ..
===========================
كتبه : نورالدين الجزائري 
09
جمادى الاولى 14388ه الموافق ل 05/02/2017






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire