Rechercher dans ce blog

lundi 13 février 2017

مقال بعنوان "حقيقة الغرب ومفهوم الدولة العميقة " بقلم المدون نورالدين الجزائري


حقيقة الغرب ومفهوم الدولة العميقة

يحضرني قول كاثرين أشتون وزيرة أو منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي حين زارت مرسي في السجن بعد الانقلاب عليه من طرف العسكر في مصر وثلّة من الانتهازيين ، دعاها لإدانة الانقلاب وادخال مصر في فوضى وربّما إلى عهد جديد من الدماء، فردّت: "أنت من تريد الانقلاب على دولة العسكر التي بنيناها قبل 200 سنة"، فبُهِتَ الذي سأل من هول الردّ وبلا خجل، وهكذا شأن الغرب في بلاد العرب منذ بداية الحملة الصليبية على بلاد الاسلام في بداية القرن الثامن عشر للميلاد، كان من أهداف هذه الحملة الشرسة تجريد المسلمين من الاسلام وحكمه، واستبداله بفكرهم وكان آنذاك يُعرف بالاستعمار، والمصطلح حمل في طيّاته استدمارًا وخرابًا حضاريًا وسياسيًّا وثقافيًا واجتماعيًّا أكثر منه إعمارًا للبلدان التي مسّها هذا الجرثوم والذي يعاني المسلمين منه إلى اليوم وبمراحل حسب التخطيطات والأجندات.
لم يشهد العالم الاسلامي حملة تغريبية وغير مسبوقة وتشويهًا لِلدِّين والمعتقد كالتي نحن عليها اليوم، فقد قطّع الغرب الأُمَّة إِربًا إربًا، وجعلها مسخًا من شعوب وقبائل لا تتعارف وإن تعارفت فلا تتآلف فيما بينها، وتركها شيّعًا وجماعات متفرقة متناحرة، ودبّ فيها الكره والبغض إلى أخمص الأنفاس حتى إصبحت لا تمت لأواصل الاسلام في شيء، ففصل الروح عن الجسد إلى أن غدت تابعة له كالمدمن للمخدّرات، لا ينفك أن يصبر على جرعته من السموم، فاستثمر في ذلك من قبل في الخطط والرجال، ونشر ثقافة الرجل الابيض الحضاري وسياسته الصناعية في المجالات الحربية والصناعية، وبعدها اختار من أبناء البلد المُستعمر جنّات لنطفه، فانتقى جيلاً ربّاه على أعينه وسمعه، وبثّ فيه الاستخلاف إلى أن خرج من الباب ودخل بعد مدة من النافذة وليحكم من جديد من وراء الكواليس والغرف المظلمة.
نعم استثمار في الاستخلاف بسياسة التبعية للمستعمر أو المستدمر كما يحلوا للبعض، فالعالم الاسلامي شَهِد استدماران أو قواتان استعمارية اجتاحت البلدان الاسلامية، إنجلترا احتلت العالم الاسلامي الشرقي، وفرنسا العالم الاسلامي الغربي، وكانت بعض البلاد تحت أخذ وجذب بينهما، تارة إنجلترا من تحكم وتارة فرنسا من تحكم كبلاد الشام، ومن خططهما زرع جذور التبعية وإنشاء كيان عميق وبمعنى الخفي أو وراء الأنظار يُحكم بالنيابة عن الإمبراطوريتين، فمن حكّام البلاد العربية والإسلامية بعد خروج المستعمر جاء على ظهر دبابة كبعض المملكات والإمارات في الشرق الاوسط وفي المغرب العربي وافريقيا، ومنهم من جاء بسيناريو تحريري وكذّبه الواقع فيما بعد، ومنهم من استولى على الحكم بانقلابات متّفق عليها في باريس أو لندن، فشعار الفوضى الخلاقة من مبادئ القوم حتى لا تستقر أوضاع المسلمين والتفرّغ للإعمار ولمخلّفات الاستدمار والنهوض بالأمّة مرة ثانية، فترِكَة الإمبراطوريتين من الناحية النفسية والجسدية كبيرة وعظيمة، وكان من ضمنها انتزاع حكم الاسلام واستبداله بقوانين نابوليون في مستعمرات فرنسا والأنجلوسكسوني في مستعمرات إنجلترا، وركّزت الإمبراطوريتين حينها على المملكة العربية السعودية ومصر لثقلهما العربي والديني، فكانتا ترويضا ونهجا للاستقلالات التي كانت بعدهما، فالسعودية أصبحت مثالا ونموذجا للاستقلال في الشرق الاوسط، ومصر بالنسبة لأفريقيا وبلدان المغرب العربي، وانبثق من استقلال البلدين تبعية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد بروز قوى أخذت تركات فرنسا وإنجلترا وهما أمريكا وروسيا ودخول العالم بأسره في حرب باردة قسّمت العالم الاسلامي إلى معسكرين معلومين.
فمعلوم أنّ الغرب تحكمه قوانين ظاهرة وبَاطِنَة، وسياسة معلنة واُخرى خفيّة، فقوانينه وإن تبدوا في طابعها العام من التشريع التسلسلي المدني إلاًّ أنه مستوحى من الفقه الانجيلي ومن العهد القديم والجديد، وسياسته وإن يغلب عليه الطابع الديمقراطي المدني إلاًّ أنّه مقيّد من طرف هرم من البروتوكولات الماسونية، تحكم به العالم الغربي وكذا بلدان التبعية كبلاد الاسلام وشبه القارة الآسيوية إلى أقصى جنوب القارة الافريقية، فالسياسات المتّبعة من المحفل الماسوني، أنّ كل زعيم غربي أو عربي لا يمكنه طرق أبواب الحكم والتربّع على البلدان أو المستعمرات إلاّ ولابدّ أنّ يدين بالولاء والبراء إلى هذا المحفل اليهودي، والذي هو هرم سياسي خفي يدير العالم من وراء الستار بقوة الحديد والنَّار والانقلابات والقلاقل والازمات والاغتيالات وكل شرّ مضمر ولمن سوّلت له نفسه التجرّد من هذا الحلف الشيطاني اللّعين..
وَمِمَّا زاد الطين بلّة كما يقال إنّ شاء الله أنّ أقوات وخيرات العالم غرسها ربي في باطن بلاد الاسلام، ومنذ اكتشاف الذهب الاسود والسائل الزبرجد ( البترول والغاز ) أحكم العالم الغربي سيطرته على العالم الاسلامي، وأصبح بذلك الآمر والناهي، فأوصل بذلك ملوكا وأمراء وروؤساء إلى سدّة الحكم، فمنهم من يحكم بالوراثة، ومنهم من جاء على ظهر دبابة، ومنهم من انقلب على العامة، ففقه القوة وفرض أمر الواقع الذي يخدم الغرب هو السياسة المتّبعة في ترسيخ نمط الحكم في أي بلاد شاؤوا، والذي يخرج عن الوصاية والتبعية مآله حرب أهلية وزعزعة ولاّ استقرار ومقتلة عظيمة، ومن أراد التنصُّل من البروتوكولات الموقّعة والمأخوذ عليها العهود في المحافل الدولية يتم طرده والانقلاب عليه وحتى تصفيّته إنّ لزمت الامور، فالقوم منطّمة اجرامية بقوانين أممّية، تشريعهم في الامم المتّحدة، وقوتهم في مجلس الامن الدولي، ومحاكمهم في لاهاي وما شابه، ولا يكترث القوم في شنّ حروبا على البلدان بجيوش جرارة، وما العراق وما جرى فيه ببعيد، ومنها أيضًا يتظاهرون بلعبة الديمقراطية والوصول إلى الحكم بآليات الاقتراع والصناديق، ولا يكون إلاًّ ما يريدون، فالجزائر وما حدث فيها من مجازر، وغزة وما جرى فيها من قلاقل، والبارحة في مصر وكلام آشتون لخير دليل لمن له قلب وعقل سليم.
فالأحداث وما تنتُج من سياسات تجعل العقلاء واستنتاجاتهم أمام معضلات أو معادلات يصعب حلّها من كثرة التعقيدات وجهل العامة بما خِيط لها من مؤامرات على مدى عشرات السنين من المكر والدهاء وكيفية غرس في المسلمين أساليب التبعية بالرضى أو الإكراه، فمن يحكم بلاد الاسلام اليوم دول في دول، وقوانين في قوانين، وسياسات في سياسات، فالأمور في النظر متشابكة ولكن في الحقيقة هي مدروسة ومخطّط لها، ففي حكم الوراثة يضبط كل ذلك مدى الولاء للغرب والمحفل الصهيو-صليبي أو الماسوني، وكذا في بلدان الجمهوريات إذ الحكم في يد العسكر وماذا ولاءهم لِما ذُكِر، فلذا تُسلَّط العجائز المعوّقين والمخبولين والغير المؤهلين للحكم فهم من يحكم بلاد الاسلام ظاهرا ويضبط كل ذلك العسكر الموالي للغرب وللناتو وأمريكا على هرم الحكم في كل هذا التسلسل من السياسات، والذي تسوّل له نفسه الخروج عن المنظومة الدولية أو ما يسمى بالدولة العميقة فالجزائر كانت خير مثال، واليوم سورية كذلك لأحسن موديل، فلا يهمّ الغرب إن قُتِل ثلاثة أرباع من المسلمين على يد الدمى التي تحكم في البلدان الاسلامية إنّ مُسَّت خيراتهم الباطنية ورأس مالهم في عالمنا، فحلف الناتو أُنشئ لأجل هذا الهدف وليس لغير هذا الهدف، وما تغنيّهم بالحريات وحقوق الانسان والكلام المعسّل لمِن خبث سريرتهم وشعارات للتخدير والتغلغل في المجتمعات الجاهلة بالأمور والسياسات المبطنة، ولمّا كشف أبناء الأُمَّة اليوم زيف المجتمع الدولي وكذبة حرمة دم الانسان وكرامته، راح المجتمع الغربي إلى سنّ قوانين تخص هذه الفئة التي كشفت زيفه وأدرجتهم تحت بنود خارجة عن العرف والقانون كالإرهاب ومشتقّاته، واتبع وللأسف جل أبناء الأُمَّة في ذلك المجتمع الغربي إلى أنّ أصبح الشريف في أعين أبناء عقيدته ودينه مجرما منبوذا، وأصبح الصليبي الحاقد المسيحي المخلّص، فيا أمّة ضحكت من غفوتها وغفلتها الامم، فهل من استيقاظ وكسرٍ للقيود.

السلام عليكم

==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

17 جمادى الاولى 1438 الموافق ل 13/02/2017



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire