Rechercher dans ce blog

vendredi 3 février 2017

مقال بعنوان" ترامب وأسلافه وورقة القدس " بقلم المدون نورالدين الجزائري


ترامب وأسلافه وورقة القدس ..

 يبدو أن ذاكرة الشعوب العربية، وحكّامهم، والنخب السياسية، والاكاديمية في المنطقة العربية، يحملون ذاكرة الحيتان، فكلّما أراد زعيما غربيًا وخاصة رئيس من روؤساء امريكا مناورة سياسية في منطقة الشرق الاوسط يخرج للعرب ورقة القدس، ويستعملها كطبخة لابتزازات ومرادات سياسية، يُجَس من خلالها نبض الشارع العربي من حكّام ومحكومين، يسقط من خلال الطُعم أنواعًا من الحوت في في شباك الصيد بتفاوت الأصناف والأحجام، والسقوط في مستنقع المساومات الاستراتيجية، وكأن القوم صرعى من دوران عجلة التاريخ، لم يفهموا من أحداثه إِلَّا قراءات سطحية لا تسمن ولا تعني من قضية ..
فحينما ترى من يتصدر الدفاع عن الأُمَّة وأراضيها ومقدّساتها، تدرك حجم المصيبة التي نحن في مستنقعها وقاعها، فالهزائم المتتالية ليست إِلَّا من بَلَادَة فهم وسذاجة عقول السياسيين والأكاديميين المحسوبين عليها، ناهيك عمّن يحكم بلاد العرب ففي الغفلة السياسية نائمون، وفي أوهام المعاهدات والوعود يسبحون، من ساسة الخليج إلى الشام، فالطّابع واحد، والختم واحد، ولسان الحال واحد، فالنوم على هزيمة عندهم خير من اليقظة على نصر يربك العروش والحسابات، فالهزيمة والنصر عندهم بأيادي الأسياد، وخارج إطار الفهم الاستراتيجي وأوراق الضغط السياسية، وهل الحوت بقادر على التّنفّس خارج مائه ومحيطه، فلكل دوره في المنطقة، وما استفراد منظمة التحرير الفلسطينية بالقضية الاُمّ فلسطين لمِن سياسة تجنب العبء وإلقاء الكرة في يد مهزومة أصلاً، والقدس مخ الصراعات في المنطقة، وعليه تدور الأزمات والتحالفات، فما من انتخابات امريكية إِلَّا وفي برنامجها قضية القدس كورقة مساومة وابتزاز لطرف دون الآخر، فلو عاد أصحاب ذاكرة الحوت للوراء قليلاً لوجدوا حوالي 20 رئيسًا ومرشحًا ونائبًا تاجروا بقضية القدس في حملاتهم الانتخابية وخاصة نقل سفارة امريكا من تل ابيب الى القدس.
فإذا اُسنِد فن السياسة إلى غير أهله فانتظر الهزيمة والانتكاسة، فقرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس يُقابل بسياسة النعامة ودسّ الرأس في الطين، فالقوم لا يزالون من مؤمني الدجّال في الوعود والسياسة، فالمضحك المبكي من مواجهة القرار يقابله كلام من منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبره انقلابا على الشرعية الدولية، وتراجعا خطيرا في السياسة الأميركية التقليدية التي كانت على الدوام ترفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا الكلام من الخرف السياسي والبلادة الدبلوماسية وعفن المفاهيم الاستراتيجية في فهم الكلام والردّ عليه بما يناسب التعهدات الانتخابية، فالرجل في حملته كان واضحًا وصريحًا في مبادرته وتعهّده في نقل السفارة إلى القدس، ولو رجع القوم إلى قراءة سطحيات وعمق القرار ومقارنته بتعهدات أسلافه من رؤساء امريكا وبعض المرشحين والنواب لفهموا أن الخطوة شبه مستحيلة، وأن من وراء ذلك مساومات دبلوماسية على الأرض، وسياسة التنديد العربية لطالما جرّت ويلات من ورائها وتنازلات خطيرة في غير محلّ ومكان التنديد ..
والباحث في بروتوكولات القوم منذ معاهدة أوسلو، يجد من الأسرار الغير معلنة والمصادقة من خلال التفاهمات بين الفرقاء، ومن المهازل الديبلوماسية ما يندى لها الجبين، فالسيادة على القدس بشقيها الغربي والشرقي تحت السيادة الإسرائيلية الإدارية والعسكرية الكاملة، فالقدس الغربية محتلة من عام 1948م ومعترف بها دوليًّا، والقدس الشرقية اُحتُلت في عام 1967م إبّان حرب الستة أيام الخاطفة، وتعتبر السلطة الفلسطينية القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين، وللعلم أنه لا يوجد بحسب تفاهمات أسلو ممثلية سياسية للسلطة الفلسطينية داخل القدس، وتجسيد كل ذلك كان عبر ممثلية ديبلوماسية أمريكية في القدس الشرقية ممّا يُفهم الامر من زاويتين، منها وجود مكتب دبلوماسي امريكي يمثّل السلطة الفلسطينية، واُخرى وجود فعلي امريكي بمكاتب دبلوماسية داخل القدس، فالتنديد الفلسطيني بنقل سفارة امريكا إلى القدس من المضحك بمكان، فما التمثيلية، وما السفارة إِلَّا نقل جدران بناية، فالأمور واضحة خلف الكواليس، ومشتبكة في الواقع وعلى شعوب الاستهلاك للكلام السياسي الامريكي في المنطقة، والتي لا يفرضها إِلَّا الأقوياء بسياسة الابتزازات، والمساومات المدروسة سلفا، وفي معاهد وجامعات والغرف المظلمة المصنّعة للقرارات لصالح المخططات الإسرائيلية، ولقاعدة امريكا العسكرية الثابتة في فلسطين، وفي قلب أحد المقدّسات للمسلمين في المنطقة العربية ..
فهل أتى الرئيس الامريكي ترامب مثلا بقرار جديد ومن خلاله سيتم استيراد لحاويات من مناديل البكاء ! أم كلامه من كلام أسلافه في فن السياسة والدبلوماسية ! فالذي ينتج الفكرة ليس كالمستورد لها، والفرق ببن جنس العمل سنوات ضوئية من التخطيط لإنضاج الثمرة، وإذا رجعنا إلى كلام من سبق ترامب للبيت الابيض وتصريحاتهم اتجاه القدس لعلِمنا أن وراء هذا الكلام مستحقّات على أرض فلسطين المحتلّة نضُجت بعد دراسة متأنية، فليس من باب الصدفة بمكان تصريح ترامب بنقل سفارة بلده من تل أبيب إلى القدس وبناء اكثر من 5000 وحدة استيطانية للصهاينة حول القدس وداخلها، فالأمر من باب تثبيت الهوية اليهودية لمدينة القدس، ومخطط له مسبقا من طرف حكومة نتنياهو والرحل مخضرم في مثل هذه الألاعيب السياسية مع فرقاءه وشركائه في العملية السياسية من أسلو إلى ترامب وما بعد ترامب، فإسرائيل تخطط وتنفّذ على الأرض، وإعلان المخططات دائمًا ما يكون على لسان الإشهار الامريكي بصفته الراعي الرسمي لمحادثات السلام بين إسرائيل والعرب، فالسياسة الإلهائية الامريكية بكارط القدس قديم جديد، وهي ورقة استيطانية بالدرجة الاولى، وفيتو للمعترضين الغربيين على سياسة الاستيطان ولتمرير مشاريع تهويد كل الاراضي الفلسطينية ..
أعود وأقول أن المتاجرة بقضية القدس من المضاربة الرابحة بين امريكا وإسرائيل عبر نصف قرن تقريبا اتجاه بورصات الخردة السياسية العربية الرسمية، وهي ضريبة تجارية كضريبة القيمة المُضافة للشيء، فكلّما أرادت امريكا من المنطقة تنازلات سياسية لاحت بضريبة هذه القيمة المُضافة، فالمساومات على قدم وساق لإجبار القوم والدخول في عهد جديد من السياسة الامريكية اتجاه المنطقة، فكارط أو ورقة القدس بميزتين هذه المرة، وتجميد القرار بنقل سفارة أمريكا إلى القدس مرهون بمناورتين كبيرتين، فالاولى داخل فلسطين المحتلة وهو السكوت عن 5000 وحدة استيطانية قيد الإنشاء، والثاني خارج فلسطين وهو مستقبلي يكمن في إنزال جيوش المنطقة والعمل مع إدارة ترامب الجديدة في الحد من نفوذ الدولة الاسلامية في سورية والعراق، وإنشاء منطقة عازلة في سورية بعد "تحرير" الرّقة، وما تلاسن ترامب وايران لمِن فشل طهران في القضاء على الدولة الاسلامية، وأن ايديولوجية ايران فشلت في المنطقة كبديل استراتيجي، وأنّ على السنّة محاربة السنّة لإضعاف الجميع في المرحلة المقبلة، وثمرة الاصطدام المحتوم يأتي خراجه لتل ابيب، وحينها نقل بناية السفارة الامريكية إلى القدس قد يتم في إدارة الظهر لكل ما هو مقدّس عند من بقي من الاعراب ..
السلام عليكم
===============
كتبه : نورالدين الجزائري

 07 جمادى الاولى 1438هـ الموافق ل 03/02/2017




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire