Rechercher dans ce blog

samedi 28 janvier 2017

مقال بعنوان "ما دلالة الدستور السوري الجديد المنزوع الهوية العربية؟ " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما دلالة الدستور السوري الجديد المنزوع الهوية العربية؟

يبدو أنّ سورية المعروفة قبل ثورة الشعب السوري بالجمهورية "العربية" السورية في طريقها إلى التقسيم ومن أبواب المجتمع الدولي الواسعة، حيث ومنذ بداية الصراع في هذا البلد العربي العريق وعاصمة الأمويين بحكم الهوية الاسلامية في انسلاخ ممنهج من هويّتها القومية والدينية، وبسبب فعل فاعل مختبئ وراء الكواليس الدولية وصاحب ايديولوجية مغايرة للمنطقة، يريد بذلك تغيّير ملامح التركيبة السكانية ولسان البلد خاصة، وإحداث زلزال تغريبي وطلاق أبدي ولا رجعي مع القومية العربية.
 وللعلم أنّ سورية مرّت بثلاث مراحل منذ نشأتها، من الانتداب الفرنسي القائم على الشرعية الثورية من الثلاثينيات القرن الماضي إلى أوائل الستينات من ذات القرن وعُرِفَت بالجمهورية السورية، مروراً بالعقد الوطني والذي يسمى بالوحدة السورية المصرية والذي كان قائماً على حكم البعث إلى أنّ استلمته عائلة الاسد، ومن ثمة تطوّرت العلاقات الثنائية ونتج عن هذا الزواج السياسي بالجمهورية العربية السورية إلى إنّ تمّ الطلاق في أوائل السبعينات من القرن الماضي على يد حافظ الاسد، إذ ظلّت بالجمهورية العربية السورية، ومنها استلام بشار الاسد الحكم عقب وفاة أبيه في عام 2000م، فعمِل على تأسيس جمهورية ثالثة وذلك بعد طرحه لدستور جديد قبل وبعد اندلاع الثورة بقليل، ولم يكن في طرحه للدستور الجديد في عام 2012م تغيّير المواد الخمسة الأولى والمتمثلة في مهيّة الدولة ونظام الحكم، وهوية الشعب السوري وامتداده الوطني والاقليمي، سيادة الشعب حسب قوانين الدستور، ديانة رئيس البلاد الاسلام ومصدر التشريع الفقه الاسلامي، اللّغة العربية اللّغة الرسمية الدول.
 فبعد اندلاع الثورة وانسداد الأفق السياسية في سورية، تعطّل العمل بالقانون بموجب المواد المنصوصة في دستور البلاد، دستور الجمهورية العربية السورية الثالثة، فكلنا يرى اليوم إلى ما آلت إليه أوضاع البلد والتجاذبات السياسية الدولية والإقليمية التي عبِثت بالشعب السوري ومركز البلد الجيو-استراتيجي بين امتداد الغرب وبوابة الشرق، فجُعِل من هذا البلد من الانتداب الفرنسي إلى حكم آل الاسد بلدًا علمانياً بامتياز بمنح الأقلية العلوية في إدارة شؤونه والتربّع على سدّة الحكم، فامتزج من خلال كل هذا عدّة أقليات وعرقيات وطوائف من العلوية أو النصيرية إلى الدروز والآرامية أو السريانية مروراً بالتركمان واكراد وعرب السُنّة، فالوطن مزيج من فسيفساء جعلت منه أحد بلدان الشرق الاوسط تميزًا، ويجدر بالذكر أنّ الأغلبية السكانية للبلد من العرب إذ تصل نسبتهم إلى حوالي 84% من سكان سورية، فمخارج الحرب الدائرة اليوم في هذا البلد العربي أدّت بكل هذا النسيج الاجتماعي إلى الدّفاع عن وجوده بحسب التحالفات والولاءات، فكان للسُنَّة العرب الويل الأكبر من هذا الصراع، إذ تبيّن أنه قد صِيغ للبلد دستوراً جديداً ومن عام تقريبا، وقد طُرِحت أول بنوده أو موادّه في مفاوضات #أستانا مؤخراً من روسيا على الفصائل المحاورة لنظام بشار الاسد، واشتمل على إلغاء كلمة "العربية" من الجمهورية العربية السورية المعروفة إلى الجمهورية السورية، ولذلك دلالات كثيرة سياسياً وقومياً.
 فالملاحظ للتطورات السياسية في سورية ومرورها بالجمهوريات الثلاثة يرى أنّها تعود إلى الانتداب مرة كما كانت عليه في عهد الاستعمار الفرنسي، إذ كانت تُسمى بالجمهورية السورية، وكأن من ساعد نظام بشار اشترط عليه إلغاء هوية البلد وامتداده العربي الأصيل، وبالفعل فمواد الدستور ـ الروسي ـ الجديد ألغى مادّتين أساسيتين فيه وهما هوية الدولة وديانة الرئيس، إذ دستور سورية بالأمس ينص على عربية الدولة وإسلام الرئيس، ولا يمكن الفصل بينهما، والشاهد من هذا الدستور الجديد المطروح من روسيا ونتيجته يُكرّس انفصال الأقليات وعلى رأسهم النصيرية من الأغلبية السُنّية التي دخلت في صدام معها، ممّا سيؤدي إلى تقسيم سورية إلى فدرالية أو كانتونات "تعايشية" بحسب الضغوط التي ستُمارس على الأغلبية، وهذا تمهيد صارخ لتقسيم سورية من الأقوياء وفرض الامر الواقع على الجميع، فالساحل السوري إلى حلب وريفها سيكون بمثابة الجمهورية السورية الحديثة، إذ ستعمل بهذا الدستور الجديد بموجب طبخة سياسية سيتم من خلالها الذهاب إلى انتخابات مبكّرة يتم التنافس فيها من جميع الأقليات دون الرجوع إلى مهية الدولة وديانة الرئيس المعهود في الدستور القديم، وما يُنشأ اليوم من منطقة عازلة من كوباني إلى مدينة الباب مروراً بمنبج المتاخمة لحدود سورية سيُزجّ بالاغلبية السُنّية والمهجّرة عنوة وبمخطط مدروس بعناية ومنها بث الفوضى إلى أن يتّم الاستسلام الكامل مرة ثانية للأقلية الحاكمة بدون الرجوع إلى الدستور والعيش تحت رحمة من سيحكم سورية بعد عهد آل الاسد.
 سورية اليوم تحت انتداب جديد ولا مفرّ منه وهذا من ثمن التدخل الدولي والاقليمي في هذا البلد الاستراتيجي والجيو-سياسي، فالآمر اليوم والناهي فيه هي روسيا ومنها هذا الدستور المطروح على الجميع وخاصة على الأغلبية، إذ من غير المعقول أنّ يتم صياغته من دون نظام بشار وايران، فالقوم متّفقون على آلية الحكم مستقبلا وإفراغ مضمون مواده الدستورية الاساسية خاصة في الحكم، ومن عودة احتمالية لترشّح أبناء السنّة لمنصب الرئيس ولو افتراضيا، فالإقصاء سيكون قدرهم المحتوم بموجب قوانين الدستور الجديد، وهذا من حِيَل ودهاء وتجربة النظام الإيراني في العراق بعد تسلّمه من الأمريكان، ويريد إعادة الكرَّة مرة ثانية وبذكاء آخر، بعد أنّ يتم تسليم سورية من روسيا إلى ايران بموجب البروتوكلات الدولية في حكم المنطقة بصيغة جديدة، وفي إطار الشرق الاوسط الجديد المنشود، والذي أوكل إلى حكمه والتحكُّم فيه للجمهورية "الاسلامية" الإيرانية.
 فالبعض يظن أنّ روسيا من رسمت دستور سورية الجديد وهذا من السذاجة بمكان، فكيف وهي طرف في قتال وقتل أهل السنّة في هذا البلد العربي العريق، وكيف تتحول بين عشية وضحاها من جلّاد إلى حمامة سلام تريد للشعب السوري الخير والخروج من هذا المأزق والذي ساهمت في تأجيج نار الحرب فيه، فمن وراء روسيا ايران إذ الكل يعلم تدخلها السافر في المنطقة العربية، وإرادة استحواذها على الشرق الاوسط بتمدّدها المذهبي المفضوح، فلا يُعقَل أنّ صياغة دستور علناً تكون ايران من صاغته، فيُعدّ حينها من التدخل في الصراع بغطاء مذهبي وحتما سيُقابل برفض شعبي في كل المنطقة العربية، وستساهم حينها في مزيد من التشنج والضغوط الطائفية والمنطقة على كفٌ عفريت من ايران ومليشياتها.
 إنّ صياغة هذا الدستور الجديد في موسكو المنزوع الهوية العربية لمِنْ رَحِم التهجير السكاني للسُنَّة من المناطق المحررة من روسيا وايران وميليشياتها، ومن سياسة التغيّرات الديمغرافية والتي هي على قدم وساق خاصة منذ الاستيلاء على مدينة حلب، فتهجير العرب السنّة من مناطق النظام واستبدالهم بقوميات أخرى قاتلت معه من ايرانيين وباكستانيين وأفغان وبحكم المذهب الواحد يفرض على الجميع استقلالاً ضمنياً ككيان جديد عن الأُمَّة العربية، فصياغته وطرحه بهذا الاستفزاز السياسي لهو من فرض الامر الواقع على الجميع، سيضطر المفاوض الضعيف على مزيد من التنازلات في سورية المستقبل، وأنّ على الأغلبية أن تقبل بحكم ما آلت إليه الأمور عسكريًّا وسياسيًّا إلى القبول مستقبلًا بإيراني فارسي كسليماني أو أفغاني هزاري تولي رئاسة الجمهورية السورية بعد توطينه وإعطائه الجنسية السورية وذلك على غرار جلّ السياسيين الإيرانيين المجنّسين عراقياً والذين يديرون حكومة بغداد كولاية من ولاية الفقيه، وأكاد أجزم أنّ نزع الهوية العربية من الجمهورية السورية لمِنْ باب الحقد الطائفي الإيراني على كل ما هو عربي وخاصة دمشق وما أدراك ما دمشق عاصمة الأمويين العرب، وهل من حبٍّ إيراني للأمويين ..!
السلام عليكم

=====================
كتبه : نورالدين الجزائري 
01
جمادى الاولى 14388هـ الموافق ل 28/01/2017



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire