Rechercher dans ce blog

jeudi 26 janvier 2017

مقال بعنوان "ما الرسالة من وراء الطائرة المسيّرة للدولة الاسلامية؟" بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما الرسالة من وراء الطائرة المسيّرة للدولة الاسلامية؟

لمّا أعلنت الدولة الاسلامية أن هذا العالم لا يحترم إِلَّا اصحاب الأقدام الثقيلة، فمجمل من فهم هذا الكلام أوّله إلى شدّة بطشها بعدوّها والمناوئين لها ولمشروعها، وهذا التصريح وإن يكن ظاهره ما فهمته العامة من استوعاب، إِلَّا مفهومه آخر وخطير وهو دبلوماسي بلسان شرعي شديد الملامح لما هو آت من صراع على البقاء، وموجَّه لأصحاب القرار العالمي وللدول الإقليمية، أنّ على الجميع وضع في سياساته الخارجية الاستعمارية وحساباته أن اليوم للمسلمين دولة بمكوّناتها ومقوّماتها كما صرّح الناطق باسمها في وقته.
 فالدولة الاسلامية عند دخولها الموصل وإعلانها للخلافة لم يكن أيضاً تصريحها من عبث وإن كان الكثير إقليميا قد عاب على خطوتها هذه لقِصر النظر، أو لميوله السياسية والحزبية، وآخرين لارتباطهم بأجندات داخلية معلومة، فالغرب أيضاً وعلى راْسه امريكا ندّد بهذه الخطوة، وما كان منه إِلَّا أن يُجيِّش جيوش عملائه داخلياً وخارجياً لإيقاف خطواتها فكريًا وعسكرياً، فبدأت التحالفات والتشكيلات على المحافل الدولية وعلى أرض الميدان للتصدي لمشروع القرن كما سمّاه البعض، فالدولة الاسلامية وبعد استيلائها على الموصل استولت أيضًا على أحد أكبر مخزون للسلاح في الشرق الأوسط من تركة امريكية ومشتريات حكومة المالكي، وجاء ذلك التصريح أن العالم لا يحترم إِلَّا الأقدام الثقيلة مفاده أن الدولة الاسلامية أصبحت حقيقة حتمية على الارض، وعلامة بارزة ودائمة في المنطقة، وأنّ تصريحها هذا منبعه إِلَّا من منطلق الواثق بالنفس، ككيان قادر على تقديم نفسه كقوة عسكرية في المنطقة، وأنّ على الجميع وصاعداً العمل مع هذا الامر الواقع إمّا سياسيا أو عسكريًّا.
 صحيح أن الدولة الاسلامية أخذت بالأسباب من العقيدة المتّبعة ممّا ميّزها وأخرجها من التصنيفات الاممّية، فكما أنّها قُوبِلت بالرفض إقليميا لطموحاتها التوسعية فكذا رُفِضت دوليًّا لذات الأسباب وخاصة ايديولوجيًا، فهي تهديد لعروش المنطقة ولنمط النظام الدولي القائم، فتكتلهم مفهوم على أنّ العدو واحد غير متجزئ، وعليهم محاربته على صعيد رجل واحد، وهذا ممّا أدى بالدولة الاسلامية أنّ تتخذ طرق وسبل المواجهة، وابتكار أساليب غير تقليدية للتعامل مع هذا الحلف العالمي، مع هذا الطارئ الذي لم يسبق له مثيلا في التحالفات عبر التاريخ البشري، فجمعهم هذا ليس من عبث، وإنّما للخطر الذي يشعرون به، والمصير الذي يجمعهم في منظومة دولية متشابكة ومعقّدة، جعلت منهم السيّد والوسيط والعبد، عبودية بمفهوم آخر يجعل من الأقليات السياسية والإثنية والدينية تتحكَّم في رقاب البشرية على ظهر المعمورة .
 كان إعلان الخلافة والتصريحات السياسية والطموحات والأهداف المعلنة والتوسلات كخطط استراتيجية للدولة الاسلامية لفرض وجودها والاعتراف بها، فالتحديات كبيرة ولم تكن من عبث، فأسلوب قتالها على الارض وتكتيكاتها جعلت من أرقى الأكاديميات العسكرية العالمية النظر إليها بعين الحيرة والعجب ودراستها اكاديميا، وجعل البعض منها موادا للتدريس كنمط جديد من حروب الجيل الرابع، والذي كانت تُدَرَّس أساليبه افتراضيا، ممّا جعلها اليوم تقطف ثمار ذلك في تصدر المشهد العسكري العالمي، وأدّى أيضاً إلى هواجس عسكرية ونفسية، جعل من جنود أمريكا وحلف الأطلسي للارتماء وراء الروافض والبشمركة وبعض الفصائل في سورية كالأكراد وعناصر الجيش الحر لخوض معاركهم معها مرغمين، فالذعر من المواجهة وجها لوجه من فوبيا جنود الغرب ومن غموض لعدم فهمهم لأساليب وأيديولوجية الدولة الاسلامية القتالية، فكل خططهم باءت بنسبة مئوية عالية من الفشل لفهم تكتيكات جنود الدولة من حيث نوع السلاح والخطط العسكرية، فكما أنّ الدولة ابتكرت بفضل كوادرها العلمية المتخصصة في الصناعة العسكرية مواد تفجيرية قوية التفجير للعربات المصفّحة والدروع كذا في جعبة مقاتليها أسلحة أخرى طوّروها كقاذفات المورتر وقاذفات آر بي جي و التى بدقّتها أذهلت العسكريين المحنّكين، فهي في تطور دائم وحسب نوعية المعركة والمعارك بصفة عامة.
 فالمذهل من عبقرية الدولة الاسلامية أنّها أخذت بأسباب التكنولوجيا ولم تفرِّط فيها البتة، ودوّل الغرب المحتكرة لتكنولوجيا التصنيع العسكري أصبحت تشعر اليوم إنّها في منافسة مفتوحة، وأنّ علامة الابتكار لم تعد ماركة مسجَّلة باسم الغرب ومن تخصّصه، فالصين مثلا أصبحت اليوم ممّن تصدر ماركتها القتالية، وكذا ايران وكوريا الشمالية المحسوبتين على محور الشرّ فلهما علاماتهما العسكرية من صواريخ باليستية وأخرى بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية، فالعالم أصبح متعدد الأقطاب بعد أنّ كان قطبين ثم قطب واحد، واليوم نرى بروز أيضا جماعة وقد تميّزت عن الجماعات "الإرهابية" المعهودة والكلاسيكية، أرت من المجتمع الدولي فنّ التصنيع في المجال العسكري وهي المحاصرة من طرف العالم بأسره من استخبارات وجيوش وميليشيات، وبالرغم من هذا الحصار أبت الدولة الاسلامبة إِلَّا كسر هذا الحصار التكنولوجي وركبت موجته بسواعدها وبفضل كوادرها العلمية، ممّا أدى إلى أن صرّح رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية جون تشيبمان، حيث قال :" لقد شعرنا في السابق بأن الدول الغربية هي بطلة التكنولوجيا الجديدة وتحظى بتفوق تكنولوجي كبير على منافساتها من الدول الأخرى أو الجماعات من غير الدول، وأما اليوم، فإن التفوق التكنولوجي ينحسر "، وأكد أيضًا:" أن القوة العسكرية في القرن الحادي والعشرين لا تنحصر فقط في الطائرات والدبابات والسفن، بل تتعداها إلى تكنولوجيات مثل أمن المعلوماتية، وأسلحة المعلوماتية والطائرات بدون طيار ..."، وهذا ما فهمته الدولة الاسلامية وما صرّح به المراقبون الدوليون في مجال التصنيع العسكري، حيث أصبحت المنافسة مفتوحة في كل مجالات التفوق العلمي العسكري، وذلك لتثبيت معنى ودلالة مقولة : أصحاب الأقدام الثقيلة.
فمن أيام قليلة معدودة خرجت الدولة الاسلامية بإصدار أسمته "فرسان الدواوين" مفاده رسالة واحدة  وخطيرة للداخل الإقليمي وللغرب، رسالته واضحة أنّه من اليوم وصاعدا نتدرّج في التصنيع العسكري، وها هي عيّنة من عبقريّتنا الملموسة، وأن الاحتكار التكنولوجي في عدد الماضي بسبب التقنيات في الشبكات العنكبوتية العابرة للقارات، وأن ما ترونه اليوم إنّما جزء بسيط ممّا في حسباننا التي تتعلق بالتفوق التكنولوجي في المنطقة، وأنّ حكوماتكم الوظيفية بأموالها وخيراتها لا تستطيع أنّ تُصنَّع مخيط أو غرز إبرة، وأن خروجنا بهذا الإصدار وجعل آخره زبدة الاشهار، طائرة بدون طيار، تعمل بالطاقة الشمسية، وصديقة للبيئة، لا يرقبها رادار، فإنّما لتموتوا كمدا وحسرة وذعرا ممّا هو آت من حموم على رؤوس كلابكم الرافضة في معارككم على أرض المسلمين، فالطائرة وبحسب الاخصائيين فهي من تكنولوجيا الكبار، مزوّدة بكاميرا مراقبة ومسحٍ للأرض بدقّة عالية، وتكلفتها لا تتطلب تحالفات صناعية، كما هو حال السعودية في تصنيع مثل هذه الطائرات مع جنوب افريقيا وبتكنولوجيا إسرائيلية، وأن سعرها بضعة دولارات معدودات، ولكن سرّ التصنيع لا يعرفه إلّا من عدّ العدة وصدق، وأخذ بالأسباب فكان ثمره التفوق، وهذا مفهوم آخر من : أصحاب الأقدام الثقيلة.
 إنّ الرسالة الحقيقية من تصنيع الطائرة المسيّرة من طرف الدولة الاسلامية مفادها تحدياً للغرب، وأنّ لولا حربكم الظالمة على أبناء الاسلام بشتى الوسائل ومن ضمنها احتكار مجال التقنية الدقيقة في التصنيع العسكري، وغرس في نفوس أبناء الأُمَّة الهزيمة في هذا الباب بسواعد الحكّام ومعاهدهم وجامعاتهم التخريبية في الأساس للعقول المنتجة والمبدعة وتهميشها بعد التخرّج، وأن زمن الريادة وأوحادية التحكّم في التكنولوجيا بلا منازعة قد ولٌى، والرسالة الثانية لدول المنطقة أنّه لو أنفقتم أموال المسلمين فيما يرضي الله ورسوله لما تجرأ كلاب الرافضة وأنجاس العالم على أنّ ينظر أحدهم للمسلمين بعين الريبة، ولعمل ألف حساب يقدم على المساس بحياض الأُمَّة، وأنّ دم المسلم حرام وعزيز، ومن تسول له نفسه سفكه فستكون الحمم القاذفة على راْسه ورأس من حرّضه على ذلك، وهذه رسالة صريحة لكل عاقل وأنّ في جعبة القوم من المفاجآت ما سيقف أمامها أصحاب التكنولوجيا حيارى، وإنّ غدا لناظره لقريب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
السلام عليكم

====================

كتبه : نورالدين الجزائري
28
ربيع الثاني 14388هـ الموافق ل 26/01/2017






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire