Rechercher dans ce blog

vendredi 20 janvier 2017

مقال بعنوان "مفاوضات استانا وكشف المستور" كتبه المدون نورالدين الجزائري


مفاوضات استانا وكشف المستور

  هكذا لُقِّب الجنرال جياب من امريكا وفرنسا بـ "العدو العظيم"، نعم استحق هذا اللقب بجدارة من الصحافة الامريكية والفرنسية، استحقّه بسحق الفرنسيين في معركة (ديان بيان فو) في عام 1954م حيث استسلمت له القوات الفرنسية بعد حصار استمر ستة وخمسين يوما، وأصبح نهجاً قتالياً يدرّس في الكلّيات الحربية، وكذا أذاق الأمريكيين علق الهزيمة في (سايغون) في عام 1975م، ممّا أدى الى احترامه واحترام شعبه من طرف الإمبريالية العالمية.
دروس في التاريخ المعاصر تُستخلص منها العبر، العبرة في القتال، العبرة في المناورات السياسية، العبرة في المفاوضات، العبرة في الصبر والعطاء والبذل من اجل فكرة، من اجل ايديولوجية، من اجل الحرية، من اجل الانسان البسيط وحقّه في العيش الكريم، كيف وكل الغزوات الإمبريالية في القرن العشرين وُجِهت بلحمة شعبية ووطنية من طرف المُستَعمرين خلف قياداتهم الميدانية، فيتنام ووحدتها وراء الجنرال جياب، الجزائر ووحدتها وراء رجال حزب التحرير، كاسترو وشعبه وصمودهم امام امريكا، فالمفروض ان لكل أزمة حلولها، ولكل غزو رجال يصدّونه، ولكل ظلم تنهيه عدالة، وهذه فطرة في الانسان ولأجل حريّته يبذل حينها النفس والنفيس لدفع الشر من حيث بان او طلّ.
فالتاريخ لا يرحم يا سادة، فهو المعلّم بامتياز لكل ذي لبّ وعقل، انّه محرّك غوغل الحق للبشرية منذ فجر الانسانية، فيه من الدروس والعِبر حتى للغافل والأحمق والمجنون وعالم الجن، فكيف بمن يقرأون :{ قد خلت من قبلكم سُنن فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذّبين } ان يغفلوا عن صفحاته وما سُطِّرت فيه من سيّر، ربما أرادوا لعجلة التاريخ ان تخرج عن مسارها وتتجه بصفحتهم الى قاع المزابل فيه، اَقدرٌ هو ام لجهل من دخلوا فيه، فكل المؤشرات والمعطيات على الارض والورق تبيّن سذاجة القوم وحمق سياساتهم اتجاه ما يحيط بهم، اُشرِبوا اوهاما بجهلهم وزُيِّن لهم سوء عملهم، وكيف لا وهم بزعمهم محنّكين في مفاوضة امريكا وروسيا وأزلامهم من الحكومات العميلة في المنطقة، وكأن القوم على قلب رجل واحد والحقيقة ان لكل منهم عصاه ومآرب اخرى، فكل فصيل بما لديه من سياسة فرح بها وأنّه للند في المفاوضات مساواة وله كلمة، فالقوم يُساقون الى المسلخة بعد ان ذاقوا خيانة على الارض مذبحة.
سورية اليوم أضحت ورقة للتاريخ كاشفة وفاضحة للانسانية جمعاء، من القوى الاستعمارية الى الحكومات الوظيفية الى شعوب العالم والمنطقة مرورا بالجماعات المقاتلة، صراع وجود لكل الأطراف وأجندات هيمنة جديدة على كل الاعراف، غُربِلت فيها كل السياسات، واجتمعت فيها كل المتناقضات، وجُرّبت فيها شتى الأسلحة والمعدّات، مخبر للقنابل الذكية والغبية ولشتى الرصاص والهاونات، الضحية واحد ابناء سورية وما نقموا منهم الّا لأنهم سُنَّة، فكل شاردة ماردة الّا وتحزّبت داخل سورية باسم طرد نظام بشار وانهاء القضية، ولكن وقعوا في فخ النجاسة وفي فم الكلب لا يعرف السبيل الى الرحمة، فبعد تشرذمهم امام الاتفاقات والاتفاقيات وعجزهم عن اجتماعهم على قلب رجل واحد كما تجمع الأزمات الأبناء في الثورات، باعوا المقدّرات والمكتسبات بأوهام من سياسة الغدر على أبواب موسكو وواشنطن في سوق انقرة قريبا على موائد استانا بكزاخستان معقل الدب الروسي صاحب الجيفة ذي ناب، فما بال قوم يفاوضون هزيمة على الارض واهمين أنفسهم بانتصار سياسي وحكمة في المفاوضات كصلح الحديبية وكأنّهم على إيمان الرسول والصحابة، فبعداً وسحقاً للقوم الجاهلين.
فاليوم تعلن نتائج مفاوضات استانا قبل انطلاقها في ايام معدودات وفِي عزّ التصريحات، من دافوس الى انقرة، فمن كان ظهيرا للفصائل السورية فاليوم يعلن بدون خجل او حياء استحالة رحيل الاسد في ظل الوقت الراهن، وبمعنى اخر ان عليكم بقبول الأوضاع على ما هي وان تستسلموا للسياسة الدولية والإقليمية في تثبيت حكم نظام بشار لكم ولمن خلّفوكم، وان مقاومتكم عبث كما كانت وعودنا كاذبة لكم، فاليوم بعدما شققنا شأفتكم ولحمتكم بتمزيق اجتماعاتكم على سياسة واحدة فعليكم القبول بالشروط والإملاءات المنتظرة والأجندات المقسّمة عليكم، فأنتم لا تصلحون الّا وقود وأفواه بنادق لمشاريعنا القتالية ضد عدونا الواحد والاوحد المعلوم للجميع عالميا، فأقل ما سيُنتج عن مفاوضات استانا بين الفصائل السورية ونظام الاسد والكبار هو اجندة لقتال الدولة الاسلامية في بداية المرحلة وكشرط أساسي لانتخابات عامة بعد القضاء على كُفَّار المنظومة الدولية والخوارج عن الهيئات الاممية، فنتائج المفاوضات أُعلنت قبل بدئها من افواه من غدركم في حلب ولكنّكم قوم لا تعقلون.
فمفاوضات استانا محسومة البنود سلفا لنظام الاسد وشركائه من روسيا وايران وحزب الله بالاستسلام بدون شروط مسبقة مغلّفة بانتخابات عامة وغير مطروح فيها زمن ولا انتهاء صلاحية للاسد، فأسّ البنود انشاء غرفة عمل لقتال الخوارج عن المنظومة الدولية وبقيادة ضبَّاط روس وأتراك وبجند من النظام والفصائل الموقّعة، وستتقدمون الصفوف باسم الوطنية لمحاربة العناصر الخارجية، ونهاية سذاجتكم ستكون بارود لأفواه بنادق الكبار ايّها الصغار .
ان الجنرال جياب كان رجلا وطنيا مُحِبّا لشعبه ولارضه ولم يساوم ذات يوم في كرامته وحقّ شعبه في الحياة، مبدأه كان حرب بلا هوادة على الارض ودبلوماسية محنّكة حسب ما في يديه من انتصارات رجاله، لم يداهن اعدائه في باريس وواشنطن فلذا سمّوه "العدو العظيم" عظيم بصلابته ومقوفه من اعدائه، فما عسانا ان نقول لأمثالكم الّا كما يقال للوضيع اعمل بشرف زوجتك فقط فلا شرف لك الّا بها، فحيّا الله نساء سورية فهنّ ارجل منكم سياسة وصبرا، فعجز المنطق من تصنيفكم، فإن كُنتُم في سبيل الوطنية فالجنرال جياب بري منكم، وان كُنتُم كما تريدون لُبسًا على الناس كأنكم في صلح الحديبية ولذلك ارض وجند يحكمون بشرع الله، فوالله انتم ابعد خلق الله على فهم السياسة الشرعية، وان قلنا انّكم جنحتم للسلم فلذلك شروط وسنن، فعليكم باب واحدة فهو:"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين".
السلام عليكم
===================
.. كتبه : نورالدين الجزائري

22 ربيع الثاني 1438هـ  الموافق ل 20/01/2017



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire