Rechercher dans ce blog

mercredi 9 novembre 2016

مقال بعنوان " ترامب ووجه أمريكا الجديد." بقلم المدون نورالدين الجزائري


ترامب ووجه أمريكا الجديد ..

استيقظ العالم العربي اليوم بوجه أخر على حقيقة لطالما تجنّبها باسم الديمقراطية وحقوق الانسان وحوار الأديان ومحاربة الارهاب والمساواة، بل اليوم سقط قناع سيد الغرب بلا منازع، فالرجل وطوال حملته الانتخابية كشّر عن ما في قلبه وجعبته اتجاه القضايا الكبرى في السياسة الخارجية لبلاده، وأظهر للعالم وللقريب قبل البعيد أنّه لا يمكن كسر الصورة النمطّية السلبية والراسخة في عقلية الشخص الغربي اتجاه العرب والمسلمين ..
فلا شكّ ومنذ بروزه على الساحة السياسية ومرشحاً للحزب الجمهوري ومن أحد صقوره الأقوياء نفوذا، باعتباره من أغنى أغنياء أمريكا، وسيّدا ناجحا في أعماله الحرة، يدرك أن الرجل لم يكن يتكلم من فراغ بالنسبة لنظرته للعرب وللمسلمين، بل كان يتكلم من قاعدة صليبية إنجيلية معرفية بامتياز، ولا شكّ أن 70٪‏ من هذه الكنيسة اتباعا له، وهو محافظ التوجه والعقيدة، إذ لا يرى الإجهاض، ويرى لأمريكا قضاة محافظين، وهو ملهم بالاستشراق ويُعدّ من الاوفياء للمدرسة الاستشراقية لكل من ديزرايلي Desraeli وفلوبير Flaubert  وماسينيون Massignon، أصحاب النظرة الاستقصائية للعالم الاسلامي، إذ يقول فيهم المفكّر الفلسطيني وأستاذ الأدب المقارن إدوارد سعيد أنّهم دعاة احتكار الغرب للشرق، وإرادة حكم الغرب لبلاد الاسلام ..
الرجل انتُخب من طرف من كان دائماً يروّج له من أبناء جلدتنا ذو البشرة العربية وقلوب غربية أن الشعب ساذج ولا يفهم مِن السياسة إلاّ الهامبورغر والشيبس، وأنّه لا يعرف أين تقع رومانيا من فنزويلا، ناهيك عمّا في العراق وسورية من حمام أشلاء ودماء، وأنّه ما يفرِّق بين الاسلام والارهاب، فليت قومي عقِلوا حدود سذاجتهم وما اعتبروه من سياسة سمحاء تخدم مصالحهم في بلد العمّ السام ..
ترامب كان صريحا في حملته الانتخابية ولَم ينافق، فالرجل منطلقه من فكر صهيو-صليبي إذ له من الأولاد من اعتنق الديانة اليهودية، وصرّح بذلك علانية كملف شفاف لما يحمله من سياسة خارجية اتجاه قضايا المسلمين، فقد اعترف بيهودية "دولة اسرائيل"، وزاد على الاعتراف الايديولوجي اعترافا سياسيا ديبلوماسيا خطيراً حيث قال أنّه سيصوّت لصالح قدس موحّدة كعاصمة أبدية لـ "دولة اسرائيل" نهائياً رافعاً حق الفيتو في كل المحافل الدولية المعارضة لقراراته، وليس كذلك من صدفة تناغم سياسة بوتين في الشرق الأوسط مع طموحاته في تكريس سياسة التبعية لبلاده اتجاه من سمَّاهم البقر الحلوب، إذ تبيّن أن الرجل لا يعرف إمساك العصا من الوسط ولا يجيد سياسة الجزرة، بل لسان حاله العصا لمن عصى لعيال دويلات البنوك المالية وأصحاب الشيك على بياض على حساب أرزاق المسلمين، فقد صرّح في أكثر من خطاب أن تلك البلدان ما هي إلاّ دار جزية لنا، وأنّه قال إذا فزت بالرئاسيات وسافرت إلى السعودية و أتى الملك لاستقبالي بالمطار لقلت للطيّار خلف دور وأخرجنا من هذا المكان، والرجل لا يتكلم من فراغ أو مزح فهو يقول ما يظن ويعتقد، وأنّ باحتقاره لأكبر حلفاء بلاده بهذه السهولة فعلى الدويلات الاخرى أن تتوقع ما يُوَف يسوؤها من سياسة اتجاههم جميعا ..
فساكن البيت الابيض الجديد وسيّده، والذي سيتولى مهامه في أواسط شهر جانفي من العام المقبل، يرى بعين الحسن كل ما هو غير عربي وإسلامي داخل بلده امريكا، فقد أسقط عن أقنعته العديدة بالنسبة للجالية العربية والإسلامية داخل أمريكا وزائريها، فالرجل لأي زيد من المسلمين حتى المجيء الى بلده، وإن جاء أحدهم فعليه تبيان بنك معلوماته وبياناته حتى على وسائل الاتصال الاجتماعي، وأنّ كل شبهة تقتضي تصفية السجن أو مطاردة بحزم ولا مغامرة، وكذا يريد أن يحمي بلده من المهاجرين العرب والمسلمين وغلق باب هذا الملف وانشغاله بوعوده الانتخابية للنهوض باقتصاد أمريكا وبالأميركيين إلى ما هو أفضل، وأيضاً الحدّ من انتشار ظاهرة الاسلام في المجتمع الامريكي وغلق باب الدعاية وتجفيف الأموال المسخرة له، ومراقبة واسعة لكل ما هو إسلامي على حساب الحريات المكفولة من طرف دساتير بلاده، فالرجل جدّي في سياسته الداخلية اتجاه العرب والمسلمين، وسيكون لهم قسطا من عنصرية امريكا ووجهها القبيح  من ثلاثينيات من القرن الماضي اتجاه السود حينها ..
فسيّد البيت الابيض الجديد انتصر وانتصر حزبه بمقاعد الشيوخ بالأغلبية، وسيُعزّز بحكمه رئيساً لأقوى بلد في العالم بأرضية محافظة من داخل الكونغرس، وستكون له صلاحيات واسعة في إعادة هيكلة امريكا الجديدة، إذ توعد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي وهذا سر قلق الاتحاد الاوروبي من فوزه وتصريحات قادته الهستيرية اليوم، كما جاء في سياسته الخارجية نيته سحب القوات الامريكية من اليابان وكورية الجنوبية ومن سواحلهما وَمِمَّا اشتّد من قلق البلدين اتجاه مصيرهما، ومن جمل حملته الانتخابية تصريحاته المثيرة حول فرض تعرفة 45% على الواردات الصينية تسبب بذلك استياء الصين من قرراته المستقبيلية، وكذا نيته ودعمه للتسلح النووي الياباني مثيرا قلقا كبيرا في توازن القوى في تلك المنطقة، فالرجل جاد في ذلك وكل هذا سيصب في ادّخار أموال هائلة ستعود حتماً في مصلحة امريكا العليا ..
ومن يظن سياساته الخارجية الانخراط في حربه على "الارهاب"، وأنّه سيطلب من جيوش الحلف الأطلسي النزول الى الارض لمقارعة الدولة الاسلامية في معاقلها، وكذا يريد من ايران أن تكون اليد الضاربة في المنطقة و كلبها الوفي في استعادة الشرق الأوسط من "الارهاب" السني مقابل مزايا أحسن مما تمّ توقيعه مع إدارة أوباما وقوله أنه لو كان مكانه لكان لإيران أحسن المواثيق مع ادارته الجديدة ..
فلعل المسلم اليوم أدرك حجم عقلية وسلوك وسياسة واتجاه سيّد البيت الابيض الجديد لما يدّخره للإسلام والمسلمين، وأنّه كشف عن وجه امريكا الحقيقي شعبا ومسؤولين، والذي كان مبهما ومحفوفا بشعارات زائفة كسيف على رقبة الامّة، وأن الذي أوصله واعٍ بما قاله وكرّسه في عقول اتباعه ومن الشعب الامريكي في حملته الانتخابية، وأيّدوه وآزروه في مشروعه، وأن أمريكا اليوم على قلب رجل واحد وتحت قيادة واحدة متكاتفة، وأن للمسلمين من هذا الرجل أيّام ستشيب منها الولدان، فعلى عقلاء الامّة الاصطفاف وراء من له سياسة في مقارعة قوى الاستبداد العالمية الجدد، وأن زمن الركون تلى الظّلمة قد ولّى إلى رجعة، ومرجعية الرجل من مرجعية اللورد كرومر والذي كان دائماً يردد مقولة وليام موير حيث قال :" أن سيف محمد والقر آن لهما ألدّ أعداء المدنية والحريّة والحقيقة التي شهدها العالم على مر الزمان .."، فيا ليت قومي يصحون من سياسة النعامة، والرجل أعقل ممّا يظن البعض، فالجنون كل الجنون من لم يعقّل بعد فنون السياسة والمصالح العليا المسلمين ..
السلام عليكم ..
==========================
كتبه : نورالدين الجزائري

09صفر 1438هـ الموافق ل 09/11/2016



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire