Rechercher dans ce blog

lundi 7 novembre 2016

مقال بعنوان " 100 عام على سايكس-بيكو ... سيف صليبي على رقاب المسلمين" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري




100 عام على سايكس-بيكو
 سيف صليبي على رقاب المسلمين


نعم اسقطوا دولة الخلافة بمكر ودهاء وبتكاتف الكفر والنفاق والشرك، قطّعوا أوصال الامّة إلى دويلات من المحيط إلى الخليج، قصفوا طريق الحرير بحواجز من إسمنت، تبخرت رائحة التوابل التي كانت تربط الصين ببلاد المغرب، أصبحنا نشمّ إلاّ رائحة الأسلاك والبارود على حدود أقطار وهمية، لا حرير ولا زعفران من باكستان إلى أندونيسيا مرورا بالجزيرة العربية.
تدخّلت إمبراطوريتان في العالم الإسلامي واحتلّته وتحالفتا على هدم وجدان الامّة الواحدة، وكذا مصائب قوم عند قوم فوائد، فما استطاع الغرب النهوض إلاّ على أنقاض امبراطورية تحتضر، وكذا أي طائفة أو قبيلة أو حتى شركة علاقات عامة، كان لابد من تقسيم إرث الرجل المريض الذي كان لقب الامبراطورية العثمانية، وفرنسا وانكلترا لم يكن يعنيهما الرجل المريض بقدر ما كان يعنيهما نمطه المعيشي من عقيدة إلى علم متكامل في كل شتى ومجالات الحياة.
كان لابد بعد هذا التقسيم زرع كيان متناقض داخل العالم العربي أَلاَ وهو الكيان الصهيوني، وإن هو إلاّ قاعدة متقدمة من جمع إرهابي العالم حينها، فوعد بلفور في أوائل نوفمبر من عام 1917م من مخططات القوتين العظمتين لإنشاء هذا الكيان المسخ، وقد حقّقوه بعد التقسيم، وأصبح الحارس الأمين للإمبراطوريتين على العالم العربي المجزأ، يعطي السياسات والتوجهات لما اتُّفِق عليه من سايكس وبيكو، ويبعد عن العالم العربي كل عقيدة او ايديولوجية إرثية من ذلك الرجل المريض الذي اُجهِز عليه في 1924م على يد أتاترك، معلنين بذلك نهاية الحكم الاسلامي في البلاد العربية، وبداية حكم العائلات والقبائل والقوميات في بلدان الشرق الأوسط خاصة، مربط ومنزل الوحيين.
بعد دق الاسافين في نعش الإرث العثماني وزوال الحكم الاسلامي على كل الامبراطورية، قُطِّع الشرق الأوسط إلى دويلات تحكمها إقطاعيات، وعُيِّن على كل دويلة ملكاً او أميراً أو رئيساً، يدينون بالولاء التام للغرب، لا ينزعون يدٍ من طاعة إلاّ بأوامر الأسياد من وراء البحار، يأتمرون بأوامرهم، مقابل التّحكم التّام في سياسة الإقطاعيات وفِي ثرواتها المعدنية وخاصة الذهب الأسود والسائل، فأصبح الحكّام الجدد لهذه الدويلات همُّهم إرضاء الأسياد وأجندة استعمارية جديدة في المنطقة، وحرّاس جدد أن لا يعود الدين يَحْكُم من جديد، فمنهم من حكم بالقومية، ومنهم من حكم بالإثنية، ومنهم من نافق وحكّم ظاهر الدين بحكم طبيعة البلد وأهله والدين برآء منه، وهكذا تاه حماة الدين والعارفين بآياته وسننه ما بين تبعية غربية وقومية عربية من ماركسية إلى بعثية مرورا بحكم القبيلة الجاهلية ..
و بأوامر السيّد الكل تفرّد بشعب وقبيلة من شعوب وقبائل المنطقة، مُزّقت الأوصال والنسيج الاجتماعي الذي كان يربط ناس المنطقة، أصبح كل بلد له هويته وأرضه وشعاراته، رُسِمَت الحدود بين البلدان، وطُبِعت الأموال ولكلٍ عُملَته، وزِيد لذلك جوازات سفر وتأشيرات للتنقل في البلد الواحد وفِي أكثر الأوقات بشقّ الانفس، وزُرعت الكراهية والمعاداة بين القوميات والإثنيات والمذاهب، حتى تستطيع الحكومات الوظيفية التحكّم بسهولة في القطيع، وخُوّفت الشعوب بالقانون والبوليس والعسكر حتى أصبح الفرد من العائلة الواحدة إلاّ وهو عرّيف أو مخبر الحاكم المفدى، الكل يُسَبِّح بحمده ويتزلف إليه بالقوت والأمن والأمان، فطُمس على قلوب المسلمين، فما كان معروفا أصبح منكرا، وما كان منكرا أصبح معروفا ومحبوبا، فَانسَلَخت المجتمعات من دينها إلى دين أسيادها ولو إلهاما وميما، فالحلال أصبح من الموبقات والحرام من المألوف بين الناس.
بعد هذا الشر الذي أصاب الامّة في دينها وهويتها ونسيجها الاجتماعي، حُكِمت بالحديد والنار، أصبح العالم العربي سجناً كبيراً للمسلمين، والمعلوم أن في السجن يخضع الكل إلى إدارة ومدير وقانون واحد، لا طيب اكلٍ ومشربٍ، ولا وقت مفتوح ومستغل للإبداع وما يترتب، فالهواء بالفاتورة باسم الأمن، ولا سياسة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية إلاّ بما يراه و يقننه وليّ البلد، فقُرِّب الخائن من دوائر القرار واُبعِد الصادق إلى غياهب السجون، وضاع الناس بين استبداد حكم ودين وإدارة وشرار الخلق في الحياة اليومية والمعاش.
فبالرغم من الخيرات المحاباة من الله عزّ وجل على البلاد الاسلامية والثروات، إلاّ أن شعوب المنطقة ومعهم اليوم بلاد المغرب العربي بعد "استقلالها" من المستدمر الفرنسي، فهي من أفقر البلدان على اليابسة، لا بنية تحتية ولا فوقية، لا تعليم ولا علم، لا صناعة ولا تصنيع، لا إبداع إلاّ البدع، تكاد أن تكون جامعاتها من أجهل ما وصل إليه العقل البشري من انحطاط منهجي، فالكل تقريبا في المنصب الغير مناسب، فوضى حتى في النفس ومع العائلة .. فقوام الدول بالمفهوم الذي سلكوه يقتضي أن تكون الدول مواكبة للدول الاخرى، فقوة الدولة تحكمها سياسة حكيمة تدير أمور الناس بالقسط والعدل والمنافسة الحرة، وباقتصاد قوي متنوع الدخل وتوزع عائداته على الفرد والمجتمع حسب مؤهلاته، وأن تكون ثقافة البلد حرّة منضبطة يحكمها دين البلد ومذهبه حتى يكون النّاس سواسية في العطاء والطلب، ومنها يزدهر المجتمع إلى رقيّ في كل المجالات الاخرى التي تكوّن فسيفساء البلد وتنوعه.
فالغرب عمِد على إبقاء البلدان العربية في الفقر والجهل بتعاون مع الحكومات الوظيفية حتى لا تستقل ذاتياً وبه ترجع إلى دين رَبِّهَا، فنهبَ الخيرات واستولى على العائدات، فنصّب عليها بنوكا دولية تتحكَّم في ثرواتها المعدنية والمالية، فلا عملة إلاّ عملته ولا خطط استثمارية إلاّ ما يراه ومن خلال دراسته، فكبَّل الدول العربية بمديونية لا خروج منها، فكل ما يُنتج يذهب إلى جيوب الأسياد والحكومات الوظيفية، تُصرف من خلالها المواد الاساسية على فقراء الأغنياء في البلدان العربية، والويل كل الويل لمن تسول له نفسه فالتهم والسجون جاهزة مفروشة .
إن مخطط سايكس-بيكو الذي هيمن ويهيمن على العرب إلى يوم هذا هو مخطط غربي جهنّمي مفسد وفاسد، حربته: فرّق تسد، عملته وقوانينه: مجلس الأمن والمحاكم الدولية، سرقة ثروات المسلمين وإنفاقها في مجتمعاته والرقيّ بثمراتها في المجال العلمي، سياسته: الحكومات الوظيفية المنبثقة من جمعية الامم المتحدة وتعيينها والرضى عنها في المحافل الدولية، ثقافته: العلمانية والمجون والسفور والانحلال داخل الاسرة المسلمة، جنوده : جيوش بلداننا وإنفاقه عليها برصاصات وبنادق بالية، أدبياته: إبقاء العرب السنّة في ركب الجهل والتخلف، قوّته: التحالفات وعلى رأس ذلك الحلف الأطلسي، فهل من مدّكر.
إن ما يجري في العالم العربي خاصة والعالم الاسلامي عامة منذ معاهدة سايكس-بيكو لا يعدو أن يكون إلاّ سياسة استعمارية متقنة، أدواتها الاستبداد بالحديد والنار لكل من تسول له نفسه التفكير في إلغاء التبعية ناهيك عن الانفصال عن المنظومة الماسونية، فما بجري اليوم في العراق وسورية ما هو إلاّ تصارع قوى الشرّ على مخلفات هذه الخطة الجهنمية وإبقاء سائرها مفعولا ولو كانت على أشلاء شعوب المنطقة، فإنّ الذي سلب منك حرية اعتقادك وأبدَلك بحرية اعتقاده حتى تكون تبعا له فهو لا يتردد أن يدوسك كالحشرة بأساليبه القمعية وبأدوات داخلية، فالعربي لا يعدوا من الانسانية فهو أشر من الحيوان في أدبيات هؤلاء الوحوش .
فدوام الحال من المحال ولابد للاستبداد الخفي أن ينجلي، فأبناء الامّة حملوا على عاتقهم كسر صنم هذا الثنائي الخبيث الذي مزّق أوصال الوطن الواحد، فما أخذ بالقوة فلا يسترجع إلاّ بالقوة، فالعالم الغربي اليوم أجمع أمره على إبقاء هذه الوصايا وجاء بخيله وخيلائه إلى المنطقة مرة ثانية لترسيخ مفهوم آخر لهذا الاتفاق الملعون بعدما اقتنع أن أمره انتهى في منطقتنا، فما كتب بالحبر سيزول بالدماء والأشلاء، وإذا تصادم الحبر والدم فإن الفيصل هو السيف، فيا بشرى الأحرار تحرير مظفّر وعودة إلى مجدٍ ومستقبل موعود و زاهر، أو موت بعزّ فنُعذَر ..
السلام عليكم ..

========================
كتبه : نورالدين الجزائري

07 صفر 1438هـ الموافق ل 07/11/2016




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire