Rechercher dans ce blog

jeudi 10 janvier 2019

مقال بعنوان " غرف المناصحة الجديدة " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



غرف المناصحة الجديدة ...


قال بعض الصوفية لابن المبارك رحمه الله تعالى :"تغتاب..! فقال: أأسكتْ؟ إذًا لم نبيّن كيف نعرف الحق من الباطل."، وقال العلّامة محمد بن سيرين رحمه الله تعالى:"إنّ هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم."، إن كل مرة وُجِب علينا الرجوع إلى أصل الخلاف والاختلاف مع بعض من المنتسبين إلى السلفية الجهادية كجسم واحد، أو إلى بعض الإعلاميين والمثقّفين المنخرطين في نصرة الدين والمجاهدين، وليعلم البعض أننا لا نملك الحق ولا ندّعيه لكن ندور حول من يحملون بعضه، أو نسعى إلى أن نكون من أنصاره مقتبسين من نور الوحي كما فهمه سلف الأمة إلى يوم الناس هذا.
والسلف رحمهم الله لم يكونوا من المتهاونين مع أصحاب البدع ومروّجوا الأكاذيب حول العقيدة بمفهومها الأصلي والفرعي، ولم يكونوا من المتسامحين مع من عطّل رمحا ثم يمكن أن يصيب به أعداء الله، ولم يكونوا متعاونين على الإثم والعدوان همسا وغمزا ولمزا، بل منهجهم كان فضح من خالف العقيدة ولو بشطر كلمة، وكانوا أبغض الخلق للمثبّطة زاعمين النصح، تارة بدخولهم على ولاة الأمور، وتارة بالوشاية عليهم عند الظلمة، وسلفنا كانوا من الناصحين عند استتاب الأمور وفهم مناط الإشكال عند انتهاء الفتنة وعند التعثّر أمام المحن والابتلاءات بتقديم النصح وليس اللّوم والتشهير بأخطاء الآخر.
واليوم كثُر من يدّعي النصح وقراءة النوازل واستنباط الأحكام منها، وإذا تحقق له ذلك تراه لا يزن بميزان الشرع في نصرة الحق وأهله، بل يوظّف ذلك في خدمة أجندته على قاعدة عقائدية أغلب الأوقات تكون غير سوية أو من المذبذبة عند زعمه فهم الصراع، فتراه ينصر هواه عن نصرة الحق والخراج يكون دائما بفضح المستور أو الوقوع في أخطاء الآخرين من حيث النصيحة والتقييم، والعجب أنهم دعاة وأهل مكة أدرى بشعابها، لكن ديدن القوم النصح لا التناصح وغالبا ما يكون فرض الآراء دون تقييم المرحلة من حيث الشرع وفقه الواقع والعمل بالنوازل كما أمر الله عزّ وجل، فاليوم ابتُليت الأمة بمثل هؤلاء الذين هم بعيدون عن ساحات الوغى وأبعد من فهم أفعالهم في ميزان العقيدة، أفلا يتدبّرون القرآن أم على القلوب أقفالها!، فمثل هؤلاء يريدون نصرا خاطفا وسريعا ممن تخندق لنصرة الحق وإلا فسهام النقد ورماح الأقاويل الخاطئة جاهزة للنيل منهم ومن اختياراتهم العقائدية والفقهية.
فلم تُبتلى الأمة من قبل بمثل من نراه اليوم يخوض في السياسة الجهادية المنتهجة مع أعداء الله جميعا، فالحرب فُرِضت على أهل السنة ولم نفرضها، والأعداء جاؤوا إلى الديار ولم نذهب إليهم، فلا يوجد عدوّ دون عدوّ إن أرغمت الأمة على خوض جهادها من عدة محاور فتحها أعداء الله عليها، فربما يقول: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة، فالأمة محاصرة داخليا من شرك التشريع ومن الخارج كفر وشرك الأمم المحاربة للعقيدة القتالية والتي لم ترقب فينا إلًّا ولا ذمة، فكيف لهؤلاء أصحاب النصح زورا أن نهادن هذا لنتفرغ لذلك أو نصبر على هذا لنقارع الآخر وقد اجتمعوا علينا  كما اجتمع الآكلة على القصعة، بل نحن اليوم نعيش الهضم وأبناء الأمة لم يفقهوا بعد ما يحاك وما يخطط لهم من فقه المذلّة والتبعية الأبدية، فمن الحماقة بما كان تقييم المرحلة والعدو الداخلي والخارجي لا ينام على ضيم يتربّص الصادقين بالدوائر والخطط، ومن الحمق والسذاجة النصح في هذه الأوقات العصيبة والتي هي مفترق طريق صعب وخطير خاصة إن ذهب ريح هؤلاء من هم في الخنادق، فاليوم ليس يوم الحساب أو التقييم أو النصح زعم البعض بل كل هذا إنما كما قدَّمنا يكون لأصحاب البدع أو منحرفو العقيدة، ومن في الخنادق اليوم نحسبهم على خير في كل هذا، فالنصيحة الحق هي الالتحاق بهؤلاء تأييدا ونصرة، وشُدّا على الأيادي والزناد، لا بالسياسة المذبذبة " لو كانوا معنا لما قتلوا"و "لو كانوا معنا لما ضاعت الدير والزرع وزخرف الدنيا"، فلا أريد أن أدخل في نوايا الآخرين من حيث نصرة دين الله ولكن ليعلم الجميع وليحذر أنّ الله يحول بين المرء وقلبه، وأن الله يدافع عن الذين آمنوا.
السلام عليكم
====================
كتبه نورالدين الجزائري
بتاريخ  15 جمادى الاولى 1440 هـ الموافق ل 09/01/2019





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire