Rechercher dans ce blog

lundi 19 décembre 2016

مقال بعنوان " نظرة موضوعية لمدرسة التنظير الغربية ولمدرسة التنظير السلفية .. الرؤى والأهداف .." ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



نظرة موضوعية لمدرسة التنظير الغربية ولمدرسة التنظير السلفية
ــ الرؤى والأهداف ــ



فإنّ من الذروة والانحطاط يولد اليقين والشك، القوّة والضعف، التعالي والتهميش، الاحترام والازدراء، وكذا التنافس على ما هو جديد وما يجب أن يُجدد، وما هو صالح وما عفى عنه الدهر، فكما أن الحق والباطل في صراع دائم، فالأفكار والفلسفات قائمة بذاتها تنافس المدارس التقليدية بنور الحداثة، والمستحدثة اليوم تستقي من علومها كل ما هو استشراقي كقاعدة للاستشرافي في فهم التقليدي، فالمدرسة الغربية اليوم جلّ فهمها للواقع من النظريات والنسبيات والجزئيات والكليات، فعنصر الملموس والمادة من ركائز هذه النظرية اليوم ..
فما عليه المدرسة الغربية اليوم من آلاف الجامعات المرموقة والمصنّفة، ومعاهد البحوث العلمية في شتى التخصصات العلمية، إنّما صلب مادتها المُرتكز عليها من فلسفات قديمة وحديثة، فالقديم اُلبِس التحديث بما يواكب النظرية النسبية، والحديث في تطور بما تمليه الكليات والجزئيات، فمن هذا المنطلق والأرضية برزت العلوم السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، وراءهم معاهد بحوث ترشد النظريات والرؤى بما تمليه الساحة، فلكل حادثة نظريتها المناسبة، ولكل أزمة نظريتها من الحلول والإشكاليات، فقد برز أعلام وشخصيات هذه النظريات من سياسات داخلية وخارجية خاصة في بداية الستينات من القرن الماضي، فعميد العلوم السياسية اظنه وبدون منازع السيد هنري كسينجر والذي نظّر للسياسة الامريكية الخارجية لـ 50 سنة استشرافية، فالرجل نابغة في فن العلاقات الدولية، ومربط فرس في الأزمات العالمية، فهو من مدرسة النظرة الكلية في التخطيط ورسم السياسات، ومن مدرسة التحليل الجزئي في الافتعال أو التدخل في الأزمات، وكذا أيضا نعوم تشومسكي أستاذ الدراسات الاجتماعية وعلم النفس واللسانيات، فالرجل مشخِّص للعقد الاجتماعية ومنظّر لأسباب الأزمات الانسانية، فنظرياته ورؤيته للأحداث من مدرسة المنطق التوليدي التحويلي، وفي شتى العلوم من الانسان للآلة مرورا بعلم أمراض الكلام، فالعلوم السياسية والاجتماعية عقل التطور الإنساني في الغرب، وعصب النظريات والتحليلات والحلول والإشكاليات داخليا وخارجيا ..
فالغرب وعلى راْسه امريكا تحرر من الموروث الاستثنائي والذي ارتكز على ثورة فرنسا في أواخر القرن السابع عشر، فأصبح يُؤْمِن بالنظريات الفلسفية من مونتسكيو الى نتشه، مجسّدة بعلوم المنطق والكلام والحال، فحربته في التقدم المادة وكلياتها وجزئياتها، وما هو لاهوت فالتشخيص أصبح الرمز لكل القناعات الفردية، وحرية الاعتقاد مكفولة بما وصل إليه العقل المادي من تطبيقات على الارض إيمانا وتطويرا، وبذلك أفرغ العالم الغربي تطبيقاته النظريات من الدِّين وميزان القياس فيه، واعتمد على المادة ونظرياتها في فهم الأشياء المحيطة بالبيئة والمجتمع وما تتطلبه كل مرحلة من الصراع الذاتي ومع الاخر في السلم والحرب، والتوسع والهيمنة ..
فالغرب تعلم ويتعلم كل اليوم من التجارب الانسانية في الإيجابية والسلبية، في تاريخ الامم والحضارات السابقة، وخاصة في باب الهيمنة العلمية والتوسع العسكري، فالامبراطوريات قوامها العلم والحداثة، والتاريخ يشهد على الإغريق والمسلمين في دراسة العلوم واعطائها الاولويات في فهم الواقع والنهوض بالجنس البشري، فَلَمَّا كان للمسلمين دولة أخذوا من العلوم سلَّما لما وصلوا إليه من ثورة سياسية وفكرية وصناعية، فبعض الأوائل من المسلمين أخذوا من الإغريق منطق بعض العلوم والصناعات، وما كان من علم الكلام وفهم الانسان والمجتمع فاستشراف ذلك كان من العقيدة والفقه في الوحيين والإجماع والقياس، فالمدارس الفكرية في العصر الذهبي الاسلامي كانت متنوعة وأبرزها المدارس الأربعة والتي تفنّنت في فهم الروح والمادة والميزان بينهما، فأبدعت في دفع المسلم إلى استدراك العلوم وفهمها واستخراج الإيجابي منها للإنسان، فكانت المدرسة السلفية رائدة العلوم الانسانية ومشتقاتها بلا منازع لأزيد من ثمانية قرون ..
فصراع الفكرة من صراعات الهيمنة والتوسع، فالقوي دائماً ما يرغم الضعيف إلى اتّباعه تارة بالقوة السياسية وفرض الأجندات عليه كهيئة الأمم المتحدة اليوم، وتارة بالقوة العسكرية لفرض الواقع، وتارة أخرى إغراءً بالتبعية في الاقتصاد والسياسة المالية ونمط المعيشة وما سُمي اليوم بمصطلح العولمة، ويؤدي كل هذا إلى انسداد في أغلب الامور إلى عقل المتبع رضوخا ناعما ومستسلما لقوة الخصم وجبروته في الهيمنة على وجوده حتى، ويصيب كل هذا المدارس المخالفة بالجمود الفكري والنظرة الاستشرافية للخروج من مأزق الهيمنة والتبعية، فروّاد هذه المدارس في غياب القوة المسيّرة والمحافظة على التراث المكسوب والقابل للتطور تدخل غرف الانعاش والانكماشية والانضوائية على نفسها، تولّد من ذلك العبثية في السياسة وأحوال الناس، والطامة أن غُلِّفت بالسياسة المملوءة من المتَّبَع لصالح التابع، وهذا ما وصلت إليه بعض المدارس السلفية وعلاقتها بمعهد رند وكارينغي الامريكي واُخرى للدراسات الشرق أوسطية في التنظير للسياسات في الدول العربية ذات الأغلبية السُنّية، فأصبح التنسيق ما بين المدرستين مقتضاه القضاء أو الحدّ من كل تيار تجديدي سلمي أو مسلح يريد بالعودة إلى استقلالية الامّة من السياسة التنظيرية الاستشرافية الغربية ..
فلعلّ زمن هيمنة القطب الأوحد في النّظرية والاستشراف بدأ يتآكل، وما نراه اليوم من بروز تيار مخالف لنظريات السلم والحرب لكل من الخارج والداخل في الغرب وبلاد الاسلام أدّى بهذه الجامعات والمعاهد وفروع التعاون إلى دراسته بمنظور غير معهود، فهزائم القوم اليوم وفِي هذه المرحلة من صراع الفكرة في المنطقة العربية فكريا وماديا يثبت نظرية من نوع آخر ومرحلة تجديدية في الاصطدام الحضاري، وأن الهيمنة المادية موقوتة زمنا بالاندثار، وأنّ الذي لا يضبط ميزان المادة والروح فمصيره نظرية ابن خلدون في اندثار الدول والامبراطوريات، فهل نحن اليوم على خطى عصر جديد من التنظير وفهم المادة ..!؟
السلام عليكم ..
========================
كتبه : نورالدين الجزائري

20 ربيع الاول 1438هـ  الموافق ل 19/12/2016 






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire