Rechercher dans ce blog

jeudi 15 décembre 2016

مقال بعنوان "هل روسيا تستطيع تنفيذ ضربات جوية ضد الدولة الاسلامية ..؟!" ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



هل روسيا تستطيع تنفيذ ضربات جوية ضد الدولة الاسلامية ..؟!

لطالما سمعنا من بعض القنوات الفضائية والمحسوبة عن بعض التيارات الاسلامية في منطقتنا، وردود أيضا بعض روّاد هذه المنصات الإعلامية وأصحاب الاجندات السياسية المعلومة أن دخول روسيا في سبتمبر 2015م للحرب في سورية كان لضرب الدولة الاسلامية، وللحدّ من توسعها وسرعة انتصاراتها، وسرعان ما إن انجلى غبار الكلام عن هذا التدخل والتصفيق له حتى انقلب بين عشية وضحاها إلى اتّهام للروس بغض الأنظار عن قوات داعش، والبعض منهم ذهب إلى اتهام بوتين في أجندة وصفقات معها، ومن صنيعة إلى تفاهمات ..
ويبدو أن بنو قومي في سكرة من قراءة المشاهد السياسية وأن في غيّهم ككل مرة تائهون، وعلينا فهم تدخل الدبّ الروسي في القضية السورية جيّدا، وقد كتبت مقالا مفصلا في هذا الباب من عام تحت عنوان "حرب أنابيب الغاز"، وعلى قومي مسك الثور من قرونه حتى تتبين القراءة الصحيحة للمشهد السياسي كما ينبغي للعقلاء قراءته، والتبحر فيه من أجل تفادي وتكرار المآسي والنكبات في كل نازلة من نوازل الأُمَّة، فليرجع القوم إلى أسباب تدخل الروس إذن في الأزمة السورية، وكيف بدأ التحضير لهذا التدخل، ومن مهد له، وبأي قرار مغلّف أمميا جاء الروس إلى "نجدة" نظام بشار الاسد ..
طبعا علينا الرجوع إلى بداية الأزمة السورية ومن تدخل أولاً فيها سياسيا ومنها عسكريا، والقارئ للمشهد السياسي للمنطقة يدرك أن عسكرة الثورة السورية ما هي إلاّ امتدادا لخلفيات التدخل الامريكي في العراق، ومنهم من يعزو شرارة الثورة إلى الربيع العربي وهذا لا يخفى أيضا، ولكن تداعياته أقل بقليل وآثار الأزمة الحقيقي من زلزال سقوط بغداد في 2003م ومنها بروز الدولة الاسلامية في العراق، وبعدها الدولة الاسلامية في العراق والشام، وهذا تسلل للأحداث لا ينبغي فصلها أو التنصل منها، ولا لمن أوقع المنطقة تحت الاحتلال الظاهر قبل الخفي، فعسكرة المشهد السوري من التدخل الامريكي في المنطقة ومن ارتدادات هذا الزلزال والذي أنتج الطائفية وخروج الوحش المجوسي من جحره والتوسع على حساب أراضي ودماء أهل السنّة في المنطقة ..
تدخلت أمريكا في العراق وكان ما كان من تحطيم دولة وإرجاعها إلى ما قبل التاريخ البشري باسم الديمقراطية، ولكن "خرجت" من بلاد الرشيد بعد ستة سنوات جريحة عرجاء مدحورة في نفسها وقوّاتها، خسرت عشرات الآلاف من جنودها ما بين قتيل وجريح وعاق إعاقة دائمة، وأنفقت في هذه الحرب أزيد من ثلاثة ترليون من الدولارات، تسبب تدخلها في انهيار اقتصادها ومنها الأزمة العالمية المستدامة لليوم، وأمريكا من يعرف كينونتها وأسّ وجودها يعلم أنّها أمّة حاقدة، عنصرية في ذاتها، تثأر لشخصها ولو بعد حين، فلذا تفرّدت بمن ألحقها شرّ الهزائم ثأرا،  وإخراجها مرغومة أنهّا في حرب مفتوحة معه إلى زوال أحد الطرفين، وأنّها حرب بلا هوادة سخّرت لها امريكا الغطاء السياسي والاقتصادي اللاّزم، والعنصر البشري الملائم من حلفاء، أصدقاء من الناتو وحكّام المنطقة العربية، وأيضاً أصحاب تقاطع المصالح في المنطقة كالصين وروسيا، وجيّشت الاعلام وأصحاب الاقلام داخلياً وخارجياً على أنّها حرب عالمية ضد الارهاب ومن يتعاطف معه، وأخرجت ورقة التحالفات والوعود الكاذبة لاستقطاب المميّعة من أبناء الأُمَّة، ولشق الصفوف وتمزيق الممّزق حتى يسن لها حصر عدّوها وعدو غطرستها في العالم الاسلامي ..
تعلَّمت أمريكا أن تدخلها برِّيا جد مكلف وباهض الاثمان ماديا وبشريا، فما كان منها إلاّ تفعيل واستحداث قواعدها العسكرية في المنطقة والتي أنشأتها في حرب العراق الاولى، فاستثمرت من جديد فيها بأحدث التقنية، من طائرات واُخرى مسيّرة، وأعلنت حربا عالمية على الارهاب في المنطقة وتكاتف الجميع فيها، فطُوِّق العراق من عدّة محاور أساسية وعلى حدوده المرسومة، فمن السعودية قاعدة الجوف والأمير خالد، ومن قطر قاعدة العديد والسيلية، ومن البحرين قاعدة الجفير وأسطولها السادس بحاملات الطائرات القابع في مياهها، وفِي العراق قاعدة سبايكر ومطار بغداد، ومن الكويت قاعدة أحمد الجابر وعلي السالم للدرونز، وبهذه القبضة الجوية الحديدية تمّ عزل الدولة الاسلامية وتفرّدت كما أسلفنا أمريكا بها لشن عليها حربا من نوع آخر لا خسارة بشرية فيها إلاّ للخصوم، وكان على داعش التكيّف مع هذه الحرب الجديدة والتنويع من استراتيجيتها اتجاه هذا المخطط من نوع حرب النجوم، فحققت امريكا عدّة أهداف منها إلى أن تمددت الدولة الاسلامية داخل المناطق السورية وجعل من الرّقة عاصمة لها ولأمرائها، فوجدت أمريكا من ذلك معضلة قانونية على المستوى الدولي في تتبع قادة داعش داخل الاراضي السورية بموجب التحالفات، وكلّنا يعلم حلف "الممانعة والمقاومة" ومدى "عداوته" لأمريكا، وكان لابدّ لها من إيجاد صيغة أممية في التدخل في سورية والاستنجاد إن صح التعبير بحليف الحلف المزعوم روسيا، وإضفاء شرعية دولية لتدخلها في سورية لمحاربة إرهاب داعش سوياً في سبتمبر من العام الماضي، ولكن امريكا فرضت شروطا على روسيا لا يمكن لبوتين القفز على بعض الخطوط الحمراء، وجاءت التفاهمات في المحافظة على المصالح لكل من الطرفين في سورية، ومحاربة لكل ما تمّ عليه التفاهم من ضرب الارهاب في سورية ..
فالعاقل والدّارس للمشهد العراقي قبل السوري يدرك كيفية التسلسل في الحرب على الارهاب بدءً بالعراق وانتهاءً بسورية، فأمريكا بتحديثها لقواعدها الجوية في المنطقة، وتجيّشها للنخبة في تلك القواعد، والمليارات المستثمرة لمن سياسة بقائها في المنطقة، وأنّها تدري حجم الأخطار من هذا الوحش الذي يهدد وجودها برمّته في المنطقة، فقد تقاسمت الأدوار الجوية ما بينها وبين روسيا في محاربة الدولة الاسلامية، فأمريكا هي من تقود الحرب الجوية على داعش، وهي من تملك الجوسسة اللاّزمة للايقاع بأمرائها والنافذين فيها، وكل هذا مُخطَّط له وبخبرة عالية على الارض، ففي حرب امريكا على الدولة الاسلامية في العراق فالكل يأتمر بأوامرها من دول التحالف من الغربيين والإقليميين، وهي صاحبة تحديد الأهداف المرسومة، فلا تسمح لأي حليف يضرب أهدافا بدون موافقتها، فالسماء لها والمعلومة على الارض حصرية لديها، فروسيا لا تستطيع الخروج عن هذا الحلف ناهيك الاستغناء عن المعلومة على الارض، فالشاهد على كل من قُتِل من قادة الدولة الاسلامية في سورية لمن فعل امريكا وما قتل محمد العدناني وقادة اُخر في ذلك ببعيد، فروسيا إلى حدّ الان لم تعلن عن قتل راْس من رؤوس قادة الدولة الاسلامية لأن الامر ليس بمنوط لها ولأهداف تدخّلها في الأزمة السورية، فتدخل روسيا في سورية يعدّه بعض المراقبين من الدرجة الثانية وهو الإبقاء على عرش بشار الاسد، وتحييد كل ما يهدد بسقوط ملكه ومنها تدخل سوريا في ضرب بعض الجماعات المحسوبة على التيارات الاسلامية، ولكن المهمة المنوطة لها من امريكا هي سياسة الارض المحروقة لافشال الثورة السورية، وإرغام الجميع بعد القضاء على داعش إلى طاولة المحاورات، والعودة من البداية وتحت الوصاية الدولية المعلومة .
فالناعقون ممن يررد أن روسيا لا تستهدف داعش فهم في ظاهر كلامهم محقّون، وفِي باطن السياسة لا يفهمون ولا يفقهون، فأمريكا هي صاحبة الكلمة الطول في المنطقة، ورائدة محاربة "الارهاب" فيها، ولكل رُسِمَت له الأدوار في هذه الحرب المعلنة، وحقد أمريكا وما أصابها خلال احتلالها للعراق هو المهيمن على زناد البارودة في حربها على الدولة الاسلامية، وما روسيا هي من الاجندة المرسومة لها سلفا وأن أي طلقة على داعش ولابدّ أن تمر بالمستشارين الأمريكان في قواعد المنطقة، وتهاوي أخيراً دفاعات روسية في تدمر لمن افتقارها للمعلومة على الارض وخيوط الاستراتيجية للحرب، وما كلام امريكا للتدخل في إعادة تدمر لمن الهيمنة على الأوضاع والمصالح العليا في سوريا، فالكل جندي عندها بتفاوت، والأوامر أوامرها، فلا مزايدة عن فلسفة من نعيق الحمير.
السلام عليكم ..

========================
كتبه : نورالدين الجزائري

16 ربيع الاول 1438هـ الموافق ل 15/12/2016



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire