Rechercher dans ce blog

mardi 19 juillet 2016

مقال بعنوان " الغرب و خنجر الأقليات " بقلم المدون نورالدين الجزائري


الغرب وخنجر الأقليات ...


يقول سيد قطب رحمه الله تعالى في كتابه" معالم في الطريق"  معرّفا معنى الوطن والوطنية ما قوله :" الوطن : دار تحكمها عقيدة ومنهاج حياة وشريعة من الله ، هذا هـو معنى الوطـن اللائق بالإنسان، والجنسية : عقيدة ومنهاج حياة، وهذه هي الآصرة اللائقة بالآدميين".
فمفهوم الوطن لم يرد ذكره في القرآن بما اجتُمِع عليه من مفهوم اليوم، فقد جاء ذكره بمفردات كالأرض، والدّار، وخصّ بمن عليها بوصية الاعمار الحسّي والمعنوي، وكذا إعطاء ميزة للذين آمنوا مفهوم آخر لمعنى الوطن من دون البشر، وكيفية إعماره وتسيّره، تبدأ بإعمار القلوب قبل المكان، وبناء الانسان قبل العمارة والوجدان، ففهم ذلك الصدر الاول من المسلمين معنى الحياة و الاستخلاف فيها، فارتقى بذلك الفهم من عرف معنى الوطن حتى كانت لهم أرقى الحضارات لمساً ومعنى في كل أرض وطؤوها، وأصبحت الأوطان كدار واحدة لكل مسلم عربي أو أعجمي، أبيض أو أسود، لا فرق بين الجميع في الوطن الواحد إلا بالتقوى، وكذلك عاشت الأقليات من نصارى ويهود من أهل الذمّة تحت الحكم الاسلامي لهم حقوق وواجبات كالتي عند المسلمين.
فَالأقليات تحت الحكم الاسلامي كانت تعيش أزهى عصورها، ومنهم اليهود وبعض النصارى باعتراف سلفهم ومثقفيهم ومؤرخيهم، فلم يكن يُفرّق بين ساكني بلاد الاسلام إلا وقت الجماعة والجمعة والأعياد.
وبرزت طائفة أخرى اُستُحدِثَت في الربع الاول من القرن الهجري من تاريخ الامة بعد قلاقل أصابت الصدر الاول، أوجدت نفسها بتاريخ دموي، كانت أول من أراق دما معصوما، دماً لعنها عبر تاريخ نفاقها، دماً جعلها تنزف من جسدها إلى يوم الناس هذا، دماً كان ويلات على أسِّ منبتها، دماً قضى على وجدانها حتى أصبح شبح وجودها، دماً لعنها ويلعنها إلى أن يرث الله الارض ومن عليها؛ لم تَر الامة مصدر قلق وخيانة إلا من هؤلاء القوم، قتلوا الخليفة الفاروق الذي فرّق الله به الحق من الباطل، وقتلوا سِبْط سيد الخلق الحسين رضي الله عنهم أجمعين، سفكوا بعدها دماء أخرى معصومة في كل الأمصار، آتوا بالتتار لبلاد الاسلام على حين غفلة من الامة، وتحالفوا معهم لهدم الخلافة، فكانت الحصيلة قتل الخليفة وأنهار من دماء معصومة، وبعدها آتوا بالنصارى إلى سواحل بلاد الشام، فأروهم عورات المسلمين وكان منه احتلال الاوطان واستعباد المسلمين في عقر الديار، وكانت لهم دويلات في مصر ومن وراء الفرات فساموا أهل السنة العذاب والموت، إنّها أقلية كان أهل السنة حلماء بهم رحماء عليهم في تعاملهم معهم، فأبوا إلا الخيانة والغدر وكأس المنون، حتى قيّض الله لهم من يسومهم سوء العذاب ويستأصل شأفة دويلاتهم، وباوؤا مشردين في الأمصار، حلمهم إعادة الكرَّة مرة أخرى و بأي الاثمان وإن أدى ذلك التحالف مع الشيطان، حتى قال فيهم شيخ الاسلام ابن تيمية يرحمه الله :" فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه من الفتن والشرور والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من جهة الرافضة .."، فكانوا قوم أول خنجر يُغرس في ظهر دار الاسلام حتى تضعف الامة وتذهب ريحها.
فالغرب أهل باطل، والباطل في صراع مع الحق عبر مرّ التاريخ، وتاريخ الامة ضعفها كان من باب الروافض بنحلهم، فعمِد أهل الشرّ اليوم على دراسة كينونة ومكونات الامة ونقاط قوتها وضعفها، فلم يجدوا من الضعف إلا بابا مفتوحا من طرف أقلية ادَّعت الاسلام تقية، واُخرى ادَّعت المواطنة والمساكنة زورا عبر تاريخ الامة، يعرفان نسيج وتركيبة الامة عقدياً واجتماعياً إنّهم : الرافضة واليهود ..
فبعد دراسة الغرب الصليبي لنقاط ضعف الامة، حطّ الخطط من مرحلتين بعد إسقاط الخلافة على يد اتاتورك، فأُلبِست الامة لباس القومية والوطنية بعدما جُرِّدت لباس الدين والعقيدة، فقُسمت أرض الامة إلى دويلات ملُ لها قوميتها و وطنيتها، فالأتراك بعد الخلافة نادوا بالقومية التركية واعتنقوا العلمانية، والعرب في الجزيرة العربية والعراق والشام وأرض الكنانة نادوا بالوطنية واعتنقوا البعثية والقومية العربية، فأُزيح عامل الجمع ونسيج اللحمة، واستبدلت الراية براية التخلف والعبثية.
فبعد أن عمِد الغرب في خطة من ثلاث نقاط، أولا كان إيجاد قومية داخل الارث الاسلامي وخاصة بلاد العرب بغرس كيان من القومية اليهودية فيه، ودعمه حضارياً، وضرب كل من يريد جمع العنصر العربي وكان من خلاها حروبا بين اليهود والعرب وإدخالهم في مفهوم القومية، وثانيا إيجاد حكّام مُعيّنين مدعومين من الغرب وخاصة حكّام الجزيرة العربية وثقلها الإرثي العقدي والسيطرة عليها حتى لا تنهض الامة من جديد من مصدر الوحيين، وثالثا إظهار الطائفة الشيعية والتي هي خنجر في معتقد المسلمين، وسيف تمزيق للصفوف، وسمّ قاتل للنسيج الاجتماعي داخل الامة، وهذا ما قاله واكّده المستشرق الانجليزي برنارد لويس :" يجب إعادة صياغة الخرائط وتفتيت الإمبراطورية الميتة إلى دول عرقية ودينية ومذهبية وقبلية، هكذا يعود العرب إلى زمن ما قبل محمد" .
فإن الامة ضربت على ثلاث مراحل بثلاث مخططات، كان أولها تمزيق الامبراطورية الاسلامية إلى دويلات يذهب بذلك ريحها واستبدال العقيدة الاسلامية بالقومية والوطنية والعرق، وإيجاد الكيان الصهيوني في قلب الامة العربية كحارس لحُكَّام العرب من الخروج من الوطنية والدعاء إليها والحفاظ على تقسيم الامبراطورية الاسلامية على أسس سيامي-بيكو اللعينة، وضرب الامة مستقبلا عند بروز الصحوة الاسلامية وكان ذلك متوقعا بعد فشل القومية بإحياء معتقد الروافض ونخر الامة من الداخل، وكان ذلك باعلان الجمهورية "الاسلامية" الإيرانية في أواخر السبعينات من القرن الماضي .
فالدّارس لتاريخ الامة المعاصر يرى أنّ هذه المراحل مدروسة وخطة من ثلاث مراحل على مدى قرن من التنفيذ والتخطيط، فالأمة اليوم مطوّقة من هذا الفيروز الثلاثي القاتل لها، عمد الغرب ذلك لإضعافها والسيطرة على كل مقوماتها وجوانب نهضتها، فالصراع اليوم في المنطقة وخاصة في العراق والشام لهو صراع حياة أو ممات ممن اتخذ نهوض الامة إلى مجدها من جديد على عاتقه، فالأحداث متسلسلة وغير منفكة بعضها عن بعض، وربك توعد بالدفاع عن الامة ولو في أضعف ضعف من وجودها حيث قيّض لها الفئة أو العصبة المقاتلة على أسّ الدين والعقيدة، فالأحداث بيّنت العدو من المنافق إلى المشارك إلى المتواطئ و إلى الساكت، فقد تبيّن الخيط الابيض من الاسود من المؤامرة .
فَالأقليات معنى ومصطلحاً وفهماً غير ما أراد به الغرب اليوم، فَالأقليات في الاسلام هم أهل ذِمَّة من أهل الكتاب، حقوقهم محفوظة ومنصوصة عليها شرعاً، وقد عاشت كما قلنا عصراً ذهبياً في دار الاسلام، لا ظلم ولا تعدي وحريات مكفولة بنص الوحيين، فمفهوم الاسلام للأقليات غير الذي أراد الغرب ترسيخه في أمصارنا، فالغرب يرى في كل الأقليات عندنا الحكم والمشورة على الأغلبية، فقد مكّن للعلويين من سوريا، والمارونية من لبنان، والأقباط من مصر بعد القومية العربية، والعائلات الحاكمة التي تدين بالولاء له من مقاليد الحكم في بلادنا، ومكّن للروافض ايران والعراق، فأصبحت الأقليات من أديان أخرى هي من تحكم بلاد الاسلام حتى تستطيع التحكم بالكلمة فقط في كل المسلمين، فتجد اليوم في بلاد المسلمين أقليات يهودية واُخرى نصرانية و رافضية وأعراب يديرون قلب الامة ويتحكّمون في معتقدها وأرضها وخيراتها، لا يريدون لها نهضة، ومن سولت له نفسه فهم على قلب رجل واحد أمام التحديات، وما يدور في بلاد المسلمين اليوم لهو خير دليل لمن له قلب وألقى السمع وعاد لربه وهو منيب ..

 السلام عليكم ..

==========================
كتبه : نورالدين الجزائري
14 شوال 1437هـ الموافق ل 19/07/2016

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire