Rechercher dans ce blog

samedi 16 juillet 2016

مقال #جديد بعنوان " انذار لأردوغان " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري


إنــــذار لأردوغـــــان ...


مثلث المصلحة، المتمثل في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران يسعى لتصدر المشهد في منطقة الشرق الأوسط عوضا عن تركيا و السعودية ودويلة قطر، فالتقلبات الأخيرة في كل من سورية والعراق وأهمية ما تحقق من مكاسب عسكرية وخاصة تراجع نفوذ داعش في كل من تدمر والفلوجة واقتراب معركة الموصل والرقة، أدى إلى تركيا لإعادة حساباتها الجيوسياسية مما دفعها إلى التقارب المفاجيء في العلاقات التركية الروسية، والتركية الإسرائيلية وما قيل التركية المصرية، وكل هذا تحت إشراف دول صناعة القرار والتي لا تريد للإسلام السياسي أن يتخذ مسارا غير المسار المرسوم له والمرضي عنه، فكانت تفجيرات مطار اسطنبول بارقة إنذار بعدم المناورة خارج سرب هذه الدول، وبأن ساحة اللعب ضيقة بالنسبة لأردوغان وسياسة اتجاهه، وأن استقرار دول التبعية وإن سلكت مسلك "الديمقراطية" ليست بمأمن من زعزعة داخلية يُراد بها وجه مشروع شرق أوسطي جديد ..
فالتحالف الامريكي الروسي الاخير خطير لحد أبعد، فهو منبع كل المؤامرات القادمة على المنطقة بإعادة تسيّغها ورسمها فوق كل المحرّمات والاعتبارات، فعدوهم المشترك أثبت شراسته وليس بالسهل القضاء عليه، فقد تحزّبوا عليه بتحالفات إقليمية ودولية، وما حققوه غير مقنع لمستقبلهم، فحربهم مع داعش مصيرية، إمّا أن يكون شرق أوسط جديد بدويلات تحفظ مصالحهما، أو الفوضة الخلاقة إلى أن يُوجد البديل، فالوقت ضدهم وليس لصالحهم، فعمدوا إلى سياسة فرض الامر الواقع على الجميع، فكان ذلك بتثبيت عرش آل الاسد بإعطائه بالون أوكسجين ثاني من شرعية دولية، وهذا ما أكدته حكومة أردوغان علناً بأنها تدرس إعادة العلاقات مع الاسد، وتسابقت لذلك عدة دول في المنطقة وإن كانت لم تقطع علاقاتها بنظام بشار علناً، فأمريكا وروسيا عزمتا على طَي مشكلة الصراع السوري بالطريقة المشتركة بينهما، وبسياسة إقصائية مفروضة على الجميع ..
فالبارحة تفجيرات مطار اسطنبول واليوم المحاولة الانقلابية "الفاشلة" إنّما رسالة واضحة وأخيرة من دول المحور لأردوغان، وإنذارا له بفوضى سياسية واقتصادية لا مثيل لها إن لم يدخل الصف، والرضوخ والاذعان إلى متطلبات الكبار، وما يُحاك للمنطقة من تَغيُّرات، وإنّ غض البصر عن توجه اردوغان الاخواني وحكم تركيا بـ"إسلام" سياسي ليس بالضرورة أنه تم الرضى عنه في توجهاته الداخلية والإقليمية، فالرسالة واضحة وأن مصيره ليس ببعيد من مصير محمد مرسي في مصر، وأن دول المنطقة عزمت على أن لا ترضى بالحكم الاسلام السياسي، وخاصة السعودية "الحليفة" لتركيا، والإمارات المتحدة صاحبة المؤامرات في العالم الاسلامي ضد كل ما هو إسلامي، فقبيل الإطاحة بمرسي تعهد الجميع من ذكرت وعلى رأسهم اسرائيل في مدينة العقبة بالأردن على استئصال الاسلام السياسي وزعزعة استقرار تركيا لاحقا وكان ذلك عام 2013م ..
فإسقاط المقاتلة الاماراتية من أشهر بطاقمها الروسي من طرف الدفاعات التركية أدى بدول المحور الى اعادة النظر في سياسة اردوغان الحليف، وقراءة ما بين سطور السياسة أن لأردوغان إستقلالية خطيرة يجب كبح إرادته بكل الوسائل المتاحة، وكان من ذلك قطع العلاقات التركية الروسية، ومما أدى ذلك إلى فتور في التنسيق على الحرب ضد "الارهاب"، وتقارب تركي سعودي قطري المسمى تحت طاولات أصحاب القرار الدولي ب "  محور الشر الجديد "  امتعضت منه اسرائيل ومصر، وأنّه خطر تهديدي على مصالح البعض في المنطقة، وبوابة لتدخلات هذا الحلف فيما لا تُحمد عقباه اقليميا ..
فبعد تمرير رسالة تهديد دبلوماسية من دول المحور لتركيا ولأمنها القومي، وذلك بوضع حجر أساس لدويلة كردية من عين العرب كوباني إلى الرقة مرورا  بمنبج، رضخ اردوغان إلى دول القرار بإعادة العلاقات مع اسرائيل وروسيا ولاحقا مع مصر والانخراط أكثر في قتال داعش، وتجميد شكلا التحالف التركي السعودي ومن معهم بالتدخل في سورية، و أن تنزوي تركيا تحت هذا التحالف الاخير بين أمريكا وروسيا والعمل معهما والإمرة تحتهما، وكان ذلك توثيقا وَمِمَّا سُرِب من فتح مطار انجرليك التركي للمقاتلات الروسية باستشارة إسرائيلية لكل الأطراف ..
فتسريع وتيرة الأحداث أدى البارحة إلى الضغط على اردوغان وسياسته اتجاه الملف السوري بافتعال عملية انقلاب ساذجة وغير مدروسة، ورسالة إلى حكومته بأن البديل وارد وموجود إن لم يتم ما طُلب من تركيا، والانخراط أكثر في محاربة داعش والنصرة. فانقلاب البارحة كان بعلم مخابرات دول المحور، وما تحريك بعض عناصر الجيش التركي من الموالين لجماعة فتح الله كولن بمثابة اختبارا لمدى شرعية اردوغان داخل المؤسسة العسكرية بعدما طّهر بعض رؤوسها مؤخراً، وإحالة بعض جنرالات العلمانية التركية إلى التقاعد جبراً، وإعطاء امتيازات لبعضهم وتقريبهم منه كرئيس الأركان القوات التركية ورئيس المخابرات العامة التركية، ومساندة بعض الجنرالات الاخرين وموالاتهم لسياساته الداخلية في نقل الحكم من حكم برلماني إلى رئاسي ومن ثمرة ذلك تعزيز المؤسسة العسكرية سياسياً، وكذا شراسة سياسته الخارجية في عدم قبول دويلة البككا الكردية على حدود تركيا ..
إن من أفشل البارحة هذا الانقلاب الساذج المفضوح هي المؤسسة العسكرية التي عمد اردوغان على هيكلتها و إبعاد صناديد معارضيه فيها من الموالين للغرب العلماني و لفتح الله كولن و ليس الشعب، و ما مساندة الشعب لحكومته إنّما ثمرة ما توصلت اليه تركيا من رقي اجتماعي واقتصادي، وهو مكسب ومردود جماعي، وخاصة للطبقة البسيطة في تركيا، فاردوغان قام بتركيا داخلياً بعد أن كانت دولة متخلفة في حكم العسكر والانقلابات التي عصفت بها، فنهض باقتصادها بعد أن كان بلداً مُديناً، و أوصل تركيا إلى أحد أهم الاقتصادات العالمية، ناهيك عن الرّيادة في شتى المجالات في المنطقة، فالتقلبات والاضطرابات من حول تركيا وما نتج في بلدان الربيع العربي وعاه الشعب التركي جيّداً، وأبى الانزلاق إلى ما لا تُحمد عقباه من فوضى مدروسة، فسوريا انموذجاً، ومصر درساً، وإن الشعوب الاسلامية أصبحت أكثر نضجاً مما يُحاك لها ..
فالانقلاب الفاشل البارحة في تركيا من ضمن الرسائل الملغومة والتي إن تم قبولها وفتحها والعياذ بالله كانت  ستكون ويلات على الشعب التركي مما يحمله من ثقل استراتيجي ونقطة فصل ما بين الشرق والغرب، فصدى تلك الرسالة إن قُبلت كادت أن تُسمع أصواتها في كل ديار المسلمين، فالكل تكاتف ضمنيا وكل له مصلحته في ذلك من ساسة وعسكر وشعب، ورفض تركيا للانقلاب تجربة وخبرة على ما ستُقدم عليه داخليا واقليميا من ضد المؤامرات والمساس بالأمن القومي التركي ..
فعملية الانقلاب خططت اقليميا وكانت ساذجة وغير مدروسة ومحسوبة وبعلم من المخابرات الامريكية الروسية الإسرائيلية، ومن دويلة تكره شخص اردوغان أشدّ الكره، وتعمل على إجهاض كل ما هو تجربة إسلام سياسي، وسُمِحَ لها بذلك، ولتمرير رسائل عدة، وإن أيادي الغدر والعبث من الداخل القريب والبعيد تطال الجميع إن لم يصطف الجميع وراء مآرب البعض القوي .. فهل من درس ..!

===========================
كتبه : نورالدين الجزائري

11 شوال 1437هـ  الموافق ل 16/07/2016 





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire