Rechercher dans ce blog

mercredi 9 juin 2021

مقال بعنوان " وما بدلوا تبديلا " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

وما بدلوا تبديلا

 

صدق شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- حيث قال: " إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالاً من قول إلى قول، وجزماً بالقول في موضع، وجزماً بنقيضه." إلى آخر مقالته في من ينتقل من حال إلى آخر ولم يثبت على ركن واحد رشيد  من اعتقاده، كالذي هو صلب العقيدة على جبل ثابت كجبل أحد عندما أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالثبوت والثبات لا يبالي كيف تريد وتشتهي الرياح فتن الآخر، فمع ما نشهده من أحداث متسارعة كتعاقب الليل والنهار فإنّ القلة القليلة اليوم ثبتت على ركن رشيد توفيقا من الموفّق العزيز الحميد يُرى من خلالها الفتن وتقلّب النّاس من حال إلى آخر رؤية وعيانا كوضوح الشمس في أيام الصيف، فالصدق مرهون بالإخلاص ولا يلتفت للكثرة، كما أن الدّخن مرهون بالرّياء ويحب المدح والزحمة، فهما عدوان منذ النشأة الأولى لا يلتقيان إلا وقد بدت البغضاء بينهما أبدًا.

فمن فهِم الصراع فيعلم علم اليقين أن العدو واحد لا ولم ولن يتجزّأ في حربه على أهل الإسلام وديارهم، والنصوص واضحة في ذلك بيّنة، إلّا أن المنهج المتذبذب والسائد في ديارنا يحسن النوايا اتجاه العدو المحارب مسوّغا له المخارج، مدافعا عنه بحجة النصوص التي أصلها في عزّ الإسلام لا في وقت ضعفه ومحاصرته واتهامه بأن دين عنف وعقيدة لاغية للمخالف، فانظر يا عبد الله اليوم من يتصدّر المشهد ومن المخرج لتعلم أن دين الأكثرية اليوم مطروح في سوق النخالة لبيع مزيد من القضايا باسم سماح والتسامح والمسح، فلا دينا نصروا ولا عن عقيدة ذبّوا، تراهم جلّ أوقاتهم وشغلهم التربص بمن يريد إرجاع الأمّة إلى سابق عهدها يوم أن كان يُضطر الذميّ إلى أضيق الطريق وزمن من كان يُنعت بمن يريد بالإسلام وأهله بالكلب ويُذهب إليه لليؤدّب، فليت شعري عرفوا قدر الويل الذي هم فيه يسبحون، وليت شعري فسحوا الطريق والمجال لأهل  الصدق المخلصون، فالحال عندها غير الحال الذي نحن عليه من خزي وعار وشنار مضروب علينا اليوم من أمم الشرك قاطبة ومن أهل الردة والمجون.

أنبأتنا الأحداث أن القتال مأمن للعقيدة وأنّ الدماء برهان على صحيح التوحيد ومقاصد الشريعة، فالقتال من أجل أعلاء كلمة الله هو من أسمى ما يراد به ليكون الدين كله لله ولا يُعبد سواه ولا نرضى أن يكون له ند سبحانه، فلولا الفئة القليلة المقاتلة والصابرة والمحتسبة لكان بعضنا مع من يطبّل للطواغيت باسم الديمقراطية، ولبعض الجماعات باسم الأخوة الإنسانية، ولكنا أيضا أصناما لبعض المشايخ باسم المنهجية، والكل قابع مستحسن المنكر باسم الوسطية، فالحمد لله أوّلا وأخيرا ولمن علّمنا حروفا في العقيدة أنّ ما كان دين بالأمس هو دين اليوم، وأنّ المنكر (الشرك والكفر) يقابله السيف إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأنّ محاولة البعض ثنْيِنا على صحة الطريق كمن يريد أن يوهمنا أن ماء البحر عذبا للشرب وكذلك المحيط، فمن كنّا نعدّهم جبالا في التنظير والتوحيد رأيناهم كيف انقلبوا على ما سطّروه بالأمس القريب، فعند المحن تُصقل الرجال بالفتن فمن كان معدنه خالصا فلا خوف عليه من الهشيم، ومن كان غير ذلك فالفلسطيني إلى القنيبي مرورا بالسويدان عبرة لمن اعتبر والفضائح بالميزان، فلا يأمن الحيّ منا الفتنة حتى يسأل الله الثبات في كل مرة وحين.

فالساحة اليوم أضحت مدرّسا ومعلّما لمن صدق لا لمن سبق، وكتابا مفتوحا لمن أخلص وأراد أن يتعلّم ويستبصر، فجل من في الساحة همّهم إرضاء الحاضنة والعباد وإنْ زيّنوا أعمالهم بالتقوى والتنظير، فخراج كلامهم اليوم شباب تائه لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ورسمه، ولا يُعرف لهم عقيدة إلا من نسخ ولصق وقال فلان وعمِل علّان، لا يأبه أعداء الله لهذا الجمع بل عند النزال يُزجّ بأكثرهم في قتال أهل الصدق، فمن رُزِق الهداية وعمِل على ثباتها وإثباتها بإظهار الحق وبيانه وتبيانه فهو ممن قال فيهم المولى وما بدلوا تبديلا، ومن كابر وترافع عن الحق الذي مع القلة فنسأل الله له الهداية وأن لا يُختم عليه شقيا غير راض عنه وأن يردّه المولى إلى طريق من أنعم عليهم ليكثّروا سواد الأحبّة، فالله مولى من صدق وأخلص وخصيم من أعرض وانتكس ولله عاقبة الأمور. 


===================

كتبه : نورالدين الجزائري

بتاريخ 28 شوال 1442 هـ الموافق ل 09/06/2021 م

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire