Rechercher dans ce blog

mercredi 25 novembre 2015

الوجه الحقيقي الآخر للصراع في سوريا " حرب أنابيب الغاز" .. نور الدين الجزائري


              الوجه الحقيقي الآخر للصراع في سورية " حرب أنابيب الغاز "...

عندما تدرك أن العلماء ودعاة الأمة لايفقهون سر معركة الأمة مع أعداء الملة، وتدرك مدى سطحيتهم في التعامل مع المتغيرات والمتناقضات وما يسبح في فلك المنطقة من صرعات على خيرات المسلمين، وان جلها في أيدي الأمة، وتراهم يركزون على الشق الإيماني منها فقط، فكبر على فقه الواقع عندهم وأقبرهم في عد سنين القرون الوسطى، ولا ترجع إليهم لتفهم ما الذي يحاك فعلا لهذه الأمة، ولما دول المحور كل صراعاته في منطقتنا بالذات ...
في الصرعات، و أسمي هنا صرعات وليست حروب، لأن الحروب تكون عادة ما بين جيوش نظامية متقابلة، أما الصرعات، فهي تلك المصالح الخفية بين أقطاب سياسية رأسمالية و التي يسيطر عليها الشق الجيو-سياسي، منها الخلفيات الإقتصادية والمالية لكل اللاعبين في المنطقة ومن يقف خلف الزر من الدولة العظمى، ومن يدير فن التحكم في مصالح الطرفين ..
صحيح أن الصراع في المنطقة كان من أجل النفط وقد تبين ذلك في حرب الخليج الثانية والثالثة، وقد كسبت أمريكا ومن يدور في فلكها المعركة باستحواذها عليه وعلى أمواله، وهو في يدها اليوم بلا منازع، والدارس من حربها عليه أن يرى أن ما خسرته أكبر بكبير مما حققته من مكاسب على بعد الآفاق، وبمعنى أن خسائرها في الحرب والأزمة الإقتصادية التي عصفت بها جراء سياستها الحمقى في العالم والتي كلفتها ديون مستحقة عليها إلى ما يقارب 15 ترليون دولار أي بنسبة 100% من الناتج الإجمالي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما أوقعها في ضعف وكبلها عما كانت عليه أمام قوى صاعدة كالصين وروسيا والهند والبرازيل وإيران ...
يرى الإقتصاديون و المحللون الماليون أن البترول أصبح مادة مكلفة من حيث الاستخراج و التسويق، وأن المادة ملوثة لحد كبير، مما جعل أخصائيون يحذرون من التلوث البيئي من مصادر الطاقة في العالم ومن بينها البترول ومشتقاته بإنبعثاته السامة، وكذلك بعض محطات توليد الطاقة النووية والتي أصبحت مصدر قلق لبعض دول أوروبا و أمريكا من سمها القاتل ..
فلذا بعد إتفاق كيوتو حول البيئة باليابان سنة 1992، وتطبيق دول العالم لهذا الإتفاق وخاصة أوروبا، اتخذت إجراءات حازمة للحد من تلوّث البيئي على مستوى العالم، فقد قررالأخصائيون حينها بموافقة حكوماتهم إستبدال البترول بمادة أقل تلوثا وكلفة إقتصاديا وهو الغاز الطبيعي كمادة بديلة و صديقة للبيئة، وإن يتم العمل به تدريجيا للحد من هيمنة البترول على حياة الناس خاصة وفي الغرب.. 
فبعد إدراج الغاز كمادة بديلة للبترول وأقل كلفة منه إقتصاديا، توجهت الأنظار خاصة إلى منطقة الشرق الأوسط وما تحتويه من مخزون هائل من هذه المادة، فبدأت الولاءات وعقدت الإتفاقيات وأبرمت الصفقات، على حساب أبناء المنطقة، فقيض الله لهم من أفسد عليهم هذا المشروع الخبيث والذي يزيد أمم الكفر و رؤوس الطواغيت ثراء على ثراء، ويزيد أبناء الأمة تشرذما وفقرا وتخلفا إلى الوراء ...
فبعد الإتفاقيات بدء العمل من جهتين، تكتل أمريكي إسرائيلي تركي سعودي قطري واسمه المشروع " نابوكو " ، وتكتل روسي إيراني صيني سوري إسمه " غاز بروم ".. التكتل الأول مدبره أمريكي وصاحب المادة قطري سعودي والمخزن لها تركي، يتم تسويقه لأوربا عبر البحر المتوسط مرورا بسورية، وكذا المشروع الروسي صاحب المادة الخام وإيران كذلك والصين تكتفي ببرمجة الشق اللوجيستي منه للعبور به من المتوسط إلى أوروبا مرورا هنا مرة أخرى بسورية ...
سورية مربط فرس المشروعين، والتي أضحت مركز صراع عالمي حول مرور هذه الطاقة البديلة، ومنها رؤية القطبين المتحاربين بوضوح و المصالح المشتركة بينهما، وزج الجماعات المقاتلة للمحاربة بالنيابة، السنية و الشيعية لخدمة أجندة الأقوياء بإستثناء قوة وحيدة قيضها الله لهم وهي الدولة الإسلامية مُفسِدة عليهم مشاريعهم، فنعتوها بأبشع الألقاب وتحالفوا عليها رغم إختلافهم وقاتلوها جميعا، فإن المصالح تقرب العدو كما يقال ..
فسورية أضحت النقطة الإستراتيجية عالميا للصرعات على مصالح الإنسانية، فمن يسيطر على سورية يصبح يسيطر على نقطة مرور شريان الحياة الجديد للعالم، ويصبح صاحب النفوذ العالمي في إجهاض أو تمرير هذا المشروع العملاق الذي لا تحصى له دراهم، فترى القوم يتناوبون على مقاتلة من يريد أن يفسد عليهم عرسهم، فتارة أمريكا وحلفها الستون، وتارة روسيا وحلفها الإلحادي المجوسي، والضحية أبناء السنة وخيرات بلاد الإسلام ..
وباختصار فإن المعركة في بداية أوجهها ولم يحمى الوطيس بعد، فما نراه اليوم إنما مقدمات لملحمة عظيمة ستشهدها الشام، وكل من القطبين جاء بخيله وخيلاءه لموعدهم المعهود، فربك جامعهم ليوم لا ريب فيه، وسيدركون حينها أن مكرهم غير مكر الله، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..


نـــور الديـــــن الجزائــــري

بتاريــــــخ : 25/11/2015 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire