Rechercher dans ce blog

vendredi 8 février 2019

مقال " ترامب و الدولة الاسلامية ــ وعود في الكونغرس وهروب من الميدان " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



ترامب والدولة الإسلامية
وعود في الكونغرس وهروب من الميدان    

لنعود قليلا إلى الوراء وإلى عامين بالتحديد منذ أن استلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية من باراك أوباما، وقبل ذلك بأسابيع ونيف وكيف فاز ترامب على هيلاري كلينتون وما جعله يتفوّق عليها في الانتخابات وحسم الأمور لصالح حزبه الجمهوري بذم سياسات سلفه على الصعيد الدولي وخاصة تعامله مع ملف الدولة الإسلامية وخطورة فكرة الخلافة في نفوس المسلمين وإحياء إرث السنة الضائعة عنوة وقهرا من خلال استعمار صليبي رأيته من جاكرتا إلى طنجة، وليتذكّر بعضنا ما كان اوّل خطابه في الكونغرس بعد استلامه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية من ٢٠١٧م إلى ٢٠٢١م، وتعهّداته حيال الأمن القومي الأمريكي وحلفاء بلاده من الدول "الإسلامية" ..
ففي أول خطاب له أمام الكونغرس، تعهد ترامب بالقضاء على "داعش" بمساعدة أصدقائه من العالم الإسلامي، وبتشكيل حلف واسع على غرار ما تشكّل إبان الحرب العالمية الثانية للإطاحة بعرش النازية، وقد حدّد لذلك عامان على أقصى حد للقضاء على الخلافة الفتية وصبّ كل اهتماماته على إنهائها والانتقال إلى تعهّد آخر يخص الصين وروسيا والحد من انتشارهما في افريقيا خاصة، فهذه خطوط عريضة لحملته ووعوده الإنتخابية ولمناصريه ولأعضاء حزبه الجمهوري وللظفر بولاية رئاسية ثانية بعد هذه المرحلة بسهولة، ولكن في أغلب الأحيان السياسة هي علم وفن إدارة المعارك بمفهومها المطلق وليس تهوّرا ولعبا ومراوغة لكسب الوقت وخداع الرأي العام بآليات معروفة عبر سياسيين وإعلاميين مختارين ومدفوعي الأجر إما ماديا أو تقرّبا من الدوائر السياسية في أخذ سبق الأحداث الدولية والتربّع على عرش التضليل بمباركة سياسية ممنهجة، فالرئيس الأمريكي ترامب وخصومته مع بعض وسائل الإعلام وإعلاميين مشاهدة وموثّقة، وحرصه على اختيار إعلامه وأدواته من دون كيف ولماذا ومنها النشر كما يراد للمعلومة أن تصل ويتلقاها المواطن الأمريكي والغربي وبعض السذج من العالم العربي والإسلامي، فمنذ استلامه مكتب البيت الأبيض عمد ترامب على إرساء سياساته الداخلية والخارجية عبر وسيلة إعلامية معروفة ومحدّدة (تويتر) يخاطب بها زعماء وساسة العالم، وكم من قرارات تم إعلانها عن طريق هذه المنصّة المشهورة ليجعل من نفسه ومن هذه النافذة الإعلامية لسان حال سياسة إدارته ومنهجيته في التعامل مع أحداث الساعة، وكم من مرة أعلن أن برنامجه الانتخابي يسير وفق ما خُطِّط له من طرفه ومستشاريه السياسيين والعسكريين، وكم من مرة وبّخ سياسة سلفه في التعامل خاصة مع ملف الدولة الإسلامية وأنها كانت فاشلة لحد ما، ولا أريد أن أعقّب على أحداث أخرى وسيتم التركيز عل تعامل الإدارة الأمريكية منذ بروز نجم الدولة الإسلامية إلى أن أعلن ترامب الانسحاب والخروج من سوريا هذه الأيام بعد أن أوهم العالم بأنه قضى على الخلافة والإرهاب بصفة عامة في الشرق الأوسط ..
فالمتابع لأحداث سوريا ومنذ اندلاعها وانخراط أمريكا والغرب بصفة عامة مع ذيول المنطقة نلمس أن أمريكا تعاملت مع ملف الدولة الإسلامية وخاصة منذ إعلانها الخلافة على ثلاثة محاور رئيسية، اثنتان تم التعامل معهما في حقبة أوباما، والثالثة منذ استلام ترامب رئاسة امريكا ولم يأت بجديد على الخطة المتبعة، بل هي من سياسة أوباما أو بالأحرى استراتيجية متّبعة من طرف البنتاغون والمخابرات الأمريكية للقضاء على الدولة الإسلامية، فكانت الخطة الأولى نزع الشرعية الإسلامية من تحت بساط الدولة عبر تسفيه مشروعها من عقيدة إلى طريقة قتالها، وقد تمّ ذلك عن طريق أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كما سمّاهم أوباما ومن بعده ترامب في الكونغرس، وقد تولّى المهمّة ممن يُطلق عليهم علماء الأمة أوّلا، وبعد أن عجزوا تسلّمت المنظّرة المخابراتية المتربّصة بالجهاد في منطقة المهمّة بتشويه معتقد الدولة الإسلامية وإلحاق تهمة الخارجية بها، وقد أفلحت نوعا ما في شق صفّها وإخراج بعض الفصائل من تحت عباءتها وإغراء الأخرى بالمال والسلاح عن طريق غُرف مخابراتية من دول المنطقة، فما كان من الدولة الإسلامية بعدها إلا المضي في مشروعها تحقيقا عل أرض الواقع بحكم حكمها لمناطق شاسعة وكبيرة بين سوريا والعراق، وأما الخطة الثانية ودائما في عهد أوباما تمثّلت في اصطياد وقتل رؤوس وأمراء الدولة عبر اغتيالات ممنهجة لإضعاف شوكتها وتشكيكها في قدراتها السياسية والقتالية، وكان لأمريكا ما كان عبر موت نخبة كبيرة من قادتها، فما كان من الدولة الإسلامية إلا تنقية الصفوف والتحرّز من الأدوات التي تمت على إثرها اصطياد وقتل أمراء الصف الأول من هيكلها وتنظيمها، إلى أن تحزّب الروافض والأكراد في العراق لقتالها في الفلوجة وبيجي وأخيرا في الموصل، وتسلّم مهمة قتالها في سوريا فصائل قطر وتركيا والسعودية والامارات والاردن وكل ذلك تحريضا من طرف السرورية والمنظّرة الأردنية، وفي خطة من جانبين لحصرها وتجميع قوّاها وقتالها مجتمعة تحت طائرات حلف أكثر من سبعين دولة على رأسه امريكا ودول المنطقة ..
انتهت حقبة أوباما والخطة الأولى والثانية، واستلم ترامب رئاسة امريكا ومنه خطابه كما أسلفت أمام الكونغرس وتعهّده بالقضاء على الخلافة، فبدأت أمريكا باستئصال المدن والمعالم والحجر والشجر والمقاتل والمسالم على كل شبر كانت تحكمه الدولة الإسلامية، فاستعملت لذلك كل الأسلحة التي بحوزتها والمحرّمة دوليا حسب تعريفها ومعاهداتها عند الصراعات وفي الأمم المتحدة، فلا بأس إن كان العدو هو الإسلام المنزّل الذي ينافس وجودها كقوة استمالة شعبية وكفطرة عند الإنسان بصفة عامة يقلب موازين النيو-رأسمالية والقضاء عليها كما قضى على النيو-ماركسية وذهاب ريح الاتحاد السوفياتي بالأمس القريب، فأمريكا تعلمت درس الأمس والتي ساهمت في بلورته وتنفيذه من أجل مصالحها كقطب أوحد، فإذا كان بضعة مجاهدين من دون عقيدة صحيحة إجمالا هزموا اعتى قوة على وجه الأرض في بضع سنين فكيف بمنظومة حكم وسياسة محكمة ومضبوطة وشراسة قتالية لم يعهدها العالم الغربي وعلى رأسه امريكا لا في الحرب العالمية الثانية ولا في فيتنام ولا حتى في حرب الخليج الثالثة، فبمجرد ذكر الدولة الإسلامية في الدوائر السياسية والإعلامية الغربية إلا وترى الرعب من يتكلم قبل الأطروحات، فأمريكا لجأت إلى سياسة الأرض المحروقة في تعاملها مع كيان الخلافة في عهد ترامب وتنفيذا للخطة الثالثة ظانا منها أن قد ألحقت الهزيمة بالمنظومة، وهذا والله عند العقلاء لهو استدراج من الدولة لإنهاء حكمها على الأرض المعلنة والدخول في حرب أخرى، حرب أشباح التي تتقنها من أيام حرب الخليج الثالثة وهي حرب استنزاف للوقت وللاستراتيجيات المخطط لها، فأمريكا سهّلت اليوم المهمّة على الدولة بحكم التنصّل من مسؤولية إحكام المناطق المسيطر عليها وأدخلت الجميع في حرب استنزاف طويلة المدى والأمد، والمنتصر فيها سيكون من له النفس والصبر الطويل في إدارتها والتحكّم في مداخلها ومخارجها ومفاصل حيثياتها، فأمريكا اليوم هربت لأنها فتحت على نفسها حربا مفتوحة ولم تعد تحد شيئا لقصفه أو قتله، بل مقاتلوا الدولة الإسلامية تأقلموا مع الوضع وباتوا متربصين لكل ما هو أمريكي في المنطقة، ودخلوا في حرب أشباح معها وقد علِمت ذلك وتنبّأت لمثل هذا اليوم وقد عاينت ذلك في أواخر تواجدها في فيتنام ..
إن إعلان انسحاب أمريكا من سوريا وتصريحها بإنهاء الخلافة لشيء من غير المنطق، فربما نجحت أمريكا من القضاء على مركزية الخلافة من حيث الموقع والأرض ولكن تعلم أنها فشلت في إيقاف تمددها أولا في نفوس شباب الأمة وثانية في ولاياتها الأخرى من خرسان إلى الفلبيين مرورا بغرب افريقيا، وما اجتماع أمريكا بالحلفاء في منتصف هذا الشهر في ميونخ بألمانيا في قمة أمنية دولية سيكون محتواه تمدد الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا من النيجر إلى ليبيا إلى زمبابوي مرورا بنيجيريا وما يعنيه من تحديات عظيمة للخيرات المتدفقة من القارة السمراء إلى القارة العجوز إلى الفيدرالي الأمريكي من الذهب الخالص، فسيتم تغطية هذه القمة على أنها لدراسة الملف الإيراني ولكن الشمّاعة أضحت ولّاعة لحرب أمريكا على أهل السنة في كل مكان من العالم، واليوم الحرب مفتوحة بين الخوارج عن المنظومة الدولية وبين أمريكا وحلفائها وبعض العبيد من بني جلدتنا، والعاقبة لمن علِم وعرِف أس الصراع وما يريده المجتمع الدولي من العالم الإسلامي ..
السلام عليكم ..

====================
كتبه: نورالدين الجزائري
3 جمادى الثانية 1440 ه الموافق ل 08/02/2019.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire