Rechercher dans ce blog

jeudi 19 octobre 2017

مقال بعنوان " فاتورة الاستنزاف وحرب التحالف الخاسرة " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري


فاتورة الاستنزاف وحرب التحالف الخاسرة


"فكِّر مرةً أخرى وتراجع"، شِعار اتّخذته وزارة الخارجية الأمريكية بفرعها الإعلامي وغُرفِها المحاربة للمجاهدين عبر العالم وخاصة الدولة الإسلامية، هاشتاج ضمّ اعتى المناوئين لـ (الإسلام السياسي)، هدفه حرب نفسية قبل اندلاعها، وكان وراء ذلك مدير مجلة التايمز سابقا السيد ستينجل، والذي انضّم الى اوباما عبر الخارجية الأمريكية قسم العلاقات الدعائية الرقمية، وكان مهندس [تحالف الاتصالات والرسائل] لإتمام ما يجري على الأرض عبر كل فرقاء التحالف العربي ضد الدولة الإسلامية، وانبثق من خلال الاستعداد للحرب في المنطقة في 2010 مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب، فأمريكا كانت على وعي بمدى حربها القادمة في منطقة الشرق الأوسط، ومدى تكلفتها من حيث الموارد المالية والبشرية والمعلوماتية، فقبل اي مواجهة وعلى من يعلنها فعليه التهيّئ الى فاتورة تكاليف الصدام وبعض الحسابات الأخرى الحساسة عند اندلاعه ..
فخطاب أوباما عند بداية الحرب على الدولة الإسلامية كان واضحا ومن أهمه قوله: منافسة الإرهابيين على المساحة التي يشغلونها بما في ذلك الإنترنت والإعلام الاجتماعي، وتطورت هذه المساحة الى ان اصبحت اجهزة مخابراتية عالمية معظم مراكزها في دول الشرق الأوسط، وقد سخّر حكّام المنطقة العربية مئات المراكز لذلك مما ادى الى توظيف عشرات الآلاف من المخبرين عن كل النشطاء البارزين وايقافهم عبر التبليغ عنهم مباشرة او ايقاف حساباتهم على التواصل الإجتماعي، فتكلفة هذه المنصّات الاستخباراتية كلّفت وتكلّف اليوم ميزانيات وزاراة دفاع في كل من الأردن والمغرب وسلطنة عمان والبحرين وغير، فالفاتورة باهضة من عدة سنين تجاوزت اكثر من عشر مليارات دولار، فمن المغامرات الغير محسوبة من المهاجم عدم تقييم زمن المعركة وخاصة ربط مصيرها بمموّلين مرتبطين اصلا بعملة مشتركة عالميا وهو الذهب الأسود، فمن المعلوم ان البلدان المنتجة للنفط تتفاءل حين اندلاع الحروب، اذ ترتفع اسهم السعر الذهب الأسود في البورصات العالمية، فتكلفة حرب أمريكا على عراق صدام ادى الى ارتفاع سعر البترول الى 140 دولارا للبرميل، ممّا ادّى بأمريكا الى المديونية لتسديد تكلفة فاتورة الحرب على العراق وافغانستان والتي قدِّرت ب 5 تريليونات من الدولارات، ناهيك عن بنية تحتية مدمّرة جراء غاراتها الجوية بلغت الكلفة ازيد من 220 مليار وفق تقرير نشره المحامي الأمريكي ستيوارت بوين، المفتش والمشرف العام على عملية إعادة إعمار العراق، ولم ينجز من الإعمار الى بعض المؤتمرات من بعض الدول المانحة، صبّت دولاراتها في خزينة البنتاغون كتعويض لحروبه، ووفق دراسة معترف بها فقد انفقت امريكا فقط خلال حربها على الجماعات المسلّحة في العراق فقط ومن جيوب دافع الضرائب فيها بأزيَد من 3 تريليونات من الدولارات الشيء الذي جعلها تنكمش على عقيبيها إبان الأزمة الإقتصادية في 2008م وتراجع دورها في المنطقة ممّا أدى إلى بروز نجم روسيا والصين في 2011م على المستوى العسكري والاقتصادي وتمددهما كلا في سورية وإفريقيا ..
فتكاليف الحرب اليوم على الدولة الاسلامية لم تعد تتحمل تبعياتها، فقد غيّرت امريكا من مواجهتها لها، فبعدما كانت مكتفية من النيل من رؤوس الدولة ورموزها واجهت مشكلة اخرى في تمددها والسيطرة على شبه العراق كاملا، فاضطرّت ولجأت الى حرب الأرض المحروقة كما شُوهد ذلك في كل من الرمادي والفلوجة واخيرا في الموصل، اذ وصل اعادة اعمار هذه المحافظات الثلاثة الى ازيد من 200 مليار دولار لاعادة بنّيتهم التحتية وتأهيليها مرة أخرى، فلم يتم تعمير العراق عند وجود وبعد خروج أمريكا من العراق فكيف بتعميره وهي خارجة، اذ الوعود التي قدّمتها لحكومة المالكي واليوم للعبادي كضرطة في فلاة، فأمريكا لا يهمّها العراق بقدر ما يهمها خيراته وخاصة القضاء على الدولة الاسلامية رمز الظهور فيه، فالإحصائيات والفاتورة المرتقبة تشير الى اجمالي حرب أمريكا على العراق بحوالي 2 ترليون دولار ما بين ما انفقته كمعدّات حربية وبين ما دمّرته من بنية تحتية، وزد على ذلك ما خلّفه التخالف الدولي من خسائر في سورية وتدميره ايضا لبنيته التحتية والتي قدّرها الخبراء الاقتصاديين الى أزيد من 3 دولار ترليون، فأمريكا اليوم ومعها التحالف الدولي منهك اقتصاديا وماليا، وما زيارة ترامب آخيرا وجنيِّه لأموال المنطقة في هذا الباب، فالكل يعاني من تداعيات الحرب على الدولة الاسلامية والإستنزاف على قدر وساق كأرقام البورصات العالمية في تداولاتها الإقتصادية، فأمريكا اشترطت على الدول المنتجة للبترول وخاصة العربية ان يبقى سعر برميل البترول الى ثلث ما كان عليه إبان حربها على عراق صدام حسين حتى تتمكن شعوب الغرب من الاستمرارية في نمط معيشها المعتاد وأن لا تتظاهر بغلاء المعيشة، فالبترول مرهون بكل شيء في الغرب من السيارات الى العقار مرورا بالقدرة الشرائية للمواطن، الشيء الذي ادى الى أزمات اقتصادية في بعض المؤسسات الحكومية والخاصة نتج عن ذلك تسريح مئات الآلاف من العمّال وتعويضهم من الخزائن العامة في الدول المعنية ..
فهذه الحرب اصبحت وبالا بأتمّ معنى الكلمة على أمريكا وحلفائها الغربيين والعرب، اذ يوجد بضع ملايين من المهجّرين داخل دول التحالف عامة من مناطق الحروب، فميزانية الخدمات لهؤلاء اللاجئين اصبحت لا تُطاق وهنالك دق للاجراس بنفاذ الاموال والإعانات، فاليوم كان في الدوحة مؤتمرا في هذا الباب مثّله منظّمات رسمية من الامم المتحدة والاخرى غير رسمية والبعض المانحين لسد العجز المالي حتى بتم توفير بعض الاحتياجات لهذا الشتاء، فالأمور اصبحت شبه رسمية من الخروج عن سيطرة الاوضاع الشيء الذي ينذر بكوارث انسانية على المدى القريب جدا، فأمريكا ودول التحالف تحاول اخفاء الاستنزاف ولكن كل المؤشرات تدل على ان الأمور غير متحكّم فيها ماليا واقتصاديا، فتركيا ومناوشاتها مع أوروبا من هذا الباب، وكذا محاولة انفصال بعض الاقاليم الغنية داخل بلدان الاتحاد الاوروبي حتى تحدّ من استنزاف مواردها، فالكل منهك وإنها لقضية وقت لإعلان الإفلاس التام، فإرجاء ذلك مرهون بمدى سرعة أمريكا ودول التحالف للقضاء على الدولة الإسلامية او الحد من مخاطرها على المدى المتوسط ..
فأمريكا وروسيا المنخرطتين بشكل مباشر اليوم في حربهما على الدولة الإسلامية وصلتا الى نقطة لا رجوع من الاستنزاف ان استمرت الحرب لعام اخر، فكل المؤشرات تدل على ذلك، فأمريكا تعاني من سعر دولار منخفض لتمويل حربها وكذا روسيا، فبوتين من أيام دق أجراس نقص التمويل ايضا، وكذا إيران وتركيا، فالكل يشتكي من المواجهة المباشرة ومن التداعيات، فالإنهاك سيّد الجميع، والفراغ الذي خلّفته الدولة الإسلامية في العراق سيؤدي حتما في نهاية المطاف الى حرب ما بين الأكراد واذناب ايران، وكل هذا سيؤدي في الأخير الى استنزاف عام على المستوى الدولي سيخلّف انهيار دولا ودخول اخرى في حرب وجود، وما أزمة قطر مع دول الخليج إلّا من باب ما بعد الدولة الاسلامية زعمهم وحصة قطر من انبوبها الغازي والذي سيمرّ عبر الأراضي السورية الى إسرائيل والبحر المتوسط ومن ثمة اوروبا، فاليوم الاستنزاف سندان الجميع، وغدا المطرقة ستكون من نصيب القطيع يضرب بها بعضهم البعض، ولله الأمر من قبل ومن بعد والعاقبة لمن احسن إدارة المعركة مع الجميع وهي حرب خاسرة على جميع الأصعدة من أمريكا وحلفائها ..
السلام عليكم ..

====================

كتبه: نورالدين الجزائري
28
محرّم 1439هـ الموافق ل 18/10/2017


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire