Rechercher dans ce blog

mercredi 10 mai 2017

مقال بعنوان " حرب الموصل الحرب الاخرى المغيّبة : حرب المعلومة " بقلم المدون نورالدين الجزائري


حرب الموصل
الحرب الاخرى المغيّبة "حرب المعلومة"

جاء في الأثر أن النبوة يدّعيها أصدق الصادقين كما يدّعيها أكذب الكاذبين، ولكن الأمر يُلتبس إلاّ على أجهل الجاهلين .. وكنت قد كتبت عن حرب الموصل في سلسلة من عدّة مقالات بيّنت مراحلها وفصولها وتطوّراتها، والكل كتب عن حرب الموصل والكل جانب الصواب فيها كما سقط في الخطأ واللغط، ومنهم من اُخلِطت عليه الأمور جملة وتفصيلاً، ولكن الكثير منّا أغفل جانبًا أساسيًّا في هذه الحرب الفريدة من نوعها عبر تاريخ الأُمَّة وما يحدث فيها وكيفية إدارتها، هذا الجانب لم يغفل عنه من جاء لاحتلال ما تبقى من أراضينا، إنّه الجانب الإعلامي فيها وكيف للفرقين أساليب مختلفة في إدارتها يتفوق عليهما الجانب العقدي والروحي والسبيل للانتصار للمعلومة التي يُراد لها أن تصل لكلا أنصار الطرفين والقابع بينهما جهلاً أو لغير حاجة في هذه المعركة المصيرية.
‏فقد كتبت شيئا في باب المعلومة من أيّام وبيّنت مدى أهميّتها والبحث عنها من حيث المعرفة والخبر، وأنّ المسلم مطالب من باب الوجوب أن يكون كيّسًا فطنًا، بحيث لا تُسيّره الرياح ولا تتخطّفه عواصف العولمة كناعقة في سربها، لا يعرف الحق من الباطل في عالم المعلومة، بل يجب على المسلم وخاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الأُمَّة أن يبحث ويكدّ ويجتهد ويتعب إلى أن يصل للتمييز بين السمّ والعسل، بين الغث والسمين، بين الْمُرَاد والسأم، بين الحقيقة والكذب، في مجال الحرب الإعلامية التي تُشن من عقدين على الأحرار فيما تبقى من البلاد الاسلامية، فالجانب الإعلامي لم يُهمل عند المسلمين الأوائل، فقد كان رسول الله بأبي هو وأمي -صلوات ربي وسلامه عليه- يخرج في الاسواق في بداية دعوته إلى أماكن اليهود فيها ويقول: من يريد خبر موسى، فكانت تجتمع عليه الوفود ويحدّث بعدها بما شاء الله من باب الدعوة والخبر اليقين، وكذا من ورث علمه لم يهمل هذا الجانب العلمي والذي كان له أثره في نفوس العامة من المسلمين والأقليات الذمّية التي كانت تحت سلطان الخلافة، فالأمور تطوّرت بعدها إلى نقل هذا العلم من المعلومة إلى الحروب التي خاضتها الجيوش الاسلامية، فكان الخلفاء والامراء لهم فِرق خاصة في نقل أخبار الأعداء والانغماس في مجتمعاتهم وجندهم ومن ثمّة معرفة معنوياتهم وربما بعض خططهم، فالمعلومة أدّت إلى الانتصارات قبل بدء المعارك، فأهمية المعلومة لم تُقصى من قاموس الفتوحات إلى يوم أن تفطّن أعداؤها إلى هذا الجانب المهم من الحروب، فطوّروه وجُعِلت له المجاميع من كليات حربية ومعاهد عسكرية ومدنية همّها اقتناء المعلومة وكيفية تطويرها مصلحةً واستعمالًا كسلاح لا يقل خطورة من القنابل النووية الْيَوْمَ.
‏‏فكلا الطرفين في حرب الموصل منذ بدايتها وقبل اندلاعها حتى يريد أن يسيطر على المعلومة وكيفية انتقائها وتمريرها بذكاء حسب متطلبات المعركة وحساسيّتها، فامريكا ودوّل التحالف الغربي والعربي دأبوا على أن تكون المعلومة من هذه الحرب دحر "الإرهاب" وخاصة طروادة "التحرير"، فحشدوا الاعلام الخارجي والإقليمي وصوّغوا الأمر على أنه عملية استئصالية لورم الاٍرهاب العابر للقارات وخاصة لأهل الموصل المضطهدين من طرف ISIS، فالتزمت وسائل الاعلام وخاصة الإقليمية بالتعاليم المأخوذة من طرف امريكا بتشويه الخصم في المعلومة وتصويره خبرًا على ان مدينة الموصل في إرهابٍ دائم وخوف مستمر من الأرباب الجدد، فهشتاقات الجوع والتقتيل الممنهج كان خير دليل على النهج المتَّبَع قبل بداية الحرب، فالامر لوحظ في عدة مدن كانت تحت قبضة الدولة الاسلامية كالفلوجة ومن قبل الرمادي، فالمعلومة أثّرت على مجريات الحرب في هذه المدن والشائعات كانت لها قسطًا من انسياق بعض المتذبذبة من أبناء الأُمَّة في الشدّ على أيادي المعتدي من الأمريكان والرافضة والسكوت على المجازر بعدها بدعوى التحرير ولا داعش، وقد تفطّنت الدولة الاسلامية لهذا الجانب المهم من حرب المعلومة حيث شاهدنا عدّة فيديوهات وروبورتاجات بعدها من الموصل والرقة وتصوير من هم تحت سلطانها وكيفية وطريقة العيش على أراضيها، فهدف المعلومة كانت لسد أفواه أصحاب الهاشتاقات وقطع الطريق عليهم وفضح نواياهم وأجنداتهم من حيث إيصال المعلومة للمتعاطفين ومن يبحث عن صدق القضية، فكان الامر له جانب طيب وأثر جميل في نفوس المسلمين وتفطّنهم لحساسية الحرب الإعلامية في هذه المعركة المصيرية بين المسلمين وملل الكفر قاطبة ونحل النفاق عامة، فقد كشف الله زيف الآلة الإعلامية الغربية والإقليمية خاصة في قصف المسالمين المدنيين والتقتيل الحاصل عليهم يوميا وخاصة في الموصل، وما مجزرة أمريكا الأخيرة لمن هذا البيان، فقد عَلِم أبناء الأُمَّة قيمة المعلومة في الحروب، ومدى خطورتها للخروج من قبضة الاعلام العالمي، وأنّها سبيل للوهن الذي ضرب ويضرب المسلمين إن لم يكونوا الْيَوْمَ على قلب رجل واحد لصد هذه الهجمة الحربية والإعلامية ..
فأحيانا شُح المعلومة أو الشبه المحاصرة أن وصلت للصادقين وإصحاب الأمانة في إيصالها كما هي ومن مصدرها تدّك حصون الأعداء وتزرع فيهم الريبة وخسران المعركة، فشتان بين مجزرة الأمريكان والروافض وجموعهما من ايران والدول المتحالفة وسبل تبريرها من قتلٍ للمدنيين العزّل من أطفال ونساء وعجزة، وبين مجازر الدولة الاسلامية في الروافض والاثخان فيهم ومن عاونهم، فإصدار "الحرب دهاء" أو إصدار عملية نحر "العميل الروسي" لمن دهاء إيصال المعلومة التي غُطّت وحُفّت بأكاذيب الخصوم، فحرب المعلومة متصدرة في إعلانات الحلف الامريكي وفِي بيانات الدولة الاسلامية وإصداراتها، فمن عملية اجلاء الإرهابيين في غضون أسابيع من الموصل صار الامر الى إلتفاف مقاتلي الدولة الاسلامية على الحشود وتصويرهم على أنّهم كالحشرات تتساقط امام نيران المعلومة، فحريّ على الطرفين اليوم النظر في أخلاقية هذه الحرب ومن يوصل المعلومة جيدًا للأنصار والخصوم والمتذبذبة، فَلَو أوصلت فقط آلات الدعاية الإقليمية ومنها قناة الجزيرة والعربية ربع الحقائق واأصاف الطرف الآخر لتغيّرت سيرة المعارك ومعها المعلومة ولكانت الدولة الاسلامية صاحبة السبق والشفافية والحفاظ على مقاصد الشريعة والإنسانية في الحروب التي فُرضت عليها، ولكن دَجَل أصحاب الآلة الإعلامية يفعلون ما لم يفعل الوعّاظ وعلماء السلاطين على المنابر لايصال الحقائق والمعلومة الغائبة عن المسلمين، فبها كما أسلفنا صدق الكاذب وكُذِّب الصادق وتله الجهّال في عالم المعلومة ..
إن الحرب اليوم لم تعد براميل البارود من تسطّر حيثياتها ومدى أهميّتها على الجانب المعنوي والتعبوي فقط، بل تشعّبت إلى حرب المعلومة وكيفية تطويرها لتصبح سلاحا يغذي المعنى منها قبل النتيجة، فهذا النوع من السلاح تفطّنت له النازية ومن بعدها دوائر الاستخبارات العالمية وعلى رأسها امريكا، فشعار القوم السيطرة على المعلومة قبل خروج الجند للحروب، فإن حسن صياغتها نصف كسب المعركة، وهذا ما تفطّن له الأحرار وتفوّقوا عليهم بصدق المعلومة، والقلم يجري على الكاذب حتى يكتب عند الله كذّابا، وَلَن يفلح الكاذب حيث أتى، فرُبّ معلومة صادقة تفعل فعل القنابل العنقودية من حيث التلغيم والتأثير عند انفجارها ..
السلام عليكم...
====================
كتبه نورالدين الجزائري
13
شعبان 1438هٰـ الموافق ل 10/05/2017






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire