Rechercher dans ce blog

lundi 8 mai 2017

مقال بعنوان " بين المعرفة والخبر : صدق المعلومة " بقلم المدون نورالدين الجزائري


بين المعرفة والخبر : صدق المعلومة ..

المثل الشهير عند العرب قديمًا ان الذي يرى ليس كالذي يسمع، والذي يرى بطبيعة الحال يسمع ويدقّق ويحقّق الغايتين حسًا ولمسًا، ولذا كان من امر النَّاس ان صاحب الرؤية والسمع اكثر الحديث والرواية صدقًا وأثرًا، فكتب الاخيار والأعيان في سرد الأحداث والقِصص من اصحاب التاريخ لا تؤثّر على قرائها إلاّ من حيث المعاينة ومن ثمّة التحدث بها بطريقة تجعل من يتلقّاها كأنه في حضرة المشهد قولاً وسمعاً ورؤية، ومع ما يحيط به من مشاهد تجعله يعيش تاريخًا غير تاريخه وماضٍ غير ماضيه ومع أناس لم يرهم او يسمع بهم إلاّ من حيث شواهد القصص امّا قبولا او رفضا من حيث القول والفعل ..
فما اكثر صفحات التاريخ الْيَوْمَ المفتوحة امام النَّاس، وخاصة لمن لم يقرأ في محتوى المضمون واكتفى بالشكل عنوانا وصورة ورؤيةخاصة، فمن الطبيعي ان المغلوب على أمره إنَّما يتأثّر بمن يصنع حدثه، ولا يقبل إلاّ الأحداث التي أُمليت عليه، او على لسان من له يد في اغتصاب ذاكرته وحتى التشكيك في وقائع السِيّر وما شاهده او عاينه أوسمعه من ثقات، ممن حدّث التاريخ بثقتهم عنعنة او في علم الرجال اثارًا ومصداقية وقصصًا، فحاله كحال العبد عند سَيِّدِه يصرّفه كيف يشاء لخدمة اغراضه ونزواته، فلا يرى او يسمع إلاّ بعين السيد او لسان الحر، فما لسان حاله إلاّ السمع والطاعة وان كان سَيِّدُه لا يهتدي الى أصح الأمور سبيلا ..
فاليوم ومع وسائل الرؤية والسمع وتطوّرها وسرعة إتقانها وجودة تقنيّتها اصبح الواحد منّا يعايش الأحداث حين وقوعها ومعاينتها حين صدورها وهو على أريكة راحته، يتلقى الخبر على المباشر وله قبوله او ردّه او وزنه ومن ثمّة تحليله وأخذ الدروس والعبر منه ووضعة في إطار مكتبة علمه من حيث المعتقد او الثقافة او خبر الآحاد معرفة وتصنيفًا، فلا لزوم للخبر في مجمله من حيث المصداقية او علم الرجال من حيث نقل الأحداث وسردها او تثبيتها ونفيّها، فالعالم الْيَوْمَ اصبح قرية صغيرة من حيث تلقي الأخبار، فما يترتب عنها يسير مسرى النار في الهشيم من حيث أهمية الحدث او الحادثة، فأصبح علمًا بحد ذاته يُدرَّس في الجامعات وله فروع من حيث التوجه الى ادقّ علومه والتي هي مخ علم الاستخبارات من حيث حكم الناس وتسييسهم او توجيههم حسب المنفعة الشخصية او سياسة البلد المتبعة او نزوات الأشخاص النافذة من حيث التحكّم في مقاليد العامة سياسة او ثقافة، فكلّما فُتِحَت آفاق معرفية إلاّ واصحاب المنفعة لهم يد سبّاقة في ضبط المخارج وتقنين المداخل من حيث التأثير على المستوى العام الإعلامي في إيصال الفكرة ترويجًا او عفوية، يسبق كل ذلك محتوى الخبر وما وراءه من فكرة تُحكم بها العامة طوعًا وكراهية بدون إظهار القوة او أدوات الإخضاع الجبري والقسري لابقاء الكل تحت سلطان المعلومة الموجّهة والمرادة للجميع ..
فالمعلومة الْيَوْمَ اداة ونواة وخام المعرفة في فهم الواقع وأخذ الدروس من الماضي من باب مقارنة الأحداث والتمييز بينهما، وربط الوقائع المشتركة وإنزالها على مشرحة العلم في معرفة السنن والمغزى منها، والسير على خطى وضوابط صحيحة تجعل من المرء يقرأ للأحداث وكأنه صاحبها او مفتعلها قراءة صحيحة وثابتة الأثر، ولكل حادثة نقيضها من حيث الفهم او جهل الحدث وحيثياته، والمشاهدة او المعاينة كما أسلفنا ليس كناقل الخبر من صحَّته او عدمه، فَلَو قارنا الْيَوْمَ على سبيل المثال لا الحصر ما بين ما وصل إلينا من احداث وقصص في شكل مجلدات او غير ذلك من اخبار العامة ووكيبيديا المعلومات لتبيّن عند من يتبع المعلومة او يسبح في فلك انسيكلوبيديتها انّ الاخبار والكتب ما هي إلاّ نقطة حبر في بحر المعلومات التي بحوزة الانسان الْيَوْمَ في فلك المعلومة على شبكة الانترنت، وكل له تخصصه ومعرفته في باب علمه او ثقافته، فأبناء الغرب عند نزول المعلومة وسردها لا يتلقفها إلاّ من بابين لا ثالث لهما، فإما تصديقا او تكذيبا للخبر حتى تُفحص طرقه وحيثيات بثه ولمن الامر موجه له من حيث الخاصية او التعميم، وهذا الذي يفتقره من هو عبد للمعلومة ولا يملك من سيادتها إلاّ التصديق او التكذيب من حيث السيّد وقواعد الاتباع والنزوات الشخصية التي تخدم القوي وتُهمَّش الضعيف معرفيًا ومعلوماتيًا، فيسهل التلاعب بعقله وكيفية توجيهه من حيث خدمة الاجندات والسياسات المحلية او الدولية حسب بلدان التبعية والانتماء ..
فباب المعرفة سلاح فتّاك لو حسُن استعماله وتسويقه من حيث توجيه العامة الى ما هو خيرها دينًا ودنيا، فالغرب تفطّن لهذا السلاح الخطير وطوّره من حيث بلورة المعلومة ودراستها وإفشائها خدمة لداخله وخارجه، ومن الأمثلة الصارخة في ذلك والتي تكاد ان تعلّم الحيوان قبل الانسان كيفية تسويغ وتسويق المعلومة في برامجه الانتخابية، وان المعلومة سيّدة الجميع في الشفافية من حيث الأخلاق والديونتولوجية المحتّمة على الجميع في باب النزاهة، فالمرشّح لتولي المنصب حسب الطلب لا يكون إلاّ عبدًا للمعلومة وليس لسيّدها او صاحبها، فالمعلومة تقتضي من يدخل في مياهها ان يكون سبّاحًا ماهرًا من حيث السباحة على شواطئها والالتفاف الى قرش المعلومة المضادة ان تغرقه او تفضح ما عليه من اخبار غير مكشوفة، فحينها يصبح انتوكس وتُلغى معلوماته الى سلة ديليت او الحذف ويكون من خبر كان ولا مبالاة ومنها نهايته الحتمية اعلاميا او ككائن مستثمرا معلوماتياً في المجتمع، فالغرب تفطّن لهذه الأمور مما أدّى به الى الوقوف امام المعلومة والتأكد من صحتها او عدمها قبل ركوبها او التخلي عنها، فالمعلومة الْيَوْمَ لها اجنحة وهي الشفافية والمصداقية ومن تحلّى بهذه الديونتولوجية فلابد إلاّ ان يصل لمبتغاه ولو لُغِّم طريقه بالفيروسات الذكية ..
فعلى من أراد اليوم كسر قيد العبودية ان يكون سيّد المعلومة ويقف عند خبرها ومن ثمّة بلورتها ووضعها في قانونها الصحيح من حيث الخبر وحيثياته، وان لا ينساق الى ما لا يعرف حتى يعرف، ومنه المشي بخطى حذرة وثابتة، وإذا رأى في المعرفة منكرا فما عليه إلاّ ان يصحح ذلك خبرًا، وان اصدق الحديث ما كان إظهاره بحجة القول وصحيح الجدال وكل ذلك تحت سقف التقوى وان يخاف الله فيما وقف عند خبر ما، وان ينقله بأمانة بعدما ان يتأكد من صحته قولا وفعلا ..
السلام عليكم ..
===================
كتبه : نورالدين الجزائري
11 شعبان 1438هـ الموافق ل 08/05/2017


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire