Rechercher dans ce blog

jeudi 11 mai 2017

مقال بعنوان " حماس وما وراء وثيقتها الجديدة " بقلم المدون نورالدين الجزائري


حماس وما وراء وثيقتها الجديدة ..


لا شكّ ان اسهم بعض المنظمات والجماعات "الجهادية" تمّ الرفع من مستواها ونسبتها السياسية ومشروعية مطالباتها وإعادة دراستها وفق فقه الموازنات الدولية، والمصالح الاستراتيجية الغربية، وعلى رأسهم امريكا وربيبتها اسرائيل، فمنذ بروز العدو الاول للغرب على أراضي العراق وسورية، اتجهت كل الماكنة الحربية الغربية من البنتاغون الى الحلف الأطلسي مسخّرة كل الجهود من اجل استئصال هذه الأيديولوجية والتي عمِد الغرب على اطفائها منذ سقوط الخلافة الاسلامية على يد اتاتورك، فأصبحت بعض الجماعات لا قيمة لها من حيث التأثير على التوازن والسلم العالميَيْن كما يقولون، فإعادة دراسة كل هذه الجماعات وتصنيفها وفق المصالح والمفاسد أدى بالغرب الى اخر المطاف الى نتيجة إمكانية الحوار معها والنظر في متطلباتها بعد ان كانت ملفّاتها في دواليب وخانة القوائم الإرهابية السوداء، فالجماعات "الجهادية" الْيَوْمَ أضحت كلّها اجندات سياسية إلاّ الدولة الاسلامية فهي مشروع حرب بلا هوادة وفي مفهوم الغرب : ان لا نكون اذا استسلمنا للامر الواقع ..
خرجت حماس منذ ايّام بوثيقة تقول بأنّها تحمل فكر الحركة وموروثها السياسي، وأنّ الوثيقة لا تمس بالخطوط الحمراء والثوابت الأصيلة للحركة، ففي بنود الوثيقة فعلا يوجد بعض المطالبات كالتي في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها القدس عاصمة لفلسطين، والاعتراف بحدود 67م، والسجناء والمهجّرين وإعادتهم وتوطينهم مرة اخرى، فالمطالب سياسية بالعرف الدولي ولا جديد في الوثيقة من حيث المطالَب كما هي عند جل المنظمات الفلسطينية بالداخل والخارج، ولكن الجديد والذي لم يُنتبه له هو لماذا خروج هذه الوثيقة في هذا التوقيت بالتحديد ولِما وما الدوافع والاسباب وراء ذلك ..
فلنعد قليلا الى الوراء وكيف أُزيح خالد مشعل من قيادة حماس، فالرجل كان رئيس المكتب السياسي وصاحب التجربة السياسية والعلاقات الدولية المميزة، وكيف استُبدِل بأيديولوجي صَلت كإسماعيل هنية والذي لا تجربة له خارجياً بالرغم من وجود عدة كوادر في الحركة مميّزين بالعلاقات الدولية كموسى ابو مرزوق، فهذا الأخير درس في امريكا وتخرَّج من جامعاتها وكانت له علاقات طيبة مع الإدارات الامريكية المتعاقبة وخاصة في عهد اوباما الرئيس الامريكي الأسبق، فحركة حماس وقبل صدور هذه الوثيقة دخلت في مشاورات ومفاوضات دبلوماسية وسياسية وتفاهمات عدّة مع أطراف إقليمية ودولية وعلى رأسهم امريكا وبريطانيا، وبحسب معلومات موثوقة من هذه الخطوة كان لتوني بلير مهندس غزو العراق وتدميره، ومنسق الرباعية الدولية في حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، الجزء الأكبر في بلورة هذه الوثيقة بضمانات تركية قطرية أردنية، فقد خُيِّرت الحركة ما بين الافاق السياسية المستقبلية وزجّها في المشهد السياسي المخطط للمنطقة وهذا ما اكّده توني بلير بقوله ان لا حلّ في منطقة الشرق الأوسط إلاّ بإشراك حركة حماس في الحل النهائي، وهنا كلامه طبعا عن الصراع الفلسطيني الصهيوني، ودلالة على تهميش منظمة فتح الفلسطينية مستقبلا، وخاصة الانخراط في صفقة سياسية عبّرت عنها حماس في وثيقتها بنظرة جديدة للحركة بالنسبة للقضايا السياسية والأيديولوجية، ففي الوثيقة طلاق تام بين ما نشأت عليه الحركة من ايديولوجية اخوانية تريد من خلالها عدم تبني رؤية الاخوان المسلمين للقضية الفلسطينية، وفيها اتفاقا وتبني لما طرحته الرباعية الدولية على منظمة التحرير مِن القدس والحدود واللاجئين، فالورقة رفضتها إدارة نتن-ياهو كخريطة طريق لتسوية القضية برمّتها، وأنّ لا جديد في الرؤية السياسية الجديدة ويدخل كل ذلك في المناورات والحسابات الدقيقة لكلا الطرفين..
فاستلام هنية لمشعل المكتب السياسي من مشعل يجعلها تقفز من حركة تحررية الى حركة سياسية منزوعة البعد الجهادي كفصيل مقاوم كما تدعي لإسرائيل، فلا يُنسى ان هنية كان الوزير الاول في حكومة عباس قبل تفرّدها بغزة والانفصال من حكومة الوحدة الوطنية، فسيكون دور هنية بمثابة الرئيس الشرعي لفلسطين بعد موت منظمة التحرير الفلسطينية سريريًا، وأنّه من الآن فصاعدًا سيُزج بالحركة الى مفاوضات سياسية تتبناها امريكا من خلال الشركاء في المنطقة كتركيا وقطر، وان نبذ الحركة لأيديولوجية الاخوان المسلمين متطلب إقليمي وعلى رأس ذلك مصر والسعودية، فلذا طالبت اسرائيل منذ ايّام قليلة من مصر بضبط الحركة سياسيا للالتزام بما في الوثيقة من عهود جديدة يمكن العمل من خلالها للوصول الى حل توافقي للقضية الفلسطينية، وستكون زيارة ترامب لإسرائيل قريباً بمثابة كارت اخضر لبدء ترتيب مفاوضات شبه رسمية ما بين حركة حماس وإسرائيل، شريطة نبذ العنف والالتزام بالشرعية الدولية ومنها الاعتراف بدولة اسرائيل على أراضي 67م كخطوة اولوية وشرط أساسي وتعهداً لما يسمى حقيقة الرؤية الجديدة للحركة، فاختيار هنية بمثابة سياسة تجديدية للحركة وان كل ما سيُقرر سيكون بمثابة اجماع وطني ممّا سيُسهّل تصفية القضية الفلسطينية مستقبلا، وتوافقاً أيضاً مع رؤية الملك عبد الله بن سعود في تسوية النزاع العربي الاسرائيلي ..
فكنت قد كتبت في مقال سابق ان هدف امريكا وإسرائيل احتواء الدولة الاسلامية في ولاية سيناء، ودخول كل من اسرائيل ومصر وحماس في حلف ضدها، فالفرقاء الثلاثة لهم مصلحة مشتركة في قتال الدولة الاسلامية على كل من حدودهم، فهي تهديد بلا منازع لوجود اسرائيل كعقيدة، وتهديد حقيقي لنظام السيسي وجنده ككيان، وتهديد لأيديولوجية حماس كحركة، فالوثيقة جاءت لهذا الغرض باعتراف ثنائي إسرائيلي مصري لحماس كحركة سياسية ونبذها للعنف، وكحل على المستوى الإقليمي للصراع العربي الاسرائيلي، فكل قرارات هنية السياسية ستـُحسب على انها اجماع وطني فلسطيني ومن ثمة التوقيع باسمه لكل عمل سياسيي او عسكري مستقبلا ..
السلام عليكم ..

=========================
كتبه : نورالدين الجزائري
14
شعبان 14388هـ الموافق ل 11/05/2017







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire