Rechercher dans ce blog

vendredi 12 mai 2017

مقال بعنوان " ما وراء تسليح امريكا للأكراد في سورية " بقلم نورالدين الجزائري


ما وراء تسليح امريكا للأكراد في سورية

من يستطيع ان ينكر على امريكا الْيَوْمَ في توزيع أدوات الموت في بلداننا العربية ولأدوار اجرامية على اقليات تعبث بأمن الأكثرية، من يستطيع ان يقف ندّا لعبث امريكا المفرط في المنطقة، من يستطيع ان ينكر على امريكا ولو بشق كلمة دبلوماسية باسم المصالح المشتركة، من يستطيع ان ينتقد امريكا في المحافل الدولية وأروقة الامم المتّحدة ولو تلويحا بفيتو يجعلها تتصرف كدولة حضارية وليس كعصابة تساند عصابات انفصالية صاحبة أهداف تفتيتية لمنطقة الشرق الأوسط، ما نراه من تصرفات أمريكية الْيَوْمَ من توزيع للموت على المسالمين إنَّما يدخل في باب: أنا رَبُّكُم الأعلى، لا أريكم إلاّ ما أرى، فمن سكوتٍ على المجازر في حق الأمنين وبادواتها الجهنمية من طائرات وقنابل توجيهية من درونز او سفن حربية الى تسليح مليشيات مواليه لها، لا يهمُّها من امر النَّاس إلاّ حساباتها ومصالحها الحيوية، فهذا من خططها على مر وجودها كسمة في زرع الخراب والمآسي في ظلّ دول ودويلات تشدّ على عضدها في السير على خططها التدميرية، ولإخضاع المنطقة لسلطان القوة والمخططات التي تكرِّس الهيمنة والتبعية في نفس الوقت، ولا يكون في آخر المطاف إلاّ كلمتها العليا ..
امريكا تعرف ما تريد، امريكا لا تساوم على بقائها وتفوّقها ولو بنِسبٍ ضئيلة، قولها وفعلها محسوب ودروس ومن وراء كل ذلك جامعات ومعاهد استراتيجية، تجعل من مواجهة بيونغ-يونغ عاصمة ذلك البلد التعيس جزء من أمنها القومي، اما بالك بالشرق الأوسط وبحبوحتها المالية منذ الحرب العالمية الثانية، امريكا لا تساوم على "حريّتها" المنشودة في المحافل الدولية، امريكا اذا خطت خطوة نحو هدف ما إلاّ وأسهم الوول-ستريت ان نظرت اليها تكاد ان تُغشى من ارتفاعها، امريكا تجيد الدبلوماسية مع الخصوم من دول المحور والتبعية، امريكا لها سياسة أوروبية واُخرى آسيوية ودونهما شرق اوسطية، امريكا تعرف من تحترم ومن لا تحترم، امريكا لا تحترم إلاّ من نازلها الخنادق وذلك هو العدو الذي تخاف منه أيّما خوفاً، امريكا لا تخاف إلاّ من رائحة الدماء والاشلاء وعطور البارود ومن أربك مخططاتها وزعزع مقام جيو-سياساتها، فلغة المصالح اصبح المسلمون في وقت سوط امريكا هي المفاسد بعينها، فلا حسّ ولا وزن لأكبر بلدين اسلاميين ( تركيا والسعودية ) في المنطقة امام نزوات امريكا المطلقة ..
فالْيَوْمَ الكل اصبح يعلم من هو العدو اللّدود الأوحد والوحيد لامريكا في البلدان الاسلامية قاطبة، فقد نادت في اكثر من ستين دولة لحلف لم يُعهد على مر التاريخ ان تكون لقتال مجموعة ذو ايديولوجية استئصالية لكل ما هو هيمنة غربية على المنطقة، ناهيك عن عشرات الآلاف من الميليشيات والمرتزقة مخيّرين من طرفها لقتال هؤلاء، فامريكا امعنت في اختيارها لجيوش لا عقيدة إسلامية صرفة لها، فهي تعلم المآلات والمخارج والتحذيرات لمثل جيوش صاحبة عقيدة سُنّية واحتوائها لهم لقتال اخوة في الدين والعقيدة، وما تركيزها على الشيعة والأكراد إلاّ من هذا الباب الايديولوجي، عقيدة تختلف تمام الاختلاف عن عدوّها ليسهل التحكم والإرشاد في جموع القوم، فالتركيز على الشيعة إنَّما من باب عدم التأثير على مصالحها العليا عند وضع الحرب أوزارها، فإن أرادوا ظهر الارض فلا حرج وكان ذلك مشهودا في تسليم العراق للروافض بعد احتلاله وقتل سَيِّدِه، وأما باطن الارض فذلك من غنيمة حربها في بلاد السُنّة، فكذا تفضيلها الاكراد الترك او العرب عن جموع الجيوش النظامية في المنطقة، فبعد تكوين الحلف الاسلامي لمكافحة "الإرهاب" تبيّن وبعد تقارير استخباراتية ان من المحتمل انشقاق بعض الجنود وحتى الفيالق ويتم الالتحاق بعدو امريكا الأوحد والوحيد، وبذلك تتجنب مثل الزج بالجيوش النظامية خوفًا من المآلات والميولة المذهبية، فامريكا تجيد الحسابات على غرار دواب من يحكم المنطقة ..
فقد كَثُر الحديث في هذه الأيام عن تسليح امريكا للأكراد، وهوّلت من ذلك بعض المحطات الإقليمية والخليجية خاصة، وكأن الأمر جديد على المنطقة او سبق جيو-استراتيجي على الدول المحيطة بالصراع الإقليمي، فمنذ اندلاع الحرب على الاراضي السورية وأمريكا صاحبة الاجندات فيها، ترفع من هذا الفصيل وتَحُط من شأن تلك الجماعة، فقد سلّحت من قبل قوات سورية الديمقراطية (قسد) جماعة الموك، فلم نرى صراخ تركيا او السعودية او الاْردن من ذلك الفعل، بل كانت اجندات وأدوات لوجيستية لمآرب امريكا، فَلَمَّا غنِمت امريكا من هذا التعاون وحصدت ثمرات الخدمات المجانية بدأ العويل كالذي طُلِّق او خُلِع من دون سبب او رؤية مستقبلية، فامريكا الْيَوْمَ احتوت في حساباتها الصراع في كل من العراق وسورية، فهي في أطوارها الاخيرة زعمًا من حربها على الموصل، وبحسب تقارير استخباراتية منها وممن يحسن العويل الْيَوْمَ فإن الموصل على قاب قوسين او أدنى من السقوط في يد الحكومة العراقية العميلة، ولذلك تريد ان تتفرّد بهذا الإنجاز وان لا تشاركها اَي دولة نزوتها الانتصارية، بل سيكون الشكر على أنّها خدمت حكومات المنطقة أنّها هزمت عدوّها وعدوهم مجتمعين، وما يحصل الْيَوْمَ في سورية من تقهقر للجماعات السنّية وخسران الاراضي والمناطق لمن ثمرة مناوراتها وخيانتها لهم من باب صدّ عدو الجميع وحصره في مناطق معيّنة يمكن من خلالها الاستفراد به، وتكثيف الطلعات الجوية عليه لإضعافه، ومن ثمّة الاجهاز عليه كما تزعم حسب التصريحات والتقارير، فتسليح أكراد سورية او ما يُسمى بقوات سورية الديمقراطية لم تكن امريكا فقط من سلّحته بعد تقهقر الجماعات السنية، بل ساهمت روسيا في هذا التسليح بما انٌ أصبحت قسد من الجماعات المخلصة لدى نظام بشار وهذا بتصريح من ايّام على لسان الناطق الرسمي العسكري لحزب الله في سورية، فالامر محسوم وان الكل تكاتف وتعاضد ( امريكا وروسيا) بتعيين فصيل يكون احدي الايادي الضاربة لمستقبل الصراع في دير الزُّور والرقة ..
فما نراه الْيَوْمَ من عويل اردوغان على تسليح أكراد تركيا YPG ليس من باب زعزعة استقرار الأمن القومي التركي كما يُسوَّغ له اعلاميا وعلى افواه بعض الاستراتيجيين المأجورين، بل امريكا صاحبة مصالح عليا، وفي قاموسها الحربي تعمل على تقليل مصالح الحلفاء والسيطرة على غنائمهم، فلا تريد اشراك جيش اردوغان في عملية تحرير الرقة حتى لا يُحسب عليها دَيْن يمكن من خلالها ان تستثمره تركيا في تقسيم الكعكة، او يكون هنالك شيء من التمرد داخل المؤسسة العسكرية التركية من خلال ما ستؤول اليه المجازر في الرقة، فامريكا بتسليحها أكراد YPG إنَّما بتنصّلها من عهودها بعد ان يتم لها "التحرير"، فالاكراد لا كيان لهم سياسي مستقر، اللَّهُمَّ بعض العهود في استقلال أكراد العراق من نظام الميليشيات الإيرانية، او بعض من ذهب ان امريكا وعدت بالضغط على تركيا في عملية إطلاق سراح عبدالله اوجالان زعيم YPG مقابل تسليم كولن اللاجئ في امريكا، فلذا ليس من العجب موالاة الأكراد لامريكا واخلاصهم لها، وما أكراد تركيا او سورية إلاّ افواه بنادق بدون اجندات سياسية محدّدة، وان انقلبت امريكا وستنقلب عليهم لا محالة فيومها لا تستطيع اَي هيئة سياسية لومها او لوم ما تعهّدت به بعد حربها على الدولة الاسلامية ..
فامريكا تنتظر ساعة الصفر لدخول سورية براً عن طريق الاْردن بقوات خاصة واُخرى بريطانية واردنية وسعودية قد حسدتها على حدود هذا البلد، فالإشارة مرهونة بمدى التقدم في الموصل، وما نراه من عمليات بطولية هنالك جعلت من امريكا وحلفائها رهائن وأجندات قتالية عند الطرف الأضعف عدة وعديدا، ومن المفارقات العجيبة ان من هو المحاصر أصبح هو الذي يحاصر، فالوقت ليس في صالح امريكا ولا في سياسة حساباتها، فالنزيف طال الحلفاء، وعدوّهم طوّر من تكتيكاته القتالية ومن مناوراته الحسابية، فأضحى صاحب الاجندات القتالية والمبادرات الهجومية، فتسليح فصيل ما او التهويل من أمره إنَّما يدخل في عتل الحرب النفسية، فإن الله رب النفس وبه تهنأ وتهدأ، فالعاقبة لمن سلّم الأمور الى رب الناس والنفوس واحتسب، والعاقبة لمن أطاع وتجرّد من حوله وقوّته واتقى ..
السلام عليكم ..

===========================

كتبه نورالدين الجزائري
15
شعبان 14388هـ الموافق ل  12/05/2017




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire