Rechercher dans ce blog

mercredi 5 août 2020

مقال بعنوان " تداعيات انفجار بيروت ـ نهاية حزب الله سياسيا ـ"... بقلم المدون نورالدين الجزائري


تداعيات انفجار بيروت ..

ـ نهاية حزب الله سياسيا ـ

 

إن أردت البقاء فعليك بافتعال الأزمات، وإن كنت قويا مهابا فعليك كنس من يعترض المخططات، هكذا فلسفة الضعيف والقوي في الابقاء على مساحة المناورات، والكل تقوّى وشُدّ عضده بقريب أو بعيد ذو مصلحة، فلا يمكن أن تُفصل السّياسات وتراكمات الأحداث، فالمجتمع الدولي واحد يحكمه الأقوياء وبتفاوت موازين القوى، فانظر إلى تصنيفك وميزان قوّتك وموقعك من قتال خصومك المحدَّدين لك سلفا، فالقوي يترك للضعيف مساحة مناورات ليقنع نفسه أنه جزء من المنظومة ومستقلا بقراراته الداخلية، فمعظم قراراته ستكون وبالا عليه إن أراد القوي إصلاح البيت الداخلي وإعادة صياغة معنى القوّة وعلى مفهوم وتخطيط جديد، والشاهد من الأحداث الجارية ومن خلال العقدين الآخرين يدرك أن بعض البلاد التي سُمح لأطراف أو دول معينة أن تكون ذات وصاية عليها إنّما تركوا ذلك لتكون خدما للأقوياء ضد طرف معيّن يخافون تمرّده، ولك في العراق وسوريا واليمن دروسا في كيفية الإبقاء على المنبوذ والمغضوب عليه خارج اللعبة الدولية وعدم فرض شروطه إلا بالاستسلام ودخول بيت الطاعة مرغما كما حال اليوم البيت الشيعي والذي هو أصلا خادم للغرب من قرون، وما لبنان إلا منتوجا ونموذجا من بيت الطاعة بكل أطيافه للجارة اسرائيل وورشة عمل للاستخبارات الدولية والاقليمية ومرتعا لتصفية بعض الحسابات بين الدول الاقليمية، فدول التعاون الخليجي مع الطبقة المسيحية الحاكمة وايران وبعض الدول الاخرى مع حزب تنفيذي لما هو مخطط له أصلا، فالخاسر الأكبر هم أهل السنة في هذا البلد وذلك مقرر في اتفاقية جدّة والتي لايزال البلد يعمل بموجبها للآن.

فتراكمات النفايات السياسية في لبنان معاينة ومشاهدة وملامسة لتفشي الفساد بين السياسيين والمنفذين وكل هذا يشَجّعه الغرب لتمكين الجهات المحمية السيطرة على المكنون الشعبي والديمغرافي للبلد، ومن يملك اقتصاد البلد هو المسيّر الحقيقي له والكل يعلم من بيده اقتصاد لبنان وحجم السطوة عليه وعلى أعين أمريكا وإسرائيل والدول الخليجية، فلا خيار لهم إلا غضّ البصر عمّا يجري في هذا البلد وذلك خدمة لمن ذكرنا حتى لا يتَقوى البلد ويصبح ذات كفاءات منافسة لتجارة اسرائيل. فحزب الله ورقة غربية قبل أن تكون ايرانية ويدّ ضاربة للمجتمع الدولي لكل ما هو سنّي، فالحزب أدى دوره ولايزال في كل من سوريا والعراق وحتى أفغانستان إلى اليمن، فبعد أن برهن عمالته فكان حرِيّا على الغرب ترك له مساحة مناورات للإبقاء على غروره وسطوته على لبنان سياسيا وعسكريا، وإنهائه لم يكن في يوم من الأيام في حسابات امريكا ولا اسرائيل وكان بمقدورهما تجفيف كل ما يتعلق بالحزب حسيا ومعنويا.

والملاحظ لسياسات الحزب انه "خرج" من سوريا ليس كما كان، بل ضعيفا مهترئا ومعظم قاداته الميدانيين قُتلوا على يد الثقب الأسود وكان ذلك ضريبة لبقائه دوليا، فأمريكا تنصّلت من وعودها اتجاهه ماليا، فالأزمة الاقتصادية العالمية والخلافات الاقليمية حالت دون ذلك، بل امريكا عاقبت الحزب بعد أن أعادت صياغة الاتفاق النووي بينها وبين ايران وزادت من مشاكله المالية بعد أن سلّطت على الفرقاء قانون "قيصر" والذي ينص على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لسنين، الأمر الذي جعل البلد أسيرا في يده وما الأزمة الاقتصادية في لبنان المنكوبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا إلا من فرض العقوبات على الحزب، فكل مساعدة دولية واقليمية إلا ولابد أن تمر عليه ليجتزئ حصة الأسد منها، فترمب البارحة صرّح أن ما حلّ بلبنان كان من فعل قنبلة، فتعبيره مجاز وتلويح على أن الذي جرى بفعل مشاكل الحزب على هذا البلد وأن نتائج سطوته على لبنان كان بمثابة قنبلة فجّرها حزب الله في المجتمع اللبناني، وأن التداعيات ستكون مزلزلة للحزب في المستقبل القريب وعلى الخارطة السياسية الداخلية والاقليمية والدولية، فصفقة القرن على طاولات الحكومات المجاورة لفلسطين، وأن لا وقت للمناورات والابتزازات السياسية، وأن لابد للمجتمع الدولي إعادة هيكلة البيت اللبناني على أسس تُرضي الجارة اسرائيل وتدخل الحزب ومن ورائه بيت الطاعة وأن لا يكون إلّا ما هو مخطط له لتمرير انتخاب ترمب من جديد وبدأ قرع طبول صفقة القرن من جديد ليتم تنفيذها من دون مساومات سياسية.

 فإيران فشلت في فرض شروطها في ملفها النووي، وما بها من داء فمن سوء إدارتها للأزمات الداخلية والاقليمية وما زادها بلّة الاستنزاف الذي حلّ بها ولحزبها بلبنان على يد الثقب الأسود. فاليوم يمكن القول أن حزب الله انتهى سياسيا وستكون محاسبات أخرى تطيله على إثر مقتل الحريري، فقد اعتدنا على مناورات الحزب لإطالة عمره، فهل سينجح ومطرقة الانفجار وسندان ملف تحقيقات الحريري على رأسه؟، وهل سيحل نفسه بعد أن ارتفعت بعض الأصوات ليكون سلاحه بيد جيش لبنان والاندماج فيه نهائيا؟، أم ستكون حربا أهلية الرابح فيها الثقب الأسود؟، أم سيستطيع تصدير أزمته لاسرائيل ورميها بكم كتيوشة لربح الوقت والمناورة سياسيا؟.

 الاحداث متسارعة والبقاء للذكيّ.

والله أعلم

 

===============

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 15 ذو الحجة 1441 هـ الموافق ل 05/08/2020


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire