Rechercher dans ce blog

lundi 27 novembre 2017

مقال بعنوان " ما وراء مطالبة الاكراد بدولة مستقلّة " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما وراء مطالبة الاكراد بدولة مستقلّة ..
إان الاستثمار في معاناة ومأساة الاخرين تجارة رابحة على المدى المتوسط والبعيد، وإن من رحمِ الفشل تولد عزائم النهوض بشتى الاثمان، وانّ لدى المؤرخين المعاصرين اليوم حالتين متشابهتين في القدر والمصير وحتى في المآسي والظلم من النظرة السطحية والمسوّقة للرأي العام المحلّي والدولي، فالحالة الاولى استثمرت كل ذلك بدهاء وحنكة ونهضت على أنقاض هولوكوست ومظلومية وسامية كاذبة، والحالة الثانية أطّرت سمعتها بالتشبّث بقميص التشريد والتقتيل والتهميش داخل سياسات فارسية شيعية وعربية بعثية واخرى تركية قومية، فنتج عن كل ذلك مخاض عسير تراءت آفاقه اليوم باستعداد الاكراد الاعلان عن دولة إثنية قومية تجمع العنصر الكردي أينما كان على أرض بلاد الرشيد ..
فالأمر الواقع اليوم لم يكن بتلك السهولة المتصورة والغربلة والعواصف السياسية التي عصفت بمنطقة الشرق الاوسط من الاطاحة بصدام حسين الى التغلغل الهلال الشيعي في عدّة عواصم عربية، مرورا بالغزو الامريكي للعراق وإعادة صياغة المنطقة برؤية صهيو-صليبية، فالخطة اليوم على فصولها ومراحلها الاخيرة، فاليهود والامريكان لا يريدون في المنطقة بعد اليوم إلّا أربع قوميات تحاصر العرب بعد إضعافهم وقد تمّ لهم ذلك، فقد اكتمل أو شبه ذلك المربّع المنشود الحامي والضامن لخيرات الغرب وابنهم المدلل اسرائيل، فاليوم لم يعد صيت في المنطقة الّا لليهود والترك والفرس وقريبًا الاكراد، تلك القومية التي رُبَّت على أعين الصهاينة موعظة ونصيحة وتدريبًا واستثمارا، وحماية دولية منذ حادثة حلبشة، فالاكراد اليوم على خُطى اليهود مظلومية ودهاء في استقطاب المجتمع الدولي لصالح قضيّتهم، فقد تولى كِبار ساسة الصهاينة ذلك، وخراج هذا الاستثمار يتراء ملامحه اليوم في ما يجري داخل البيت العربي من خِلاف وتفرِقة وتشرذم يُندى له جبين كل غيّور على ما يجري للقومية العربية من اندثار وتبخّر أمام مرأى ومسمع شعوب المنطقة العربية برمّتها ..
لم يكن ليحدث كل هذا لولا غباء الساسة العرب المؤثّرين على النحو الاقليمي والدولي، وخيانة بعضهم الجدد على الساحة السياسية اليوم لدين الله ولقوميتهم وللعنصر العربي، فالمؤامرة كبيرة على الاُمّة وغير مستوعبة من العامّة، فهي تهدف إلى تحييد وتقزيم الدول المؤثرة في سياسة المنطقة وعلى راسها السعودية ومصر، فهما بمثابة الرأس والجسد للامّة، فتحالف القوميات الاخرى من يهود وترك وفرس واليوم كرد على العرب ليس من عبث، بل من مخطط قديم جديد، فكل له حسابه الخاص مع العربي والتاريخ مليء بالحوادث والشواهد، فبعد نجاحهم مرحليًا في الطعن بدين الله بشتى المصطلحات المتداولة اليوم على السنة الفاعلين في ساحة الشرق الاوسط، وتهميش دوره في الحياة السياسية بدءً بمحاربة الصادقين وسجن المصلحين وشراء ذمم المتذبذبين، وقد شاركهم في ذلك رأس وجسد الامّة وأجنحتها من ساسة العرب النافذين، افتعلوا لهم اليوم أزمة ليشغِلوا بها انفسهم حتى يكتمل المخطط المرسوم، ويتم محاصرتهم من طرف قوميّات تكنّ للعنصر العربي العداء حتى الموت، فإذا استيقظوا فستكون الفاجعة قد حلّت بدار العرب، فمن يحسن بعد ذلك النياح والعويل، فلا ندم يومها وسيؤكلون في عزّ النهار أمام مسمع ومرأى العالم، فلا مغيث يومها الّا من تفطّن للمخطط ووطّن نفسه لذلك، وهو محارب اليوم من جلّ سكّان المعمورة فكريًّا وعسكريًّا ..
ان مخطط القوم اليوم جد خطير على الامّة، فهو مساق بأجندات معلومة ومدروسة، معلنة وخفيّة، تهدف الى تحييد العرب من سياسات المنطقة وإيعازها الى الاسياد الجدد، فهي لا تعد الّا كلاب للغرب وعلى رأسهم امريكا، فهدف القوميّات المذكورة القضاء أولًا على السعودية كونها الثقل اللغوي والديني، والامر قد أوكِل الى دويلة تقود ولي أمر هذا الارث العربي الاسلامي بما يراه ولي أمر هذا الجندي الصهيوني، فقد تمكنوا من قبل من جسد العرب مصر بتنصيب يهودي على رأسها همّه خدمة اليهود والتزلّف الى الغرب، فقد ركّعوا هذا البلد العظيم الحامي للعنصر العربي كونه أكبر بلد عربي في العالم بفوضى سياسية واقتصادية وتشكيكًا في الهوية، واليوم نجحوا في استزاف السعودية والتي تعد اكبر مخزون للامّة الاسلامية والعربية روحيًا وماديًا، وجعلوا حكّامها يتقاتلون من أجل الملك ومن أكبر وأوثق ولاء للصهاينة والغرب، فالكل اليوم يبني امبراطوريته على اأقاض امّة غرسوا فيها مرض حبّ الدنيا، وأفرغوها من مضمون رسالتها، وجعلوها طالبة فتات على موائدهم، يرمون إليها بأدوار هامشية في الساحة الاقليمية، واحيانا بأدوار رئيسية في محاربة الصادقين الذين أرادوا الذود عن الحِياض وإرث الاجداد ..
فالكل اليوم ينشد قوميّته بلا استحياء بعد تشرذم وذهاب ريح العرب وملكهم، فاليهود اليوم لا يحلفون الّا بقوميّتهم على إنقاذ اورشليم، وكذا الاتراك نكاية في العرب وعقدتهم اتجاههم إرثًا، فالفرس في عصرهم الذهبي بعد تواجدهم في عقر دار العرب وحقدًا وثأرًا على من أطفىء نارهم ذات يوم، ولم يبقى الّا الاكراد الذين يريدون ان تحجّ إليهم العرب والعجم للاستثمار في بلدهم أسوة باليهود منذ عشرات السنين، فالمخطط اليوم يهدف الى إدارة بوصلة التوازن السياسي في المنطقة الى كركوك معقل العلمانية والوسطية والولاء للصهاينة وامريكا، وان تُستبدل عواصم بعواصم اخرى في ظل الضعف المستشري والنزاعات داخل البيت الواحد، فالعرب لا يمكن ان يقبلوا باليهود او الاتراك او الفرس كبديل لسياساتهم ولكن يمكن ان يقبلوا بدولة جديدة لها تاريخ مشترك مع العرب قوميًّا ودينيًّا تدير سياسة المنطقة في ظل الضعف العربي المزري اليوم، والفخ اكبر من ذلك للعرب وللقوميات الاخرى رغم اعتراض طهران وانقرة على قيام دولة كردية، فمن سمِح لايران بالاستيلاء على العراق وانتج فيها دولة فاشلة في كل المجالات، ومن قزّم دور تركيا في المنطقة وربط مصيرها بمصير قرارات الناتو والالتحاق بالنادي الاوروبي لهو قادر وبأمر واحد ان يقول لتلك الدولة الناشئة ان تكون، ولكن لكل ذلك حسابات ومراهنات ومفاجآت، ومرهون بمدى صمود الكل امام الدولة الاسلامية وما تخطط لهم من فسخٍ للعقود والمعاهدات، فالاستزاف  قائم على قدم وساق، فإنّ من يرسم مستقبل المنطقة هو الذي يملك زمام المبادرة في تخريب مخططات الاخر، وما بُني على فاسد فهو فاسد وان كثُر بناؤوه وزُخرِف، والعاقبة لمن خَلُص واوفى العهد لله وللامّة ..
السلام عليكم ..

==========================

كتبه : نورالدين الجزائري
28 ذو الحجة 1438هـ الموافق ل 19/09/2017




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire