Rechercher dans ce blog

dimanche 6 mars 2016

طغاة لم يحسنوا حتى في طغيانهم .... مقال للمدون نور الدين الجزائري


طغاة لم يحسنوا حتى في طغيانهم



قال أحدهم لصاحبه على مائدة طعام : " ما أطيب هذا الطعام لولا الزحام" ، فقال له صاحبه : "أي زحام يا هذا وإنما أنا وأنت على هذه المائدة"، فقال له : " كنت أتمنى أن أكون أنا والقدر لا غير" .
الطغيان حالة نفسية مرضية، مزيج فاحش من الشوفينية الاستبدادية، حب للملك و الجاه والفردية، رؤية الذات من ذالك التصور والعظمة اللامثالية، حب الأنا ومن بعدي الكل للهاوية.
يقول الكاتب محمد حسن علوان :" لماذا لا يغيرون الطغاة شكل طغيانهم حتى يصبح تاريخنا اكثر تنوعاً على الأقل، ربما نمنح احفادنا كتب تاريخٍ غير مملة "، صدق وربي بما قال وفي كلامه طية، في كلامه على طغاة اليوم الكثير من الحكايات المملة، في كلامه من البلاهة في حكم هؤلاء مما يجعلك تتقيأ من العلقم يشبه بعضه حتى في اللون والرداءة، طغيان من كتاب واحد، تجبر من عالم أوحد، بطش من عقل أبلد، لا يَرَوْن إلا أبيضا أو أسود، حكم ممل سطحي أعوج أعرج، فلا يكادون أن ينظروا بسياساتهم إلا ما لا يتجاوز أنوفهم، طغيانهم غير الذي كان عليه طغاة الامس، لا مقارنة حتى في الحس، وإن قارنت العالمين فعليك بقراطيس لتملأ حسنات الاولين، ومجلدات لتكتب عن سيئات الاخرين، فلنستعرض السبيلين ولنرى بوضوح المرحلتين.
إنّ فرعون رأس الطغيان وكبيرهم، حتى قال فيه رب العالمين :" إن فرعون يقدم قومه يوم القيامة " ومنها أجمع أهل العلم أن قومه كل من استن بسنته في حكم عباد الله بطغيانه، وفرعون كان يرى نفسه إله، يستعبد عباد الله، يستحي النساء والذرية، حتى يقروا له بالألوهية والربوبية، كان طاغيا في حكمه ولم يكن طاغيا في دنياه، كان طاغيا في قصوره ولم يكن طاغيا في عمرانه، ومن منّا لم ير بنيانه مشيدا الى اليوم، من منّا لم يقف على آثاره واستعظم حضارته إلى الان، ذهول من علماء الاثار، دراسات من معاهد العمران، بحوث من كليات الأنثروبولوجيا و جنّات إنسان ذلك الزمان، في عهده عمران، تجارة وبنيان، زراعة وعلوم متنوعة بميزان، فلم يكن هنالك في دولته وحكمه تقصيرا ولا أدنى خسران.
فإن البلاهة في طغاة اليوم أعيت من يداويها، حكم قائم على الوراثة، ومنه من انقلب على نفسه وجاء بدبابة، صراع ما بين العسكر والخصوم ولا نهاية، ولا تنسى داخل العائلة الواحدة بلا هوادة، فلا يكاد يرى الا ما رُئِــيَ لهم ممن نصبوهم حكاما، فلا عمران أقاموا، وإنما ببغاوات في البناء وما سادوا، لا سياسة او تخطيط لحضارة درسوا، مفعول بهم غربيا وما استفاقوا، حكمهم بالحديد والنار والسجون لمن خالفوا، لا أمن ولا أمان إلا إذا بالغرب استعانوا، قوم تُبّع لطغيان وما فهموا، فهل تجعل من الحمار فرس سباق أو زينة أيها العاقل ..؟!
فيا أحبة تعالوا نفتح وزارة التجارة والاستثمار لقارون اللعين، جمع من الأموال والخيرات حتى قال فيه ربنا قرآن " إنَّما أوتيته على علم عندي "، وبمعنى على خبر عندي، فقارون جمع من المال بعلم وحكمة، تجارة ومقايضة، حتى كادت كنوزه لا تعد ولا تحصى، ومن الميزان ما تثقل العصبة، ولم نسمع انه نهب وسرق، أو تعدى وشرب، أو اختلس وهرب.
فأتباع قارون اليوم إنما أموالهم من نهب للناس، من خزائن بيت مال المسلمين ومن المكس، رشاوي سموها حلاوي، صفقات مشبوهة شيطانية ملعونة، اختلاسات بالبلايين المكشوفة، وكل هذا من رعاع القوم وأحقر البرية، تاريخهم رعاة حفاة ولمّا تمكنوا من المناصب فكان خبث السريرة، فشتان من جمع ماله بعلم ودراية ومن جمع حطام جَهَنَّم بجهل العاقبة وسوء الخاتمة.
فلنطرق باب السياسة والنصيحة، هامان واقترانه بفرعون الطاغية، كان مستشارا داهية، حتى سار فيه قرآنا يُتْلَى الى يوم القيامة، فكان درع فرعون وقوله في المشورة، وما قراراته إلا نموذجا في كيفية تسيير الرعية، سياسة بالحديد والنار ولكن لم تكن للنزلف أو كيد المكائد لفرعون الطاغية، وكان من المستشارين ومن حاشيته المقربة، ولم يكن من بني اسرائيل او من قوم غير حاشية فرعون الطاغية ..
فيا مصيبة المستشارين السياسيين في أيامنا هذه الخالية، مشورتهم بلسان أعجمي مليء بالمكائد للأمة، نصحهم للطغاة إلا في إبادة الرعية، لا سياسة داخلية ولا دولية، لا اقتصادية ولا اجتماعية، همُّهم الحفاظ على الملكية الطاغوتية، أداة وراء الكواليس لأعداء الدين والملّة.
فإن الحكم وإن كان فيه ظلماً على الرعية فلن يفلح ولو قَرّبْنا القرابين وتجميل الصور للطاغية، فإن الله ينصر الدول الطاغية الكافرة إن حكمت بالعدل، ولا ينصر الدول الطاغية المسلمة إن حكمت بالباطل، فالعدل راْس الحضارات، والباطل داء الزوال والانحدارات، فإن طغاة الامس كانوا أصحاب قرار ودهاء في البقاء، وطغاة اليوم من الحمق ما يقتل كل حي بلا استحياء، فالذكي ينصت للحكمة ويبدع، والأحمق صم بكم لا يسمع، فحق القول على الطغاة الاولين اإن يُذكروا، وحق على طغاة اليوم إن يذموا ويُلعنوا، فشتان من كان في طغيانه فسيفساء ومن كان في طغيانه علقما ولا كبرياء .

الســـلام عليكـــــــم ..

======================
كتبه : نورالدين الجزائري

26جمادي الاولى 1437هـ الموافق ل 06/03/2016 






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire