Rechercher dans ce blog

jeudi 3 juin 2021

مقال بعنوان " أمريكا بين الانسحاب من افغانستان وملف ايران النووي " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

أمريكا بين الانسحاب من أفغانستان وملف ايران النووي

 

 شهِد العالم الإسلامي أحداثا عظاما من 2001 م إلى اليوم، جعلت من الغرب وعلى رأسه أمريكا يكشف عن نواياه الحقيقية اتجاه المسلمين وعقيدتهم وثرواتهم، بدأتها أمريكا بغزو أفغانستان إلى الإطاحة بنظام البعث في العراق وانتهاء بحربها على فئة من المسلمين فهِمت خيوط اللعبة من بدايتها إلى الآن، دمّرت وقتّلت وشرّدت وبدّلت الجامد إلى ليّن والمتحجّر إلى جارٍ عبر تحالفات معهودة وأخرى متناقضة، استطاعت من خلال كل هذه الايديولوجية أن تتحكّم بخيوط اللعبة في الشرق الأوسط من سياسة واقتصاد وثقافة وتغيير ديمغرافي جعلها المرجع لدويلات المنطقة حركة وسكونا لكل سياسة أو استراتيجية على أن خراج اللعبة يرجع بالفائدة لساكن البيت الأبيض، ومن منا لم يعاين ذلك من بوش الإبن إلى ترمب مرورا بأوباما، فقد أطاحت أمريكا بحكم طالبان نهائيا، طالبان الملا عمر وخلّفت على إثر ذلك طالبان اليوم والتى جعلتها تؤمن بما تؤمن به أمريكا من مراجعة فكرية وايديولوجية لكل مرحلة.

فطالبان الأمس ليست بطالبان اليوم والبون واسع وشاسع عقائديا وسياسة، وطالبان الأمس استطاعت أن تحكم كل افغانستان في سنين عديدة من خلال قضائها على أمراء الحرب الفاسدين، بخلاف طالبان اليوم والتي جعلتها أمريكا تؤمن بالديمقراطية والتداول على السلطة سلميا من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين في قطر ومن قبل ذلك في باكستان، وجعلت امريكا من طالبان تؤمن بالحدود ومفهوم الوطن والوطنية، ولقّنتها دروسا في الديبلوماسية بحيث صرّحت طالبان أكثر من مرة نيّتها الحسنة اتّجاه عدوها بالأمس روسيا ولدول الجوار، إلى أن دخلت في مفاوضات مع الحكومة المركزية بقيادة أمريكا، وكل ذلك تمهيدا لانسحابها من البلد بعد أن حقّقت الهدف المرجو والاستراتيجية من غزوها لإمارة الملا عمر.

فأمريكا اليوم ستنسحب من أفغانستان بلا شك صورة ومظهرا وإعلامًا ولكن فرّخت جندا داخل طالبان ناهيك عن العملاء في الجيش الافغاني إلى صحوات الأقليات من الهزارة والطاجيك والبلوش والمستعدين لحماية المكاسب السياسية من خلال حرب امريكا على أفغانستان، وأمريكا تدرك اليوم هشاشة المشهد السياسي والعسكري القائم في البلد بعد الانسحاب، فلذلك طلبت من باكستان بحكمها زعيمة الباشتون وإيران زعيمة الهزارة بسد الفراغ الأمني وتأمين الانسحاب بشكل سلس ومن دون فوضى وبخلاف انسحاب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان بعد الغزو، فمخاوف أمريكا كبيرة والرهان على طالبان وباكستان وإيران في حفظ الأمن من الإرهاب الدولي والعابر القارات المتمثل بالثقب الأسود مسألة سمعة وتعهّدات ومن خلال حزمة اغراءات سياسية ومالية واقتصادية.

فأمريكا ما ضمنت خراج الإنسحاب إلّا بعدما أخذت تعهدات من طرف عدة بلدان ستستمر في نهجها بمحاربة العدو المشترك لهم جميعا، لكن بعض جنرالات أمريكا ومن أبرزهم بيترايوس غير راضين من هذا الانسحاب وغير مقتنعين بقدرة طالبان للتصدي للثقب الأسود، وفي تقرير استخباراتي جدّي يظهر مدى تعاظم قوة الدولة ومخاوف مؤكدة من انشقاقات داخل صفوف طالبان لمواصلة القتال بعد الانسحاب وعدم الرضا بالعملية السياسية المبرمة وانزلاق الحركة في السياسات الإقليمية والدولية المنافية لعقيدة بعض من بقي على نهج طالبان الملا عمر، فأمريكا فكّكت تقريبا عقيدة طالبان ايديولوجيا وجعلت الحركة تستشير باكستان أمنيا وإيران سياسيا ما جعل أمريكا تستبشر خيرا لدور إيران في استمالة حركات التمرد لصالح البيت الأبيض، فأمريكا لها دين على إيران إبان غزوها لأفغانستان والكل يتذكر مقولة محمد الأبطحي مستشار خاتمي أن لولا إيران ما استطاعت أمريكا غزو افغانستان والعراق .

وهنا لابد أن نفتح مسألة حتى تُضبط وتُفهم الأمور سياسيًا وما يراه البعض تناقضا بين دول معيّنة في السلم والحرب، فلا يجب الخلط بين المصالح السياسية والخطوط الحمراء الاستراتيجية في سياسة الدولية بزعامة الدول القوية كأمريكا والصين اليوم، فالمناورات السياسية الخارجية المسموح بها هي التي لا تتعارض مع المصالح المشتركة للشرطي والمتمرّد، ولا يُسمح بالمناورات الاستراتيجية التي تخدم الأخير فقط كالذي تريد أن تريه إيران لشعوب المنطقة، فذلك مس للأمن القومي لبعض الدول البوليسية ومنها تعطيل المصالح الضيقة للمتمرّد والمساومة على شريان تنفّسه من خلال أوامر معينة.

ومن هنا لابد أن تُعلم الحقائق الخفية للبعض أن وجود ايران من مصلحة أمريكا، ولولا أمريكا ما وُجِدت إيران وذلك للدور الذي تلعبه هذه الأخيرة في ترسيخ سياسات ايران في المنطقة العربية، فوجود أمريكا بوجود ملف ايران النووي، والمساومة على الملف يقابله امتيازات وتمدد في المنطقة العربية .

فالمفاوضات الأمريكية الايرانية اليوم بالنمسا والمؤشرات الايجابية لكل الأطراف ما هو إلا غطاء لعدة ملفات داخل الملف النووي خاصة المساهمة في حفظ الأمن بأفغانستان من خلال الانخراط في احتواء طالبان سياسيا ومعاونتها في حربها على الارهاب من خلال الهزارة يقابله انفراجا بالملف النووي.

و السلام عليكم

=============

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 06 رمضان 1442 هـ الموافق ل 19/04/2021

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire