Rechercher dans ce blog

samedi 26 mai 2018

مقال بعنوان " تنظيم القاعدة و السقوط في الارجاء " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



تنظيم القاعدة والسقوط في الإرجاء ..

كان ابن المعتز يقول إنّ البيان (الكلام) هو ترجمان القلوب، وصقيل العقول، وهذا غير حال كثير من أدعياء الجهاد والسلفية اليوم، فكم من منظّر وشيخ و داعية ومن وافق كلامهم من الأتباع انتهج الثرثرة لتبرير الثمار غير المرجوة، وكم منهم من ظنّ أنّه يحسن عملًا وصنعًا ونتاجه كان في المحصّلة خردة من قصدير مثقوب، فمن لا يعرف عيبه فهو أحمق كما قال إياس بن معاوية، وعيبهم الكبير الذي لم يقفوا عنده مخاطبين أنفسهم بكل صراحة هو كثرة الكلام والثرثرة والتعريص والتشغيب على الدعوة والتكيّف مع أساليبها، فلكل نازلة رجالها ولكل زمن ذكوره، وما أكثر النوازل التي حلّت بالأمّة وعلى توحيدها، وما ندرة وقلّة مَنْ فهِم فقهها والتعامل معها مرحليا، والذي أعمته النظرة الشخصية وحبّ الانتصار للمذهب والحزب والجماعة دون مراعاة مآلات المرحلة فلا يمكن أن يتمخض من عقول وتجارب هؤلاء إلّا خسران كل القضايا وإن انتصر في بعض منها، فالنهايات بالمقاصد، والثِمار بما غُرِس، وحظوظ الأنفس في الأخير من تنتصر على التنظير وقِصَر النظر في النوازل وتبعاتها ..
صدّعوا رؤوسنا بملّة ابراهيم وأزبدوا في توضيحها نظريّا، وأنّ سلامة المنهج غير منهج السلامة، وشنّعوا على المرجئة وأفراخ الطواغيت وسفّهوا مجالسهم ودعاتهم، وليكن ذلك من باب محاولة إرجاع البعض منهم إلى الحق وهذا جِهاد الخواص كما تبيّن عند سلف الأمّة، وأنّ الحق مطلب دوران المسلمين حوله، وأنّ السنة واعتقاد سلف الأمة الميزان الذي يقاس عليه كل عمل صغير كان ام كبير، وأن ما كان دينا بالأمس فهو دين اليوم وغدا، ولكن احتكار الحق وتسفيه من يريده ويطلبه بثرثرة وكلام على غير جادة العلم فهذا ممّا حذّر منه الافذاذ والجهابذة وأنّه باب قاعه السقوط إلى ما لا تُحمد عقباه، ولقد تبيّن أنّ كلامهم مقيت ليس إلّا زفرات شخصية ومذهبية وحزبية، دوافعه الشهرة وصدارة التنظير وأُبّهة الرجوع إليهم في النوازل، فالتنطّع في الاحتكار جعل من القوم ما هم عليه اليوم من تخبّط في التوجّه والتوجيه، وتيه في المآلات، وصدمة في النتائج، وقد ظنّوا أنّ ملّة إبراهيم ما هي إلّا دراسة التوحيد ومعرفة أقسامه وأنواعه الثلاثة، أو شرح الأصول الثلاثة فحسب، فلو أنّ ملّة ابراهيم كانت هكذا كما رأوها وفسّروها لما أُلقي ابراهيم -عليه ااسلام- في النار، فقولهم ومن خلال ثرثرتهم غير عملهم ومعتقدهم، فسبحان من أنكر عليهم التنظير من دون عمل كما أنكروا هم على المرجئة قولهم بدون عمل، فما أكثر الإرجاء اليوم من تزيين عمل الطاغوت إلى التثبيط باسم الجهاد، وما أقبح مرجئة الجهاد إذ لا يرون العمل إلّا بمنظورهم وبتوصياتهم باسم فقه المرحلة والمصلحة، ومن ظنّ أنّه يمكن المراوغة في ظل هذه الحملة الصليبية العالمية اليوم على ديار الإسلام فقد أساء الظن بالسنن وبفقه الجهاد الذي تكيّف معه أهل الثغور، والذي لا يرى نفسه إلا وصية على جهاد المخلصين اليوم من أبناء الأمّة وأنه مرجعهم فحاله كحال عمائم الرافضة كالسيستاني وأشباهه، فأمّا علماء ودهاة ومنظّري جهاد الأمّة لا يمكن إلّا أن يكونوا في مقدّمة الصفوف وعلى رأس الطليعة لمقارعة الصليبيين واليهود والشيعة، فحملتهم جمعاء شنيعة، لا تفرّق بين عالم ومنظّر وداعية أو مسلم بسيط أو حتى رضيعة، فكيف اليوم بهؤلاء وقد أضرّوا وأفسدوا أكثر ممّا وجّهوا وأرشدوا، وقد نادوا بمذهبهم وحزبهم وشنّعوا على من خالف توجّههم ونظرتهم، واختلقوا المصطلحات ليُنَفِّروا ويشقّوا، فالأمّة اليوم في تشرذم لم تشهده حتى في عصر المغول أو الترك، ومن لم يتعلّم من أخطائه فلا شكّ أن ينظر إلى مخالفه على أنه العورة ويؤتى الإسلام من قبله ..
قرأت لأحدهم من أيام قليلة على أن تعامل فرعه مع عساكر الأتراك في المناطق "المحررة" أو بالأصح التي أُعطيت لفصائل الدنيا وطلّابها جائز من باب المصلحة، وأن فرعه حتى و إن توقّف عن مهاجمة عسكر الأسد فذلك بتوصية تركية، فيا عجبًا من ثرثرتهم بالأمس وتكفيرهم لولي أمر الأتراك عينا وأن كفره كفر فرعون وأن جنده منه ومن جنس عمله، فما أضرّ بالمسلمين وخاصة المستضعفين منهم إلّا مثل هذا التخبّط في فقه النوازال، ولكن لا ضير فالرجل لا يريد أن يندثر تنظيمه بعد أن باع قضيّته من شجّعوه على نكث البيعة وكانوا له سندًا عند فعلته، وحينها تشابهت حظوظهم في التمسّك بشعرة معاوية وعدم إخراجهم من الساحة الجهادية، ويعلم الله أنّهم يعوا إلى ذلك بأيديهم وسواعدهم انتصارا لمشروعهم الوطني، فصبيّهم فضحهم عند الانشقاق ونادى بالوطنية في الآفاق وشجّعوه كما شجّعوا طالبان بأن ترتمي عند الروافض وبالأحضان، فالقوم لا عقيدة لهم إلّا ما قرّروه كتنظير، ولا منهجية في التبرير إلّا ما رأوه مصلحة وتقديرا، فتخبّطهم جليّا للعيان وأما أفراخهم فخظّت بكل ما اقترفوه من فرية وزادوا على التجني بمثير من البهتان، فاليوم مناصريهم وأتباعهم يتباكون على الحاضنة التي ارتكزوا عليها وقد استبدلتهم عند جند الأتراك في الشمال السوري بقليل من مساعدات وليرات معدودات، فمنشوراتهم ومقالاتهم تندّد وتبكي حبرًا اليوم وتتحدث عن خطط مارشال تركية في المناطق المحررة لكسب قلوب وإغواء الفصائل بترك القتال ومن كانوا بالأمس مشروعهم لدويلة داخل دولة دون القضاء على الورم وانتظار البلسم من الشرعية الدولية، فهل هذه هي الملّة الابراهيمية ..!
والعجيب أن هؤلاء تساووا مع المرجئة في إرهاب الخصوم، فلا فرق بينهم في التشنيع ووصف المخالف لطريقتهم بالخوارج والغلاة، فإن لم تكن معي فأنت هدفي لإسقاطك بشتى الطرق والوسائل، وهذا من الجهل الغليظ بما كان وعدم التحاكم إلى صريح الوحيين والانتصار للطائفة بزعمها الأسبقية والخبرة الميدانية، وتاريخ القوم حافل بكثير من التنظير وبقليل من العمل و نصرة للمستضعفين ، فلا مزايدة و لو عُدَّ للقوم الكوارث التي جُنِيَت من أعمالهم و تنظيرهم بعد استشهاد أسامة
ـ تقبّله الله- لدسّوا رؤوسهم في وحل الانتكاسات والويلات، ولكن الحليم من يستحضر تاريخا يراجعه أمام المحن ليستخلص العبر ويتّفق مع من وافقه العمل وتقدّم وإن هو تأخّر، فالغاية إرجاع الأمّة إلى رشدها وجهادها حتى تستفيق من سباتها ولا تنتكسها نزاعات تضعِّف من قدرات الأمة بتحمّلها، أو إيجاد الوقت للإنصات إليها والأخذ والرد فيها، فالأعداء اليوم استغلوا هذا التنظير والتشرذم في ساحات الوغى وعمِلوا على تقوية هذا مقابل محاربة وإضعاف الآخر، فباسم الاعتدال والوسطية في القتال فقد تأسست مرجئة الجهاد، وإن كان قد تقرر أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة اعتقادا وقولا وعملا، فكذلك الكفر عندهم يكون بالاعتقاد أو القول أو العمل والشرك والشك والترك، فتقبيح دين الطاغوت بالأمس للمصلحة وتزيّنه اليوم للمصلحة ذاتها فإن هذا التنظير لا شكّ أنه صنم يُعبد من دون الله والعياذ بالله، فالثبات على دين الله جوهره الصدق وليس السبق، فكم من منتكس رأيناه في النّوازل وقد حملناه على رؤوسنا سنينا، وكم من مبتدئ عايناه أياما وقد ثبت إلى آخر رمق، فهذا دين الله ونوره ويؤتي الله دينه ونوره من يشاء ..
السلام عليكم

=====================
كتبه: نورالدين الجزائري
10 رمضان 1439هـ الموافق ل 26/05/ 2018





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire