Rechercher dans ce blog

jeudi 17 mai 2018

مقال بعنوان " أمريكا وإيران ونقض العهود " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



أمريكا وإيران ونقض العهود ..


أمريكا ومنذ نشأتها عمِدت على أن من يحكمها إنّما يحكم سياسة الصراعات الموجودة في العالم، إمّا عبر ما تدفع إليه كصراعات لإملاء السياسات، وإمّا خراج ما تؤول إليه بعض الصراعات لإبقاء التوصيات، فمبدأها العصا مع حروبها المباشرة والجزرة مع غير ذلك، فهي دولة ومنذ نشأتها يتعاقب عليها رؤساء تحكمهم سياسات معيّنة، متّبعة ومدروسة، تمليها لوبيات تارة مالية وتارة عسكرية حسب ما يكون عليه المجتمع الدولي من سياسة عالمية تمليها رغبات اللوبيات ..
العالم اليوم تحكمه الطاقة من خلال دول منتجة وأخرى مستهلكة، ومن يُجِيد المضاربة في الطاقة فقد يحتكر الانتاح والتسويق وأرقام الشريان المعمول بها دوليا، فأمريكا ربطت كل رؤوس أموال العالم ومنذ الحرب العالمية الثانية بعملتها الوطنية، فجعلت اقتصاد كل الدول مرهون بالفيدرالي الأمريكي ومن ثمّة مراقبة التداولات المالية المباشرة أو عبر التسويق والمضاربة، فأمريكا تعلمت درس نيران الطاقة التي اكتوت به وحلفائها في السبعينات من القرن الماضي، فعمِدت على التلاعب به واحتكاره حتى أصبح لديها أكبر مخزون طاقة في العالم، وهي تتصدر اليوم العالم من حيث الطاقة البديلة من الغاز الصخري إلى الروّحات أو التوربينات الهوائية مرورا بالألواح الشمسية المولّدة للطاقة، فبسياساتها هذه تريد الحدّ من هيمنة أوبك على السوق العالمية وإحكام خاصة قبضتها على كبار منتجي الطاقة في العالم من بترول وغاز، وكان من سرّ نجاحها في التحكم بالطاقة الهيمنة عليها مباشرة عبر الحروب كما شاهدناه في حرب الخليج الأولى والثانية، أو عبر وكلاء يأتمرون بسياساتها بمبدأ الحفاظ على المكتسبات إلى أن ظهرت الدولة الإسلامية واستيلائها على أكبر رقعة جيوسياسية عالمية من انتاج وممار للطاقة، فكان لها غير الذي رسمت وكان عليها إعادة غربلة مطامعها، وتقديم الأوّل فالثاني لإبقاء نفوذها على المنطقة، وما تفاوضها مع إيران في الملف النووي إلّا حربا بالوكالة على الدولة الإسلامية، وإنشاء تحالفا دوليا يقصي أصحاب الثروة الحقيقيين (أهل السنّة) وإبعادهم من التحكّم في جزء يسير من مخ وأعصاب الإقتصاد العالمي ولو لصالح فئة المعيّنة من النّاس ..
وما أشبه اليوم بالبارحة في إعادة سياسات الدول ورجالاتها على منطقة الخليج ، ففي عهد جورج بوش كان ديك شيني من أشدّ أعداء إيران وكان ممّن أرادوا الإطاحة بملالي طهران بعد صدام إلّا أنّ بوش وخمينائي اتّفقا على أن لأمريكا النفط بدون حسيب ولا رقيب وأن لإيران إدارة العراق بعد الفوضى التي تسببت بها في حلّ كل مؤسسات الدولة العراقية بعد الغزو مباشرة لبغداد، فمن المحنة تأتي المنحة وكان لأمريكا من خلال هذا الاتفاق التنصل من العبء الأخلاقي إزاء جرائمها وتسليم العراق لإيران لإملاء الفراغ السياسي، وما كان من إدارة بوش إلّا الرضى على إيران مرحليا مقابل تعاونها السياسي والاقتصادي الكامل، وهذا الذي ثمّنَه باراك أوباما بإبرام اتفاقات سياسية معها من خلال إطلاق يدها في كل من سوريا واليمن والمزيد من الهيمنة على العراق ولبنان، فإيران وافقت على رزمة من شروط امريكا بعد ذلك بمقاتلة الدولة الاسلامية بالوكالة عبر ميليشياتها مقابل إعادتها للمشهد السياسي من خلال رفع الحظر المالي على نشاطها الإقتصادي والسماح للمجتمع الدولي بالتعامل معها في شتى المجالات الحيوية والتي كانت إيران بحاجة إليها، الشيء الذي ترك دول اوروبا تتهافت عليها وتتعاقد معها وإغرائها بعد أن كانوا من الموافقين على شروط الإتفاق النووي الموقّع بين الأطراف الأوروبية وروسيا والصين وأمريكا، إلى أن جاء دونالد ترمب ومرحلة أخرى من سياسات امريكا على المنطقة أملتها ظروف معروفة في تراجع نفوذ الدولة الاسلامية على أراضيها، وكان لابد أن تعاد صياغة كل الإتفاقيات والتفاهمات الدولية من الشراكة الإقتصادية مع الصين والخلاف حول الملكية الفكرية إلى الاتفاق النووي الإيراني مرورا بتجميد صادرات الصلب الأوروبي وفرض رسوم جمركية تعجيزية على الحلفاء، وهكذا أمريكا ومن عادتها نقض الاتفاقيات والعهود وإعادة حساباتها حسب ما يخدم مصالحها القومية وسياسة وهيمنتها على الدول وخيراتها، فترامب بتعيينه لتلرسون في بداية عامه الأول لحكم أمريكا يندرج في إعادة قراءة المشهد الإقتصادي العالم بحسب خبرة وزير خارجيته كرئيس لتكسون موبيل الشركة المتخصصة في تحويل الطاقات، ومن ثمّة دخول مرحلة ثانية أكثر عنف سياسي من حيث المجيء بكلون (استنساخ) لديك تشيني وهو جون بولتون والمحرّض على إعادة العقوبات السياسية والاقتصادية على إيران، وأيضا دخول بومبيو رئيس أقوى جهاز مخابرات في العالم كوزير خارجية لترامب معلنا على نهاية حقبة وفتح حقبة ثانية أكبر هيمنة وأصبعًا على الزناد لأي مواجهة محتملة مع كل من إيران وداعميها من الصين وروسيا ..
فأمريكا فكّكت برنامج إيران النووي عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن خلال الإتفاق المبرم مع ما يسمى بدول 5+1، فقد كشفت إيران وفي جزئه الكبير عن برنامجها النووي الذي طالما كان من الأسرار الكبرى لها، وقدمت مواقعها لتخصيب اليورانيوم على طبق من ذهب للوكالة الذرية وأسماء المفاعلات المهمّة، وبدّلت بعض من برنامجها بإدخال بعض التعديلات على أهم المفاعلات لتخصيب الماء الثقيل والذي من خلالها يمكن تصنيع البلوتونيوم الذي يدخل في التصنيع العسكري ومنه القنبلة النووية، فالصين هي من أدخلت التعديلات على مثل هذه المواقع، وكانت الضامن الأكبر والراعية للبنود لإعادة إيران لحضن المجتمع الدولي ورفع الحضر عنها، فمجيء ترامب وقبل أن يتطرّق للملف الايراني فقد افتعل أزمة اقتصادية مع الصين لإلزامها بالدخول في شراكة اقتصادية واسعة من خلال الدفاع عن المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية في مجال المنافسة والابتكار، وعمد كذلك على حل أزمة كوريا الشمالية بالطرق الديبلوماسية مراعاة للتحالفات القائمة في عمق آسيا، فالتقارب الامريكي الكوري الشمالي عزّز ثقة بكين بواشنطن ومن ثمّة حُلّت المشاكل الدولة العالقة بين الصين وأمريكا، وبموجب الملف النووي الايراني فقد حصلت الصين على استيراد المزيد من النفط والغاز الإيراني الرخيص
بموجب الاتفاق، تتضمن المرحلة الشيء الذي تعهدت به أمريكا والسعودية لها بضخ كميات هائلة من الطاقة وبأسعار كالتي حصلت عليها بموجب الاتفاق النووي الإيراني ..
إنّ من أفشل برنامج الإيران النووي هو محمد بن سلمان بفتح خزائن بلده لأمريكا من خلال ضخّ مئات الملايير من الدولارات في الفديرالي الأمريكي، وحصار قطر يدخل في هذا الباب من الناحية التكتيكية والمساومة على مستقبلها، فإيران تحتل المرتبة الأولى في المنطقة والعالم من خلال الطاقة ( بترول + عاز )، فمكانتها الاقتصادية ثقيلة عالميا من حيث الطاقة، فالسعودية تعهّدت بضخ ما ينقص من بترول الايراني في الأسواق العالمية، وكذا قطر سيضظرّها ترامب لقبول صفقة مع السعودية من خلال تعويض المجتمع الدولي بالغاز وفكّ ارتباطها بإيران، وما "خروج" أمريكا من سورية وتركها لروسيا يندرج ضمن المفاهمات على عدم التدخّل في الملف النووي الإيراني، فالصفقات والتفاهمات غير المعلنة جعلت أمريكا تنقّض على ايران بعد أن حاربت الدولة الإسلامية بالوكالة، فمن ظلم إلا وسلّط الله عليه من يرد عليه ظلمه، وإيران حصدت ما جنت من ثقة ومكر ساذج من خلال رؤية اكبر من حجمها في المنطقة ..
إن أمريكا وإسرائيل والسعودية في حلف قوي في المنطقة من خلال تقويض نشاطات ايران بعد أن فككوا برنامجها النووي، ولم يبق لإيران إلا اللعب على ورقتها القديمة من خلال زعزعة أمن الدول عبر ميليشيات موالية لها، فستصعّد إيران في الأيام المقبلة من نشاطها في السعودية عبر أزلامها ومحاولة زعزعة استقرار آل سعود في موسم الحج كأقصى حد، وكل المراقبين يرون أن إيران تريد حربا مع السعودية لإغلاق مضيق هرمز ومن ثمة شل الملاحة النفطية العالمية، وستكون ورقتها الأخيرة في مساومة المجتمع الدولي مرة أخرى واسترجاع استحقاقاتها الدبلوماسية، فأمريكا لا تريد سعودية ضعيفة من خلال حرب ستكون بالوكالة الأمر الذي تجيده ايران، فالأمور إن أفلتت سيحول خراجها للدولة الاسلامية لا محالة، فالأيام القادمة حبلى بكثير من المفاجئات إما بعزل إيران أكثر وهذا الذي سعى إليه ابن سلمان أخيرا وزيارته لبعض بلدان اوروبا والتي استثمرت عشرات المليارات من الدولار في إيران بتعويضهم وزيادة، أو عبر إبقاء على بنود الاتفاق النووي والدخول في مواجهة اقتصادية وسياسية مع أمريكا الشيء الذي سيعود بالويلات على الاتحاد الأوروبي بسبب الديون والأزمات الاقتصادية، فالمجتمع الدولي في قبضة أمريكا ولا رؤية أفقية إلّا بإلغاء الاتفاق النووي والمطالبة بالتعويض، فكل هذا حتما سينعكس على الداخل العربي، والمنطقة اليوم على كف عفريت أكثر مما مضى، فالانفلات على الأبواب هو لسان حال المراقبين، فحتما المواجهة ستكون دامية والنتائج غير محسومة وغير متوقعة الأثار، والخراج سيكون لصالح من له الحكمة والحنكة في إدارة الصراعات ومن له النفس الطويل في التعامل معها ..
السلام عليكم
=====================
كتبه: نورالدين الجزائري
23
شعبان 1438ه‍ـ.الموافق ل 09/ 05/ 018


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire