Rechercher dans ce blog

lundi 21 mai 2018

مقال بعنوان " إنكم اذا مثلهم " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



إنّكم إذًا مثلهم ..

اليوم وأكثر من ذي قبل، آيات قرآنية لا تُقرا فحسب، بل تتجسد واقعا في ديار المسلمين، ملامسة ذلك الكلام الربّاني والذي لا ريب فيه أصبحت معايشته حقيقة في هذه الأزمنة الأخيرة، أشكال وأنواع من الحروب على أمّة الإسلام حتى يستسلم أبناؤها قبل أعدائها، يريدون قلب معادلة الخيرية التي خُصّصت لها إلى كل ما هو شرّ يخرج منها، والمصطلحات جاهزة لكل نازلة وواقعة، جنود بشتى التخصّصات غُرِست في الدّيار، إنّهم منّا ونحن منهم هُويّة ونسبًا، المهمّة الموكلة الصدّ عن سبيل المؤمنين والفهم على الطريقة الأولى، السِّهام من كل حدب وصوب على ما تبقى من السّلامة في جسد الأمّة بعد أن أبقت فهمًا وشيئا من المناورة لِمَا خلّفه التغريب على الأمصار، جرح ونزيف مستمرّ من عشرات السنين والأمّة لا مدافع لها إلّا فئة مؤمنة كإيمان أهل الكهف وصمود أصحاب الأخدود، حربا بلا هوادة على ما يعتقدون وما يحملون من أمانة ، فعقِلوا المخاطر وتهيّأوا للمراحل، نصبوا صوب أعيُّنِهم تحذيرا ربّانيا :" إنَّهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملَّتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً "، فالمعركة اليوم معقّدة وحسّاسة ودقيقة، وقليل من فهِم اللعبة وكيف أصابت الأنفس بعد أن خُرِّبت الأوطان، بمراحل واستراتيجية من حروب آخرة ..
فالمظاهرة على الغير إنّما هدفها عسكري احتلالي، ينشأ من خلالها العدو تبعية سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية حتى يسهل غرس مفهوم التبعية، ومن أساليب الأعداء العمل في أوّل الأمر على دراسة هُوية المقصود إليه، فلم يشهد تاريخ الصراعات والحروب والغزوات منذ صدر الإسلام إلى حملات الإنجليز والفرنجة على المسلمين واليوم الأمريكان مرورًا بالحروب الصليبية أمّة أعيتهم واستنزفتهم عسكريا مثل أمّة الإسلام، وذلك للهُوية الفريدة والنّوعية أو مجموعة العقائد والمبادئ والخصائص التي رُسِّخت في المسلمين والتي جعلت منهم أمّة مغايرة للأمم الأخرى، فالهدف من الحروب أو مصطلح اليوم والمسمى بالاستعمار هو ذوبان الضعيف في صلب القوي ونزع الهُوية منه وما يدين به وما يعتقد حتى يصبح كأن لا أثر له بعد عين، فلو أن كل الحروب التي مرّت على المسلمين مرّت بها أجناس أخرى لاحتاج الأمر إلى غزوات قليلة حتى تكتمل عملية الانصهار الكلّي، ولأصبحت تلك الأمم من خبر كان والشواهد على ذلك كثيرة، إلّا أمة الاسلام أضحت صامدة في وجه الأعداء ممتنعة عن الذوبان مع كثرة ضعفها إلى أن دخلوها من باب آخر غير المواجهة المباشرة، فلم يقف الغرب الصليبي معادياً لأحد كما وقف من الإسلام، لعلمه أن هذا الدين يحض على تحرير الإنسان من الإنسان، وينص على العبودية لله وحده، ومن دون أسياد ولا أرباب معه، فعقيدة المسلمين خطر على وجود ايديولوجيات ومفاهيم أخرى غير التي أتى بها النموس من نوح إلى محمّد عليهم الصلاة والسلام، فقد وضعوا أهدافا بعيدة المدى للنيل من الإسلام بعد أن علِموا أن المواجهة وإن كانت لصالحهم وذلك بتفوّقهم المرحلي فهم في الأخير سيخسرون الحرب لا محالة، وليتمّ إبعاد أبنائه ومعتنقيه فقد عمِدوا إلى أساليب شتى ومختلفة ومتنوّعة وهادئة لا إثارة فيها، وذلك بزجّ أبناء الأمة بهدم مقوّماتها بسواعدها وبداية من الفرد إلى المجتمع الضيّق والواسع، وهذا الذي جاء استنتاجه مع كل حملة صليبية على بلاد الإسلام بدءً بتلك الحملة التي قادها لويس التاسع على مصر وكان ملكا على فرنسا والذي تمّ أسره في مدينة المنصورة، وكان خَلاصه بفدية، وقد ظل طيلة أسره يفكّر في الطريقة التي يمكن هزيمة المسلمين بها، واهتدى إلى أن القوة العسكرية لا تجدي مع المسلمين لأنهم أصحاب عقيدة راسخة والسبيل إلى هزيمتهم تكون بطرق أخرى من أتباع وغرس الثقافة الغربية في أبناء الإسلام، فرجال حملات الصليب ومنذ فجرها إلى أيامنا هذه تنوّعت أساليبها من عنف إلى نعامة في الغزو، وبعد أن كانوا محاربين غزاة أصبحوا معاهدين بسلاحهم مسالمين داخل الأمصار وأصحاب مشاريع نهضوية للأمة، فالغربي نزع لباس الصليب الحربي ودخل بلباس السياسة ودين الديمقراطية، وهذا الذي أكّده نيكسون في مذكّراته حيث قال: " ليس أمامنا بالنسبة للمسلمين إلّا أحد حلّين، تقتيلهم والقضاء عليهم أو تذويبهم في المجتمعات الأخرى المدنيّة والعلمانية، ووالله إنّه لقرآن ملموس معاش"، فهي استمرارية في قتالنا وبأساليب حسب مقتضيات المرحلة والتخطيط"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا"  ..
فنفايات الغرب اليوم في أوطاننا من اعتقاد وسياسة واقتصاد وثقافة، فبعد أن تفوّق في معنى ومفهوم القوّة العسكرية، أصبحت جيوش المسلمين منظومة تابعة له وتعمل تحت إمرته من خلال تحالفات ومعاهدات وشراكة ثنائية، فالأمور انقلب رأسا على عقب ولم تعد ما عليه من مفهوم عقيدة قتالية تتميّز بها جيوش الأمّة عن غيرها، فجيوش المسلمين أوّل من ذاب في هذا المخطط الجهنّمي وانصهر، وأوّل مراحل ذوبانه نزع التوحيد وما كان عليه سلف الأمّة من فهم للجهاد في سبيل الله، فالمعطيات التاريخية تدل وتبيّن ذلك، فقد قال الجبرتي في تاريخه واصفا جيش محمد علي باشا لمّا أرسل ابنه طوسون لتحرير بلاد الحرمين من الوهابية : " أنّ بعض اكابرهم من الذين يدّعون الصلاح والتورّع قالوا: أين لنا بالنصر وأكثر عساكرنا على غير المِلّة وفيهم من لا يتديّن بدين ولا ينتحل مذهبا، وصُحبتُنا صناديق المسكِرات، ولا يُسمع في جيشنا آذان ولا تقام به فريضة ولا يخطر في بالهم ولا خاطرهم شعائر الدين" وتابع الجبرتي قوله: والعجب سمّوا الوهابية بالخوارج ومحمّد علي نفسه من خرج على الدولة العثمانية، واستعان بروسيا عليها " ، وقس على ذلك أواخر أيام العثمانيين فقد نبذوا الحكم بالفقه الإسلامي المأخوذ من الشريعة، وصارت تحكم بالقوانين المأخوذة عن الأنجاس والأرجاس، وكان ذلك في مصر وبلدان المغرب الإسلامي، فالظروف كانت مهيّئة للمسخ الذي نحن عليه اليوم، فانظر إلى ما حلّ بالجيوش العربية اليوم من تغيير لما ألفته الأمّة من سلوك وعقيدة، فقد انتهجوا عساكر الغرب في اللّباس والمناصب والمراتب، ولم يعد هنالك أمير أو والي أو مجاهد أو مهاجر أو مناصر بالمفهوم والموروث الذي ورثناه من الأوّلين والسابقين والمؤسسين لمفهوم الجيوش في الإسلام، وأدخلوا على الأمّة شُرَطٌ غير التي كانت تُعرف على عهد الخلافة، فمعظمهم جند لترسيخ الطغيان وتثبيته وإزالة وإزاحة من يقف ضدّه، ناهيك عن رجال المكوس أو الجمارك والذين يدينون بما تعارف عليه المجتمع الدولي من نهب وسلب خيرات المستضعفين باسم مكافحة الجريمة والتهريب، بل هذا ما حرّمه الإسلام جملة وتفصيلا، وأنّه البغي على أموال الناس وأكلِها بغير الحق وغير الآبهين بالشرع، فقد وُلِد للمسلمين طغيان من بني جلدتنا يجمعون للصليبيين الجزية باسم الضرائب، فخراج هذه الأموال إنّما لترسيخ الحمومات الوظيفية التي تأتمر بالإستعمار الناعم المسمى زورا المجتمع الدولي، فالمصطلح فيه تسلسل من القوّي إلى الضعيف ولكل حصّته على حساب الأمّة ومقدّراتها ..
فتركيز الغرب على الإسلام وكيفية ضبط عقيدته كانت ولا تزال من مهام الأولى للديمقراطيات الكبرى في العالم، فأمريكا وبعد أن استلمت إرث امبراطوريتي انجلنرا وفرنسا عمدت على استراتيجية دقيقة أسمتها بحرب الأفكار، ومن أوائل من نادى بذلك الباحثة الاكاديمية في معهد نيكسون زينو باران، ولها عدّة أبحاث في هذا المجال ومن ضمنها (القتال في حرب الأفكار) والذي يُعدّ ارتكاز أفكار لوزير حرب بوش الإبن دونالد رامسفيلد مهندس غزو العراق وتدميره، فكثيرا ما كان يصرّح علنا بأهميّة غزو العالم الإسلامي ثقافيا، وهو صاحب معهد رند بامتياز مع دنيس روس، والذي عَلْمَّنَ شيوخ بلاد الحرمين وجعل منهم ومن خلال مؤسّسته مسخًا ونموذجًا لبقية العالم الإسلامي حتى دلّسوا على أبناء الأمّة ومسخوهم إلى اتباع ومذاهب واعتقادات شتّى، وما نراه اليوم من تفكّك داخل البيت الإسلامي من بحث تحت عنوان القتال في حرب الأفكار، فقد استطاعوا أن يُفهِموا أن من نادى بالأصولية عقيدة وعملا على أنه من الخوارج داخليا وإرهابيا على المستوى الدولي، فالخارجي هو الإرهابي في نظر علماء المسلمين اليوم ومؤسسة رند، فقد تساوت المفاهيم واختلفت فقط المصطلحات، وانساق أبناء الأمة في تيه مقصود فأصبح الذئب خروفا والخروف ذئبا، حتى بعث الله لهذه الأمة من فرّق بين الفهم والمصطلح وأزال عنها الغشاوة ولم يُنَحِي عنها الغطاء بعد، فاليوم وبحمد الله انكشفت المفاهيم وزيف المراسيم ..
فإنّ مشاكل الأمة كثيرة عديدة وغير المحصورة لِمَا أصابها من مسّ مباشر وغير ذلك، فقد ركّز الغرب خاصة على المدرسة، من الكلّيات والجامعات إلى الابتدائيات، داخليا وخارجيا، فقد عمِد الغرب وأصرّ على غرس ثقافته عبر التعليم حتى أضحى المسلمون فيها يُصغّون صياغة غربية خالصة، فالمناهج التربوية لا يقوم عليها إلّا من تتلمذ على طاولاتهم وأخذ بوصاياهم المختلفة في اتّباع نموذجا للتعليم، فمجمل وأهمّ التوصيات في المناهج غرس في نفوس أبناء المسلمين حب غير المسلم وعدم نبذه عقيدة، وغرس ثقافة التسامح الديني وذلك لإبعاد مفهوم الولاء والبراء وأن لكل دينه والقيادة لمن تفوّق علميّا وبأدوات غربية، فهذه هي عين الهيمنة والتبعية للقويّ وعدم مساءلة القائم على هذه المناهج التربوية، فالكوارث اليوم من خلال هذه التخطيطات ملموسة ومعاينة من خلال النشأ الذي تخرّج من هذه المنظومة، فلا دين لهم ولا عقيدة ولا هُوية، برنامج تخريبي من جيل لآخر عن طريق الوصاية والهيمنة التعليمية والثقافية، بل أكثر من ذلك أنتجوا أجيالا لا همّ لها إلّا العلف والمادة وليذهب الإسلام ويعود إلى شِعاب مكّة ..
إنّ ما حلّ اليوم بديار المسلمين لهو عين التحذير الرباني الذي جاء في كتاب الله من عدم الفُرقة والصد عن سبيله، فالمجتمعات الاسلامية نخرتها الأحزاب السياسية والتي تُسمّى زورًا وبهتانًا بالاسلامية، فالتحزّب خراب ووبال على أبناء الأمة باسم المدارس الفكرية، فلم تكن المذاهب في يوم من الأيام إلّا على عقيدة واحدة راضية بحكم الطواغيت، ترى فيه دكتاتوريا بتقويضه للحريّات ولا ترى فيه مرتدّا بعدم تطبيقه لما أنزل الله، فالشريعة أصبحت دون سياسة الجماعة والتي فهمها من استشراقات غربية وإن أصبغت بصبغة إسلامية، فإن أكثر من فرّق باسم التجميع هي هذه الجماعات الاسلامية وايديولوجياتها المتنافية لصريح العقيدة، فخيارها لصناديق الاقتراع وعلى الطريقة الغربية في من يمثّل الأمّة ليس على ما تعارفت عليه الأمة من سياسة شرعية، فاللّهم ألعن مفاهيم العصر وطريقة الوصول إلى الحكم بآلياته المشهودة اليوم، فإن حقيقة البناء السياسي يبدأ بالإيمان بالله تعالى وينتهي بالجهاد في سبيله، وهذا الذي نبذه الحاكم بأمر أمريكا اليوم في بلداننا ناهيك عن حاملات الطائرات الراسية على شواطئنا والمستعدّة لترسيخ مفهوم تداول السلطة على حساب خيار الأمة المستمد من السياسة الشرعية ..
فلا بدّ من رجوع إلى الهُوية وإلى الخيرية والوسطية التي شخّصت المسلمين دون غيرهم من الأمم الأخرى، فغيرنا مسخ بدون إسلام وهذا الذي يحاربون الأمة من أجله، فيريدوننا سواء في الكفر والاعتقاد ولا تميُّز في التشريع، فالغرب مستمرّ في حربه على الأمة وهذا مبدأ قرآني لا يمكن لزنديق أن يقول أو يترجم بخلافه، فالمعركة اليوم مفتوحة على كل الاحتمالات إمّا أن نكون أو لا نكون وقد أعلونها أن لا نكون وعلى أقل تقدير ذوبان وانصهار في الكفر، فعلى أبناء الأمة تحمّل المسؤولية المكلّفة من طرف الخالق عزّ وجل والعمل على العودة إلى مفهوم المطلوب وتصحيح الطريق، فقد سبقهم إليها مَن كلُ سِهام الغرب تنال منهم اليوم، وعَرِفوا الطريق، فليس الإعمار ما تعارفت عليه المسمّيات الوضعية، وإنّما الإعمار عمارة النفس بالعقيدة وعدم الرضا بغير مفهومها والاستقامة عليها وعلى رأسها صحيح وصريح التوحيد، فإنّنا أبناء خِيام وافتراش رمال الصحاري وكهوف الجبال وسلامة العقيدة والمنهج، ولم نكن في يوم من الأيام بإعمار على وزن وفهم تعمير ببنايات على رأسها الكفر والإلحاد، فالمسلم يرضى بالحجارة مسوّاة على الأرض على أن يُحكم بشريعة الطغاة وهو في بروج مشيّدة باسم التقدّم والتمدّن والحضارة، فإن لم يُستوعب هذا الكلام فإنّكم إذًا مثلهم ولا كرامة، وسيأتي الله بقوم آخرين يحبّهم ويحبّونه ويجاهدون القريب قبل البعيد وتلك هي السنن فلن تجد لها تبديلًا ولا تحويًلًا ..
السلام عليكم ..
===============================
كتبه: نورالدين الجزائري
05
رمضان 1439هـ الموافق ل 21/05/2018



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire