Rechercher dans ce blog

mercredi 24 janvier 2018

مقال بعنوان " أمريكا و طريق الحرير الجديد " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


أمريكا وطريق الحرير الجديد ..

بعض المسالمين من ابناء المسلمين اليوم غيّبتهم نعومة الحرير بعد ان ايقنوا أن الإسلام لم ينتشر بالسيف وإنما عبر تجّار الأمة الذي جابوا العالم عبر التجارة ونشر ثقافة التسامح الاسلامي من شمال افريقيا الى الجزيرة العربية مرورا بالشام وإلى بلدان البلطيق واقصى سيبيريا ومنها الى بلاد الهند والصند حتى اليابان، فعند هؤلاء، الفتوحات الاسلامية اقتصرت عند تاجر او مغامر، نُشر الإسلام بالأخلاق وحسن السيرة ودخلت على اثره أمم بأكملها في دين الله عزّ وجل، فالذي غرس هذا الفهم والثقافة السائدة عند عموم المسلمين اليوم هم المستشرقون، اذ زيّفوا الحقائق لتغييب السيرة والتاريخ عمّا كان عليه الاجداد من فتوحات وجهاد ..
فكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه من حيث انتهى، فهل رُدّت إلينا بضاعتنا حسب فهم المسالمين، إنما تداعت علينا أمم الكفر قاطبة تريد استئصالاً لمحرّك الأمة، روح المسلمين التي غير روح الكافرين، الإيمان بالله وحده لا شريك له، وتوحيده، ومحاربة من يشرك به قيد شعرة او انملة، هذه العقيدة التي مشى عليها الآباء والأجداد سلفا عن خلف لحماية بيضة الدين والدنيا معًا لم يفهمها أبناء اليوم، بل غُيّبت من أطراف عدّة داخليا وخارجيا، ممن لا مستقبل لهم إلّا عبر التحكّم فينا مباشرة او غير ذلك، نعم لقد نجحوا في ذلك الى حدٍ بعيد، وكان من خططهم السيطرة على ثلاثة عواصم مهمّة بالنسبة للمسلمين عقيدة وعلما وتاريخا، فزراعة كيانا صهيونيا دخيلا على الأمة وفي قلب الشام ليس من عبث، وكذا السيطرة على عاصمة العقيدة في الجزيرة العربية ليس من جهل، والحرب القائمة اليوم في مربط ومرور ونقطة إلتقاء تجّار الحرير ليس من التخبّط في الاستراتيجيات، بل عبر التاريخ أنه من سيطر ويسيطر على الجزيرة العربية والقدس وسوريا فإنه يسيطر ويملك خزائن العالم من الناحية الروحية والمادية، فالغرب اليوم وعلى رأسه امريكا يدير العالم برمّته من خلال إدارته لهذه العواصم الثلاثة بحسب استراتيجية التحكّم وبالادوات المناسبة لكل بلد منها، فعمِيلتها إسرائيل زوّدتها بالتفوّق العسكري في المنطقة، والعميلة الأخرى في قلب الجزيرة العربية بسطت لها من الرزق عبر تسويق الذهب الاسود لها والتحكّم فيه عبر الانتاج والتدفّق لئلا تنفلت الامور من يديها كما كان الأمر في حرب 1973م، ولم يقتصر الأمر عند هاتين العاصمتين بل تعدت استراتيجية التحكّم بالاستثمار في الأقلية والطائفية من غض البصر عن تولي الخميني فيروسا جديدا في المنطقة وتأييد حكمه بالمال والسلاح ضد جيرانه لإضعاف الجميع والسيطرة عليهم جميعا في الأخير من باب الحاجة وما حادثة ايران-ڨيت بغير بعيد، وكذا السيطرة في الأخير على أهم بلد يربط الحليف المادي والروحي بنظام علماني يسهّل لها تمرير مآربها ويقطع كل المطامع للوصول الى قاعدتها الأمامية في القدس، فنظام عائلة الاسد خير من نفّذ هذه المهمّة ولم يتمكن ابناء الأمة من الوصول الى الصهاينة عبر غرس حزب اللات في الجنوب اللبناني بمساعدة ايرانية، وتأييده ومدّه بالسلاح والمال، وللسطو على الجهاد في سبيل الله من ابناء السنة بفكرة أخرى اختُرِعت لتخدير شباب الإسلام والتي سُميّت بالمقاومة والممانعة ..
رُسِمت الخريطة اليوم واتّضحت معالمها ومعالم الصراع فيها، صراع على إخضاع المسلمين من جديد حسب متطلّبات الفرقاء، حسب مطامع أمريكا والغرب، حسب التحالفات واقتسام النفوذ، فصراحة أمريكا لم يعد يهمّها اليوم بترول وغاز المنطقة كخام او تسويق المادة بقدر ما أصبح يهمّها كيفية التحكم في أموال الأمة عبر شركات مضاربة والتي أغلبها في قلب عاصمتها، وتعبيد الطريق لأنابيب الطاقة حتى تصب في خزائنها عبر اسرائيل، من الجزيرة العربية الى حيفا مرورا ببلاد فارس، فأمريكا اليوم وبعد صفعة عام 1973م عمدت على ان تصبح اكبر مصدّر للبترول في العالم وبحلول 2024م، وذلك كلّه دراسة وتوثيقا وتحقيقا، فحصّتها من النفط العربي تراجع الى ادنى المستويات في خلال هذا العقد المنصرم، افسحت بذلك مجال التصدر والحاجة الى نفط الخليج للصين، ولكن حربها اليوم يقتصر على الشراكة القائمة بينها وبين إسرائيل والتحكم في موارد الطاقة البديلة وهي الغاز، الشيء الذي اتى بروسيا الى سوريا بخيلها وخيلائها لتثبيت قدم تجارة وتسويق مع عدوّها التقليدي امريكا، فالحرب اليوم في سوريا حرب الكِبار، حرب النفط والغاز، حرب السيطرة على الطريق والنفوذ، حرب استشرافية استباقية، وليست حرب العنزة ضد النعجة كالتي على قدم وساق من بلدان الخليج ضد بعضهم البعض، فقد ارادوهم كذلك حتى لا يُلفت لهم نظر ولا وقوف مع الأحداث والترسيمات على الارض، فأمريكا في نفوذها اعتمدت استراتيجيات كثيرة من تحالفات وحسابات دقيقة، ومن ضمن سياساتها اظهار عدو يكون حليفا في السرّ، واخفاء عدو يكون شرسا في العلن، فأظهرت ايران على انها عدو ولكن تحالفت معه في العراق وسوريا وكان من ضمن هذا التحالف قاعدة تفاهم تقتضي ان ترسم ايران طريقها لوحدها لإيصال الانابيب، فما كان عليها إلاّ صنع وحفر وتعبيد الطريق للوصول الى موانئ البحر المتوسط ومن ثمة اوروبا مرورا بإسرائيل، فلم يعد الطريق ممرا لتسويق الحرير بقدر ما أصبح طريقا وممرا على اشلاء ورؤوس ابناء السنة للوصول الى تسويق المنتوج وهذا ما فهِمته ايران بموافقة امريكية اسرائيلية روسية، فالحلف الرباعي هو اليوم من يتحكّم في مودع الطاقة وممرّها وتسويقها، عابثين في طريق الحرير بأهل المدن وحقّهم في العيش والمعتقد عبر الدماء والاشلاء ..
وما نراه اليوم إنما جزء يسير من الصراع على المنطقة والتحكّم فيها حقيقة، يريدون إخضاعها عند قصد الى عصر الجمال والبغال تجارة وزينة، اذ ما الذي وراء ومغزى دكّ بلدان طريق الحرير الجديد وخاصة التي لم تخضع للمخطط بهذا الوحشية وارجاع اهلها للعصور الحجرية، فالظاهر محاربة الموحّدين الذين تفطّنوا للمكائد ولكن باطنا كسر ارادة الشعوب عن مقاومة هذه المشاريع الجهنّمية، ومن ثمّة ادخال نوعا اخر من سياسة احتلالية عبر الإعمار الدولي لهذه البلدان المنكوبة، وتسيير الحكومات الوظيفية عبر المؤسسات الأموية، فهل تحقق غرضا لذلك من افغانستان لغزة مرورا بالعراق ما بعد صدام من اعمار وازدهار، ام أن الامور سراب يحسبه الساذج تعميرا وتطوّرا وناطحات اوهام، بل إن حرب الرباعي على الأمة اليوم وعلى مقدّراتها يدخل ذلك في التحكّم في مواردها عبر شركات اجنبية خراجها في الغرب وعلى رأسه امريكا وربيبتها اسرائيل، فالروس يريدون طريقا للمتوسط لتسويق طاقتهم وخاصة الطاقة البديلة الغاز عبر ايران والعراق وسوريا ولبنان وصولا الى اسرائيل ومن ثمة اوروبا عبر المتوسط، وكذا ايران تريد هذا الطريق للوصول الى هدفها وقد فعلتة مرحليا عبر ما حقّقته بمعاونة امريكية وعلى جثث أهل السنة، وما تدخّلات تركيا أيضا إلّا في هذا الباب عبر تثبيت طريق آخر تمر الطاقة من خلال اراضيها، وللحصول عليها بأسعار ملائمة من روسيا وإيران، فقدم اردوغان اليوم في سوريا ليست من باب الشعارات الاعلامية او حبّا في المسلم او في عقيدته، فالرجل يقدّم المصالح قبل المعتقد، وكذا تدخّلات بعض بلدان المنطقة باسم اعانة الشعب السوري إنما في هذا الباب المحض، فعقيدة المصالح هي من تسيّر كل فسيفساء القوى المتواجدة على ارض الشام، انّها انابيب البترول والغاز التي تريد من خلالها اسرائيل ان تصبح عاصمة قلب الذهب الاسود والسائل في المنطقة بحلول العام الذي تتربع فيه امريكا كأكبر بلد منتج ومصدّر للبترول والغاز في العالم ..
فما كنّا نراه أمس كمقاومة وممانعة أصبح اليوم تجارة ومماتعة، فلبنان في هذه الآونة وعلى لسان وزير النفط اللبناني سيزار ابي خليل في شراكة مع اسرائيل في البحر المتوسط من أجل حقول غاز بينهما وتنقيب للطاقة بعيدة الأمد، وما بيع جزيرتي تيران وسنافر من مصر الى السعودية يدخل في باب الشراكة مع اسرائيل في مجال الطاقة ايضا، وأما صراخ وعويل الإخوة الاعداء داخل البيت الخليجي يندرج تحت المصلحة الذاتية البختة، إذ قطر وتركيا في باب الشراكة الاقتصادية من قبل اندلاع الثورة السورية، واستثمارهما في حرب سوريا لضمان قافلة حرير للمتوسط من هذا القبيل، فما كان على الاخوة الاعداء في البيت الخليجي إلا الانقلاب على بعضهم البعض، والتحالفات المتناقضة داخله من هذا الصراع الذي فتك وسيفتكّ بالجميع، إذ لا رؤية ولا استراتيجية بعد أن رحلت قافلة الحرير عنهم وعن منتوجهم المسروق ..
فلا يُحسب الأمر على أن أعداء الاسلام حققوا ما خططوا له بسواعد الحكومات والمنتفعين وفصائل الجهل والعلف والارتزاق، فأسياد طريق الحرير كانوا ولا يزالون هم من يفهم فنّ التجارة والتسويق في الأخير، وما أكثر تجّار هذه البضاعة اليوم في سوق النخاسة، وما أقلّهم صدقا في ايصالها بصدق وأمانة ونشر الاسلام الذي كان عليه الاجداد عقيدة وسلوكا، وما نراه اليوم إلا اغارة من قطّاع طرق أقوياء واشداء على مسالمين لم يفهموا سرّ السرقة والانتفاع من المنتوج، ومع كل ذلك ومن رحم كل الآلام ظهر لهم ابا بصير (اسامة ابن لادن -تقبّله الله) في الوهلة الأولى من تخطيطهم خرّب عليهم مكرهم، فتعاونوا عليهم جميعا حتى قتلوه شهيدا، ومن رحم جهاده انبثقت جماعة على خطاه، فهي في اوائل مراحلها في افشال المخططات، فهي على نهج من بعثهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاسترجاع اموال المسلمين من قافلة ابي سفيان، فالصراع في اوّل اطواره، والحرب قائمة بسياسة الكر والفر، وإنما الكلمة الأخيرة ستكون لِمن اعدّ العدّة وتربّص بالعدو في طريق، واعدّ مشانقا من ذلك الحرير لكل عدو وخائن وعميل، وأبناء الأمة اليوم قد علِموا العدو من الصديق وخيوط المؤامرة والطريق لإفشالها، فسيلتحق الكل بفكر ابا بصير وبعقيدة من هم اليوم في الخنادق محاولين افشال ما عُبِّد من طريق لبضاعة مادة الحرير الجديد ..
السلام عليكم ..

=====================

كتبه: نورالدين الجزائري
07
جمادى الأولى 1439هـ الموافق ل 24/01/2018

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire