Rechercher dans ce blog

lundi 29 mars 2021

مقال بعنوان " الاسلام ما بين الوسطية و الحركة النسوية ، الجزء الاول " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري

 

الاسلام ما بين الوسطية والحركة النسوية

أولاــ جذور الحركة النسوية وما ورائها حقيقة

 

 

يرى الفيلسوف الدنماركي الوجودي زورن كيركغور وهو صاحب الواقع وأمير الواقعية في نظرته للأشياء أن أهمية المهرج تكمن في الدور الذي يلعبه بطريقة غير مباشرة للتخفيف من المآسي التي يعاني منها الناس، وفي الحقيقة من يسلك مسلك التهريج فإنّما يرسم ما بداخلها من أفعال وحركات بهلوانية تعكس ما بداخله من صور لشخصيته المتعددة، تلك الشخصية التي إن ما ضبطها ناموس فهي لا محالة قد تسلك غالبا الوساوس الشيطانية وحينها يفتح الإنسان على نفسه أبواب جهنّم مصادما للفطرة التي خُلِق عليها، والمهرّج كلّما زاد في مصادمة الفطرة صُفِّق له واستحسن النّاس صنعه وزاده سمعة وإشارة ..

فما أحوج الناس اليوم لمن يضبط سلوكهم وإرجاعهم لإنسانيتهم وللفطرة التي فُطِروا عليها لتستقيم حياتهم، والدّين هوالمرجع ليدور الانسان حول تعاليمه، والايمان بوصلة لمن أراد منهم الوصول إلى جنة التساؤلات، والعقيدة هي المرفأ أمام الاضطرابات الداخلية والخارجية، والعلم سكينة لهيجان النفوس المريضة، فبدون ذلك نرى اليوم العالم الذي نعيش فيه ومدى التيه الذي سلكته الإنسانية في محاولتها للوصول إلى ما لا شيء ومنها الخسران المبين، والصراعات التي تخاض اليوم إنما نتاج سطو العقل على النقل واضطراب الرغبات والشهوات من النفوس الأمّارة بالإثم والعدوان، وكل ذلك في غياب عصى الرسل الآمرة بالمعروف والدالة على طريق الهدى في ظل ظلمات الإنسان الجهول والذي يريد قيادة نفسه من خلال التهريج المعرّف أعلاه، ووسط كل هذه العتمة إلّا أن نور الله بيِّن واضح يستنير به من تمسّك بحبله المتين، وأنّ كلّما أضاع النّاس طريقهم إلا وقيّض الله لهم من يسوقهم بعصى الأنبياء تارة بالرفق ومعظم ذلك بسياط الشرع وهذا الذي يفهمه الإنسان حتى تُضبط سلوكه وتُنقاد نفسيته إلى طريق الوحيين ..

فالفلاسفة الأوائل كأفلاطون وأريسطو وبارمينيدس وغيرهم أصلا كانوا من طبقة الثرثرة على الساسة والكلام المعكوس في المجتمعات، وكلامهم عن الوجود والموجود جعل طبقة منهم يُرجع إليها من دون الرجوع إلى السياسيين ورجال الدين، ومن هنا تصادمت الأفكار مع المعقول من النصوص الإلهية وإن كانت في معظمها محرّفة أو منقولة بغير أمانة، وكان معظم اتباع هؤلاء الفلاسفة طبقة ارسطوقراطية وخاصة منهم النساء اللوتي تشبّعن بفكرهم وإرشاداتهم الإجتماعية في ضوء تغلّب جنس الرجل على مكوّنات الحياة بمختلف توجّهاتها، فالمرأة عند الأوائل كانت من جملة المضطهدين اجتماعيا ناهيك عن استحقار دورها في السياسة والتوجيه، والأمور على ذلك إلى ما يُسمّى بعصر الحداثة وما ترتّب عنه من ميزات استغلالية عن طريقها سُمِح من خلال ذلك لها بحزمة من الحقوق السياسية كالانتخاب والاجتماعية ودورها في تأسيس جمعيات خيرية وحقوق أخرى علمية وثقافية، وما السماح للمرأة بهذا العمل في المجتمع إلا عندما انبرى لبعض الساسة أنها مدخلا للسيطرة على الرجل صاحب الفهم المحدود أو الموالي للتوجهات السياسية المعاصَرة، أو كسلاح للتجسس على بعض السياسيين المناوئين للطبقة الحاكمة، أو لاختراق الأقليات وإخضاعها لثقافات البلد ولعقيدته السائدة، ومن هنا نشأت الحركة النسوية المعروفة اليوم باسم "الفيمينيست" والتي انحرفت بوصلتها ونادت بحقوق لم تكن في حسبان بعض من أسّسها وروّج لها، فقد أوضحت الفيلسوفة والباحثة المصرية (يُمنى طريف الخولي) في بعض كتبها وتدخّلاتها أنّ الحركة النسوية انقسمت إلى قسمين ليبيرالي واشتراكي، فالنسوية الليبرالية مصدرها الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل صاحب الفلسفة السياسية والتي تُعرف أيضا باسم النظرية السياسية، وهي تعني أساسا بدراسة المواضيع السياسية، والحرية، والعدالة، وقد رسّخ جون ستيوارت في النسوية نظرية أنّ العلاقة التبعيّة بين الرجل والمرأة مغلوطة وأنّ الليبرالية مبدأها المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، فأوّل من تبنى هذه النظرية الفيلسوفة النسوية البريطانية هارييت تايلور مل والتي تعد أوّل إمرأة من نادت بحق المرأة في التصويت ..

وأمّا النسوية الإشتراكية فكان منبعها شارل ماركس والذي أسّس لنظرية على أن تحرّر المجتمع من تحرّر المرأة ومن تبنى هذه الفكرة وقدّم لها الفيلسوفة روزا لكسمبورج وهي منظّرة ماركسية واقتصادية وإشتراكية ثورية من أصول بولندية يهودية عمِلت على تحرّر المرأة في المجتمعات الشرقية الأوروبية، وبحكم الاستعمار في عالمنا العربي، فقد انقسم التنظير والنظرة للمرأة في مجتمعاتنا بحسب نوعية الاستعمار وافكاره، ففي المشرق كان التيار الديني على أشدّه وحصنا مانعا من دخوله في الديار الاسلامية وبحكم العقيدة والعادات، وكانت مصر تقريبا البلد شبه الوحيد الذي عشعش فيه مثل هذا التغريب عنه طريق النسوية دخّل إليها عن طريق الابتعاث الأكاديمي والنهضة "الاسلامية" في بداية القرن العشرين عن طريق بعض الدعاة والذين انبهروا في الغرب بما وجدوا من حضارة ..

فكانت مصر عند بداية القرن العشرين منارة فكرية ونهضة ثقافية لبعض المنبهرين والمقلّدين للثقافة الغربية، وطبيعة الحكم فيها كان عاملا أساسيا في إبعاد الدين عن الدولة والسياسة وفتح الأبواب للإشتراكية بعد الاستقلال من المعسكر الغربي (بريطانيا) أو ما يُعرف اليوم بالليبرالية، وكان رواد هذه النهضة الثقافية طه حسين والعقاد ممن أبقوا على شيء من الإسلام كعقيدة ومرجع وخط أحمر لما ذهبوا إليه من انحلال فكري واجتماعي، زد على ذلك ما أسموها من رائدة للفكر النسوي نوال السعداوي ودرية شفيق وهدى الشعراوي وآخريات واللواتي كنّ يطالبن بتحرير المعتقد لتتحرّر المرأة من تبعية الرجل و بذلك سيتم تحرير المجتمع من الموروث العقائدي والديني بصفة عامة، فمطالبهن تختلف أساسا على ما كانت عليه النسوية في الغرب وهذا ما أدى إلى استغلال هذا التيار الهدام لتدمير المرأة العربية من خلال خزعبلات تهريجية مفادها تفكيك النسيج الاجتماعي وقلب موازين العادات التي ساهمت في إبقاء الهوية المصرية من خلال الحملات الصليبية عليها الفرنسية والبريطانية ..

فالدارس  لأقوال الحركة النسوية المصرية بعد أن ألحد معظم من كان فيها ونوال السعداوي انموذجا يرى بأن ما تبنته هذه الحركة كسياسة أو مبادئ داخلية للحركة ومنها عرضها على المنتوج يجد بأنها مقلّدة لجلّ مفاهيم وأقوال بعض النسوية الغربية في مهاجمة اللاهوت ورجال الدين في أوروبا وأمريكا والغرب عموما، فمثلا ما كانت تقوله نوال السعداوي عن الله عزّ وجل وعن المعتقد والموت والجنة والنار إنّما ذلك نسخة طبق الأصل أو بلاجيا (Plagia) لما قالته هيلين غاردنر وهي امريكية ومخرجة سينمائية ومسرحية ومن الشرسات والمدافعات عن النسوية في أمريكا والمتأثرة بأقوال سودان برونيل انتوني والمعروفة بحق التصويت المرأة في المجتمعات الغربية، وهذا نص هيلين غاردنر وللقارئ الكريم ان يقارن كلام السعداوي والمسجّل صوت وصورة حيث قالت:

" إن الدِّين والكتاب المقدس يأخذان من المرأة كل شيء، ولا يعطيانها شيئًا، يطلبان منها دعمها ومحبتها، ويقابلان ذلك بازدراء وظلم.. وكل ظلم وقع على النساء في بلد مسيحيّ قد “أذن به الكتاب المقدس” وعمل على إثباته وإدامته من هم يقفون على المنابر".

ولم يقتصر ازدراء كاردنر للدِّين على المسيحية، حيث قالت في كتابها “رجال، نساء وآلهة:

" على الرغم من أنهم يدّعون بأنّ مصدر الدِّين خارقٌ للطبيعة وفوق العقل البشري، فإنّه يجب أن يخضع للاختبار من قبل المنطق البشري.

الشيء الوحيد الجيد في أيّ ديانة هو الأخلاق، ولا يوجد أيّ علاقة بين الأخلاق والإيمان. تتحدّد الأولى بالأعمال الصّالحة في هذه الحياة بينما، يتحدّد الآخر بمعايير غير معروفة في حياة لاحقة، الأولى هي ضرورة عصرها والآخر هو حلم يتطلع للخلود.

تعتمد الأخلاق على تطور كونيّ، والإيمان بوحي خاص؛ ولا يمكن لأيّ امرأة أن تقبل أيّ “وحي” تم تقديمه لهذا العالم بعد الآن..."

فمن هنا يتبيّن أن مثل نوال السعداوي وأقرانها ما هنّ إلّا أدوات تخريب للعقيدة الإسلامية والعرف الإجتماعي في الوطن العربي، وتقديمها إعلاميا إنما تدخّل الأمور في بروتوكولات ممنهجة خراجها الطريق إلى زرع الجهل والشك ومن ثمّة الخروج والمروق من الدين والإلحاد في آخر المطاف، وفي هذه الكلمة لن أقف على ما آلت إليه مثل نوال السعداوي وآخرين رجالا ونساء، فلو كانت الفكرة بالفكرة لما اسطاع أذكاهم أن يقف بخزعبلاته أمام طالب علم متواضع، ولكن من يقدّم لهؤلاء وهو من جنس اعتقادهم وعملهم يريدها خرابا وفوضى ليعشعش في سياسة تخدم مصالح أسياده من وراء البحار ومصالحه في الحكم .. 

يُتبـــــع ..

و السلام عليكم ...

 

================

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ  13 شعبان 1442 هـ الموافق ل 26/03/2021 م

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire