Rechercher dans ce blog

lundi 1 mars 2021

مقال بعنوان " افريقيا بين المطرقة والسندان والميزان" ... كتبه المدون نورالدين الجزائري

 

افريقيا بين المطرقة والسندان والميزان ..


 

لطالما تحاشت فرنسا قتال الجماعات الإسلامية المسلحة مباشرة وعلى أرض مكشوفة لا غطاء لوجيستي ولا إسناد جوي كما الحال اليوم في القارة السمراء وخاصة على الساحل الإفريقي، ففي العراق وسوريا كان قتالها للثقب الأسود من وراء الخطوط بالمدفعية على الأرض وبسرب من الطائرات ضمن قوة التحالف الدولي وتحت إشراف أمريكي مباشرة، ففي بلاد الرافدين والشام وجدت فرنسا دعما لا محدودا وتنسيقا عسكريا هائلا من بعض المعارضين لكل ما هو اسلام (سياسي) كالبشمركة وملاحدة الأكراد، فكانت تحت حماية مزدوجة من طرف حلف الناتو والمفاحيص، أما اليوم فرنسا وعلى لسان عديد من المحللين العسكريين الغربيين في أزمة ومأزق في قتالها للثقب الأسود، فأزمتها تكمن في انعدام استراتيجية قتالية صحيحة ورؤية فعّالة لما هي عليه اليوم من نفاذ الخطط أمام عدو يزداد كل يوم قوة وخبرة واستراتيجية  في قتاله لها، وذلك لافتقارها للخبرة الميدانية والقتال المباشر للجماعات المسلحة، ومأزق فرنسا اليوم يكمن في قتلى جنودها بالعشرات في كل مواجهة وصعوبة مواجهة الرأي العام والتبريرات السياسية التي لم تعد تقنع المواطن الفرنسي البسيط ..

فقد راهنت فرنسا على تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بعد مقتل دروكدال والعمل مع خليفته العنابي ضد عدو مشترك والاصطفاف جنبا لجنب لاستئصاله من منطقة الساحل الإفريقي وخاصة بعد حسن النوايا من جانبها اتجاه التنظيم بالإفراج عن مئات المعتقلين التابعين له من سجون مالي والنيجر وتحت وعود بالتمكين لهم من خلال الإنسجام تحت قوة محلية وبإشراف فرنسي تكون بمثابة الفصائل السورية أو العراقية في قتالها للثقب الأسود، فبعد أن وجدت فرنسا ضالتها في القاعدة ها هي اليوم تكوّن تحالفا اقليميا من ١٩ عشر دولة افريقية وأخرى كاريبية (مستعمرات سابقة) لدعمها في قتال الدولة وبمشاركة بعض دول حلف الناتو كبريطانيا والدنمارك واسبانيا ودول عربية معروفة، وكهدف مشترك ومصير واحد يقلب موازين الحرب والقتال أمام عدو مشترك شرس وقوي ..

لكن افريقيا اليوم وبعد أفول الإمبراطوريات وتراجع نفوذها في افريقيا أمام عدو آخر زاحف من أقصى الشرق ألا وهو الصين، فإنّ فرنسا اليوم في حيرة من أمرها وخاصة أن سياساتها المتّبعة في التبعية الثقافية (الاستعمارية) لم تعد تجدي نفعا أمام الأزمات السياسية والاقتصادية في القارة السمراء، فقد ولّى زمن الانقلابات العسكرية والمجازر الاثنية بافتعالها للإمساك بخيوط الألعاب في افريقيا وذلك من خلال وعي شعبي واسع أصبح يرفض مثل هذه التدخلات وينبذها من أصلها، فالحكومات الافريقية الجديدة أصبحت تتطلع إلى العولمة والاقتصاد الحر من خلال التعاقدات الاستراتيجية ومعظمها لجأ إلى الصين من خلال عقود اقتصادية واستثمارية وقروض طويلة الأمد والسهلة المنال من دون مساومات كبيرة وابتزاز سياسي مفضوح، فاجتماع فرنسا من أيام بمعظم قادة مستعمراتها القديمة كان على جدول اللقاء أو الاجتماع ملف الصين في افريقيا وسندان سياساتها اتجاه بلدان فرنسا في افريقيا، وكيفية العمل للحد من الهيمنة الاقتصادية على جل القارة السمراء، فاليوم لفرنسا خطرا كبيرا على الأرض يكمن في الدولة وخطرا عظيما آخرًا على سنداتها الاقتصادية ومخزونها المالي والأمني، ولم تشعر فرنسا بهكذا خطر من قبل ولأول مرة أصبحت في خوف وقلق أمام التحديات المستقبلية عسكريا وسياسيا ..

فالأزمات لا تأتي فرادة، والكوارث تكون دومًا مصطحبة برياح وسيول تقتلع وتجرف كل ما هو راكد وقديم ومهترئ وآسن، فزوال الامبراطوريات لا يكون إلا بالسيف والإغراء، ففرنسا اليوم بين مطرقة الحكومات الافريقية الفتية وسندان الاستثمارات الصينية الهائلة وتحت إشراف وميزان الثقب  الأسود لكل ما هو معارض لسياساته واستراتيجيته القتالية، فنجم فرنسا بافريقيا  في أفول لا محالة وهي تريد أن تستثمر أوراقها الأخيرة من خلال حرب بالوكالة وتعاونها مع القاعدة  وجماعات أخرى مناوئة ضد عدو مشترك على الأرض وبإقحام سياسة الإرث المزدوج  المتمثلة في الثقافة المشتركة بين الدول الافريقية العميقة تأمل من خلال الورقتين العودة إلى ستينات وسبعينات من القرن الماضي، فهيهات ..

والسلام عليكم

===============

كتبه نورالدين الجزائري

بتاريخ 16 رجب 1442 هـ الموافق ل 28/02/2021

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire