Rechercher dans ce blog

jeudi 18 octobre 2018

مقال بعنوان " ما وراء مقتل جمال خاشقجي " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري


ما وراء مقتل جمال خاشقجي ..

لاشكّ أن اختفاء رجل الإستخبارات السعودية سابقا والصحفي والإعلامي الشهير فجأة من الأمور المحيّرة في عالم الألغاز، فأكاد أن أجزم أن أمر اختطاف وقتل خاشقجي كما يُروّج له لم يخطر على أشهر المؤلّفين للقصص البوليسية والإستخباراتية مثل أقاثا كريستي، بل الأدهى وللاستفهام كيف برجل مثله ينساق بسذاجة لحتفه وهو المقرّب من الدوائر السرية في الديوان الملكي بجميع غُرفه، وكيف أُعطِي له الامان باستلام ما ذهب إليه من أمور إدارية في قنصلية السعودية بتركيا وقد أُبطيئ له غرضه في قنصلية السعودية بأمريكا، فهل الرجل كان بهذه السذاجة المطلقة فعلا، أم استُدرِج ليكون كبش فداء لما ستؤول إليه الأحداث برمّتها، ومن أصلا المستهدف في هذه العملية التي قيل أنها اغبى عملا استخباراتيا في الثلاثين السنة الماضية ..
إن من الشخصيات الأكثر إثارة وجدلا في المنطقة العربية خاصة والدولية عامة لاشكّ أنه وليّ العهد السعودية محمد بن سلمان، والكل رأى كيف أزاح الخصوم من طريقه ليصل إلى ما هو عليه الآن بدءً بمناوئه الحقيقي محمد بن نايف وانتهاء إلى الأمراء وقضية فندق الريتز الشهيرة، وكيف ابتزّ الجميع سياسيا وماليا، وقد انتصر عليهم واسكتهم ومضى في خططه الإصلاحية ورؤيته للسعودية 2030م، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما حلّ ركيزة أهم ركائز الحكم في السعودية وهي هيئة الأمر بالمعروف وكيف استبدلها بهيئة الترفيه، وكيف أزاح بعض الدعاة والمصلحين المحسوبين على الولاء والطاعة، وقبل ذلك فالرجل هو مهندس عاصفة الحزم لإبراز فعالية قوّته وحنكة حكمه، وهو من أعطى أزيد من نصف ترليون لسيد العالم بلا منازع ترمب كمقايضة على عرش المملكة وحكمها، فالرجل من شدّة حرصه على اعتلاء العرش أصبح آحادي القطب والفكر ومهندس خط سير المملكة لعقد من الزمن مستقبلا، فهل الرجل بهذه السذاجة حتى يرتكب حمقا عند آخر درج او سلّم لاستلام الحكم في السعودية، أم الرجل ليس بصاحب مستشارين وصبي التصرّف كما يحلو لخصومه السياسيين أشخاصا كانوا أم بلدان، وهو المقرّب من الدوائر الاستخباراتية الأمريكية ومن مستشارين أمنيين اسرائليين وآخرين سياسيون آخرهم توني بلير ..!!
فلا شكّ أن مقتل أو اختفاء خاشقجي في تركيا وفي قنصلية السعودية ليس بالأمر أو الفعل العبثي ولم يُحسب له ألف حساب، بل اختيار تركيا لاختطافه وقتله مدبّر ومدروس ولحاجة في نفوس بعد الدوائر الاستخباراتية الإقليمية والدولية، ومن السذاجة بما كان أن أعتى المؤسسات الأمنية مثل سي.أي.أي أو الموساد أو MİT  (جهاز الاستخبارات التركي) لم يكونوا يعلمون بمثل هذا العمل، بل من القبح أنهم استفاقوا بالعملية بعد تنفيذها، وهل سذاجة ابن سلمان تفوّقت على ذكاء هاكات فيدان مثلا، أم خاشقجي لم يكن بتلك الشخصية المثيرة مؤخرا حتى لا يتم تعقّبها أو تتبع تحرّكاتها، وهو الذي أصبح من الخصوم الأقوياء لسياسة ابن سلمان الداخلية ولسياسة حكّام المنطقة إقليميا، فجمال خاشقجي اتّبع مؤخرا خط سير لم يرضي ابن سلمان سياسيا، فالرجل أصبح وبفعل فاعل من المدافعين عن دمج الإخوان المسلمين مرة أخرى في المنطقة العربية ونادى بالثلج معهم، بل انتهج في عدة لقاءات فكرهم شكلا وإن عارضهم مضمونا، فمواقفه الأخيرة أحرجت بن سلمان داخليا وعلى الصعيد الدولي بدافعه في مجلة النيويورك-تايمز عن الدعاة والإصلاحيين السعوديين المسجونين وخاصة منهم النساء، فالخصومة كانت بادية العيان للمراقبين بينهما والشرخ اتّسع عندما أصبح مقيما في عاصمة "الإسلام السياسي" مبديا آرائه السياسية والاقتصادية بنكهة إصلاحية غير التي تبناها ولي العهد محمد بن سلمان ..
فإن الإقدام على تصفية شخصية مرموقة ومعروفة عالميا بمواقفها السياسية اتّجاه الوضع العام بالمملكة وخاصة في المجال السياسي الاقتصادي الإصلاحي وليس السياسي للحكم كجمال خاشقجي وفي أرض سعودية (السفارة) لمِن الجرأة على تحدي كبار العالم، فهل ابن سلمان أحمقا وساذجا إلى هذا الحد من الغباء وهو الذي لم يستلم حكم السعودية قبل، أم العملية من تأليف وتنسيق بعض مخابرات المنطقة وأخرى دولية لاستئصال أحد أعمدة الإسلام السياسي وإن لم يكن من أصحابها بعد أن تم القضاء على أوكار الربيع العربي وخاصة استرجاع سورية إلى المنظومة الدولية، ومن ثمة البدء بزعزعة حكم أحد أقطاب وأعمدة الإسلام السياسي والقضاء على حكمه، فهل يكون خاشقجي البداية لإنهاء الانقلاب على حزب التنمية والعدالة التركي كالذي كان في 2016 ولم ينته، فالعاقل لا يمكن إلا أن يبصر من هذه الزاوية، وأن تصفية خاشقجي يُراك بها رأس اردوغان بمعاونة الدولة العميقة في تركيا وبتنفيذ من مخابرات المنطقة وبتخطيط دولي عالي المستوى ..
فتركيا اليوم منبع كل المناوئين لسياسة أمريكا في المنطقة، وقد وجدوا ملاذا آمنا فيها وحماية سياسية من اردوغان بعد تبنّيه القضية الفلسطينية من جديد وعدم مباركة صفقة القرن، فالمساومات ستكون على أشدّها في الأيام المقبلة، وملف خاشقجي سيكون الشرارة لاقتلاع اردوغان من حكم تركيا، فرأسه بمثابة القضاء على رؤوس الربيع العربي ووأد حركات التمرد في العالم العربي، ولن يهنأ بتل البعض إلا بالانقلاب على اردوغان وحكمه، فاختيار تصفية خاشقجي في تركيا تحديدا بهذه الطريقة لهو ضرب من الإقدام على ما هو أكبر من خاشقجي، والكل له مصلحة في إنهاء الإسلام السياسي حتى تقاد شعوب المنطقة إلى سياسات أمريكا وإسرائيل فيها، فصفقة القرن بمثابة صراط للعبور إلى ما بعد الربيع العربي أو السقوط في مقارعة الشعوب وهذه المرة ستكون نهاية حكم لأعداد من البلدان العربية والتوجّه إلى فوضى عارمة لا يُحمد عقباها في الاجل القريب والمتوسط ..
فإن المراقب والمتتبع لأحداث المنطقة وتسلسل الأحداث فيها يرى أن مخطّطيها لا يعملون من عبث أو سذاجة أو حمق كما يظن البعض، فتصفية خاشقجي باركت العملية عدّة دوائر استخباراتية محلية ودولية، ومن الهبل أن يظن البعض أن ابن سلمان بتصفيّته لخاشقجي قد وقّع على شهادة وفاته سياسيا، فهذا غباء وسذاحة، فالسعودية لها وزنها وثقلها دوليا مالا يعلمه إلا الله، والإطاحة كما يظن بملك آل سعود سيزول بزوال الأسرة الحاكمة، فالمملكة شريان أمريكا ورئة الغرب اقتصاديا، فزعزعتها بزعزعة أمن واستقرار الاقتصاد العالمي، ويكفي الغرب ويلات من حربه على الدولة الإسلامية واسترجاعه لحكم المنطقة العربية بعد موجة الربيع العربي بالنفس والنفيس وأموال طائلة، والوقت قد حان الآن لعرّاب الخراب لاستئصال الإسلام السياسي ومنبعه ومن يحميه، ففي الأيام القادمة تركيا وزعزة أمنها وغدا قطر ومصدر القلاقل والإشاعات، وإن غدا لناظره لقريب ..
وأخيرا وليس آخِرا، فإن إزاحة خاشقجي من المشهد الإقليمي والسياسي شرارة لعرّاب مسك العصا من الوسط في المنطقة لاستئصالهم، فالعملية بمثابة قول بوش إما معنا أو ضدنا، فالسعودية الرسمية صامتة لحد الساعة من العملية وهي بمثابة امتصاص هول الحدث وتداعياته، وتركيا متأنية لحد الآن من إعلانها لما عندها من أدلّة تتّهم فيها السعودية، فكلا البلدين متحفّظ على التصريحات وينتظر كل واحد منها الآخر لإبداء ما عنده من أقاويل، فبمجرّد الإعلان عن انتهاء التحري في مقتل خاشقجي والادلاء بالنتائج سنرى دخول السعودية وتركيا في حرب ديبلوماسية لا نظير لها، وسيتمّ الايعاز إلى خلاية نائمة من أقليات بالبدء في زعزعة الاستقرار حتى الانقلاب التام على اردوغان، وما قول ترامب للسعودية بدفع الأموال لأمريكا لرسالة لبدء عملية كبيرة في إزاحة حزب العدالة والتنمية من حكم تركيا، والشيك على بياض جاهز للامضاء، والأيام حبلى المفاجآت مع ترامب وابن سلمان وصاحبهما الثالث بنيامين ..
السلام عليكم ..

==========================
كتبه: نورالدين الجزائري
 04  شهر صفر 1440 ه الموافق ل 13 اكتوبر 2018

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire