Rechercher dans ce blog

samedi 25 août 2018

مقال بعنوان " المقدسي، ذلك المنظّر الماكر " ... بقلم نورالدين الجزائري



المقدسي، ذلك المنظّر الماكر ..

ربّما كنت من الأوائل الذي تكلّم عن الحرب الخفية الدائرة والطاحنة بين المقدسي وغريمه الفلسطيني حتى وصلت لأنصارهما ومن مدّة ليست بالقريبة، وكنت قد تكلّمت بعدها أنّ الحرب على وشك أن تطفو للعلن وها نحن اليوم نرى مدى تأثيرها على مجريات الحرب في سوريا، وكيف تشرذم أتباعهما وتقوقعهما إلى تيارين محاربين لبعضهما البعض داخل بيت القاعدة وعلى إشراف الظواهري بنفسه دون الحيلولة لإيجاد الحلول لِلَملمة ما ترك الشيخ أسامة رحمه الله تعالى ..
والأمر وإن بدى جديدا للبعض فهو قديم ومنذ اختفاء الملا عمر في 2002 م والذي أُعلن عن وفاته إلّا في 2016 رسميا من طرف حركة طالبان، والصراع كان على أشدّه بين أسامة بن لادن والظواهري إلى أن اعتزل الشيخ أسامة قاعدة الجهاد وحطّت به الرحال إلى أبوت-آباد في باكستان ومن ثمّة اغتياله من طرف أمريكا في 2 مايو 2011م، وكان بعض الإرهاصات من هنا وهنالك تقول أن الشيخ أسامة قُدّم رأسه قربانا للأمريكان حتى يتمّ إزاحة جسد تنظيم القاعدة من على ثوابته العامة وخاصة في نظرته للطواغيت وأعوانهم من جند وسياسيين إلى عوام تخدمهم وتخدم مخطّطاتهم لإبقائهم على أعناق وأجساد المسلمين ..
الشاهد من الكلام أن الشيخ المقدسي تعلّم من أخطائه وفي تنظيره خاصة للقاعدة، وقد تعلّم الكثير من حادثة المراسلات مع أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله، وكيف كُشِف أمره بأنه كان يخدم المخابرات الإقليمية والدولية في تحليل مخطّطات تنظيم التوحيد والجهاد في العراق، والمتتبع للرجل وتنظيراته ومقالاته وكلامه وتغريداته بين البارحة واليوم يرى أن المقدسي قد نضُج استشرافيا، ولم يبق ولم يزل ذلك الرجل الذي كان يفتي في الصغيرة والكبيرة لأي جماعة كانت ترفع شعار الجهاد في البلدان العربية والإسلامية، فالرجل اليوم وبعد أحداث سوريا وخاصة حادثة الكساسبة وقع في الفخ الذي لطالما تحاشاه حتى تبقى له مصداقية داخل التيارات الجهادية، وهو مكشوف لأنصار الزرقاوي بعده ولدولة العراق الإسلامية بقيادة ابو عمر البغدادي، وقد انكشف أمره أكثر مع الدولة الإسلامية في العراق والشام بقيادة ابي بكر البغدادي، فلم يُستشر حتى في قيام الخلافة ولم يأبه له، الشيء الذي جعله وشجّعه على لملمة بيت تنظيم القاعدة وإعادة مفهوم أُسُس تكوينه والرجوع إلى فهم المؤسس الأول في البراءة من الطواغيت وأعوانهم وأشكالهم..
إنّ الشيخ أبا محمد المقدسي تعلّم الكثير من أخطائه خاصة عندما نكث الجولاني بيعته للدولة الإسلامية، وتعلّم من مراسلاته كما قلت مع الزرقاوي، وتعلّم من الحجّة التي أظهرتها وقدّمتها داعش على أنها ليس لها بيعة للقاعدة، وقد أقرّ ذلك وفهِم الأمور على غير الذي كان عليه غريمه في التنظير الفلسطيني، والشاهد من الأحداث عند تصادم الافكار والجند بين أنصار القاعدة والنصرة من جهة والدولة الإسلامية من جهة أخرى كان المتصدر للأحداث والذي أفتى بقتال داعش بفتوى الخارجية هو ابو قتادة الفلسطيني وإن كان للمقدسي يدا خفية في ذلك، وكان دائما ما ينئ بنفسه على أن ليس له دور في الساحة وأنه اعتزل الأحداث وما يجري في سوريا، لكن الرجل كان حذرا جدا ، وكان يعلم أن للدولة الحق في قتال الفصائل الموالية للنظام الدولي، وكانت تجسيدا لكتابه ملّة إبراهيم على أرض الواقع وإن لم يقر بذلك أو يعلنه حتى للمقرّبين، لكن بياناته وتغريداته كانت تفضحه في كل مرة إلى أن وصلت الأمور إلى مفترق الطرق عندما نكث مجددا الجولاني تمسّحه من الظواهري، وأسس حزبا سياسيا مستقلا ولو عليه طابعا مقاتلا، ومنها احتضان الفكرة من طرف ابو قتادة الفلسطيني بتزكية من فتاواه وإنزال الأمور منزل تكاد الساحة أن تنفجر من هول ما وصل إليه القوم من تمييع للتوحيد، ووضع الأيادي في أيدي طاغوت من طواغيت المنطقة المعروف بحقده على المجاهدين والتعاون مع جنده وعساكره وكل ذلك تحت فهم الواقع وتقلّبات المرحلة، الأمر الذي أوصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم من تلاسن وقطيعة رحم وفهم للتوحيد وما يدندن القوم حوله ..
فصدق من قال أن حرب سوريا عرّت الكل نيّة وقولا وفعلا، وفضحت ما كان يبطن البعض من دسائس لدين الله وإن امتهن الصدق أعواما، فالشيخ المقدسي بعد أن افتضح تصريحا وأحداثا ها هو اليوم يرجع إلى حيث بدايته برفع علم التوحيد، وأن لا توحيد إلا توحيده، وها هو اليوم ينئ بنفسه على ما ستؤول إليه الأحداث وبفعل مغامرات الصبي الجويهل الذي فضح الجميع بانشقاقاته وتدحرجه من الإيمان إلى النفاق إلى الزوال عن قريب بفراره إلى تركيا أو تصفيّته بعد أداء المهمّة، فالمقدسي لا يريد مغامرة غير المحسوبة وإن كان من المساهمين في تعفين الساحة، ولا يريد مناصرة غريمه الفلسطيني أو تشجيعه في مواصلته للإنتصار للجولاني، ومن هنا افترقا الغرِيمان وأنصارهما، والتلاسن بينهما على لسان أفراخهما زاد حدّة وإن لم يدخلا الصراع، فالمقدسي يعرف الساحة جيّدا على غرار الأحمق الفلسطيني الذي تنكّر لتوحيده باسم المرحلة والدخول في تجربة جديدة، فلا شكّ أن ورقة ابو قتادة الفلسطيني قد احترقت نهائيا ومن دون رجعة ولم يبق في جعبته هواء بعد معركة إدلب التى طبولها بدأت تُسمع، والمقدسي ما أراه إلّا ذكيا متعلّما من أخطائه وأخطاء غريمه المقرّب، وأنه يراهن على تجديد بيت تنظيم القاعدة على أسس فهم المؤسس وتصدّر التنظير بغير منافس أو منازع، وأنه إذا ما كُنِس الجولاني وحزبه سيخرج علينا المقدسي قائلا: لقد كنت من المحذّرين من طريقكم وأنكم جميعا إلى زوال، فلا تلوموني ولوموا منظّركم وأنصاره، فأنا بريء مما سلكتم، وكنت قد حذّرتكم من الصبي الجولاني وخطورة ألاعيبه وسقوطه في وحل المخابرات الإقليمية والدولية، فلكم اليوم مسلككم، ولي مفهومي للأحداث، وتوحيدي، وقاعدة تنظيم الجهاد ..
السلام عليكم ..

==========================
كتبه نورالدين الجزائري .
 بتاريخ14 ذو الحجة 1439هـ الموافق ل 25/08/2018






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire