Rechercher dans ce blog

vendredi 24 août 2018

مقال بعنوان : بين خطابين " .. بقلم المدون نورالدين الجزائري




بين خطابين ..

الحرب في هذه الآونة من عمر الجهاد السوري على أشدّها بين المنظِّرَين المقدسي والفلسطيني، فقد اختارا طريقهما واتّضح نهجهما وتمسّحا كل واحد منهما بكبيرهما الظواهري.
فالمقدسي مع أنصار الدين فرع القاعدة في سورية، والفلسطيني مع هيئة تحرير الشام في إدلب، ولكل منهما فهما لباب التوحيد، فالمقدسي لا توحيد إلا بما جاء به، والفلسطيني لا توحيد إلا ما عليه المرحلة، فالأوّل يرى كفر الطواغيت وجندهم، والثاني يرى كفر دون كفر في بعضهم، وقد فرِح لفوز اردوغان لكن في نظره يبقى طاغوتا ونادى بتعاون هتش مع جنده ومخابراته، ولا يرى كفر بلاعمة الطواغيت وقد أثنى من قبل على الفوزان وسجنه وزيّن لأبي بكر الجزائري عمله بعد موته، بخلاف المقدسي الذي أصبح يخالف غريمه في الصغيرة والكبيرة ..
وحربهما قديمة جديدة، فمنذ نكث البيعة الأولى للجولاني من الدولة الإسلامية ودخوله تحت راية القاعدة متمسّحا بالظواهري وأنصاره بدأت معركة الأقطاب في استقطاب القطب المنشق، فالمقدسي فرِح بنكث البيعة وهلّل وكبّر وازبد وأمعن في حادثة الكساسبة، وأما الفلسطيني فكانت حادثة نكث البيعة كهدية لمروّجاته من قبل الحادثة عندما لم تأبه لنصائحه الدولة، وزاد من حقده لمّا بيّن له الجهابذة غيّه وضلالاته وانحرافاته المنهجية وأنه مذبذب وقد تبيّن صدق من وقف في وجهه لاحقا، فهي تعرف الخصوم منذ المفارقة بين الزرقاوي والبرقاوي، وقد درستهما على مشرحة الأقوال والأفعال قبل قيام الخلافة وخاصة عندما نادت لمن هو الأجدر للقيام بها، وكان رد الفلسطيني حينها بمقال "ثياب الخليفة" نفث من خلاله كل أحقاده على مخالفيه وتبيّن نهجه ومنهجه حينها، ودوره معروف من خلتل فتاويه في التحريض على قتال كل من خالف نظرته للتوحيد، فكان أوّل من أفتى بقتال المهاجرين وإعطاء صكوك الجهاد لغرف الموك وأنّهم على ثُغر من منازلتهم للخوارج حسب تنظير من افسد تجارب الآخرين، لكن المقدسي كان اشدّ من صاحبه جرأة في تحديد الخصوم ولم يكن ينافق حتى تبيّن للخواص والعوام مدى حبّ الرجلين للمرجعية والزعامة والتنظير، ورحِم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حيث كان يقول دائما: نحن معشر العلماء أفعالنا خير من أقوالنا، وكان له ذلك لمّا وُجِد على رأس الجهاد ساعة النفير، فليس الذهب كالحديد والناس معادن بحسب البواطن ..
فما تناحر الإخوة الأعداء اليوم إلّا من خبيئة ودسيسة في الأنفس، فالرجلان لا يعبهان من الدماء التي أُريقت بسببهما، فإنّ ما جرى ويجري اليوم في الشام فبسنّة التمحيص والدفع والاستدال، فحادثة نكث البيعة كانت خيرا للجهاد ولم تكن مصيبة أبدا وإطلاقا، فيها تعرّى القوم وبان ما كانوا يُبطنون من حظ النفس وغمط الحق وأهله، بل إنّ عملهما من عمل المشكوك فيه عمليا ومن الأدوات الإستخباراتية المحضة والتي لا تنطلي على ساذج ناهيك عن من أرهق نفسه في متابعة كتابات وتصريحات القوم، فالتوحيد الذي يناديان إليه ويعادون ويهادنون من أجله ليس بالتوحيد الذي في أمّهات الكتب وعلى ألسنة علماء الأمة الذين هم في سجون الطواغيت، إنّه توحيد يتبرأ من طاغوت وجنده دون طاغوت وجنده، فكان أولى بهما التبرأ من ابن الانجليزية علنا كالغلاة والمميّعة والخوارج في نظرهم مثل آل الشويل والسناني، فالعبث بركيزة العقيدة من خلالهما خلّى العدو يتوهّم أنه على فتوى صحيحة من بلاعمة آل سعود في قتال الخوارج زعمهم، فما الفرق بين تنظيرهم وفتاوى الآخرين اعتقادا وقولا وعملا، اللّهم فقط أن بلاعمة آل سلول يفتون وهؤلاء المنظّرين يشرحون ويسقطون الفتاوى على حسب الموالاة والمعاداة لهما، فاللّهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا من يتبرأ من عقيدة القوم وينصر دينك لا مهادنة فيه لأحد إلّا لمن أراد أن يحكّم دينك بالتوحيد الذي أنزلته في كتابك الكريم ..
فما نراه اليوم من خطاب وتصريح مضاد يدخل في مكر الله على القوم واستدراجهم إلى التلاسن وفضح بعضهما البعض وإشغالهم فما لا يضرّ طريق الصادقين، فإن المرحلة اليوم تستوجب أن يكون في الساحة فصيلا واحد نقي التوحيد وصافي العقيدة، فالبارحة كانا في حلف ضد الخوارج واليوم يخرج الآخر عن الآخر وكل ذلك من مآلات ما آلت إليه الساحة الجهادية في سورية، فقد غُربِل الكل وعاد من عاد إلى حضن الطاغوت بشار وكانوا بالأمس من تشدّق بفتاويهما وحارب بهما الصادقين، وآخرين قبضوا الأثمان وأصبحوا تجّارا في منتجعات تركيا، ولم يبق إلا حزبا المقدسي والفلسطيني، فهَتش ستذوب في الاتفاقات والتفاهمات باسم المصلحة ومفهوم النوازل، وخراس الدين سينشق الكثير منهم عن المقدسي وكبيرهم الظواهري لما رأوه وسيرونه من تذبذب القوم في كل شيء، فخطاب الظواهري بالأمس لم يحمل جديدا بل من كلتمه القديم صنع شريطا، والقوم في نظرية العقم ساقطين ولا أفُق لسياساتهم، فالقتال مجمّد والفتاوى في تلخبط والمنظّرين في تلاسن والأفراخ ينفخون كير الدخان، وليس بهكذا أعمال يُنصر القوم والله المستعان ..
إنّ كلمة البغدادي الأخيرة جعلت من القوم بكم صم، وقد علّق العالم على كلمته ولم يأبه لكلمة كبيرهم الظواهري، وقد أثنى المقدسي على توحيد الغلاة أكثر من توحيد المميّعة بعد كلمة زعيم داعش، فلذا جنّ جنون القوم متّهمين المقدسي باحتكار التوحيد وإنزاله على فهمه، ورأى مناوئه أنه لابدّ من تبيّن في المسألة ولذا خرجت أفراخه بالتحامل على المقدسي واعتقاده، فاليوم الهوة والبون اتّسع وتباعد بين التنظرين، ولم يعد البارحة كاليوم، فقد عطّلا مفهوم الجهاد والقتال واستثمرا في الصلح والسلم وإن كان مع من يصفهم الأوّل بالكفّار والآخر بكفّار غير الكفّار على غرار ووزن كفر دون كفر، فستشهد الساحة في الأيام المقبلة زلزالاً عظيما في قلب موازين القوى بسبب فهم وفتاوى غير محسوبة، وحينها لا ينفع البكاء كالنساء اللواتي هنّ اليوم أرجل من كثير ممّن في الساحة السورية ..
السلام عليكم

========================
كتبه نورالدين الجزائري
بتاريخ 13 ذي الحجة 1439هـ. الموافق ل 24/08/2018





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire