Rechercher dans ce blog

jeudi 20 septembre 2018

مقال بعنوان : " سلسلة الحرب على ادلب ... الجزء 2 : بنادق في الميزان " ... بقلم المدون نورالدين الجزائري



سلسلة الحرب على إدلب
الجزء الثاني : بنادق في الميزان

" يا أبا بكر .. أغلق بابك، وليسعك بيتك، واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين " .. هذا الكلام قاله بعض الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- للصدّيق لمّا ارتدّت بعض قبائل العرب ومنعت الزكاة، وأصبحت المدينة المنوّرة خالية تقريبًا من الجند، وذلك عندما كان جيش أسامة في الشام، فقال خليفة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حينها : " أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي".
كيف ولا، والصدّيق يعلم عبئ الأمانة واستخلافه فيها، أمانة اليوم أكملت لكم دينكم، أمانة العقيدة، أمانة وحدة الصف وقتال كل طائفة ممتنعة، فقد وضع الصدّيق خطّا أحمرا واحد، ألزم الجميع فَهْمه وما يريد عند أوّل اضطراب في المجتمع الإسلامي فقال: " والله لو منعوني عقالا  كانوا يؤدّونها لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لقاتلتهم عليها "، فكيف بك اليوم يا خليفة رسول الله، ويا أطهر قلب وأنضج عقل وأبعد بصر بعد خليلك لو كنت معنا ترى ما آل إليه إسلامنا، واعتقادنا، وفهمنا للنوازل والفتن وعرضها على من كفر بسياستك، وتنكّر لقتالك للمرتدين، فإنّك أوّل الإرهابيين وأوّل من سنّ قتال "المسلمين" من أجل خرية الإعتقاد، كيف ولا وعقيدتك اليوم اجتمعت عليها كل ملل ونحل الكفر تريد استئصال فهمك ونظرتك ودفاعك عن عقال تُؤدى بحقّها ..
فإن ممّا آلت إليه الساحة الشامية اليوم من سواد في الآفق، وانسداد في الطرق، فمِن الكذب على الله ورسوله، وأصحاب نبيّه، في فهم النوازل وإنزال الأفهام على ما جَنَوه من أفهام وانحرافات في فهم دين الله والسياسة الشرعية ومقاصدها، فالقاعدة الأصولية المعروفة بيّنت ذلك عيانا أنّ ما بُني على فاسد فهو فاسد أساسا، فلن يصلحه المنحرفة ولو ادّعوا سلامة الطريق والرؤى، فكم من نصيحة قُدّمت أن المهالك في الفهم تردفها المزالق في العمل، فما أشبه القوم في المضمون بملوك الطوائف سياسة لا عقيدة، وما خُطى اليوم إلّا آثار البارحة، فقد ظنّ أمراء وملوك الطوائف وأتباعهم أنّ بموالاتهم للفرنجة في الأندلس ظنّوا أنهم يحمون ممالكهم، وكانت سياساتهم كسياسة القوم في الشام من رؤية وعمل في التنازلات على الارض والحِيض حتى أخرجهم الفرنجة من كل الأراضي التي كانت تحت سلطانهم، حينها بكوا بكاء النساء وكلّنا يعرف مقولة أم أحد آخر أمراء الأندلس، فعدم فهم ما يدور من حولك ومن أمامك وورائك يجعل أعداءك يستعملونك كأدوات للتغوّط والتبوّل بعد قضاء حوائجهم منك، فبعد أن كانت كل أوراق الضغط على الطاغية بشار وأزلامه من الرافضة الملاعين ومن وراءهم الصلبيين واليهود الحاقدين فإذا بانقلاب المفاهيم فجأة وتحوّل البوصلة إلى جهة أخرى أصبح على إثر ذلك المخلص مخرّبا والمخرّب مخلصا، فتحوّل الصراع من عدو صائل إلى صراع على المصطلحات، وإلزام الطرف الآخر إلى الفهم بقوّة السلاح وإن استعان بالمتربّصين الذين كانوا يراهنون على مثل هذا الانشقاق الفكري بعد أن يئسوا من سطوة الحق على باطلهم وما كانوا يأملون، فأفرغت طاقة أبناء الأمّة من هدفها الرئيسي، إلى أن أصبح القتل والتقتيل لأبناء السنة بأمر من العلوية والمجوسية والملاحدة وآخرين، وكلّنا يتذكر كيف غدر من سلك سبل التدرّج والتنازل عمّا خرجوا وأُخرِجوا من أجله، وبعد أن كانت البندقية صوب النصيرية إذ بالتحريف يسوق معظم المسلّحين منادين بالعصبية الوطنية والمنهجية والتنظّيرية والحزبية، وما دعواهم تلك كانت إلّا لإفراغ مضمون الجهاد من محتواه وأهدافه، فنجت الفرنجة والعلوية والمجوس والصهيونية على ما أصاب القوم من جنون إرجاع البندقية إلى الذات، وساهم في ذلك علماء سوءٍ وسرورية وإخونج ملاعنة وتنظيرية، وعلى إثر ذلك أخذت السنن طريقها بالبطش بمن زاغ عن جادة الطريق وانحراف العقيدة والمنهج، وتباينت الصفوف إلى أن بقي فصيلا واحدا ثابتا على مبادئه وأهدافه كما ثبت الصدّيق -رضي الله عنه- أمام الطائفة الممتنعة ..
فتكاد الساحة الشامية تجزم اليوم أن جل الفصائل المقاتلة قضت على مشروع أمة أو أخّرته لعقود بسبب سذاجة من تصدّر الصفوف، وبسبب منظّرة كراسي ظنّوا أن طريق تحرر المسلمين لا يجوز إلّا عن طريق رؤيتهم وإرشادهم للفصائل أو العزوف، وبارك عملهم علماء تحت عباءة السلاطين والملوك، وقالوا بنبذ التطرّف وعدم إرهاب مشاريع الغرب في المنطقة وإلّا لا دعم مالي ولا عتاد حرب ولا أشياء كانت من المألوف، فالكل له كفل من الهزائم المتتالية والتدرج في التنازلات إلى أن حاصرهم العدو في أراضٍ ضيّقة وفي الجبال وبعض الكهوف، فلقد حذّرهم الصادقون أن أعمالكم إنّما خراجها في عواصم الكفر الإقليمية والدولية، ولم يأبهوا للنتائج وكانت الأولويات في تصدّر المشاهد السياسية والحربية والأوامر الغربية في أولوية قتال من تفطّن بحكم الخبرة والتجربة لهذه المشاريع الهدٌامة والتي نتائجها أصبحت معلومة الكوارث، وما آلت إليه التضحيات بأثمان زاهدة لا يكاد أن يُذكر أصحابها إلّا لعنا والحنين إلى أيام بشار السالفات، فبعد كل هذه المآسي من الغدر والخيانات نسمع اليوم موضة الرجوع إلى حضن الوطن وأمثال هكذا مصطلحات، فما الذي أوصلكم إلى هذا الخزي والعار ونبذ الأمانة والدين والبكاء على الأطلال والركون إلى التناقضات ..
فبنادق الأمس أضحت خناجر اليوم بعد أن حُرّفت بوصلتها ووجّهت إلى صدور المخلصين والعاملين لقضيّة خلاص الأمة من العدو القريب والبعيد، فإن الخنادق تحوّلت إلى فنادق بِيعت فيها البنادق بأزهد الأثمان من أجل منصب سياسي أو ائتلاف حزبي عند العودة إلى حضن الوطن، وكأن القوم حكموا على أنفسهم أنهم أبعد لمفهوم تراب الأجداد ومن في جوفها، وأنهم غرباء بأفعالهم المخزية التي جعلت منهم مشاريع اقتتال لمآرب أمريكا وروسيا وكلابهم في المنطقة، وتنكّروا لأمانة الخليفة الصديق اعتقادا وقولا وعملا، ولا يحق المكر السيء إلّا بأهله، وسيعلم القوم أن جهادهم هباء منثورا، ولا يقبل ربّك إلّا طيّبا..
السلام عليكم
========================
كتبه : نورالدين الجزائري
26 ذو الحجة 1439هـ  الموافق ل 06/09/2018

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire